نشرت صحيفة هآرتس مقالا للمحللة السياسية داليا شيندلين تناولت فيه المجزرة التي ارتكبها جيش الاحتلال، الأحد الماضي، في حي تل السلطان بمدينة رفح جنوبي قطاع غزة، وأدت إلى استشهاد وإصابة عشرات المدنيين الفلسطينيين.

وقالت إن عشرات الفلسطينيين أُحرقوا في غارة كانت تستهدف "قتل اثنين من مسؤولي حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في حي تل السلطان"، في حين لا يزال قادتها -الذين تتهمهم بشن هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول على إسرائيل- على قيد الحياة "ويتمتعون بصحة جيدة، والأسرى الإسرائيليون يموتون".

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 28 أشهر من الحرب على غزة.. لوبس: إسرائيل في مواجهة العالم8 أشهر من الحرب على غزة.. لوبس: إسرائيل ...list 2 of 2واشنطن بوست: هذا ما ينتظر ترامب إذا أدينواشنطن بوست: هذا ما ينتظر ترامب إذا أدينend of list

وقد استشهد نحو 35 فلسطينيا وأصيب عشرات آخرون في تلك الغارة الإسرائيلية على مخيم النازحين في الحي الواقع شمال غربي رفح، التي وصفها الدفاع المدني في قطاع غزة بأنها مجزرة مكتملة الأركان أسفرت عن كثير من حالات البتر والحروق الشديدة، والضحايا من النساء والأطفال.

نتنياهو مرعوب

وتابعت شيندلين أنه من البديهي أن يمتنع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن تقديم رؤيته لما سيكون عليه "اليوم التالي"، لأنه يخشى سقوط حكومته إذا ما ألمح إلى إنهاء الحرب، مشيرة إلى أن هناك أسبابا أعمق من ذلك بكثير.

وأول تلك الأسباب أسئلة حول مستقبل الأوضاع التي تتطلب اتخاذ قرارات من شأنها أن ترسم مسار إسرائيل لسنوات قادمة.

والسبب الثاني -برأيها- لا يتعلق بالمستقبل، بل بالماضي، "فعلى مدار تاريخها، حققت إسرائيل أكثر أهدافها البعيدة المدى والخاطئة والمدمرة للذات في نهاية المطاف من خلال التعتيم والتظاهر بعدم اتخاذ القرار".

واعتبرت شيندلين أن عدم الحسم هو سمة ثابتة بشكل ملحوظ في تاريخ صنع السياسة الإسرائيلية، وتجلى ذلك في عدم اتخاذ قرار بشأن الحدود النهائية لإسرائيل، مما أدى إلى التوسع واحتلال أراضٍ عربية في حربي 1948 و1967.

وأوضحت أن عدم اتخاذ قرار بشأن النظام الدستوري الإسرائيلي أو "شرعنة الحقوق" في عام 1949 يعني أن إسرائيل لم تلتزم بالمساواة بين المواطنين في التشريعات الأولية، ولم توفر للمواطنين لعقود من الزمن أي حماية لحقوق الإنسان والحريات المدنية، أو ضد سلطة تنفيذية قوية للغاية وغير مقيدة إلى حد كبير.

على أن الموقف -الذي تعده الكاتبة الأكثر شهرة- الذي لم تتخذ إسرائيل بشأنه قرارا كان تصرفها في الأراضي التي احتلتها عام 1967 واستمرت الحال حتى المفاوضات الأولى لإقامة دولة فلسطينية عام 2000، أي بعد 3 عقود من ترسيخ الاستيطان والبنية التحتية، بل إن هذا النمط تواصل مع فشل مفاوضات السلام.

تكريس الاحتلال

وفي ظل "تكريس الاحتلال واستدامته، تلاشت عملية السلام حتى ماتت أخيرا" مع آخر مفاوضات جادة عام 2014، وبحلول ذلك الوقت، كان نتنياهو قد أحكم قبضته على البلاد، كما تقول شيندلين.

وتساءلت المحللة السياسية -في مقالها- عما تريده إسرائيل بالفعل من الأراضي التي تحتلها، زاعمة أن هذا ما كان يتساءل عنه المراقبون القلقون، بمن فيهم يهود الشتات.

"فهل تسير حكومة نتنياهو نحو دولة واحدة، وتكف عن كونها ديمقراطية من خلال تحكمها الدائم بالفلسطينيين المحرومين من حقوقهم؟"، تتساءل الكاتبة.

وانتقدت مواقف نتنياهو، وقالت إنه في معظم الفترة الممتدة من عام 2009 حتى 2019 لم يكن يقول شيئا، باستثناء قبوله بالكاد بدولة فلسطينية، مستخدما عبارات طارئة للغاية في خطاب واحد عام 2009، وهو موقف اعتبرته شيندلين عابرا إذ سرعان ما أبطله بسياساته الخاصة.

اليوم التالي

وما لبث أن نزعت حكومة نتنياهو الأخيرة الستار عن مواقفها عندما أماطت اللثام عن مبادئها الأساسية بإعلانها أن اليهود وحدهم يملكون كل الأرض، بما في ذلك "يهودا والسامرة"، أي من النهر إلى البحر، وفق مقال هآرتس.

ومضت شيندلين في تساؤلاتها قائلة: "هل ستنتهي الحرب؟ وكيف؟ وماذا سيحدث بعد ذلك؟ وإلى أين يجب أن تذهب إسرائيل والفلسطينيون في المستقبل للتأكد من أن هذا الجحيم لن يتكرر أبدا؟"، مضيفة أن كل سؤال يحمل في طياته خيارا وإجابة.

ووصفت الأحاديث التي يتداولها العالم حول "اليوم التالي" بأنها لا أهمية لها إذا استمرت الحرب إلى ما لا نهاية.

وقالت إن السؤال الكبير التالي هو ماذا سيحدث بعد ذلك، مشيرة إلى أن رؤية نتنياهو الوحيدة لغزة في اليوم التالي للحرب تشتمل على وثيقتين "خياليتين واهيتين" تتصوران وجودا عسكريا إسرائيليا إلى أجل غير مسمى من دون أي فكرة متماسكة للحكم.

ورأت أن النهج الوحيد يتمثل في شكل من أشكال التدخل الدولي. ليس من قبيل المصادفة أن التدخل الدولي -كمبدأ عام- قد اقترحه أو دعمه اثنان من أعضاء حكومة الحرب الإسرائيلية، هما وزير الدفاع يوآف غالانت والوزير في حكومة الحرب بيني غانتس.

وخلصت شيندلين إلى أن كل هذه المسارات لا تعدو أن تكون أضغاث أحلام، وربما لا تتحقق أبدا بشكل مُرض أو مثالي، لأن العالم ليس مثاليا، لكنها تتوقع أن يستيقظ "نظام نتنياهو" يوما ما، ومن ثم، لا بد أن تكون الخطط من أجل مستقبل أفضل جاهزة، على حد تعبيرها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ترجمات الیوم التالی

إقرأ أيضاً:

لماذا غضب نتنياهو من صفقة تبادل الأسرى التي وافقت عليها حماس؟

سلط تقرير نشره موقع "موندويس" الضوء على غضب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، بعد موافقة حركة حماس على مقترح أمريكي للإفراج عن الجندي الإسرائيلي الذي يحمل الجنسية الأمريكية عيدان ألكسندر، وتسليم جثث أربعة إسرائيليين يحملون جنسية مزدوجة.

وقال التقرير الذي ترجمته "عربي21" إنّ "حماس ترى بهذه الخطوة وسيلة للتمهيد للمفاوضات حول المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، وتضع تل أبيب في موقف صعب برفضها الدخول في مفاوضات لإنهاء الحرب".

وذكر أن موافقة حماس الأخيرة نابعة عن مواقفها السابقة، والتي رفضت مقترحا للمبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف بالإفراج عن نصف الأسرى الإسرائيليين المتبقين، وتحول المقترح إلى الإفراج عن خمسة أسرى فقط بينهم عيدان ألكسندر و4 جثث.

وتابع: "من المقرر أن تتحرك المفاوضات بشأن المرحلة الثانية وصولا إلى إنهاء الحرب بشكل دائم"، مضيفا أن "هذه التطورات وضعت إسرائيل في موقف حرج، نظرا لرفضها الدخول في المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار، أو التفكير في إنهاء الحرب بشكل دائم".



ولفت إلى أن "محادثات وقف إطلاق النار دخلت مرحلة جديدة في وقت سابق من هذا الأسبوع مع عودة المفاوضين إلى الدوحة، لمناقشة إمكانية التوصل إلى هدنة طويلة الأمد بين إسرائيل وحماس، وقد مدد المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف إقامته في المنطقة حتى نهاية الأسبوع لدفع المفاوضات إلى الأمام، كما أرسلت إسرائيل فريقًا تفاوضيًا يضم منسق الحكومة الإسرائيلية لشؤون الرهائن ومسؤولًا في الاستخبارات الداخلية الإسرائيلية والمستشار السياسي لنتنياهو أوفير فالك".

ويأتي تجدد المفاوضات في ظل وقف إسرائيل إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، بعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، وقد أدى إغلاق جميع نقاط العبور إلى غزة ومنع إدخال المساعدات إلى القطاع إلى نقص في المواد الغذائية والوقود وإغلاق المخابز في القطاع، بالإضافة إلى ارتفاع كبير في أسعار المواد الأساسية للمعيشة.

وأشار التقرير إلى أن نتنياهو صرح في أوائل الشهر الحالي بأنه لن يكون هناك "غداء مجاني لغزة" طالما لم يتم إطلاق سراح أسرى إسرائيليين جدد، في خطوة تمثل انتهاكًا لشروط وقف إطلاق النار المتفق عليها، حيث لم يكن من المقرر إطلاق سراح أي أسرى جدد قبل بدء المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار، وانسحاب إسرائيل من ممر فيلادلفيا على طول الحدود مع مصر.

ومن الاستراتيجيات الأخرى التي اتبعها نتنياهو وحلفاؤه في تخريب مفاوضات وقف إطلاق النار هي تهديداته باستئناف الهجوم الإسرائيلي على غزة، فقد صرح وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش، بأن إسرائيل تستعد لهجوم متجدد وأشد قسوة، كما هدد نتنياهو نفسه حماس وسكان غزة خلال خطاب له في الكنيست الإسرائيلي بعواقب "لا تُحتمل" إذا لم يتم إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين.



وبحسب التقرير، جاء تعبير حماس عن استعدادها لتسليم أسير إسرائيلي وجثث أربعة آخرين مقابل التفاوض على المرحلة الثانية، ليضع حدًا لتكتيكات نتنياهو التخريبية.

وأوضح التقرير أن هذا التحول جاء إثر إجراء الولايات المتحدة محادثات مباشرة مع حماس دون وساطة، في خطوة تكسر ثلاثة عقود من العرف الأمريكي في رفض التفاوض مع المنظمات التي تعتبرها "إرهابية".

وذكر أنه "رغم محدودية صلاحيات الوفد الإسرائيلي الذي أُرسل إلى الدوحة، إلا أن استئناف المحادثات بعد أسبوع متوتر من التهديدات الإسرائيلية يظهر تغيرًا في الموقف الأمريكي الذي انتقل من اقتراح ترامب الاستفزازي بتطهير عرقي للفلسطينيين من غزة إلى مناقشة الشروط مباشرة مع حماس وتقديم مقترحات متتالية للانتقال إلى محادثات حول إنهاء الحرب".

وفي صلب هذا التغيير مسألة إعادة إعمار غزة ومقترح القمة العربية البديل؛ حيث عرض اجتماع وزراء الخارجية العرب في الدوحة يوم الأربعاء الماضي الخطة على ويتكوف، واتفقوا على مناقشتها في المحادثات الجارية كأساس لجهود إعادة إعمار القطاع.

وختم التقرير بقوله: "بينما يضع الفلسطينيون في غزة وعائلات الأسرى الإسرائيليين آمالهم في جولة المحادثات المتجددة في الدوحة، فإن احتمالات التوصل إلى اتفاق نهائي لا تزال بعيدة؛ فحكومة نتنياهو لا تُظهر أي علامة على استعدادها لإنهاء الحرب، وستحاول الآن إيجاد طريقة لتجنب المضي قدمًا في المفاوضات وإيجاد طريقة لإلقاء اللوم على حماس، كما فعلت مرات عديدة في الماضي".

مقالات مشابهة

  • صحيفة عبرية: أسبوعان حاسمان.. هل نشهد اليوم الأخير لحكومة نتنياهو؟
  • خبير: نتنياهو وطواقم اليمين المتطرف لا يرغبون في أن تنتهي الحرب
  • دعوات إسرائيلية داخلية لوقف العدوان على غزة رغم مطالبة نتنياهو بالتصعيد
  • وسائل إعلام إسرائيلية تكشف عن محاولات نتنياهو لإعادة بن جفير إلى حكومته
  • محكمة إسرائيلية تحظر النشر في تحقيق ضد مسؤول كبير بمكتب نتنياهو
  • صحيفة: حماس فاجأت إسرائيل والوسطاء بشرط جديد في مفاوضات غزة
  • صحيفة عربية: تهديدات الدبيبة بالعودة إلى الحرب استجابة لدعوات الغرياني
  • لماذا غضب نتنياهو من صفقة تبادل الأسرى التي وافقت عليها حماس؟
  • ترامب: أجريت مناقشات مثمرة مع بوتين والحرب في أوكرانيا قد تنتهي
  • رحلات بشكل سري.. صحيفة إسرائيلية تكشف وظيفة طائرة عرفات الخاصة