ترهيب ووعيد وفوضى.. الجولاني يطبّق قواعد الأسد في إدلب السورية
تاريخ النشر: 30th, May 2024 GMT
لم يجد القائمون والمشاركون في الحراك السلمي بمحافظة إدلب السورية اختلافا في السلوك الذي اتبعته "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقا) ضدهم عن ذاك الذي طبّقه نظام الأسد وقواته الأمنية في عموم البلاد، عندما اندلعت المظاهرات السلمية مطلع أحداث الثورة السورية.
وبعدما عبّروا عن ذلك بمناشير عبر مواقع التواصل الاجتماعي ولافتات وشعارات أطلقوها في عدة مدن وبلدات وقرى يقول البعض منهم لموقع "الحرة" إنهم باتوا أمام "مرحلة مخيفة" لا يلوح في أفقها سوى "العصا الأمنية".
واتجه "جهاز الأمن العام" التابع لـ"تحرير الشام"، التي يتزعمها أبو محمد الجولاني المصنف على قوائم الإرهاب، خلال الأيام الماضية، إلى اتباع أسلوب "الوحشية والترهيب" في التعاطي مع الاحتجاجات الشعبية المستمرة منذ 3 أشهر.
وفي أعقاب تصدي الجهاز الأمني المذكور للمتظاهرين بالعصي والسلاح والسيارات المدرعة قبل أسبوع وعلى مداخل مدينة إدلب بدأت قواته قبل أيام حملة أمنية، اعتقلت بموجبها قائمين على الحراك ومتظاهرين سلميين.
وجاء ذلك بعد سلسلة تهديدات أطلقها قادة عسكريون وأمنيون في "تحرير الشام"، وآخرون ضمن "وزارة الداخلية" التابعة لـ"حكومة الإنقاذ السورية"، التي تتهم بتبعيتها المباشرة لـ"الجولاني" منذ الإعلان عن تشكيلها قبل سنوات في إدلب.
كما ترافقت التهديدات مع تصريحات وضعت الحراك السلمي في نطاق "الفوضى وتعطيل الحياة العامة"، وذهبت أخرى باتجاه اعتبار الاحتجاجات أنها "تجر المنطقة إلى المجهول، وتشق الصف وتضيّع ما بذل من جهد لبناء المؤسسات".
لماذا ينتفض السكان في إدلب؟الولايات المتحدة الأميركية عبّرت يوم الأربعاء عن دعمها لحقوق جميع السوريين في حرية التعبير والتجمع السلمي، بما في ذلك محافظة إدلب، التي يقطن فيها أكثر من 4 ملايين نسمة، يقيم نصفهم في المخيمات الواقعة على الحدود.
وفي بيان نشرته على موقع التواصل "إكس" استنكرت السفارة الأميركية في سوريا "أسلوب الترهيب والوحشية الذي تمارسه هيئة تحرير الشام على غرار النظام ضد المتظاهرين السلميين، وهم يطالبون بالعدالة والأمن واحترام حقوق الإنسان".
المحتجون كانوا خرجوا لأول مرة إلى الشوارع في يوم 27 من فبراير الماضي، وبدأوا بالتدريج يوسعون رقعة المظاهرات، حتى باتت تعم مناطق محافظة إدلب، ما دفع "تحرير الشام" إلى اتباع أسلوب "الترهيب"، وفق القائمين على الحراك.
ويقول الناشط، أدهم دشرني، لموقع "الحرة" إن المناطق الرئيسية المشتعلة هي: مدينة إدلب، بنش، تفتناز، الفوعة، أريحا، جسر الشغور، سلقين، دركوش، الدانا، سرمدا، حزانو والأتارب في ريف حلب الغربي.
ويضيف أنها الأبرز والأكبر في شمال غرب سوريا، الذي تسيطر "تحرير الشام" على القسم الأعظم منه، عسكريا وإداريا.
ويوضح الناشط أن المطالب التي ينادي بها المتظاهرون "واضحة" وتذهب باتجاه "إسقاط الجولاني" وتشكيل "مجلس شورى حقيقي" من كافة شرائح المجتمع المدني والعسكري.
كما يطالب المحتجون بـ"الإفراج الفوري عن معتقلي الرأي، وكف يد جهاز الأمن العام التابع لهيئة تحرير الشام، ودعم المشاريع الزراعية والتخفيف من الضرائب، وعدم فرضها على المواد الأساسية مثل المحروقات والطحين".
أين يسير الحراك؟ورغم أن سلسلة احتجاجات سابقة خرجت ضد "الجولاني" والفصيل العسكري والأمني الذي يتزعمه في إدلب تختلف الحالية بأنها وصلت إلى نقطة لم يسبق وأن عاشتها المنطقة سابقا.
ويرى مراقبون في حديثهم لموقع "الحرة" أن ما تشهده "تحرير الشام" ومحافظة إدلب بالعموم قد يفضي إلى مرحلة "جديدة وجذرية" في آن واحد.
وينسحب ذلك على حجم المشاركة في الاحتجاجات ورقعتها الجغرافية، ومن ثم طريقة التعاطي الأمنية التي بدأت "تحرير الشام" بتطبيقها، ووصلت آخر فصولها إلى حد تنفيذ اعتقالات.
وطالت الاعتقالات، الأسبوع الماضي، إبراهيم دباس، من أحد مساجد حربنوش شمالي إدلب، وهو من الناشطين في الحراك، إضافة إلى، آدم سليمان، ورامي عبد الحق، ويحيى سيد يوسف، وسمهر شرفلي، وزكريا صنو، وعيسى عبد الحميد.
وأقرت "وزارة الداخلية" التابعة لحكومة "الجولاني" بالاعتقالات في بيان لها، وقالت إنها جاءت "وفق إذن من النائب العام"، مبررة الأسباب بأن الأشخاص "مارسوا إرهابا فكريا على المتظاهرين المحقين".
لكن "تجمع الحراك الثوري" في إدلب أوضح بعد ذلك أن المعتقلين لم تصدر عنهم دعوة واحدة للعنف أو استخدام السلاح.
وأضاف أنه لم يعرف عنهم إلا المظاهرات السلمية الحضارية، وأن تصريحات وزارة الداخلية تدل على "نية مبيتة" لاعتقال الناشطين في الحراك.
الطبيب محمد فاروق كشكش، أحد منسقي الحراك في إدلب يشير إلى أن "الحراك مستمر في الوقت الحالي ولو بأشكال جديدة في ضوء الظروف الأمنية المحيطة".
ويقول لموقع "الحرة" إن قائد "تحرير الشام"، الجولاني يتجه نحو التصعيد و"هذا قد يهدئ الحراك مرحليا لكن لن يوقفه".
كشكش يوضح أن أهم أهداف الحراك هو تحقيق العدالة المالية ورفع القبضة الأمنية وإطلاق معتقلي الرأي وإبعاد "الجولاني" عن الهيمنة على المقدرات بدون وجه حق.
ويؤكد أن "الجولاني لن يستطيع قمع الحراك أمنيا.. لأنه كلما قمعه زادت وتيرة الاحتجاجات".
وبوجهة نظر الناشط، أدهم دشرني، "لن يتوقف الحراك رغم القبضة الأمنية الحاصلة"، مردفا: "لأن الشعب لا يوجد شيء يخسره غير الخيمة!".
"الشعب قال كلمته على العلن (يسقط الجولاني وتسقط سياسة الرجل الواحد)"، كما يضيف المتحدث.
ويرى أن الاعتقالات التي حصلت كانت "أمرا متوقعا"، متابعا بالقول: "أي شخص يتظاهر ضد الجولاني يعتبر في وجهة نظرهم (تحرير الشام) مرتد ويجب محاسبته".
وتكون معظم الاعتقالات على الطرقات أو من خلال اقتحام المناطق.
وقد ألقي القبض على أحد الناشطين قبل أسبوع "لأنه رفع لافتة فقط في مدينة جسر الشغور بريف إدلب"، وفق الناشط دشرني.
"السيناريوهات مفتوحة"وتصنف الولايات المتحدة الأميركية "هيئة تحرير الشام" وقائدها "الجولاني" على قوائم الإرهاب.
وتظهر بيانات "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" أن "تحرير الشام" قتلت ما لا يقل عن 505 مدنيين منذ الإعلان عن تأسيس "جبهة النصرة" في سوريا في يناير 2012، وحتى نهاية عام 2021.
وتوضح أيضا أن ما لا يقل عن 2327 شخصا لا يزالون قيد "الاحتجاز التعسفي" أو الاختفاء القسري في سجونها.
وبينما يرى الباحث في شؤون الجماعات المتشددة، عرابي عرابي، أن السلوك الأمني الذي يتبعه "الجولاني" ضد الحراك متوقعا يشير إلى أنه "يعمد الآن على تفتيت صفوف المتظاهرين".
ويستند بذلك وفق حديث عرابي لموقع "الحرة" على "اللقاء بمكونات وإعطائها وعود بالإصلاح، ولقاء أخرى واتهامها بتفتيت المنطقة".
ويذهب بمسار ثالث أيضا يقوم على "تحريض العسكريين ضد عموم الحراك، وإشعارهم بأنهم أمام هجمة شديدة تستهدف مكاسبهم".
الجو العام وعدم تجاوب "تحرير الشام" لمطالب الحراك "يوحي بأن قائدها الجولاني حسم أمره، وأن ما قام به من إصلاح وتغييرات هو السقف الذي سيقوم به فقط"، حسب عرابي.
ويأتي ذلك بينما تستعد "تحرير الشام" لإصدار "قانون خاص بالتظاهر"، بهدف "منع وعرقلة الاحتجاجات بطرق شتى"، وفق "المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأضاف المرصد، الأربعاء، أن "جهاز الأمن العام في تحرير الشام أصدر قائمة سرية بأسماء المتظاهرين الذين يدعون للتظاهر لاعتقالهم والاعتداء عليهم دون مساءلة من قبل مرؤوسيهم، في محاولة لإجهاض الحراك".
وتضم القائمة 780 اسما، غالبيتهم في المنطقة الوسطى والغربية من إدلب.
ومن جهته يوضح الباحث عرابي أن "السيناريوهات ما تزال مفتوحة" بشأن مصير الحراك السلمي في إدلب، وطريقة التعاطي التي ستتبعها "تحرير الشام".
وبينما يتوقع أن يتجه الفصيل العسكري الذي يتزعمه "الجولاني" إلى تكريس القمع في مدة قريبة ما سينعكس على زخم الحراك بالصعود والهبوط لا يستبعد أن تسفك "الدماء" أو أن تنخرط جهات خارجية بالمشهد، مثل تنظيم داعش.
ومع ذلك يضيف أن "الصورة ضبابية ولا يمكن الجزم بأي شيء"، وأن "هبوط الحراك في أوقات وصعوده في أوقات أخرى قد يكون أقل سوءا من باقي السيناريوهات".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: تحریر الشام فی إدلب
إقرأ أيضاً:
مع حلول شهر رمضان المبارك.. استنفار شرطة المرور في مناطق إدلب لتنظيم حركة سير الآليات وتخفيف الازدحامات المرورية
مع حلول شهر رمضان المبارك.. استنفار شرطة المرور في مناطق إدلب لتنظيم حركة سير الآليات وتخفيف الازدحامات المرورية 2025-03-01SAMERسابق من أجواء اليوم الأول من شهر رمضان المبارك في مدينة حلبآخر الأخبار 2025-03-01التربية والتعليم تحدد ساعات الدوام اليومي بالمدارس خلال شهر رمضان المبارك 2025-03-01وزير الداخلية يتفقد قيادة شرطة حماة ويعقد اجتماعاً مع رؤساء الأقسام 2025-03-01مجلس مدينة حمص يواصل تنفيذ مشروعات خدمية بالتعاون مع المجتمع الأهلي ومنظمات دولية 2025-03-01وزير الاتصالات: نعمل على تطوير قطاع الاتصالات وتوفير أجود أنواع الخدمات 2025-03-01الرئيس الشرع يبارك للشعب السوري بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك 2025-02-28وزير الداخلية يبحث في اللاذقية الخطط المستقبلية لتعزيز العمل الشرطي وضبط الأمن 2025-02-28وزارة الصحة تعلن عن إطلاق حملة “أم الشهيد” لتقديم الرعاية والعمليات مجاناً 2025-02-28وزير الأوقاف يجتمع بمديري المديريات في الوزارة لمناقشة برامج وخطط خاصة بشهر رمضان 2025-02-28استرداد مبلغ 31,900 دولاراً مسروقاً من إحدى العائلات في إدلب 2025-02-28القاضي الشرعي الأول بدمشق يعلن غداً السبت أول أيام شهر رمضان المبارك
صور من سورية منوعات تيك توك تستأنف خدماتها في الولايات المتحدة بفضل ترامب 2025-01-20 الصين تطلق مجموعة جديدة من الأقمار الصناعية إلى الفضاء 2024-12-05فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة | أسعار العملات | رسائل سانا | هيئة التحرير | اتصل بنا | للإعلان على موقعنا |