واشنطن- بينما تتداول هيئة المحلفين في محكمة جنوب مانهاتن بمدينة نيويورك بشأن التهم الجنائية الموجهة للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب حول مخالفات مالية، تُثار تساؤلات كثيرة حول تأثير المحاكمة وقراراتها على تفضيلات الناخبين الأميركيين، خاصة أنها المرة الأولى التي يُحاكَم فيها رئيس سابق ومرشح رئاسي حالي بتهم جنائية.

وأشار 25% من الجمهوريين إلى أنهم سيصوتون -على الأغلب- لصالح ترامب إذا أدانته هيئة المحلفين، في حين قلّل 27% من الديمقراطيين من احتمالية التصويت لصالحه، وهو ما يعكس عمق الانقسام على أساس حزبي، ويؤكد وجهات النظر الحزبية المتشددة بشأن تسييس محاكمة ترامب.

وأفاد استطلاع للرأي -أجرته الإذاعة الوطنية وهيئة البث العامة- بأن المحاكمة ونتائجها لن تغير موقف 67% من الناخبين، وأن حكم الإدانة، حال حدوثه، لن يكون له أي تأثير على من يخططون للتصويت لترامب في الانتخابات الرئاسية القادمة.

تجاهل

ووفق الكاتب والمحلل السياسي والعضو بالحزب الجمهوري بيتر روف، فإن أنصار ترامب سيتجاهلون إلى حد كبير نتائج المحاكمة الحالية عند تحديد إذا ما كانوا سيصوتون وكيف يصوتون. وهم يرون في ذلك دليلا إضافيا على أن -ما يسميها ترامب- الدولة العميقة تتلاعب بالنظام القانوني الأميركي في محاولة لإبقائه خارج منصبه.

وأضاف روف للجزيرة نت أن أنصار ترامب يقولون إنه تم توجيه الاتهام إليه ومحاكمته لكونه ترامب. وبغض النظر عن أوراق القضية، "فهو لم يرتكب جرائم".

في السياق، صرح المدير السابق للحزب الجمهوري بولاية ميشيغان ساوول أزنوزيس بأن المحاكمة لن يكون لها تأثير يُذكر. وقال للجزيرة نت إنها "محاكمة سياسية صورية ولم تخدم نظامهم القضائي بشكل جيد". ويتوقع كل خبير -تقريبا- أن يتم إلغاء أي حكم من قبل المحاكم العليا.

في حين يقول جيرمي ماير، الأستاذ بكلية السياسة والحكومة في جامعة جورج ميسون بولاية فيرجينيا، للجزيرة نت، إن هناك توقعات بانخفاض معدل تأييد ترامب إلى حد ما إذا تمت إدانته، ويقول بعض الناخبين إنه إذا أدين، فسيؤثر ذلك على حكمهم.

من ناحية أخرى، قد ينتهي الأمر بأنصار ترامب إلى تصديق تفسيراته لأي حكم بالإدانة. وما هو مؤكد هو أنه إذا لم تتم إدانته، فسترتفع نسب شعبية ترامب، برأي ماير.

فرصة نادرة

منحت محاكمة ترامب فرصة نادرة له كمرشح جمهوري للتقرب والتودد للناخبين الأميركيين الأفارقة والهيسبانيك اللاتينيين، وهما فئتان تصوتان تاريخيا، وبنسب كبيرة، للحزب والمرشح الديمقراطيين.

وقبل أشهر من بدء المحاكمة، وقف ترامب أمام عدد من الناخبين الأميركيين الأفارقة في ولاية كارولينا الجنوبية، ووجه نداء مباشرا لهم بضرورة التصويت له، وقال "أنا مثلكم، مضطهد بشكل غير عادل من قبل نظام العدالة الجنائية الفاسد".

وكانت هذه مجرد بداية لجهد جمهوري منتظم لتقليص شعبية الرئيس الحالي جو بايدن مع كتل انتخابية كانت تاريخيا من بين الكتل الأكثر تصويتا للديمقراطيين.

ووفقا لاستطلاعات رأي أجراها معهد "بيو للأبحاث"، فقد صوت 92% من الأميركيين الأفارقة لصالح بايدن في انتخابات 2020، في حين أعلن 75% من السود الأميركيين نيتهم التصويت له في انتخابات هذا العام. كما صوت 66% من الهيسبانيك اللاتينيين لصالح بايدن في انتخابات 2020، مقابل 32% لصالح ترامب.

وأشار المحلل السياسي بيتر روف إلى أن فكرة أن ترامب يُعامل بشكل غير عادل يتردد صداها مع هؤلاء ممن لديهم خبرات سيئة مع نظام العدالة الجنائية الأميركي. وقال "إنه يجعل ترامب يرتبط بهم، ويقترب منهم بطرق لا يمكن لبايدن ونائبته كامالا هاريس القيام بها".

من جانبه، أشار أزنوزيس إلى أن المحاكمة قد تجذب مزيدا من ناخبي الأقليات لصالح دعم ترامب، وأضاف "أن مواجهة النظام القضائي يتردد صداها لدى عديد من الأقليات التي تشعر أنها تحصل على معاملة سيئة داخل هذا النظام".

وكلما كانت ظروف المحاكمة "سياسية وسخيفة"، يتابع، زاد احتمال أن يكون لها تأثير إيجابي بين الأقليات. ويراها كثيرون مثالا على كيفية معاملتهم بشكل غير عادل في كثير من الأحيان.

تعاطف الأقليات

وتحدثت مديرة برنامج التحليلات السياسية التطبيقية بجامعة ولاية ميريلاند كانديس توريتو عن رؤيتها لتأثير المحاكمة على جذب ناخبي الأقليات إلى جانب ترامب.

وقالت للجزيرة نت إنه إذا خرج ترامب منتصرا من تهم الفساد (حتى إذا تمت إدانته ببعض الجرائم)، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة يقين هؤلاء الذين يترددون في التحول والتصويت له من أبناء هذه الأقليات.

أما الأكاديمي ماير، فيرى أن بعض الدوائر في الحزب الجمهوري تحاول أن تجعل الأمر يبدو وكأن الأقليات تتعاطف مع ترامب. وأوضح "نعم ترتفع نسب دعم ترامب إلى حد ما بين السود والهيسبانيك (المنحدرين من إسبانيا والبرتغال)، لكنني لا أعتقد أن ذلك بسبب المحاكمة، بل بسبب العوامل الاقتصادية".

هل تدعم المحاكمة صورة ترامب المنتصر؟

ويتفق أغلب المعلقين الأميركيين على أن ترامب يستغل محاكمته للكسب على كل الأصعدة، وهو لا يتردد في جمع مزيد من الأموال على ما يعتبره "مظلومية قضائية واستهدافا من أجهزة الدولة العميقة".

وفي حديثها للجزيرة نت، أشارت توريتو إلى أن من أهم أهداف ترامب من المحاكمة ما يتعلق بالإيحاء لأنصاره أنه انتصر فيها، وتغلب على مؤامرات الدولة العميقة كما يصورها لهم، وذلك بغض النظر عن قرار المحكمة النهائي.

وتعتقد أنه ستتم إدانة ترامب في بعض التهم الـ34، وليس كلها. وإذا انتهى الأمر كذلك، فربما يرون منه ترويجا للانتصار، لأن ترامب يُعد نفسه بلغة نصر لاستخدامها لاحقا، وما يهم مؤيديه هو أن يهزم نظاما قضائيا يرونه فاسدا، حسب توريتو.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات للجزیرة نت ترامب ی إلى أن

إقرأ أيضاً:

أين ميلانيا؟.. تساؤلات بعد وصول ترامب وحيدا إلى أتلانتا

وصل الرئيس السابق دونالد ترامب إلى أتلانتا، الخميس، دون زوجته ميلانيا ترامب قبل ساعات من أول مناظرة رئاسية، وبينما لا يزال بإمكان السيدة الأولى السابقة الظهور في المناظرة، تكهن العديد من المحللين بأنها قد تغيب عن الحدث.

وتراجعت ميلانيا ترامب، السيدة الأولى السابقة إلى حد كبير عن أعين الجمهور بعد خسارة زوجها في انتخابات عام 2020 وأعمال الشغب في مبنى الكابيتول، على الرغم من أن الغياب عن المناظرة الرئاسية سيكون أمرا مفاجئ.

وحسب شبكة "فوكس نيوز" فسيكوون ابتعدت ميلانيا في الغالب عن مسار الحملة الانتخابية هذا العام، ولم تحضر بشكل خاص محاكمة زوجها الجنائية في نيويورك خلال الشهرين الماضيين، حتى مع ظهور دونالد ترامب جونيور وإريك ترامب وتيفاني ترامب.

تراجع عن الحياة السياسية

ويشير العديد من المحللين إلى أن السيدة الأولى السابقة ربما تخطط أيضا للتراجع عن الحياة السياسية إذا فاز دونالد ترامب بولاية رئاسية ثانية.

وقالت الكاتبة كيت أنديرون بروير، لموقع "أكسيوس" إنها تعتقد أن ميلانيا "تنأى بنفسها أكثر عن زوجها وعن المشهد السياسي الاجتماعي في واشنطن".

 بينما قالت ماري جوردان، مؤلفة كتاب عن ميلانيا، إن غياب ميلانيا يجعلها "تتميز في التاريخ عن أي سيدة أولى أخرى".

وأكد دونالد ترامب، في فبراير الماضي، أن ميلانيا ستكون حاضرة "بشكل لا بأس به" في الحملة الانتخابية، على الرغم من أن ظهورها حتى الآن اقتصر على حملة جمع التبرعات المنفردة في أبريل مع ترامب، وتخرج ابنها بارون من المدرسة الثانوية في مايو..

وكانت ميلانيا والسيدة الأولى جيل بايدن قد وقفتا بجانب زوجيهما في افتتاح المناظرتين الرئاسيتين في عام 2020، وحضرت ميلانيا مناظرتين رئاسيتين في دورة الحملة الانتخابية لعام 2016، إلى جانب الرئيس السابق بيل كلينتون.

 

مقالات مشابهة

  • غالبية الأميركيين يفضلون استبدال بايدن بمرشح آخر
  • استطلاع: غالبية الأميركيين يفضلون استبدال بايدن بمرشح آخر
  • كم بلغ عدد الأميركيين الذين تابعوا المناظرة الرئاسية بين ترامب وبايدن؟ 
  • بايدن: ترامب ملاحق بتهم جنائية وهو رجل مجرم.. وهناك محاكمات تنتظره
  • احذر من الرطوبة تؤثر على العضلات.. طرق الوقاية منها
  • 80 % من الأمريكيين يرون مناظرة بايدن وترمب لم تؤثر في اختيارهم
  • بايدن أم ترامب؟.. من انتصر في المناظرة التاريخية وفق استطلاعات الرأي؟
  • ترامب: بوتين يخدع بايدن وسأستعيد السجناء الأميركيين من روسيا
  • أين ميلانيا؟.. تساؤلات بعد وصول ترامب وحيدا إلى أتلانتا
  • بايدن يزور مقر حملته الانتخابية في أتلانتا قبل مشاركته بالمناظرة مع ترامب