الوطن:
2024-12-17@18:30:26 GMT

د. يوسف عامر يكتب: حق الجوار  

تاريخ النشر: 30th, May 2024 GMT

د. يوسف عامر يكتب: حق الجوار  

المجاورةُ فى السَّكنِ تجعلُ للجارِ حقاً على جارهِ، وقد نزلَ القرآنُ الكريمُ حاضاً على الإحسانِ إلى الجارِ، فقالَ اللهُ سبحانه وتعالى: «وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِى الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِى الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً» [النساء: 36].

ونَلحظُ أنَّ الآيةَ الكريمةَ بدأتْ بالأمرِ بعبادَةِ اللهِ تعالى والنهىِ عن الشركِ به، ثم أمرتْ بالإحسانِ إلى الوالدَيْنِ والأقرباءِ واليتامَى والمساكينِ «المحتاجين»، ثم بعدَ ذلك جاءَ الأمرُ بالإحسانِ للجيران، وهذا يدلُ على أن لوصفِ الجوارِ شأناً فى دِينِ الله تعالى، فمتى تحققَ فى إنسانٍ استحقَّ الإحسانَ إليه لمجردِ تحقُقِ هذا الوصفِ فيه.

وقد جعلتِ الآيةُ الكريمةُ الجارَ نوعَيْنِ، هما الجارُ ذو القُربى والجارُ الجُنُب، والأول (الجارُ ذو القُربى) هو الجارُ الذى تربطُهُ بجارهِ قَرابة فى النَّسَب، والثانى (الجار الجنب) هو الغريبُ الذى ليسَ له صِلةُ نسَبٍ بجارِهِ.

وهذا معناهُ الأمرُ بالإحسانِ لكلِّ مَن تحقَّقَت فيه مجاورةُ السكنِ قريباً كانَ أو غريباً، مسلماً كان أو غيرَ مسلم، مخالطاً لجاره أو غيرَ مخالطٍ.

وقد جاءتِ السُنةُ النبويةُ المطهرةُ مؤكدةً للقرآنِ الكريمِ فى هذا الشأنِ، يقولُ سيدُنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَا زالَ يُوصِينى جبريلُ بالجارِ حتى ظننْتُ أنَّه سَيورّثُهُ» [متفق عليه].

إنَّ مجرَّدَ نزولِ أمينِ الوحيِ جبريلَ عليه السلامُ موصياً بالجارِ يدلُ على تعظيمِ الشرعِ الشريفِ لحقِّه، فما بالُنا إذا نزلَ الوحى مُكرراً الوصايةَ بالجارِ ومشدداً فى حقَّها حتى ظنَّ سيدُنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنّهُ سيأمرهُ بأنْ يجعلَ للجارِ نصيباً فى الميراث!

هذا يدلُ على أنَّ الجوارَ له منزلةٌ عظيمةٌ تكادُ تُساوِى منزلةَ القرابةِ فى النسبِ ومنزلةِ الزوجيةِ بين الزوجيْنِ، فبِهاتيْنِ الصفتيْنِ يستحقُ الوارثُ الميراثَ.

وقد شرحَ السادةُ العلماءُ المرادَ بـ(الجار) فى هذا الحديثِ فقالوا: (مسلماً كان أو غيرَ مسلمٍ، عابداً أو فاسقاً، صديقاً أو عدواً، غريباً أو بَلدِياً [أى: من أهل البلد]، ضاراً أو نافعاً، قريباً أو أجنبياً، قريبَ الدارِ أو بعيدَها).

فالشرعُ يُوصِى بالجارِ والإحسانِ إليه وإنْ كان عدواً أو صاحبَ ضرَرٍ وإساءةٍ!

وقد بيَّن سيدُنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنَّ الإيمانَ يَقتضِى عدمَ إيذاءِ الجارِ، فقالَ صلى الله عليه وسلم: «مَن كانَ يُؤمنُ باللهِ واليومِ الآخر فلا يُؤْذِ جارهُ» [متفق عليه]، بل إنَّه صلى الله عليه وسلم قال: «واللهِ لا يؤمنُ [أى: لا يُؤمنُ إيماناً كاملاً]! واللهِ لا يؤمنُ! والله لا يؤمنُ!» قِيلَ: ومَن يا رسول الله؟ قال: «الذى لا يأمنُ جارهُ بوائِقَهُ» [البخارى]، أى: إن الذى لا يأمن جارهُ شُرورهُ ودواهيَهُ ناقصُ الإيمانِ! وتكريرُ القَسَمِ يُؤكّدُ حق الجارِ.

وفى حديثٍ آخرَ يقولُ صلى الله عليه وسلم: «لا يدخلُ الجنَّةَ مَن لا يأمنُ جارهُ بوائقَهُ» [مسلم]؛ أى: إنَّ الذى لا يأمنُ جاره شرورهُ لا يدخلُ الجنةَ وقْتَ دخولِ الفائزِينَ إذا فُتحتْ أبوابُها، وإنما يُؤخرُ حتى يُجازَى بهذا الإيذاءِ.

أليسَ فى كلِ هذا ما يدلُ على عِظَمِ هذا حقِ الجارِ؟!

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: حقوق الجوار صلى الله علیه وسلم

إقرأ أيضاً:

حكم الشماتة فى الموت ..الإفتاء : ليست خلقًا إنسانيًا ولا دينيًا

لا شك أن الحزن والبكاء على الميت مهما كان حاله لمن دواعي الرحمة والإنسانية، فلقد قام النبى - صلى الله عليه وسلم- لجنازة، ولما قيل له: إنها ليهودي قال « أليست نفسًا»، رواه البخاري ومسلم.

وقالت دار الإفتاء المصرية، إن الموت من أعظم ما يقع بالمؤمنين، حيث إنه ابتلاء لهم ولمن بعدهم، مبينًا: عند المصائب يجب الاعتبار والاتعاظ.

حكم الشماتة في الموت

وأوضحت دار الإفتاء أن الشماتة في الموت ليست خلقًا إنسانيًا ولا دينيًا، فكما مات غيره سيموت هو، مسائلًا: وهل يسر الإنسان إذا قيل له: إن فلانا يسعده أن تموت؟!.

واستندت الإفتاء في توضيحها حكم الشماتة في الموت أن النبي- صلى الله عليه وسلم – قال: «لا تظهر الشماتة بأخيك فيعافيه الله ويبتليك»، رواه الترمذى وحسَّنه.

الشماتة في الموت

واستكملت أن الله – تعالى- قال عندما شمت الكافرون بالمسلمين فى غزوة أحد: {إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس}، [سورة آل عمران : الآية 140].

وأكدت دار الإفتاء أن الشماتة و التشفِّيَ في المُصاب الذي يصيب الإنسان أيا كان مخالف للأخلاق النبوية الشريفة والفطرة الإنسانية السليمة.

حكم سب الميت

قال الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أن ينال الأحياء أحد من الأموات أو ان يسبهم فقال النبي: " لا تسبُّوا الأمواتَ؛ فإنهم قد أفضَوا إلى ما قدَّموا " الا ان من الاموات كانوا أشرارا ولهم خطورة فذكرهم لتحذير الناس ليس ممنوعا .

وأضاف هاشم قائلا: ذكرُ مساوئ الموتى - في غير ضرورة شرعيَّة - ليس من شِيَمِ الكرام، ولا هو من أخلاقِ المسلمين والحديث عن الميت لا أثر له عند الله سبحانه فهو العليم بما يستحقه من تكريم أو إهانة، وقد يكون حديث الناس عنه دليلًا ولو ظنيًّا على منزلته عند ربه، لكن ذلك لا يكون إلا من أناس على طراز معين .

ومع ذلك نَهَى النبي صلى الله عليه وسلم أن يذكر الأموات بالسوء إذا كان ذلك للتشفِّي من أهله، فذلك يُغيظُهم ويُؤذِيهم، والإسلام يَنهَى عن الإيذاء لغير ذنْب جَنَاهُ الإنسان، ولا يؤثِّر على منزلته عند الله الذي يُحاسبه على عمله، وقد قال صلى الله عليه وسلم في قتلى بدر من المشركين:”لا تَسُبُّوا هؤلاء فإنه لا يَخلُص إليهم شيء مما تقولون، وتُؤذون الأحياء” ، وعندما سب رجل أبًا للعباس كان في الجاهلية كادت تَقوم فتنة، فنُهِيَ عن ذلك.

مقالات مشابهة

  • «اللهم رب الناس أذهب البأس».. دعاء المريض كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم
  • حكم الشماتة فى الموت ..الإفتاء : ليست خلقًا إنسانيًا ولا دينيًا
  • المراد بالنصيحة في حديث النبي عليه السلام "الدِّينُ النَّصِيحَةُ"
  • حكم زواج المتعة ومواضع النهي عنه
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • د.حماد عبدالله يكتب: لماذا سميت "مصر" بالمحروسة !!
  • دار الإفتاء تحذر من هذا الأمر حتى لا يبتليك الله
  • حكم قول زمزم بعد الوضوء.. دار الإفتاء تجيب
  • سر خطير سيجعلك تداوم على قراءة سورة الواقعة.. تعرف عليه
  • كريم وزيرى يكتب: حكايات القوادم.. عندما كتبت كوكب الشرق مقالًا عن الحب