صديق محيسي
مؤانسات فى ادب الرسائل أصداره جديدة قام بتحريرها الباحث جمال محمد ابراهيم ,وهى عباره عن رسائل متبادلة بينه وبين الصحفى والأديب الراحل عمر جعفر السّورى تناولت شئون وقضايا مختلفة ,منها الأدبية ,ومنها السياسية ,وما ربط بينهما من ذكريات مشتركة بدات بتعارف جمال بعمر لأول مرة عندما زاره فى سبيعنات القرن الماضى فى السفاره السودانية بتونس وهو دبلوماسى فى اولى عتباته, ثم تواصلت الصلات وقويت بعد ذلك عندما صارسفيرا للسودان فى لبنان .


كنت قد اشرت فى تعليقى عن السيرة "الغيرية " لمسيرة الدبلوماسى النبيل عمر عديل ان الثقافة السودانية خلت من هذا النوع من ادب الرسائل إلا من رسائل من طرف واحد جاءت فى اشعار شعراء الحقيبة الذين عاشوا مجتمعا مغلقا لاتشاهد فيه المراة إلا فى بيوت الأعراس فهى سجينة وراء الجدران العالية قبل الأنتقال من مرحلة"الطاقة " ثم الى مرحلة الشباك مما جعل الشعراء فى حالة تبريح مستمر .
على سيرة رسائل جمال محمد احمد الى أبنائه وبناته لما فيها من حسن بيان ونقاء سريره وثاقب حكمه كما يقول الكاتب فأنه لم يبخل على صديقه عثمان محمد الحسن فى تضمينها فى كتابه عنه .
وفى شأن هذه السيرة أزيد الباحث جمال ان هناك رسائل اخرى جرى تبادلها بين الشاعر محمد المهدى المجذوب والسفير على ابوسن ولكن كان طابعها "قطيعة" نميمة فى منصور خالد واشخاص اخر, الشىء الذى نفاه المجذوب قبل وفاته واتهم ابو سن بتحريف رسائله.
تلك الرسائل الشعرية من جانب واحد التى ذكرناها كأضافة معلوماتية لايمكن ان تشبيهها برسائل جبران خليل جبران الى الكاتبة اللبنانية مى زياده صاحبة الصالون الادبى الشهير,او للكاتبة االأمريكية مارى هيسكل او رسائل العقاد الى الأديبة مى ، اما رسائل االروائى الفلسطينى غسان كنفانى الى الكاتبة اللبنانية غادة السمان ونشرت بعد وفاته فأن المرسل اليها لم تفصح عن محتوى ردودها عليه , بل زعمت ضياعها خلال الحرب الأهلية اللبنانية .
يواصل الكتاب فى سيرة الرسائل فيذكر تبادلها بين الشاعرين محمود درويش ,وسميح القاسم ,وكانت فى معظمها فى الشأن السياسى الفلسطينى ,ودور الأدب فى الثورة والتحرير ,واضيف اليها صراع الجبهات بين فتح ,والشعبية لجورج حبش ,والديمقراطية لنايف حواتمه ,والعربيه لأحمد جبريل .
كتاب مؤانسات فى ادب الرسائل حمل عشر رسائل لجمال ابراهيم ,وباقى الرسائل لعمر السّورى وجمال بدأ رسائله , بعنوان "الوجه الاخر للأغاثة "وكانت حول كتاب للكاتبة الأمريكية "اسكرو جينز" عن شابه بريطانية تدعى " ايما ماكيون " تعرفت واعجبت اثناء دراستها الجامعية فى لندن بعدد من طلاب العلم االسودانيين الذين كان بينهم احمد كرداوى الذى يعمل فى مجال الأغاثة وهو الذى ساعدها للدخول فى هذا المجال فقادها حبها له ولهم وتأملها واستغراقها فى سحر غابات افريقيا فيتحول هذ الشعور الى رغبة جامحة انتهت بها الى الذهاب الى جنوب السودان لتعمل فى اغاثة وتعليم الأطفال ,وفى غمرة حرب التحرير التى كان يقودها جون قرنق ضد حكومات الشمال تعرفت الى نائبه ريك مشار الذى عاد فيما بعد واختلف مع زعيمه فوقفت ايما مع زوجها فى معركته تلك غير انها لقت حتفها فى حادث سيارة كانت فى طريقها الى نيروبى .
وفى سيرة السودان يتناول عمر السّورى وضع الصحافة فى السودان فى عصر النميرى ويذكر الهجمة على الصحفيين الذين تعرضوا الى الفصل فطرح موضوعهم فى اجتماعات اتحاد الصحفيين العرب فى تونس والذى كان الراحل امينا عاما مساعد فيه فكلف بزيارة السودان وبحث هذا الموضوع مع وزير الأعلام يومذاك اسماعيل الحاج موسى فلم يجد منه ترحيبا بل اصراراعلى المضى فى تشريد اولئك الصحفيين .
مواصلة للشأن السودانى الذى فضلت ابرازه عن غيره يسرد السورى حكاية الصحفى الأردنى الذى ذهب الى الراحل الشاعر والأدارى محمد عثمان يسن الذى بعثته حكومة السودان لأصلاح النظام الأدارى فى الأردن "انظرعندك كيف كنا!" وكيف وجده يفيض ادبا وشعرا وعلما وتواضعا فخرج منه ممتلئا اعجابا بالسودان والسودانيين, ويسترجع الراحل نستالجيا كيف كان التسامح عقيدة فى السودان فيسرد قصة مصطفى حامد الأمين شقيق الأديب عبد الله حامد الأمين الذى اعتنق البوذية فنشرت قصته الصحف وكان حديث المجالس, فلم يتهمه احد بالكفر والأرتداد عن دين الأسلام ,فالزمان كان غير زمان, والناس غير الناس ,والقوانين غير القوانين ,فتلك كانت حضارة المستعمر التى استبدلها الهوس الدينى الذى جلبه الأخوان المسلمون فشنقوا محمود محمد طه وسنّوا سيوف الأرهاب فى وجه كل من يخالفهم الرأى .
يواصل السّورى الحديث عن الراحل المناضل والصحفى والشاعر ادريس عوض الكريم الذى نذر نفسه للثورة الأريترية فخاض فى بحر الثورات ليصل الى ساحل الثورة الفلسطينىة .
وبعيدا عن الشان السودانى تبادل الكاتبان الحزن والعزاء على رحيل صحفية ومثقفة لبنانية هى "مى غصوب" التى اسست دار الساقى للنشر,فكان لهما علاقة فكرية وشيجة ,وفى الشان اللبنانى ايضا يكتب جمال ابراهيم لعمر السّورى هذه المرة فى شان الاستثمار بين السودان ولبنان بكونه كان سفيرا للسودان فى هذا البلد ,ويسرد انه كتب فى هذا الموضوع الى صديقه الصحفى ضياء الدين بلال فى صحيفة الراى العام ولكن قارئا تصدى له غاضبا رادا عليه بأنه ليس من فائدة من لبنان فهى محض دولة شاورما وسلطة فتوش ,وذكر ان القارىء المعلق زاد اكثر فكرر ماشاع عند البعض حتى صار فلولكورا شعبيا كما عبر الكاتب ان مندوب لبنان وقف ضد انتساب السوادن الى الجامعة العربية كأنما مندوب لبنان يملك حق الفيتو دون الجميع , وقال رجعت الى وثائق وزارة الخارجية فلم اجد شيئا كهذا ,ويدخل بنا جمال بطن التاريخ فيذكر ان المحجوب وشارل مالك ترشحا الى رئاسة الجمعية العمومية فى دورتها الثالثة عشر عام 58 فتم اختيار مالك لكونه مقرب من الأدارة الأمريكية ,فسارع اليه المحجوب الذى كان منافسا قويا له بتهنئته مما يدل على سلوك حضارى فى عصر كان فيه العربان يكافحون القمل "بالجمكسين", ولمزيد من المعلومات فى قدم تأريخ العلاقة اللبنانية السودانية يكشف الكاتب ان اول قنصل للبنان كان هو الطبيب نقولا معلوف , ويذكران جورج مرهج كان صاحب اول صيدلية فى الخرطوم ووكيلا للشاحنات الأنجليزية فى السودان, ويبحر اكثر ليصل الى نعوم شقير وكتابه عن تاريخ السودان ,ومصطفى قليلات اول رئيس تحرير لصحيفة "الرائد " وفارس نمر الذى اصدر جريدة السودان كنسخة من الصحيفة الأنجليزية "الديلى هيرالد" ويزيدنا جرعة هامة من التاريخ ذهاب اسماعيل الأزهرى ,وعوض ساتى ,والنصرى حمزه ,ويوسف بدرى الى لبنان للدراسة فى جامعاتها .  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: عمر الس

إقرأ أيضاً:

الأولى من نوعها المفروضة على أحد طرفي الصراع.. خبراء يكشفون مدى فاعلية عقوبات مجلس الأمن الدولي ضد السودان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أصدر مجلس الأمن الدولى قرارًا يقضى بفرض عقوبات على ٢ من قادة قوات الدعم السريع وذلك لما أقدما عليه من أفعال تهدد استقرار البلاد، وفقًا لما نص عليه القرار. 

ووافقت اللجنة المكلفة بشئون العقوبات المفروضة على السودان، والتى تضم خمسة عشر عضوًا، على المقترح الذى تقدمت به الولايات المتحدة الأمريكية فى نهاية شهر أغسطس من العام الجاري. 

وينص القرار على منع هذين القائدين من السفر وتجميد أموالهما وأصولهما، وهما قائد عمليات قوات الدعم السريع عثمان محمد حامد الملقب بـ"عمليات"، وقائد الدعم السريع فى ولاية غرب دارفور عبد الرحمن جمعة بارك الله الذى يواجه اتهامات بالتورط فى قتل والى غرب دارفور خميس أبكر وتشويه جثته فى العام الماضي. 

وتعتبر هذه العقوبات هى الأولى من نوعها التى يفرضها مجلس الأمن الدولى على أحد طرفى الصراع فى السودان، ألا وهما الجيش السودانى وقوات الدعم السريع، منذ اندلاع الحرب، إلا أنها تأتى ضمن سلسلة من العقوبات الدولية التى فرضت على السودان منذ شهر أبريل من العام الماضي.
وبالعودة إلى المشهد لما قبل حرب ١٥ أبريل ٢٠٢٣، فإن السودان لم يغادر قائمة العقوبات الدولية وبالتحديد الأمريكية إلا لوقت قصير، وذلك بسبب العداء بين نظام البشير والولايات المتحدة إذ أدرجت واشنطن السودان فى قائمة "الدول الراعية للإرهاب" فى عام ١٩٩٣ بسبب مخاوف تتعلق بالإرهاب واستضافة السودان وقتها لتنظيم القاعدة بحسب اتهامات واشنطن. 
كما أعقب ذلك، عقوبات اقتصادية فى عام ١٩٩٧، حتى وصل الأمر إلى رأس النظام السابق والمطالبة بتسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وإلى جانب العقوبات الأممية، أنشأ مجلس الأمن الدولى نظام العقوبات الذى يستهدف السودان فى عام ٢٠٠٥، فى محاولة للمساعدة فى إنهاء الصراع فى دارفور الذى اندلع فى العام ٢٠٠٣، كما فرض المجلس حظرًا على توريد الأسلحة إلى دارفور فى عام ٢٠٠٤.
كما تضم قائمة المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية الرئيس السودانى المعزول عمر البشير، ووزير الدفاع السابق عبدالرحيم محمد حسين، وقيادات عسكرية من دارفور، إلى جانب على كوشيب، الذى يعد الوحيد الذى سلم نفسه للمحكمة. 
وتهم معظم العقوبات الدولية عسكريين، إلا أن مراقبين يقللون من أثرها على جهود إنهاء العنف أو الحرب فى السودان.
ويستهدف جزء من العقوبات الأمريكية التى فرضت على طرفى الحرب فى السودان، شقيق قائد الدعم السريع عبدالرحيم دقلو، والذى يعد ثانى قائد لهذه القوات، إلى جانب شركة "زادنا" التابعة للصناعات الدفاعية للقوات المسلحة.
وشملت العقوبات كذلك القونى حمدان، شقيق قائد الدعم السريع الأصغر، ولم تخل قوائم العقوبات من عناصر الجيش وآخرين يتبعون الحركة الإسلامية فى السودان برئاسة على كرتي، الذين تتهمهم جهات أمريكية وأوروبية بإذكاء نار الحرب فى السودان. 
ويعد ميرغنى إدريس مدير الصناعات الدفاعية، أرفع شخصية فى الجيش السودانى تطاله العقوبات منذ اندلاع الحرب، بعدما أدرجت الخزانة الأمريكية اسمه ضمن قوائم عقوبات.
ولم يعلق الجيش على العقوبة الصادرة بحق مدير مؤسسته الاقتصادية الأولى، كما أن تقديرات الخسائر المترتبة على العقوبات ليست واضحة فى الوقت الحالي.
واعتبرت مصادر مسئولة فى المكتب السياسى للدعم السريع، أن فرض عقوبات أممية على قائدين من الدعم السريع، "إجراء معيب ولا يستند إلى دليل"، كما أن "العقوبات لن يكون لها أثر"، ووصفها بأنها "محاولة للتغطية على فظائع الجيش من قبل بعض الدول داخل اللجنة الأممية". 
فى حين يرى الخبراء أن العقوبات "سياسية ولا قيمة لها إلا فى الإدانة التى تصدر مع العقوبات"، كما أن مجلس الأمن يجب أن يكون أكثر جدية وأن يتعامل مع شكوى السودان، والتى تشمل الممولين الرئيسيين لـ"الميليشيا".
كما أن العقوبات الأممية "يمكن أن تكون أجدى من العقوبات التى تفرضها الدول، بسبب استنادها إلى الفصل السابع والذى يتيح تدخلًا مباشرًا فى حماية المدنيين، وإحالة الملفات على المحكمة الجنائية"، كما ترى أن "العقوبات الأممية ذات قيمة وقابلية للتنفيذ دون غيرها من قرارات الدول التى تفرض عقوبات على العسكريين".
 

مقالات مشابهة

  • “واتساب” يتيح حفظ مسودات الرسائل
  • “صمود” .. البنك الدولي يمول مشروعا صحيا بالشمالية – السودان
  • الموت يُفجع حسين الجسمي.. “فقدتك يا أعزّ الناس”
  • البخيتي: الوهابية “نبته بريطانية” لحماية الكيان الصهيوني
  • “61 ألفاً بالخرطوم”.. تقرير يكشف أرقاماً مرعبة لضحايا حرب السودان
  • حمدان بن محمد يلتقي الرئيسة التنفيذية لمنصة “إكس”
  • شهادات “مروعة” لناجيات من الحرب في السودان
  • الأولى من نوعها المفروضة على أحد طرفي الصراع.. خبراء يكشفون مدى فاعلية عقوبات مجلس الأمن الدولي ضد السودان
  • بعد رسائل ترامب المقلقة.. أردوغان يأمل في نهج أمريكي جديد بالمنطقة
  • النائب جمال أبو الفتوح: مصر دحضت مخططات نتنياهو للتهجير القسري