تناول تقرير لمجلة "فورين بوليسي" الأميركية خطوة "التطبيع" العربي مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد ووصفها بأنها "كارثية" وتسببت بنتائج عكسية على الأوضاع، سواء داخل سوريا أو في المنطقة بشكل عام.

يقول التقرير، الذي كتبه الباحث في معهد الشرق الأوسط في واشنطن شارلز ليستر، إن الجهود التي بذلتها الدول العربية لإخراج الأسد من عزلته وجعل نظامه لاعبا مسؤولا جاءت بنتائج عكسية تماما.

 

"وعود دون تنفيذ".. تحذيرات من التطبيع العربي "السريع" مع نظام الأسد عندما وصل وزير الخارجية السوري إلى السعودية، الأربعاء، وحظي باستقبال من نظيره السعودي بـ "ابتسامة"، بدا الأمر وكأنه أوقف أي فكرة بأن نظام بشار الأسد سيظل معزولا في الشرق الأوسط، بحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز".

وأضاف أن الأمر لم يقتصر على فشل تلك الدول في إقناع الأسد بتقديم أي تنازلات، بل أيضا تفاقمت كل جوانب الأزمة السورية منذ مشاركة الرئيس السوري في القمة العربية التي جرت في السعودية العام الماضي.

بحسب الكاتب فإن المبادرة التي أدت لعودة سوريا للحضن العربي تضمنت خمس أولويات أساسية يتعين إنجازها من خلال ما يعرف باسم "لجنة الاتصال الوزارية العربية" الخاصة بمواصلة الحوار مع النظام السوري.

تضمنت النقاط الخمس، زيادة وتوسيع نطاق تسليم المساعدات الإنسانية في سوريا وتهيئة الظروف اللازمة لعودة اللاجئين على نطاق واسع وإنهاء إنتاج وتصدير المخدرات غير المشروعة من سوريا واستئناف عمل اللجنة الدستورية والتوصل لحل سياسي بما يتماشى مع قرارات مجلس الأمن الدولي، فضلا عن إنشاء هيئة أمنية دولية لتنسيق الجهود لمكافحة الإرهاب في سوريا.

ومنذ ذلك الوقت، يشير الكاتب إلى أن اللجنة اجتمعت عدة مرات، لكن العمل على جميع القضايا الخمس لم يبدأ على الإطلاق. 

ويتابع الكاتب أن عملية "خطوة بخطوة" المتصورة للتنازلات المتبادلة لم تذهب إلى أبعد من موجة زيارات رفيعة المستوى مع الأسد في أوائل عام 2023 وعودته إلى جامعة الدول العربية.

"وعندما يتعلق الأمر بالعملية السياسية، فلم يتم إحراز أي تقدم فحسب، بل إن اللجنة الدستورية أصبحت الآن ميتة فعليا، وقد أبلغ الأسد الدول العربية مراراً وتكراراً برفضه المشاركة في أي عمليات مستقبلية"، وفقا للكاتب.

وفيما يتعلق بالمساعدات، فلم يبق وصولها مقيدا كما كان في السابق فحسب، بل انخفضت إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق خلال العام الماضي، في حين أوقف برنامج الأغذية العالمي بالفعل جهوده بالكامل في سوريا على الرغم من أن 90 في المئة من المواطنين يعيشون تحت خط الفقر.

وفي الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون السوريون يرفضون العودة إلى البلاد في ظل حكم الأسد، حيث تشير استطلاعات الأمم المتحدة إلى أن واحدا في المئة فقط يفكرون في العودة مستقبلا إذا استمرت الظروف الحالية. 

بالمقابل يقول الكاتب إن تجارة المخدرات، التي يرعاها ويحميها النظام، مستمرة على قدم وساق، حيث يتم تصدير ما قيمته مليارات الدولارات من حبوب الكبتاغون المخدرة عبر المنطقة، باستخدام طرق التهريب المحلية والإقليمية والعالمية عن طريق البر والبحر. 

وفي الواقع، يشير الكاتب إلى أن معدل أنشطة التهريب، التي يسهلها النظام على الحدود الأردنية، تضاعفت ثلاث مرات في الأشهر الـ 12 الماضية، في وقت أعلنت السلطات السعودية هذا الأسبوع ضبط شحنة من الكبتاغون بقيمة 75 مليون دولار بالتزامن مع إعلان البلاد تعيين سفير جديد لها في الرياض.

ولم تستمر تجارة المخدرات التي يمارسها النظام فحسب، بل تنوعت لتشمل الآن مادة الكريستال وكذلك تهريب الأسلحة بواسطة الطائرات المسيرة ومجموعات مهربين مدججين بالسلاح ومرتبطين بإيران ووكلائها في المنطقة.

ويرى الكاتب أن الملف السوري لم يحظ باهتمام كبير في الولايات المتحدة خلال السنوات القليلة الماضية، على الرغم من أن إدارة الرئيس جو بايدن شجعت بهدوء عودة العلاقات العربية مع سوريا ومنعت الكونغرس فعليا من المضي قدما في تشريع قانون مكافحة التطبيع مع نظام الأسد. 

الأسد "مستمع" في القمة العربية.. ماذا وراء ذلك؟ بحضوره قمة البحرين يكون رئيس النظام السوري، بشار الأسد جلس للمرة الثانية على "كرسيه العربي" منذ إعادة العضوية لدمشق في الجامعة العربية، وبينما يقتصر حضوره على "الاستماع" كما ذكرت صحيفة شبه رسمية تثار تساؤلات عما قدمه خلال الأشهر الماضية، على سكّة التطبيع العربي.

ويبين الكاتب أن واشنطن رغم أنها تعارض التطبيع من الناحية النظرية، إلا أنها لم تفعل شيئا يذكر لوقفه.

وفي ظل الوضع الحالي، من المقرر أن ينتهي مفعول قانون "قيصر" لحماية المدنيين في سوريا في ديسمبر المقبل مالم يتم تجديد العمل به من قبل الكونغرس، وبدونه يلفت الكاتب إلى أن الحكومات والكيانات في جميع أنحاء العالم ستكون حرة في المشاركة والاستثمار في نظام الأسد.

في نهاية المطاف، وبعد أكثر من 13 عاما، يقول الكاتب إن الأزمة السورية لا تزال دون حل تماما، في حين أصبحت الظروف داخل البلاد أسوأ من أي وقت مضى ــ وتستمر في التدهور.

كذلك فشلت الجهود الإقليمية الرامية إلى دفع الأمور إلى الأمام "فشلا ذريعا لأنها كانت مدفوعة بافتراضات خاطئة: بحسب الكاتب.

ويضيف أن "هذا لا يعني أن الطرق الدبلوماسية عديمة الفائدة، ولكنها لن تنجح إذا تم منح النظام السلطة دون قيد أو شرط منذ البداية".

بالتالي يشدد الكاتب أن سوريا بحاجة لجهود جماعية وإرادة دولية جادة واهتمام أميركي للخروج من أزمتها الكارثية".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الکاتب أن فی سوریا إلى أن

إقرأ أيضاً:

أكثر من 30 طفل قتلوا في سوريا.. و5 آلاف قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري

وثقت منظمة حقوقية مقتل أكثر من 30 ألف طفل سوري منذ 2011، فيما لا يزال أكثر من خمسة آلاف طفل قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري.

ويسلط التقرير السنوي الثالث عشر للشبكة السورية لحقوق الإنسان حول الانتهاكات ضد الأطفال في سوريا؛ الضوء على "الانتهاكات الجسيمة بحق الأطفال" خلال عام 2024، حيث شملت هذه الانتهاكات القتل، والإصابات الخطيرة، والتشويه، والتجنيد القسري، والاعتقال التعسفي، والاختفاء القسري، والتعذيب، والعنف الجنسي. كما شملت الانتهاكات الحرمان من التعليم والخدمات الصحية الأساسية.


وأكد التقرير، الذي يتكون من 39 صفحة، أن" الأطفال في سوريا واجهوا تصاعدا كبيرا في حجم ونوعية الانتهاكات الجسيمة من قبل جميع أطراف النزاع. وأسهمت هذه الانتهاكات في خلق بيئة غير آمنة تهدد أبسط حقوق الأطفال الأساسية وحياتهم اليومية".

ووثق التقرير مقتل ما لا يقل عن 30,293 طفلا منذ آذار/ مارس 2011، منهم 225 طفلا قضوا جراء التعذيب، بينما لا يزال 5,298 طفلا قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري.

ومن بين الضحايا الأطفال، 23,058 طفلا قتلوا على يد قوات النظام السوري، فيما قتل 2059 طفلا على يد القوات الروسية، و1010 أطفال على يد جميع فصائل المعارضة المسلحة، و959 على يد تنظيم داعش، كما قتل 927 على يد قوات التحالف الدولي، و274 على يد قوات سوريا الديمقراطية، و76 على يد هيئة تحرير الشام، فيما قتل 1930 على يد جهات أخرى.

ووثق التقرير وفاة 225 طفلا بسبب التعذيب في مراكز الاحتجاز لتابعة لجميع الأطراف في سوريا، بينهم 216 طفلا على يد قوات النظام السوري

وأشار التقرير إلى مسؤولية النظام السوري عن 3702 حالة اعتقال أو اختفاء قسري للأطفال، و859 أطفال على يد قوات سوريا الديمقراطية.

وإلى جانب ذلك، تعرضت ما لا يقل عن 1714 مدرسة ورياض أطفال في سوريا تعرضت للاعتداءات منذ آذار/ مارس 2011 وحتى 20 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، منها 1270 على يد قوات النظام السوري، و222 على يد القوات الروسية.

وسجل التقرير ما لا يقل عن 2395 حالة تجنيد للأطفال في سوريا خلال الفترة ذاتها، منها 1493 حالة على يد قوات النظام السوري، و701 على يد قوات سوريا الديمقراطية.

وأشار التقرير إلى قيام النظام السوري بتسجيل مختفين قسريا كمتوفين في السجلات المدنية دون تقديم أي توضيحات بشأن سبب الوفاة أو تسليم الجثث إلى ذويهم. وخلال عام 2024 تم تسجيل ما لا يقل عن 50 طفلا مختفيا قسريا كمتوفين بين عامي 2018 و2024.

ووثق التقرير تعرض الأطفال المحتجزين لدى النظام السوري لأنماط متعددة من العنف الجنسي، "الذي يعد أحد أكثر أشكال التعذيب قسوة". وتشمل هذه الانتهاكات التعرية القسرية، والضرب على الأعضاء التناسلية، والتحرش، والاغتصاب، إضافة إلى العنف اللفظي والنفسي. وأوضح التقرير أنَّ توثيق هذه الانتهاكات يواجه تحديات كبيرة بسبب خوف الضحايا من التحدث عمّا تعرضوا له، "ومع ذلك، تمكنت الشَّبكة من توثيق 539 حالة عنف جنسي ضد الأطفال منذ عام 2011".


كما كشف التقرير عن سياسة منهجية تتبعها قوات سوريا الديمقراطية لتجنيد الأطفال، حيث يتم استخدامهم كجزء أساسي من قواتها العسكرية تحت إشراف حزب العمال الكردستاني. وأشار إلى أنَّ وحدات حماية الشعب الكردية، التي تأسست في 2012، قامت بتوسيع عمليات التجنيد بشكل كبير لتشمل معظم المناطق الخاضعة لسيطرتها، بحسب التقرير.

مقالات مشابهة

  • فواصل تراثية.. عرض فني راقص يحتفي بالتنوع الثقافي السوري
  • الجنائية الدولية تطالب الأعضاء بالتعاون لاعتقال نتانياهو وغالانت
  • بيريز يكشف عن الدول التي لم تصوت لفينيسيوس
  • هل انتهى عهد ريادة نظام آبل المتكامل؟
  • الكاتب المعروف بوعلام صنصال يفضح النظام الجزائري أمام العالم والرئيس الفرنسي يطالب بمعرفة مصيره
  • وزير الخارجية السوري يلتقي المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا في دمشق
  • هاكان فيدان يكشف كواليس الموقف السوري تجاه القصف الإسرائيلي
  • حين يتكلم الأسد عن المقاومة
  • 30 ألف طفل قتلوا في سوريا منذ 2011.. و5 آلاف معتقل أو مختف قسري
  • أكثر من 30 طفل قتلوا في سوريا.. و5 آلاف قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري