في حادثة جديدة تضاف إلى سلسلة الانتهاكات المستمرة، شن الجيش الجزائري قصفاً على منقبين عن الذهب من المحتجزين الصحراويين في منطقة « إكيدي » جنوب مخيم الداخلة بالتراب الجزائري، مما أسفر عن مقتل العديد منهم. بالنسبة لمحمد بنطلحة الدكالي، مدير المركز الوطني للدراسات والأبحاث حول الصحراء، فإن هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها، حيث شهدت المنطقة قبل سنوات إحراق شابين صحراويين على يد الجيش الجزائري، واليوم يُستأنف هذا النهج بالقتل الممنهج لأناس عُزّل يحتجزهم الجيش الجزائري غصباً عنهم.

تفاصيل أخرى في هذا الحوار.

سؤال: شن الجيش الجزائري قصفا على منقبين عن الذهب من المحتجزين الصحراويين على مستوى منطقة » إكيدي » جنوب مخيم الداخلة فوق التراب الجزائري، وهو ما أسفر عن مقتل العديد من هؤلاء المنقبين، ما تعليقكم على هذا الموضوع؟

بنطلحة الدكالي: يجب التذكير في البداية على أن هذه المنطقة نفسها شهدت منذ سنوات حادثة إحراق شابين صحراويين وهما أحياء على أيدي عناصر من الجيش الجزائري، واليوم يتواصل هذا القتل الممنهج بارتكاب مجزرة في حق أناس عزل يحتجزهم غصبا عنهم، ذنبهم أنهم ضاقوا ذرعا بضنك الحياة والجوع والقهر والتسلط فخرجوا يبحثون عن لقمة العيش المر، لكن للأسف كان القتل بدم بارد ينتظرهم من طرف النظام العسكري الجزائري.

إننا أمام جريمة كاملة الأركان ضد الإنسانية، مما يستدعي تحريك آليات المتابعة الجنائية الدولية لانتهاكها لمقتضيات القانون الدولي الإنساني، وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1944 التي تمثل مرجعية أساسية لضمان حماية المدنيين المحتجزين بمخيمات تندوف، كما يمكن للمحاكم الوطنية للدول الأطراف في اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية والتي تأخذ بمبدأ الاختصاص الوطني الشامل، محاكمة هؤلاء الجنود الجزائريين بسبب ارتكابهم لجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب المنصوص عليها في المادة الخامسة من النظام الأساسي لاتفاقية المحكمة الجنائية الدولية.

ونجد أن مسؤولية الجزائر ثابثة بموجب القانون الدولي الإنساني طبقا للمادة 146 من اتفاقية جنيف الرابعة، حيث يلزم على الدول الأطراف أن تحيل المتهمين بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب فوق أراضيها إلى محاكم وطنية أو تسليمهم، كما أن المادة 73 من البرتوكول الإضافي الأول تذهب إلى أبعد من ذلك وتمنح المدنيين وضعية خاصة، أي أنهم يتمتعون بالحماية الإنسانية التي تضمنها مقتضيات القانون الدولي الإنساني من طرف الدولة المضيفة أو دولة الإقامة في كل الظروف وبدون أي تمييز.

سؤال: ما هي مسؤولية منظمة الأمم المتحدة والهيئات الدولية في مثل هكذا حالات؟

بنطلحة الدكالي: في 17 دجنبر 2018، وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على الميثاق العالمي بشأن اللاجئين. وقد عبرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن قلقها إزاء الاستخدام المتزايد لاحتجاز النازحين، وهي تسعى إلى معالجة هذه الممارسات من خلال استراتيجيتها العالمية « ما وراء الاحتجاز »، التي تهدف إلى دعم الحكومات لجعل احتجاز طالبي اللجوء ممارسة استثنائية بدلاً من أن تكون عادية.

إن إخضاع هؤلاء اللاجئين للاختطاف والحجز غصبا عنهم يعد مسا بحقوق الفرد في الحرية والأمان وحرية التنقل، لأن الاحتجاز يجب أن يتم وفقا للقانون وبتصريح منه وأن توضع في الاعتبار الظروف والاحتياجات الخاصة لكل فرد من طالبي اللجوء، ووجوب خضوع قرارات الاحتجاز أو قرارات تمديدها لحد أدنى من الضمانات الاجرائية، كما أن الاحتجاز لأجل غير مسمى يعد تعسفا ويتوجب أن ينص القانون على الحدود القصوى للاحتجاز.

لذا يجب وجوب خضوع الاحتجاز للرقابة والفحص المستقلين، طبقا للمبادئ التوجيهية للمعايير والقواعد المطبقة الخاصة باحتجاز طالبي اللجوء التي تؤكد عليها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وكذلك المادة 35 من اتفاقية 1951 المتعلقة بوضع اللاجئين، وكما تنص على ذلك أيضا المادة الثانية من بروتوكول 1967 وكذا المعايير والأسس المطبقة الخاصة باحتجاز طالبي اللجوء، فبراير 1999.

في هذا الإطار يمكن أن نتحدث عن الوضع المأساوي واللاإنساني للصحراويين المحتجزين قسرا في مخيمات تندوف بالجزائر، حيث تعرضوا للاختطاف في ظل عملية غير أخلاقية ودنيئة، بغرض استغلالهم كأداة للابتزاز السياسي. حيث تشير التقارير الحقوقية الصادرة عن منظمات دولية تعنى بحقوق الانسان الى أن المحتجزين يعيشون أوضاعا انسانية مزرية وكذلك الحرمان من كافة الحقوق الأساسية ويمنع عليهم حرية العودة الى بلدهم المغرب كما أنهم ممنوعون من حرية التنقل داخل التراب الجزائري الذي يحتجزون فيه، بل ان الجيش الجزائري يقيم نقاط مراقبة وتفتيش على كل منافذ المحتجز.

لقد كشف تقرير للجنة الأمريكية لشؤون اللاجئين والمهاجرين صدر في 2010 عن تورط قادة البوليساريو الانفصالية في قضايا يجرمها القانون الدولي تتمثل في الاستغلال والعنف الجنسي والتعذيب والتجارة في الأطفال، ونهب المساعدات الانسانية وبيعها في أسواق الجزائر ومالي وموريتانيا، كما أن العديد من التقارير أشارت الى عملية الترحيل القسري للأطفال الى كوبا من أجل غسل الدماغ والتدريب على السلاح في غياب المراقبة من قبل الدولة المضيفة لمخيمات المحتجزين ألا وهي الجزائر، بل انها تغض الطرف عن كل أنواع البطش والتنكيل والتشريد التي تطال المحتجزين بل انها تتم بدعم وتزكية من طرف النظام الحاكم في الجزائر، لذا وجب على هيئة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي فك الحصار عن هؤلاء المحتجزين وتمكينهم من حرية العودة الى وطنهم المغرب.

إن الحق في الحياة لدى المحتجزين في مخيمات تندوف أصبح مهددا حيث نجد أن دوريات تابعة للجيش الجزائري وفي إطار صمت دولي مازالت تتمادى في أفعالها الوحشية والرعناء، وتطلق النار على كل من حاول الهروب أو خرج للبحث عن مورد رزقه، بل ان أعمالها العدوانية قد طالت حتى الأطفال، حيث قتل الطفل اعبيدات ولد بلال وهو يحاول البحث عن كسب قوته، وهذا ما يشكل وضعا غير مسبوق في القانون الدولي.

إننا نطالب منظمة الأمم المتحدة والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، بتمكين هؤلاء المحتجزين من حقوقهم وحمايتهم من أية انتهاكات، علما أن كل هذه الجرائم لا يطالها التقادم بموجب القانون الدولي الانساني.

زيادة على هذا الوضع الكارثي واللاانساني، نجد أن المغرب مازال يصر على ضرورة إحصاء ساكنة مخيمات تندوف، لمعرفة الصحراويين من غيرهم من الأصول الأخرى. كما أن مجلس الأمن الدولي يطالب منذ سنوات بالسماح للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بإحصاء ساكنة مخيمات تندوف لأنها تبقى حالة نشاز في العالم التي لم يسمح للمفوضية الأممية بالتدخل فيها لإحصاء السكان ومعرفة عددهم الحقيقي حتى لا يبقى هؤلاء المحتجزون مجرد أصل تجاري تستغل مأساتهم من أجل استجداء المساعدات الدولية ووسيلة ضغط لإطالة هذا النزاع المفتعل الذي يضرب عرض الحائط بكل مواثيق القانون الدولي الانساني.

عن موقع 360

المصدر: مراكش الان

كلمات دلالية: بنطلحة الدکالی القانون الدولی لشؤون اللاجئین الجیش الجزائری للأمم المتحدة طالبی اللجوء مخیمات تندوف کما أن

إقرأ أيضاً:

اللجنة الدائمة لحقوق الإنسان: التوازن بين الجنسين والمساواة أولوية وطنية بالإمارات

أعربت اللجنة الدائمة لحقوق الإنسان عن ترحيبها بتصريح ريم السالم المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالعنف ضد النساء والفتيات خلال زيارتها للدولة، مؤكدة أن هذا التصريح يعكس الجهود الحثيثة التي تبذلها الإمارات العربية المتحدة لتحقيق التوازن بين الجنسين والمساواة، والتي تعتبر أولوية وطنية.

وأشارت اللجنة إلى أن هذه النتائج والإنجازات تعكس توجيهات القيادة الرشيدة والتي تؤمن بأن التنمية والنجاح أساسهما الاستثمار في الإنسان، وأن تمكين المرأة هو تمكين للمجتمع وضرورة للتقدم والتنمية لبناء مستقبل أكثر ازدهاراً للجميع.
وفي هذا الصدد، أكدت اللجنة على الإنجازات النوعية التي حققتها دولة الإمارات في مجال تمكين المرأة، والتي عززت من مكانتها الدولية، حيث تصدرت إقليمياً وحلت السابعة عالمياً في مؤشر المساواة بين الجنسين لعام 2024، مشيرة إلى أن هذه النتائج تعكس التزام الدولة بتعزيز حقوق المرأة والفتيات، وبتوفير بيئة داعمة لمساهمتهن في مختلف الأصعدة.
وأوضحت اللجنة، أن دولة الإمارات تعتبر موطناً لأكثر من 200 جنسية يعيشون على أرضها وينعمون بالحياة الكريمة والاحترام المتبادل، في ظل قوانين تضمن للجميع المساواة والعدل، ما يساهم في تحقيق بيئة شاملة تدعم حقوق الجميع.
وأكدت اللجنة الدائمة لحقوق الإنسان، التزام الإمارات العربية المتحدة بتعزيز الجهود والتعاون مع المنظمات الدولية لتحقيق المزيد من التقدم في مجال حقوق الإنسان.

مقالات مشابهة

  • د. عصام محمد عبد القادر يكتب: احترام حقوق الإنسان تسهم في بناء الكيان
  • «حقوق الإنسان» ترسل فريقاً إلى سوريا الأسبوع المقبل
  • الإمارات ترحب بتصريح المقررة الأممية المعنية بالعنف ضد النساء
  • اللجنة الدائمة لحقوق الإنسان: التوازن بين الجنسين والمساواة أولوية وطنية بالإمارات
  • الأمم المتحدة ترسل فريقاً لسوريا الأسبوع المقبل
  • «قضاء أبوظبي» تنظم منتدى حول «دور القانون في حماية حقوق الإنسان»
  • قضاء أبوظبي تنظم منتدى حول "دور القانون في حماية حقوق الإنسان"
  • “قضاء أبوظبي” تنظم منتدى حول “دور القانون في حماية حقوق الإنسان”
  • قناة “الجزيرة” أداة قطرية لإخفاء القمع الداخلي والتغطية على انتهاكات حقوق الإنسان
  • خالد البقلي: مصر ملتزمة بتقاريرها الدولية تجاه ملف حقوق الإنسان