الجزيرة:
2025-01-17@13:46:14 GMT

القادرية شرق أفريقيا.. وفاء للجيلاني المؤسس

تاريخ النشر: 30th, May 2024 GMT

القادرية شرق أفريقيا.. وفاء للجيلاني المؤسس

كانت الحبشة أول بلاد دخلها الإسلام خارج جزيرة العرب، وفيها ظهرت إمارات إسلامية كان لها فضل كبير في انتشار الإسلام في أفريقيا، وكانت هرر (مدينة في أقصى شرق إثيوبيا) أكبرها وأشهرها.

وفيها وُلد أحمد بن إبراهيم سنة 1506، ودرس العلوم الشرعية على يد شيوخها وعلمائها، ثم سافر إلى اليمن وهناك التقى برجال الطريقة القادرية، فتأثر بهم أيما تأثر.

وبينما هو في اليمن، تعرضت إمارة إسلامية في الصومال لهجوم قاده بطريرك حبشي، فقتل أهلها وسلب ونهب أموالهم، وسبى أم أميرها، وكانت إمارات إسلامية كثيرة تحت نفوذ إمبراطور الحبشة.

المسلمون في لامو بكينيا يرتدون الملابس الجديدة في المولد النبوي ويتبادلون الزيارات (الجزيرة) حرب وانتصار

عاد أحمد بن إبراهيم إلى هرر محاولا إقناع أميرها بالخروج عن سيادة إمبراطورية الحبشة، لكنه لم يجد آذانا صاغية، فثار عليه لكن ثورته فشلت فالتجأ إلى بلاد أبت في الصومال، وصار يدعو المسلمين إلى التوحد وتشكيل قوة تحميهم من مظالم الأحباش.

وسرعان ما تم له ذلك ولما يجاوز سن الـ30، لكن أبا بكر (سلطان هرر) رأى أن الشيخ أحمد بن إبراهيم يشكل خطرا عليه فأرسل إليه جيشا يقاتله لكنه انهزم، وبعد ذلك سقطت إمارة هرر في يد الشيخ ابن إبراهيم.

وأعلن استقلال الإمارة عن إمبراطورية الحبشة فقامت الحرب بين المسلمين والنصارى، واتخذ المسلمون راية عليها شعار "بسم الله الرحمن الرحيم، إنا فتحنا لك فتحا مبينا، نصر من الله وفتح قريب".

أحد أقدم المساجد في هرر في إثيوبيا يقدر عمره بألف عام (الجزيرة)

وبعد حرب دامت 8 سنوات دخلت جيوش المسلمين مدينة أكسوم عاصمة إمبراطورية الحبشة حينها، وقد بسطت نفوذها على كامل الإمبراطورية سنة 1537. ودامت سيطرة المسلمين 4 سنوات إلى أن وصلت أساطيل البرتغال مسلحة بالمدافع، فاستشهد الشيخ أحمد بن إبراهيم بعد معركة ملحمية دامت 3 أعوام.

ولكن السنوات القليلة التي حكم فيها المسلمون شهدت فيها الحبشة أكبر موجة لاعتناق الإسلام، كما يذكر المستشرق البريطاني سبنسر تريمينغهام في كتابه "الإسلام في إثيوبيا".

أما الطريقة القادرية فلم يُكتب لها الانتشار مع الشيخ أحمد بن إبراهيم الذي قتل وعمره 37 سنة، وقد بقيت هرر عاصمة لمسلمي الحبشة الذين صاروا يشكلون ثلث سكان البلاد، بينما زاد عدد مساجدها وزواياها الـ200، وبعضها جاوز عمره ألف عام، مما جعل اليونسكو تعتبرها رابع أقدس مدينة لدى المسلمين.

مدرسة إسلامية بجزيرة لامو في كينيا وكانت في الأصل زاوية صوفية (الجزيرة) انتشار

وفي الربع الأخير من القرن الـ15، وصل الشيخ أبو بكر العيدروس إلى هرر قادما من اليمن وكان متصوفا كبيرا، ولكن طريقته لم تنتشر بين الأفارقة، إذ كانت عائلية مغلقة، وكان على أفارقة شرق أفريقيا أن ينتظروا 3 قرون حتى مجيء الشيخ حسن جبرو إلى الصومال عام 1819، وكان من كبار شيوخ الطريقة القادرية.

وعلى ضفة نهر جوبا أسس الشيخ جبرو أول مستوطنة لجماعة صوفية بهدف زراعة الأرض واستخراج خيراتها، وسرعان ما كبرت جماعته وصارت المستوطنة بلدة سُميت باسم "سبنسر تريمينغهام".

وأصبح لمدرسته مئات المريدين والطلبة، كان الشيخ أويس محمد البراوي واحدا منهم وأشهرهم، وانتشرت طريقته القادرية الأويسية جنوبا عبر الساحل الشرقي للقارة فدخلت جزيرة لامو في كينيا وزنجبار في تنزانيا.

إحدى الزوايا الصوفية في زنجبار (الجزيرة)

سنة 1884 سمع سلطان زنجبار برغاش عن الشيخ أويس البراوي فدعاه إليه وسلمه مقاليد التعليم والثقافة في الجزيرة، وكان الشيخ البراوي صوماليا ولم يرقه ما وجده من قلة طلبة العلم من الأفارقة الذين شكلوا نصف سكان الجزيرة، وكان جلهم خدما ورقيقا لدى العرب الحاكمين.

فكان أول ما فعله أن فتح أبواب المدارس وطلب العلم في وجوه الأفارقة، وكانت هذه هي الخطوة التي غيرت وجه الإسلام شرق أفريقيا.

وبشأن هذه الحيثية، يشرح الشيخ عبد الله فوندي الكونغولي من أصول عمانية، قائلا "لقد وصل الإسلام إلى ساحل أفريقيا الشرقي منذ عهد الدولتين الأموية والعباسية، وقد انتشر عبر الساحل مع التجار العرب طوال قرون، ولكنه لم يدخل إلى أعماق القارة".

ويضيف أن السبب الرئيسي كان هو "أن جل العرب كانوا مهتمين بالتجارة أكثر من الدعوة، وما داموا يجدون من يبيعهم العاج والذهب والعبيد قريبا من السواحل فلا حاجة للتعمق في القارة". "والأمر الثاني أنه عبر قرون من إقامة العرب في لامو وزنجبار وغيرهما لم يهتموا كثيرا بفتح المدارس للأفارقة، فكان قلة من الخدم من وصلوا لدرجة عالية في العلم".

وهنالك أسباب أخرى في الإجمال جعلت الإسلام يقف عند السواحل الشرقية ويظل يُنظر له على أنه دين النخبة الإقطاعية، أما حين ظهر دعاة مثل الشيخ أويس البراوي الذي اهتم بتعليم الأفارقة وتحريرهم فقد ظهر منهم علماء ودعاة حملوا الإسلام إلى قراهم البعيدة، وفق فوندي.

أطلال أحد المساجد في تنزانيا (الجزيرة) مركز لنشر الإسلام

وعن الفرق الذي أحدثه الشيخ البراوي يستطرد "وإذا علمنا أن المسلمين استوطنوا جزيرة لامو (قبالة كينيا) قبل زنجبار (قبالة تنزانيا) بمدة ونشطت فيها تجارتهم بالدرجة نفسها، وأن نسبة المسلمين في كينيا لا تتجاوز 15% رغم أنها أقرب إلى الجزيرة العربية، بينما النسبة في تنزانيا تتجاوز 70%، فحينها سنفهم الفرق الذي أحدثه الشيخ أويس في زنجبار، إذ جعلها قاعدة لنشر الإسلام أكثر منها قاعدة للتجارة".

وكان من أوائل طلبة الشيخ أويس البراوي ومريديه المخلصين الشيخ عبد الله مجانا خيري من الصومال، والشيخ مزي فريجي من العبيد الملاويين، والشيخ محمد رمية من العبيد الكونغوليين.

وقد ساهم هؤلاء الثلاثة في تضييق دائرة تجارة الرقيق، كما يعزى لجهودهم إسلام الملايين في تنزانيا وأوغندا والكونغو وموزمبيق ومدغشقر وملاوي التي صار ثلثها مسلمين.

وقد أسس الشيخ محمد رمية مدرسة في باجامويو (تنزانيا) خرجت بدورها عشرات الدعاة الذين ما زال الإسلام والطريقة القادرية ينتشران بفضلهم. وما زالت المدرسة وفية لشيوخ الطريقة القادرية، إذ كُتب على ناصية بابها "لا إله إلا الله محمد رسول الله.. الشيخ عبد القادر الجيلاني صفي لله.. الشيخ أويس ولي الله".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات فی تنزانیا

إقرأ أيضاً:

رحلة النبي (2) الإسراء والمعراج: أهمية المسجد الحرام والأقصى في الإسلام

حادثة الإسراء والمعراج من أعظم وأعجب الأحداث في تاريخ الأمة الإسلامية، فقد كانت بمثابة سفر نبوي عظيم للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، شهد خلالها العديد من العجائب والآيات.

رحلة النبي (1): كيف حدثت معجزة الإسراء والمعراج على 3 مراحل قراءة كتاب الإسراء والمعراج لشيخ الأزهر الراحل عبدالحليم محمود فى مسقط رأسه

وقد تميزت هذه الحادثة بتوجه النبي صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام في مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى في القدس، ليبدأ بعدها رحلة المعراج إلى السماوات العليا.

 وفي هذا الموضوع، سنتعرف على المسجد الأقصى كوجهة للإسراء، بالإضافة إلى أهمية المسجد الحرام والمسجد الأقصى في الإسلام.

المسجد الأقصى: وجهة الإسراء

المسجد الأقصى هو أولى القبلتين، وهو واحد من أقدس الأماكن في الإسلام. يقع في مدينة القدس، ويعدُّ من أبرز المعالم الإسلامية التي تميزت بعراقتها وتاريخها العميق. وقد ذكر الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم حادثة الإسراء في قوله: "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَىٰ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَىٰ الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ" (الإسراء: 1).

إن اختيار المسجد الأقصى ليكون وجهة الإسراء له دلالات عميقة على أهميته الروحية في الإسلام. فهو المكان الذي صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم إمامًا بالأنبياء والرسل، مما يعكس مكانته الكبيرة بين المساجد في الشريعة الإسلامية.

 وتعتبر هذه الحادثة بمثابة رسالة للأمة الإسلامية حول العلاقة القوية بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى، اللذين يشتركان في عظمة المكانة الدينية.

أهمية المسجد الحرام والمسجد الأقصى في الإسلام

1. المسجد الحرام في مكة المكرمة: يعتبر المسجد الحرام في مكة المكرمة أقدس المساجد وأهمها في الإسلام. وهو يحتوي على الكعبة المشرفة، التي هي قبلة المسلمين في صلاتهم.

 فرض الله سبحانه وتعالى على المسلمين أداء فريضة الحج في هذا المكان المقدس. وقد ورد ذكر المسجد الحرام في القرآن الكريم في العديد من الآيات، مثل قوله تعالى: "إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ" (التوبة: 28)، ما يعكس أهميته الدينية البالغة.


2. المسجد الأقصى في القدس: لا يقل المسجد الأقصى مكانة عن المسجد الحرام. فهو ثاني أقدس مسجد في الإسلام بعد المسجد الحرام. وهو مسرح للإسراء والمعراج، وفيه صلى النبي صلى الله عليه وسلم بالأنبياء في صلاة عظيمة. كما ورد في الحديث النبوي: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا" (متفق عليه)ـ وهذا الحديث يدل على فضل المسجد الأقصى، ويحث على زيارة هذا المكان المبارك لما له من مكانة عظيمة في الدين الإسلامي.

 

العلاقة بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى

إن الرابط بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى في حادثة الإسراء والمعراج يعكس وحدة الأمة الإسلامية، فالرحلة التي قام بها النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى القدس ومن ثم إلى السماوات العُلى تشير إلى العلاقة الوثيقة بين هذين المسجدين. 

يمثل المسجد الحرام بداية الإيمان والشريعة الإسلامية، بينما يعتبر المسجد الأقصى ملتقى الأنبياء والمكان الذي شهد العديد من الأحداث الكبرى.

وفي الختام، تشكل رحلة الإسراء والمعراج حدثًا محوريًا في تاريخ الأمة الإسلامية، وتؤكد على مكانة المسجد الحرام والمسجد الأقصى في الإسلام، هما رمزان للعزة الدينية والوحدة الروحية التي تجمع المسلمين في أنحاء العالم، ويستحقان دائمًا التقدير والاحترام من جميع المسلمين.

مقالات مشابهة

  • رحلة النبي (2) الإسراء والمعراج: أهمية المسجد الحرام والأقصى في الإسلام
  • رجب.. خصائص الأشهر الحرم وأهميتها في الإسلام
  • علي جمعة: القدس رمزًا ا للهوية الإسلامية ولوجود المسلمين في العالم
  • الجامع الأزهر يناقش الدروس المستفادة من الهجرة إلى الحبشة
  • لماذا يُكبّر المسلمون عند الفرح والسرور؟.. علي جمعة يوضح
  • تواصل الفعاليات الثقافية والاحتفائية بذكرى جمعة رجب
  • حتميةُ خوض الصراع من أجل إحقاق الحق
  • الشيخ خالد الجندي: حديث إتقان العمل يشمل العبادات والأعمال الدنيوية.. فيديو
  • خالد الجندي: الإسلام يحرص على جودة الطاعات مثل الأعمال الدنيوية
  • وزارة الاتصالات تُحيي ذكرى جمعة رجب