الخارجية والأمم المتحدة: سجل مصر حافل خلال 76 عاما من عمليات حفظ السلام
تاريخ النشر: 30th, May 2024 GMT
كتب السفير أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي بإسم وزارة الخارجية ومدير إدارة الدبلوماسية العامة وإلينا بانوفا، المُنسقة المُقيمة للأمم المتحدة في مصر مقالا مشتركا بعنوان "نحو عمليات حفظ سلام أممية أكثر فعالية وملائمة لتحديات المستقبل.. تأملات في 76 عاما من عمليات حفظ السلام.. وسجل مصر الحافل".
وجاء نص المقال المشترك: بينما نُحيى الذكرى السنوية السادسة والسبعين لعمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام، فإننا نطالع صفحات مُشرفة من تاريخ طويل، حفر سطورها أكثر من مليون من حفظة السلام الذين خدموا تحت علم الأمم المتحدة فى أكثر من 70 عملية لحفظ السلام فى أربع قارات، منذ نشأة عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام فى عام 1948.
ولقد عمل أصحاب الخوذات الزرقاء على مدى العقود السبعة المُنصرمة، من دون كلل من أجل تخفيف حدة النزاعات وحماية المدنيين وتوفير الضمانات الأمنية الأساسية، والاستجابة للأزمات وتسهيل الانتقال إلى السلام المستدام فى بعض من أكثر البيئات صعوبة حول العالم. وهم بذلك قد أسهموا فى مساعدة البلدان على طى صفحات الصراع وبدء مسار نحو التنمية المستدامة، حتى ولو ظلت بعض التحديات الكبيرة ماثلة أمام جهود بناء السلام.
ولقد كانت مصر داعمًا أساسيًا لجهود الأمم المتحدة لحفظ السلام، إذ أسهمت بقوات من الجيش والشرطة وأفراد مدنيين وخبراء فى عديد من البعثات فى أنحاء المعمورة. كما حفرت مصر سجلا مُبهرا على صعيد إنجازات عمليات حفظ السلام على مدى أكثر من 60 عاما. وهى بذلك تُعد واحدة من الدول الأساسية التى جعلت نجاح عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام ممكنًا.
فمنذ العام 1960، عندما أرسلت مصر قواتها إلى عمليات الأمم المتحدة فى الكونغو، خدم ما يزيد على 30 ألفًا من حفظة السلام المصريين فى 37 بعثة لحفظ السلام فى 24 دولة. وباعتبارها واحدة من كبريات الدول التى تساهم بقوات نظامية فى عمليات حفظ السلام، تنشُر مصر حاليًا 1602 من حفظة السلام من النساء والرجال المصريين فى عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام فى جمهورية الكونغو الديمقراطية والسودان وجنوب السودان والصحراء الغربية.
وعلى قدر ذلك السجل الحافل من الإنجازات المصرية على مستوى عمليات حفظ السلام على مدى أكثر من 60 عاما من وجودها، على قدر ما كانت تضحيات مصر عظيمة، إذ جاد 60 من أصحاب الخوذات الزرقاء الشجعان من مصر بأرواحهم فى سبيل السلام.
إن هذه الخدمة والتضحية هى محل تقدير واعتراف العالم، وقد تجسد ذلك فى إعادة انتخاب مصر كمقرر خاص للجنة الأمم المتحدة الخاصة لعمليات حفظ السلام وانتخابها مؤخرًا كرئيس لمفوضية الأمم المتحدة لبناء السلام. وفضلا عن هذا، فإن اعتماد خارطة طريق القاهرة المعنية بتعزيز عمليات حفظ السلام اتساقًا مع توجه الاتحاد الإفريقى، يُظهر القيادة القوية لمصر فى هذا المجال.
وفى ظل ما نشهده فى عالمنا اليوم من تعقيدات وبيئة أمنية لا تنفك تتغير، فإننا أحوج ما نكون اليوم إلى إيجاد تعاون متعدد الأطراف يتسم بالفعالية. فالصراعات تنشأ بين الفينة والأخرى، مع عواقب إنسانية مدمرة فى كثير من الأحيان. كذلك، فإن بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام تواجه تهديدًا متناميًا وغير مسبوق، من جراء تسليح الأدوات الرقمية، وانتشار خطاب الكراهية، والمعلومات المضللة والتضليل، مما يقوض العمل الحيوى الذى يضطلع به حفظ السلام، ويتسبب فى تغذية العنف ضد أفراد حفظ السلام والشركاء والمجتمعات.
ومن خلال مركز القاهرة الدولى لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام، أضافت مصر صوتًا قياديًا من الجنوب العالمى حول طيف واسع من الموضوعات، بما فى ذلك منع وتسوية النزاعات وحفظ السلام وبناء السلام. وينفرد مركز القاهرة الدولى لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام بكونه مركز تميز للاتحاد الإفريقى، ومركز التدريب المدنى الوحيد على قضايا السلم والأمن. ومن خلال شراكة فعالة مع أسرة الأمم المتحدة فى مصر، بات المركز ركيزة لتعزيز الحوار وجهود التفاوض والوساطة، والإنذار المبكر والاستجابة وإدارة الأزمات فى إفريقيا والعالم العربى.
ومع تطور عمليات حفظ السلام لتعكس احتياجات المجتمعات السكانية التى تخدم فيها، فقد باتت النساء تضطلعن بدور متزايد فى أسرة حفظ السلام – ومن ثم يُسهمن فى زيادة فعاليتها. وهو مجال لمصر فيه أيضا دور فعال، إذ تُعتبر حافظات السلام المصريات - حاليا، يخدم 102 منهن فى خمس بعثات لحفظ السلام فى أنحاء إفريقيا - نماذج يُحتذى بها أينما شاركن فى مهمات حفظ السلام.
اختارت الأمم المتحدة موضوعًا للاحتفال باليوم الدولى لحفظة السلام التابعين للأمم المتحدة لهذا العام، «ملائمة متطلبات المستقبل، البناء معا على نحو أفضل»، وهو موضوع يُشير إلى أهمية أن تمتلك عمليات حفظ السلام القدرة على التكيف مع التغيرات التى طرأت على البيئات السياسية وطبيعة الصراعات والتى باتت أكثر تعقيدا وتداخلا.
وكما يقول الأمين العام للأمم المتحدة، السيد أنطونيو جوتيريش، «لكى يتمكن حفظة السلام الأمميون من الاستجابة لتحديات اليوم والغد، فهم بحاجة إلى دعم العالم»، وعلى هذا النحو، فلن يتسنى للدول معالجة مسألة منع الصراعات وحلها بطريقة شاملة ومستدامة من دون وضع رؤى الشباب فى الاعتبار عند التخطيط وصناعة القرار. ويُعد قرار مجلس الأمن الدولى رقم 2250، حول الشباب والسلام والأمن علامة فارقة فى اعترافه بأهمية دور الشباب فى منع وحل الصراعات.
وفضلا عن هذا، فإن أزمة المناخ تشكل تهديدا متناميا للسلم والأمن الدوليين، مع ارتفاع مستويات سطح البحر وموجات الجفاف والفيضانات وغيرها من الأحداث المناخية، وهى تسلط الضوء على الحاجة لامتلاك عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام القدرة على التكيف وتخفيف خطر الصراعات الناشئة بفعل تغير المناخ. وعلى رغم المساهمة التى لا تكاد تُذكر لإفريقيا فى الاحتباس الحرارى العالمى، إلا أن القارة السمراء تواجه على نحو غير متناسب أسوأ آثار تغير المناخ.
ولقد كان للمبادرة الرائدة لرئاسة الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، فى شرم الشيخ، بمصر COP27، والتى جاءت بعنوان «الاستجابات المناخية من أجل السلام المستدام» CRSP السبق فى هذا السياق، إذ قادت النقاش حول إمكانية أن يفاقم تغير المناخ من مخاطر العنف والصراع وغيرها من أوجه الضعف الوطنية، وكذلك الحاجة إلى مقاربة شاملة متعددة الوجوه لتلك المسائل. كما نقلت مصر هذه المبادرة إلى آفاق أكثر رحابة عبر إطلاق منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين.
هذا المنتدى السنوى المهم، والذى ينعقد هذا العام فى 2-3 يوليو فى القاهرة، يُتيح منصة هى الأولى من نوعها فى إفريقيا لمعالجة الروابط بين السلام والتنمية وتعزيز الحلول الأفريقية ومقاربة بناء السلام من منظور مناخى.
واليوم، وبينما نُحيى اليوم الدولى لحفظة السلام التابعين للأمم المتحدة لهذا العام، تُذكّرنا هذه المناسبة بأن حاجتنا إلى تجديد التزامنا المشترك بمزيد من العمل لتعزيز حلول سياسية للصراعات لم تكن أكثر إلحاحا مما هى عليه الآن. وبحسب تعبير الأمين العام للأمم المتحدة، فإن «عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام هى مشروع لافت لتعددية الأطراف والتضامن الدولى».
فى سبتمبر، ستجتمع الدول الأعضاء فى قمة المستقبل حيث سيعملون على صياغة استجابتنا الجماعية للتهديدات العالمية الناشئة. وسيكون على عاتق الدول الأعضاء خلال هذا الاجتماع المُهم مسؤولية تعزيز العمل متعدد الأطراف وتوحيد الجهود من أجل أن تكون عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام أكثر فعالية وخاضعة للمساءلة وشاملة، فى ضوء ما ورد بـ«خطة جديدة للسلام» وهى رؤية الأمين العام للأمم المتحدة لكيفية تعزيز الجهود متعددة الأطراف من أجل السلام استنادًا إلى القانون الدولى، فى لحظة انتقالية يعيشها العالم.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الخارجيه مصر القاهره المصري وزارة الخارجية دبلوماسي الدبلوماسية الأمم المتحدة حفظ السلام عملیات حفظ السلام للأمم المتحدة حفظ السلام ا حفظة السلام تغیر المناخ من الدول أکثر من من أجل
إقرأ أيضاً:
الخارجية: نستغرب من انجرار أمين عام الأمم المتحدة وراء الأهداف الأمريكية لتسييس العمل الإنساني
الثورة نت/..
عبرت وزارة الخارجية والمغتربين عن استغرابها لانجرار الأمين العام للأمم المتحدة وراء الأهداف الأمريكية لتسييس العمل الإنساني كأحد أدوات الضغط على الحكومة اليمنية.
وأوضحت وزارة الخارجية في بيان أن الأكثر غرابة يتمثل بإعلان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غويتريش بإصدار بيان في العاشر من فبراير الماضي، أعلن فيه تعليق عمليات وبرامج المساعدات الإنسانية في محافظة صعدة.
وقالت “مع ما يمثله هذا الإعلان من تقصّد لعقاب منطقة بعينها تعد من أكثر المحافظات اليمنية تضررًا واستهدافًا من قبل عدوان التحالف سابقًا بقيادة السعودية الذي أعلن محافظة صعدة منطقة عسكرية، مستهدفا كل أبناء المحافظة في عملية تجويع مميت، والأكثر تضررًا جراء العدوان الأمريكي في الفترة الحالية والذي ما يزال قائما وبوتيرة متصاعدة”.
وفيما ندد البيان بالقرار غير الإنساني المنتهك لكافة القوانين الإنسانية، اعتبر ذلك موقفًا عدائيًا غير مقبول، وبالذات حين يكون صادرًا من أعلى مسؤول في الأمم المتحدة وهو ما لا يمكن تبريره تحت أي مسمى، نظرًا للتبعات الخطيرة التي طالت الجميع بالإضافة إلى المواطنين المشمولين بالمعونات الغذائية، وتأثيره على الجوانب الصحية المتمثلة بالخدمات الصحية في مختلف مستشفيات المحافظة، ما قد يعرض آلاف المرضى للموت ومنهم المستهدفون من المهاجرين غير الشرعيين بنيران حرس الحدود السعودي.
وأشار البيان إلى أن وزارة الخارجية حاولت ثني الأمم المتحدة ممثلة بأمينها العام عن استمرار سريان القرار الذي يُضاعف من الحصار منذ صدوره وكان تتويجًا لعمليات تقليص لكافة المساعدات وإلغاء كثير منها والاقتصار على ماله علاقة بالمساعدات المنقذة للحياة، منذ اتخذت القيادة اليمنية قرار مساندة مظلومية غزة ورفض حرب الإبادة التي طالت أبناءها وفق معادلة وقف التوتر في البحر الأحمر مقابل وقف حصار وحرب إبادة المدنيين في غزة.
وجددّت وزارة الخارجية إدانتها لاستخدام المساعدات الإنسانية بغرض فرض ضغوط سياسية، مؤكدة ضرورة التراجع عن كل القرارات المتخذة بهذا الخصوص أو الكف عن استمرار استجلاب أموال الداعمين بدعوى إنقاذ الأعمال الإنسانية في اليمن.