تشهد محطة تحلية مياه البحر على شاطئ مدينة دير البلح (وسط قطاع غزة المحاصر) اكتظاظا غير مسبوق للنازحين الفلسطينيين الراغبين في تعبئة غالونات مياه صغيرة أو براميل كبيرة تحملها شاحنات وعربات تجرها الدواب.

ويضطر الكثير من النازحين في دير البلح أو منطقة المواصي غرب خان يونس (جنوب القطاع) إلى قطع مسافات طويلة سيرا على الأقدام والانتظار لساعات أمام المحطة حتى يتمكنوا من توفير كميات محدودة من المياه، فضلا عن قيام المؤسسات والجمعيات بتعبئة صهاريج كبيرة لتوزيعها على النازحين في مناطق النزوح البعيدة.

وتنقسم المواصي إلى منطقتين متصلتين جغرافيا، تتبع إحداهما محافظة خان يونس، وتقع في أقصى الجنوب الغربي من المحافظة، في حين تتبع الثانية محافظة رفح.

ويعاني سكان غزة عموما من أزمات إنسانية عديدة من بينها نقص حاد في المياه جراء قطع إسرائيل إمدادات الماء والوقود، واستهداف مرافق المياه والآبار في العديد من المحافظات، ضمن حربها المدمرة التي انطلقت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

معارك عديدة

ويقف الشاب الفلسطيني أحمد محمود أمام محطة التحلية الموجودة على شارع الرشيد الساحلي، تحت أشعة الشمس الحارقة، في محاولة للحصول على المياه عبر تعبئة غالون صغير.

ويقول محمود (34 عاما) "منذ بداية الحرب على قطاع غزة نعيش يوميا معارك عديدة من ضمنها معركة الحصول على المياه، فلا يمكن أن نستسلم أو نهزم فيها، لأن ذلك يعني تفاقم معاناتنا".

ويضيف "كل يوم أخرج صباحا لقضاء حاجاتنا، وتعبئة غالونات المياه العذبة والمالحة، والعودة لإشعال النار لطهي الطعام، لكن الحصول على المياه أصعب هذه المعارك وأشدها".

أما الشاب أنس قاعود، الذي نزح من حي الشيخ رضوان إلى مدينة دير البلح وسط القطاع، فيقول "نعاني من أزمة حادة في المياه منذ نزوح المواطنين من مدينة رفح، بسبب الكثافة السكانية في دير البلح، حيث لم يعد هناك متسع بعد أن نصب النازحون الخيام في كل مكان وشارع وزقاق".

ويوضح "المياه لم تكن تكفي لسكان دير البلح والنازحين إليها، لكن نزوح سكان رفح والنازحين فيها زاد الأمر صعوبة وتعقيدا، وأصبحنا نقف في طوابير طويلة لتعبئة غالون مياه واحد أو جردل مياه لغسل الملابس والأواني".

ويبين أن سعر غالون المياه العذبة ارتفع وأصبح 3 شواكل بدلا من شيكل واحد (الدولار يساوي 3.69 شياكل) وأصبحنا نقوم بالتعبئة مجانا مرة أو مرتين في الأسبوع، بعد أن كانت مجانية، وباقي الأسبوع نقوم بشرائها، مطالبا بوقف الحرب الإسرائيلية المدمرة وعودة النازحين إلى مدينة غزة والشمال.

معاناة يومية

أما الفلسطينية أم نبيل، النازحة من شمال قطاع غزة إلى دير البلح، فتعيش معاناة يومية للحصول على المياه الحلوة والمالحة، خاصة مع اشتداد الأزمة بعد نزوح سكان رفح.

وتقول المواطنة "نزحنا من شمال قطاع غزة منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ونعيش في خيام داخل مستشفى شهداء الأقصى شرق دير البلح، وأكبر معاناتنا هي الحصول على المياه الحلوة والمالحة".

وتضطر المرأة الفلسطينية للوقوف في طوابير لساعات طويلة تحت أشعة الشمس، للحصول على المياه الصالحة للشرب، لكن هذه المحاولات تبوء بالفشل، إما بانقطاع المياه أو حدوث عطل.

وتشير إلى أن تكرار انقطاع المياه وتعطل عملية التعبئة، يجعلان النازحين يعانون من صعوبة في الحصول على الكميات القليلة من المياه، مما يزيد من معاناتهم.

وتوضح أم نبيل أن الأعداد الجديدة من النازحين من مدينة رفح زادت الضغط على المياه، سواء كانت الصالحة للشرب أو المالحة.

وتطالب الجهات المسؤولة بـ"زيادة نقاط تعبئة المياه في دير البلح ومناطق إيواء النازحين، حتى يتمكن الجميع من الحصول على المياه بشكل مناسب".

والثلاثاء، قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إن مليون فلسطيني اضطروا إلى النزوح من مدينة رفح جنوبي قطاع غزة خلال الأسابيع الـ3 الماضية، جراء عمليات الجيش الإسرائيلي تزامنا مع القصف المكثف.

وأشارت إلى "نقص الغذاء والماء، وتكدس أكوام النفايات، والظروف المعيشية غير المناسبة، يجعل تقديم المساعدة شبه مستحيل يوما بعد يوم".

عملية رفح

وجاءت موجة النزوح هذه بينما وسّع جيش الاحتلال الإسرائيلي توغله في رفح فجر الثلاثاء الماضي، ليصبح على بعد 3 كيلومترات من شاطئ البحر، ويقترب من عزل القطاع جغرافيا عن الأراضي المصرية.

وتشن إسرائيل -منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي– حربا مدمرة على قطاع غزة خلفت أكثر من 16 ألف شهيد و81 ألف جريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الحصول على المیاه دیر البلح قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

الاحتلال يوسع تقدمه شمال غرب مدينة رفح

سرايا - وسع جيش الاحتلال، الجمعة، توغله شمال غرب مدينة رفح جنوب قطاع غزة، وسط إطلاق نار وقصف مدفعي على منطقة المواصي القريبة من منطقة التوغل.

وتقدمت الآليات في محيط منطقة "الشاكوش" وجنوب "المنتزه الإقليمي" شمال غرب المدينة، ما أدى إلى نزوح آلاف المواطنين من خيامهم في منطقة المواصي برفح إلى مدينة خان يونس (جنوب).

وأفاد شهود عيان لمراسل الأناضول بأن الآليات العسكرية الإسرائيلية قصفت منطقة المواصي شمال غرب مدينة رفح طوال الساعات الماضية، ما أدى إلى وقوع شهداء وجرحى من النازحين في المنطقة.

وأوضح الشهود أن القصف المدفعي صاحبه تقدم للآليات الإسرائيلية في محيط منطقة الشاكوش وجنوب المنتزه الإقليمي برفح، ما أدى إلى حالة من الذعر بصفوف النازحين الذين تركوا خيامهم وفروا نحو منطقة المواصي جنوب غرب خان يونس.

كما ذكروا أن الجيش الإسرائيلي استهدف بالقذائف المدفعية منطقة زعم أنها "آمنة"، حيث يقيم نازحون داخل خيم مصنوعة من القماش والنايلون.

وقال مصدر طبي، رفض الكشف عن هويته، للأناضول: "منذ فجر الجمعة، قتل 11 فلسطينيا وأصيب أكثر من 40 آخرين، في قصف إسرائيلي استهدف خيام النازحين بمنطقة المواصي".

فيما أفاد مراسل الأناضول أن القصف الإسرائيلي لخيام النازحين في منطقة المواصي ما زال متواصلا منذ مساء الخميس، لافتا إلى أن الجيش "أقام سواتر ترابية في محيط المنطقة".

والمواصي مناطق رملية على امتداد الخط الساحلي، تمتد من جنوب غرب مدينة دير البلح وسط القطاع، مرورا بغرب خانيونس حتى غرب رفح.

وتعد المنطقة مفتوحة إلى حد كبير وليست سكنية، كما تفتقر إلى بنى تحتية وشبكات صرف صحي وخطوط كهرباء وشبكات اتصالات وإنترنت، وتقسم أغلب أراضيها إلى دفيئات زراعية أو رملية.

ويعيش النازحون في المواصي وضعا مأساويا ونقصا كبيرا في الموارد الأساسية مثل الماء والصرف الصحي والرعاية الطبية والغذاء.

ولأكثر من مرة استهدف الجيش الإسرائيلي خيام النازحين ومراكز للإيواء في مناطق متفرقة من القطاع، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى، وسط إدانة فلسطينية ودولية.


مقالات مشابهة

  • مناطق كردستان تشكو العطش والكهرباء.. الخدمات تتردى والمجمعات تعيش بـترف
  • مناطق كردستان تشكو العطش والكهرباء.. الخدمات تتردى والمجمعات تعيش بـترف- عاجل
  • الاحتلال يوسع تقدمه شمال غرب مدينة رفح
  • فلسطينيون يتفقدون آثار القصف الإسرائيلي على دير البلح وسط غزة.. فيديو
  • فلسطين: طائرات الاحتلال تستهدف مناطق شرق دير البلح وسط غزة
  • العطش يهدد العنكور والطاش ويدفع الأهالي للبحث عن مهن أخرى غير الزراعة وصيد الأسماك
  • 3 شهداء بينهم طفلة جراء قصف الاحتلال منزلًا في دير البلح وسط قطاع غزة
  • إعلام فلسطيني: شهيدة ومصابون باستهداف الاحتلال منزلا في دير البلح وسط قطاع غزة
  • شهيدة وعدد من المصابين جراء استهداف الاحتلال منزل لعائلة "أبو قينص" بدير البلح وسط غزة
  • ورشة في دير البلح لترميم خزانات مياه ثقبها رصاص الحرب