عن كتاب “مؤانسات فى ادب الرسائل” .. بين الراحل عمر السورى وجمال محمد ابراهيم
تاريخ النشر: 30th, May 2024 GMT
صديق محيسي
مؤانسات فى ادب الرسائل أصداره جديدة قام بتحريرها الباحث جمال محمد ابراهيم ,وهى عباره عن رسائل متبادلة بينه وبين الصحفى والأديب الراحل عمر جعفر السّورى تناولت شئون وقضايا مختلفة ,منها الأدبية ,ومنها السياسية ,وما ربط بينهما من ذكريات مشتركة بدات بتعارف جمال بعمر لأول مرة عندما زاره فى سبيعنات القرن الماضى فى السفاره السودانية بتونس وهو دبلوماسى فى اولى عتباته, ثم تواصلت الصلات وقويت بعد ذلك عندما صارسفيرا للسودان فى لبنان .
كنت قد اشرت فى تعليقى عن السيرة "الغيرية " لمسيرة الدبلوماسى النبيل عمر عديل ان الثقافة السودانية خلت من هذا النوع من ادب الرسائل إلا من رسائل من طرف واحد جاءت فى اشعار شعراء الحقيبة الذين عاشوا مجتمعا مغلقا لاتشاهد فيه المراة إلا فى بيوت الأعراس فهى سجينة وراء الجدران العالية قبل الأنتقال من مرحلة"الطاقة " ثم الى مرحلة الشباك مما جعل الشعراء فى حالة تبريح مستمر .
على سيرة رسائل جمال محمد احمد الى أبنائه وبناته لما فيها من حسن بيان ونقاء سريره وثاقب حكمه كما يقول الكاتب فأنه لم يبخل على صديقه عثمان محمد الحسن فى تضمينها فى كتابه عنه .
وفى شأن هذه السيرة أزيد الباحث جمال ان هناك رسائل اخرى جرى تبادلها بين الشاعر محمد المهدى المجذوب والسفير على ابوسن ولكن كان طابعها "قطيعة" نميمة فى منصور خالد واشخاص اخر, الشىء الذى نفاه المجذوب قبل وفاته واتهم ابو سن بتحريف رسائله.
تلك الرسائل الشعرية من جانب واحد التى ذكرناها كأضافة معلوماتية لايمكن ان تشبيهها برسائل جبران خليل جبران الى الكاتبة اللبنانية مى زياده صاحبة الصالون الادبى الشهير,او للكاتبة االأمريكية مارى هيسكل او رسائل العقاد الى الأديبة مى ، اما رسائل االروائى الفلسطينى غسان كنفانى الى الكاتبة اللبنانية غادة السمان ونشرت بعد وفاته فأن المرسل اليها لم تفصح عن محتوى ردودها عليه , بل زعمت ضياعها خلال الحرب الأهلية اللبنانية .
يواصل الكتاب فى سيرة الرسائل فيذكر تبادلها بين الشاعرين محمود درويش ,وسميح القاسم ,وكانت فى معظمها فى الشأن السياسى الفلسطينى ,ودور الأدب فى الثورة والتحرير ,واضيف اليها صراع الجبهات بين فتح ,والشعبية لجورج حبش ,والديمقراطية لنايف حواتمه ,والعربيه لأحمد جبريل .
كتاب مؤانسات فى ادب الرسائل حمل عشر رسائل لجمال ابراهيم ,وباقى الرسائل لعمر السّورى وجمال بدأ رسائله , بعنوان "الوجه الاخر للأغاثة "وكانت حول كتاب للكاتبة الأمريكية "اسكرو جينز" عن شابه بريطانية تدعى " ايما ماكيون " تعرفت واعجبت اثناء دراستها الجامعية فى لندن بعدد من طلاب العلم االسودانيين الذين كان بينهم احمد كرداوى الذى يعمل فى مجال الأغاثة وهو الذى ساعدها للدخول فى هذا المجال فقادها حبها له ولهم وتأملها واستغراقها فى سحر غابات افريقيا فيتحول هذ الشعور الى رغبة جامحة انتهت بها الى الذهاب الى جنوب السودان لتعمل فى اغاثة وتعليم الأطفال ,وفى غمرة حرب التحرير التى كان يقودها جون قرنق ضد حكومات الشمال تعرفت الى نائبه ريك مشار الذى عاد فيما بعد واختلف مع زعيمه فوقفت ايما مع زوجها فى معركته تلك غير انها لقت حتفها فى حادث سيارة كانت فى طريقها الى نيروبى .
وفى سيرة السودان يتناول عمر السّورى وضع الصحافة فى السودان فى عصر النميرى ويذكر الهجمة على الصحفيين الذين تعرضوا الى الفصل فطرح موضوعهم فى اجتماعات اتحاد الصحفيين العرب فى تونس والذى كان الراحل امينا عاما مساعد فيه فكلف بزيارة السودان وبحث هذا الموضوع مع وزير الأعلام يومذاك اسماعيل الحاج موسى فلم يجد منه ترحيبا بل اصراراعلى المضى فى تشريد اولئك الصحفيين .
مواصلة للشأن السودانى الذى فضلت ابرازه عن غيره يسرد السورى حكاية الصحفى الأردنى الذى ذهب الى الراحل الشاعر والأدارى محمد عثمان يسن الذى بعثته حكومة السودان لأصلاح النظام الأدارى فى الأردن "انظرعندك كيف كنا!" وكيف وجده يفيض ادبا وشعرا وعلما وتواضعا فخرج منه ممتلئا اعجابا بالسودان والسودانيين, ويسترجع الراحل نستالجيا كيف كان التسامح عقيدة فى السودان فيسرد قصة مصطفى حامد الأمين شقيق الأديب عبد الله حامد الأمين الذى اعتنق البوذية فنشرت قصته الصحف وكان حديث المجالس, فلم يتهمه احد بالكفر والأرتداد عن دين الأسلام ,فالزمان كان غير زمان, والناس غير الناس ,والقوانين غير القوانين ,فتلك كانت حضارة المستعمر التى استبدلها الهوس الدينى الذى جلبه الأخوان المسلمون فشنقوا محمود محمد طه وسنّوا سيوف الأرهاب فى وجه كل من يخالفهم الرأى .
يواصل السّورى الحديث عن الراحل المناضل والصحفى والشاعر ادريس عوض الكريم الذى نذر نفسه للثورة الأريترية فخاض فى بحر الثورات ليصل الى ساحل الثورة الفلسطينىة .
وبعيدا عن الشان السودانى تبادل الكاتبان الحزن والعزاء على رحيل صحفية ومثقفة لبنانية هى "مى غصوب" التى اسست دار الساقى للنشر,فكان لهما علاقة فكرية وشيجة ,وفى الشان اللبنانى ايضا يكتب جمال ابراهيم لعمر السّورى هذه المرة فى شان الاستثمار بين السودان ولبنان بكونه كان سفيرا للسودان فى هذا البلد ,ويسرد انه كتب فى هذا الموضوع الى صديقه الصحفى ضياء الدين بلال فى صحيفة الراى العام ولكن قارئا تصدى له غاضبا رادا عليه بأنه ليس من فائدة من لبنان فهى محض دولة شاورما وسلطة فتوش ,وذكر ان القارىء المعلق زاد اكثر فكرر ماشاع عند البعض حتى صار فلولكورا شعبيا كما عبر الكاتب ان مندوب لبنان وقف ضد انتساب السوادن الى الجامعة العربية كأنما مندوب لبنان يملك حق الفيتو دون الجميع , وقال رجعت الى وثائق وزارة الخارجية فلم اجد شيئا كهذا ,ويدخل بنا جمال بطن التاريخ فيذكر ان المحجوب وشارل مالك ترشحا الى رئاسة الجمعية العمومية فى دورتها الثالثة عشر عام 58 فتم اختيار مالك لكونه مقرب من الأدارة الأمريكية ,فسارع اليه المحجوب الذى كان منافسا قويا له بتهنئته مما يدل على سلوك حضارى فى عصر كان فيه العربان يكافحون القمل "بالجمكسين", ولمزيد من المعلومات فى قدم تأريخ العلاقة اللبنانية السودانية يكشف الكاتب ان اول قنصل للبنان كان هو الطبيب نقولا معلوف , ويذكران جورج مرهج كان صاحب اول صيدلية فى الخرطوم ووكيلا للشاحنات الأنجليزية فى السودان, ويبحر اكثر ليصل الى نعوم شقير وكتابه عن تاريخ السودان ,ومصطفى قليلات اول رئيس تحرير لصحيفة "الرائد " وفارس نمر الذى اصدر جريدة السودان كنسخة من الصحيفة الأنجليزية "الديلى هيرالد" ويزيدنا جرعة هامة من التاريخ ذهاب اسماعيل الأزهرى ,وعوض ساتى ,والنصرى حمزه ,ويوسف بدرى الى لبنان للدراسة فى جامعاتها .
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: عمر الس
إقرأ أيضاً:
البرهان وحميدتي.. “سباق الحكومتين” يعقد فرص حل الصراع في السودان
تتجه قوات الدعم السريع في السودان إلى تشكيل حكومة تضم مجموعة من القوى السياسية والحركات المسلحة في مناطق "قوات الدعم السريع"، تكون "موازية" للحكومة التي يقودها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وتعمل من مدينة بورتسودان.
وذكرت وسائل إعلام سودانية، أن "القوى السياسية والحركات المسلحة التي تؤيّد قوات الدعم السريع أرجأت للمرة الثانية، الثلاثاء، التوقيع على الميثاق السياسي الممهّد لتشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرة القوات بناءً على طلب تقدم به رئيس الحركة الشعبية شمال، عبد العزيز الحلو، وذلك خلال فعاليات المؤتمر التأسيسي في العاصمة الكينية نيروبي.
وتم تأجيل مراسم توقيع وثيقة الإعلان السياسي المؤسس للحكومة الموالية للدعم السريع إلى، يوم الجمعة المقبل، لإتاحة الفرصة لمزيد من المشاورات.
وبعد نحو أكثر من 20 شهراً من القتال الطاحن بين الجيش والدعم السريع، ينتقل الوضع إلى مربع جديد يحمل معه تغييراً "جيوسياسياً" بحثاً عن شرعية وخلق مشهد جديد لصالح أحد الطرفين.
خارطة طريق البرهان وميثاق حميدتي
خارطة الطريق، التي أعلنها رئيس مجلس السيادة في السودان عبد الفتاح البرهان، قبل أسبوعين، تشمل تشكيل حكومة تصريف أعمال، "الغرض منها إعانة الدولة على إنجاز ما تبقى من الأعمال العسكرية، والمتمثلة في تطهير كل السودان من المتمردين"، وفق البرهان.
ولفت البرهان إلى أن "تعديلات الوثيقة الدستورية تجعلها مختلفة عما كانت عليه مع الشركاء السابقين الذين أصبحوا أعداءً اليوم"، مشيراً إلى أنه "بعد إجازة الوثيقة الدستورية سيتم تشكيل الحكومة، واختيار رئيس وزراء ليقوم بمهام في إدارة الجهاز التنفيذي للدولة دون أي تدخل".
وفي هذا الصدد، قال رئيس التحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية مبارك أردول، وهو أحد المشاركين في الدفع بوثيقة الحكم لرئيس مجلس السيادة لـ"الشرق"، إنه من "الضروري حالياً التركيز على الحوار بين السودانيين الذي سيفرز وضعاً دستورياً".
وأضاف أردول: "بحسب الخطة التي قُدمت ستكون هناك فترتين، تأسيسية وأخرى انتقالية، الأولى تمتد عاماً على الأقل، من أجل ترتيب الأوضاع، وتقودها حكومة تصريف الأعمال، بمشاركة القوى السياسية الأخرى".
وشدد على أن "الأطراف المشاركة تحدد عبر آليات بعينها، منها مجلس الحكماء لاختيار شاغلي المناصب الدستورية بما فيها رئيس الوزراء وأعضاء المجلس التشريعي الانتقالي".
في المقابل، يرى النبي محمود، رئيس حركة تحرير السودان الديمقراطية، وأحد المشاركين في وثيقة التأسيس التي تدعمها قوات الدعم السريع، في حديثه لـ"الشرق" أن "الحكومة التي ستتمخض عن الوثيقة التأسيسية لن تؤدي إلى تقسيم السودان، وهي تتضمن توافقاً سياسياً وعسكرياً بين أطرافها الموقعة"، التي يعتبرها بأنها "أساسية وشرعية".
حكومات في الميزان
ولفت الكاتب الصحافي والمحلل السياسي عثمان ميرغني، إلى أنه "من الواضح أن رئيس مجلس السيادة لا يرغب في تكوين حكومة حالياً". وأضاف في حديث مع "الشرق"، أن "البرهان يلتف على ذلك بعد لقاءات بين القوى السياسية التي تدور في حلقة مفرغة"، مشيراً إلى أن هذه القوى عاجزة عن إنتاج حلول.
ويشدد ميرغني على أن إعلان حكومة موازية "خطير"، مضيفاً بأن" الخطوة ستؤدي لا محال إلى تقسيم البلاد لدويلات عدة متحاربة، كما أنها تؤثر على المفاوضات المقبلة لإنهاء الحرب".
وأعربت وزارة الخارجية السودانية، الثلاثاء، عن أسفها لتنكر الحكومة الكينية لالتزاماتها بموجب القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والأمر التأسيسي للاتحاد الإفريقي ومعاهدة منع الإبادة الجماعية، وذلك باستضافتها لمناسبة توقيع ما وصفته بـ"اتفاق سياسي بين المليشيا، المسؤولة عن جرائم إبادة جماعية مستمرة في السودان، وأفراد ومجموعات مؤيدة لها"، وفق الخارجية السودانية.
واعتبرت الخارجية السودانية أن "الهدف المعلن لهذا الاتفاق هو إقامة حكومة موازية في جزء من أرض السودان"، مشيرة إلى أن هذا يساهم في تقسيم الدول الإفريقية، معتبرة أن "احتضان قيادات المليشيا هو تشجيع لاستمرار جرائم الإبادة الجماعية والمجازر ضد المدنيين على أساس إثني"، لافتة إلى أن هذه التظاهرة الدعائية لن يكون لها تأثير على أرض الواقع.
اعتراف دولي غير مضمون
وأشارت صباح موسى، الكاتبة المتخصصة في الشؤون الإفريقية في تصريحاتها لـ"الشرق"، إلى أن "خطوة الدعم السريع لتشكيل حكومة موازية لا تستند إلى قواعد حقيقية، وهي تتقارب في شكلها مع تحالف صمود الجديد، ولا تعدو أن تكون مجرد إعلان فقط، ولن تتحول إلى حكومة ما لم تُسيطر على الفاشر شمال دارفور وهذا شأن آخر".
ورأت موسى، أن أي "المنتظم الدولي لن يعترف بالحكومة التي تشكلها قوات الدعم السريع". وأضافت: "في حالة البرهان، فإنه مشغول بأولويات أخرى عوضاً عن تشكيل حكومة في الوقت الحالي، وأجملت أولوياته في استعادة المزيد من المدن وتحقيق الأفضلية في الميدان، وهو لا يربط تكوين حكومته بحكومة حميدتي".
حمدوك خارج الحسابات
وأكد رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان، على عودة رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك، الذي يصفه بعض المراقبين بـ"المتقلب" في التحالفات السياسية عقب توقيعه اتفاقاً مع الجيش والدعم السريع بعد إجراءاتهما التي حلت حكومة قوى الحرية والتغيير، قبل أن ينتقل إلى تنسيقية تقدم ثم تحالف "صمود" الذي جاء رافضاً لتكوين حكومة لكونها "لا تعدو أن تكون انقساماً يلوح في الأفق".
وعلى النقيض من ذلك، وفي مقابل اتهامات التي توجه لحمدوك، بشأن فقدان التأييد الشعبي، والانحياز لطرف في الحرب، بعد توقيع إعلان مع الدعم السريع، رأى مراقبون أنه "لا يزال يتمتع بقبول أطراف دولية مهمة، وأنه يشكل صوتاً للاعتدال في خضم الحرب السودانية".
وفي هذا الخصوص، أشار المحلل السياسي عثمان ميرغني، إلى أن رفض البرهان لحمدوك، يأتي من كون "البرهان لا يتبنى موقفاً سياسياً ثابتاً أو مبدئياً، ورفضه له مرتبط بتصحيح خطابه السابق، عقب رفض البرهان لأي محاولة تقارب مع التحالف المدني السابق".
ويشرف الاتحاد الإفريقي على حوار سوداني يضم القوى السياسية المتنافرة في محاولة لإنتاج مشهد سياسي متجانس يهدف إلى نزع فتيل الأزمة.
ورأى مراقبون، أن "أطراف الصراع لا تبالي بأوضاع المدنيين في مناطق القتال والنزوح واللجوء، وأن المنافسة الحالية لا تعدو كونها تنافس على الحكم، ثمنه فقدان البلاد لمواردها الطبيعية والبشرية".
بورتسودان -الشرق/ أحمد العربي