القادرية شرق أفريقيا.. وفاء للجيلاني المؤسس
تاريخ النشر: 30th, May 2024 GMT
كانت الحبشة أول بلاد دخلها الإسلام خارج جزيرة العرب، وفيها ظهرت إمارات إسلامية كان لها فضل كبير في انتشار الإسلام في أفريقيا، وكانت هرر (مدينة في أقصى شرق إثيوبيا) أكبرها وأشهرها.
وفيها وُلد أحمد بن إبراهيم سنة 1506، ودرس العلوم الشرعية على يد شيوخها وعلمائها، ثم سافر إلى اليمن وهناك التقى برجال الطريقة القادرية، فتأثر بهم أيما تأثر.
وبينما هو في اليمن، تعرضت إمارة إسلامية في الصومال لهجوم قاده بطريرك حبشي، فقتل أهلها وسلب ونهب أموالهم، وسبى أم أميرها، وكانت إمارات إسلامية كثيرة تحت نفوذ إمبراطور الحبشة.
المسلمون في لامو بكينيا يرتدون الملابس الجديدة في المولد النبوي ويتبادلون الزيارات (الجزيرة) حرب وانتصارعاد أحمد بن إبراهيم إلى هرر محاولا إقناع أميرها بالخروج عن سيادة إمبراطورية الحبشة، لكنه لم يجد آذانا صاغية، فثار عليه لكن ثورته فشلت فالتجأ إلى بلاد أبت في الصومال، وصار يدعو المسلمين إلى التوحد وتشكيل قوة تحميهم من مظالم الأحباش.
وسرعان ما تم له ذلك ولما يجاوز سن الـ30، لكن أبا بكر (سلطان هرر) رأى أن الشيخ أحمد بن إبراهيم يشكل خطرا عليه فأرسل إليه جيشا يقاتله لكنه انهزم، وبعد ذلك سقطت إمارة هرر في يد الشيخ ابن إبراهيم.
وأعلن استقلال الإمارة عن إمبراطورية الحبشة فقامت الحرب بين المسلمين والنصارى، واتخذ المسلمون راية عليها شعار "بسم الله الرحمن الرحيم، إنا فتحنا لك فتحا مبينا، نصر من الله وفتح قريب".
أحد أقدم المساجد في هرر في إثيوبيا يقدر عمره بألف عام (الجزيرة)وبعد حرب دامت 8 سنوات دخلت جيوش المسلمين مدينة أكسوم عاصمة إمبراطورية الحبشة حينها، وقد بسطت نفوذها على كامل الإمبراطورية سنة 1537. ودامت سيطرة المسلمين 4 سنوات إلى أن وصلت أساطيل البرتغال مسلحة بالمدافع، فاستشهد الشيخ أحمد بن إبراهيم بعد معركة ملحمية دامت 3 أعوام.
ولكن السنوات القليلة التي حكم فيها المسلمون شهدت فيها الحبشة أكبر موجة لاعتناق الإسلام، كما يذكر المستشرق البريطاني سبنسر تريمينغهام في كتابه "الإسلام في إثيوبيا".
أما الطريقة القادرية فلم يُكتب لها الانتشار مع الشيخ أحمد بن إبراهيم الذي قتل وعمره 37 سنة، وقد بقيت هرر عاصمة لمسلمي الحبشة الذين صاروا يشكلون ثلث سكان البلاد، بينما زاد عدد مساجدها وزواياها الـ200، وبعضها جاوز عمره ألف عام، مما جعل اليونسكو تعتبرها رابع أقدس مدينة لدى المسلمين.
مدرسة إسلامية بجزيرة لامو في كينيا وكانت في الأصل زاوية صوفية (الجزيرة) انتشاروفي الربع الأخير من القرن الـ15، وصل الشيخ أبو بكر العيدروس إلى هرر قادما من اليمن وكان متصوفا كبيرا، ولكن طريقته لم تنتشر بين الأفارقة، إذ كانت عائلية مغلقة، وكان على أفارقة شرق أفريقيا أن ينتظروا 3 قرون حتى مجيء الشيخ حسن جبرو إلى الصومال عام 1819، وكان من كبار شيوخ الطريقة القادرية.
وعلى ضفة نهر جوبا أسس الشيخ جبرو أول مستوطنة لجماعة صوفية بهدف زراعة الأرض واستخراج خيراتها، وسرعان ما كبرت جماعته وصارت المستوطنة بلدة سُميت باسم "سبنسر تريمينغهام".
وأصبح لمدرسته مئات المريدين والطلبة، كان الشيخ أويس محمد البراوي واحدا منهم وأشهرهم، وانتشرت طريقته القادرية الأويسية جنوبا عبر الساحل الشرقي للقارة فدخلت جزيرة لامو في كينيا وزنجبار في تنزانيا.
إحدى الزوايا الصوفية في زنجبار (الجزيرة)سنة 1884 سمع سلطان زنجبار برغاش عن الشيخ أويس البراوي فدعاه إليه وسلمه مقاليد التعليم والثقافة في الجزيرة، وكان الشيخ البراوي صوماليا ولم يرقه ما وجده من قلة طلبة العلم من الأفارقة الذين شكلوا نصف سكان الجزيرة، وكان جلهم خدما ورقيقا لدى العرب الحاكمين.
فكان أول ما فعله أن فتح أبواب المدارس وطلب العلم في وجوه الأفارقة، وكانت هذه هي الخطوة التي غيرت وجه الإسلام شرق أفريقيا.
وبشأن هذه الحيثية، يشرح الشيخ عبد الله فوندي الكونغولي من أصول عمانية، قائلا "لقد وصل الإسلام إلى ساحل أفريقيا الشرقي منذ عهد الدولتين الأموية والعباسية، وقد انتشر عبر الساحل مع التجار العرب طوال قرون، ولكنه لم يدخل إلى أعماق القارة".
ويضيف أن السبب الرئيسي كان هو "أن جل العرب كانوا مهتمين بالتجارة أكثر من الدعوة، وما داموا يجدون من يبيعهم العاج والذهب والعبيد قريبا من السواحل فلا حاجة للتعمق في القارة". "والأمر الثاني أنه عبر قرون من إقامة العرب في لامو وزنجبار وغيرهما لم يهتموا كثيرا بفتح المدارس للأفارقة، فكان قلة من الخدم من وصلوا لدرجة عالية في العلم".
وهنالك أسباب أخرى في الإجمال جعلت الإسلام يقف عند السواحل الشرقية ويظل يُنظر له على أنه دين النخبة الإقطاعية، أما حين ظهر دعاة مثل الشيخ أويس البراوي الذي اهتم بتعليم الأفارقة وتحريرهم فقد ظهر منهم علماء ودعاة حملوا الإسلام إلى قراهم البعيدة، وفق فوندي.
أطلال أحد المساجد في تنزانيا (الجزيرة) مركز لنشر الإسلاموعن الفرق الذي أحدثه الشيخ البراوي يستطرد "وإذا علمنا أن المسلمين استوطنوا جزيرة لامو (قبالة كينيا) قبل زنجبار (قبالة تنزانيا) بمدة ونشطت فيها تجارتهم بالدرجة نفسها، وأن نسبة المسلمين في كينيا لا تتجاوز 15% رغم أنها أقرب إلى الجزيرة العربية، بينما النسبة في تنزانيا تتجاوز 70%، فحينها سنفهم الفرق الذي أحدثه الشيخ أويس في زنجبار، إذ جعلها قاعدة لنشر الإسلام أكثر منها قاعدة للتجارة".
وكان من أوائل طلبة الشيخ أويس البراوي ومريديه المخلصين الشيخ عبد الله مجانا خيري من الصومال، والشيخ مزي فريجي من العبيد الملاويين، والشيخ محمد رمية من العبيد الكونغوليين.
وقد ساهم هؤلاء الثلاثة في تضييق دائرة تجارة الرقيق، كما يعزى لجهودهم إسلام الملايين في تنزانيا وأوغندا والكونغو وموزمبيق ومدغشقر وملاوي التي صار ثلثها مسلمين.
وقد أسس الشيخ محمد رمية مدرسة في باجامويو (تنزانيا) خرجت بدورها عشرات الدعاة الذين ما زال الإسلام والطريقة القادرية ينتشران بفضلهم. وما زالت المدرسة وفية لشيوخ الطريقة القادرية، إذ كُتب على ناصية بابها "لا إله إلا الله محمد رسول الله.. الشيخ عبد القادر الجيلاني صفي لله.. الشيخ أويس ولي الله".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات فی تنزانیا
إقرأ أيضاً:
خطيب الكوفة يتناول أبعاد المشروع العبادي للصدر.. ويؤكد: أعينوه ليصول دفاعًا عن الإسلام
بغداد اليوم- النجف
تناول خطيب وإمام صلاة الجمعة في مسجد الكوفة كاظم الحسيني، اليوم الجمعة، (15 تشرين الثاني 2024)، أبعاد المشروع العبادي الذي أطلقه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.
وقال الحسيني، إن بناء المجتمع الصالح من المسائل المهمة التي ركز عليها الإسلام من خلال ارتباط أفراده بأواصر الاخوة والتعاون، وأن أوثق علاقة تجعل المجتمع قويًا هي علاقة الأخوة في الله، ولكن مما يؤسف له استشراء حال التباغض والتدابر والتقاطع.
وأضاف "لقد أكد سيدنا الشهيد الصدر على ضرورة تلاحم المؤمنين فيما بينهم لتأسيس القواعد الشعبية القوية التي تواجه الأزمات المعادية للدين والوطن، فإذا سرت العداوة والتدابر والقطيعة فإن هذه القواعد تكون فريسة سهلة لمشاريع الشيطان الاستكبارية".
وتابع "على خطى السيد الشهـيد الصدر يفتح السيد مقتدى الصدر أبوابًا لطاعة الله وتجسيد الأخوة بين أفراد المجتمع، فالمشروع العبادي الذي أطلقه مؤخرًا فرصة لأن تُغسل قلوبنا من أدران العداوة والتدابر لنكون محلًا لحلول الرحمة والتوفيق الإلهيين".
وأكد الحسيني "فليكن سعينا للطاعة مقارنًا لسعينا في إنهاء العداوات البينية لنكون زينًا لمرجعنا الشهيد وسندًا لقائد الإصلاح فإنّه بإخلاصكم لله وتلاحمكم ورباطكم الأخوي يصول دفاعًا عن الإسلام وعن العراق فأعينوه بورع واجتهاد وعفة وسداد".
وأكمل: فلا تقصروا في إحياء مساجد الله بالطاعة والعبادة وتجديد عهود الأخوة عسى أن نكون مصداقًا من مصاديق المجتمع المحمدي الذي وصفه الحق تعالى بقوله: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا).
إمام وخطيب جمعة مسجد الكوفة المعظم أشار إلى، أن "حملات التبرع بالأموال وبالمواد العينية التي دعا السيد الصدر إليها لأهلنا اللبنانيين الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق هي أيضًا باب لتزكية النفوس والأموال وفيها رضا الله ورسوله والأئمة المعصومين".
وختم خطبة الجمعة بالدعاء: اللهم انصر المجـاهدين المقـاومين المرابطين على الثغور في غـزّة ولبـنان، اللهم ثبت أقدامهم وسدد رميتهم وانصرهم نصرًا عزيزًا، وسلام عليهم وعلى شهـدائهم وجرحاهم، واجعل الخزي وعار الهزيمة على إمريكا وإسرائـيل قتـلة الأطفال والأبرياء".
وطاعة لأمر الصدر فقد رفع مصلو الجمعة الأعلام اللبـنانية والفلسطينية تضامنًا مع الشعبين، وبعد الانتهاء من صلاة الجمعة أحرق المصلون أعلام أمريكا وبريطانيا وإسرائـيل.