الهجرة الدولية وإعادة تشكيل فضاء المدينة العربية في ندوة بمكتبة الإسكندرية
تاريخ النشر: 30th, May 2024 GMT
نظمت مكتبة الإسكندرية من خلال برنامج دراسات التنمية المستدامة وبناء قدرات الشباب ودعم العلاقات الإفريقية بقطاع البحث الأكاديمي، ندوة بعنوان "الهجرة الدولية وإعادة تشكيل فضاء المدينة العربية في مطلع القرن الحادي والعشرين" للدكتور أيمن زُهْري، خبير السكان ودراسات الهجرة وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان بجمهورية مصر العربية، بحضور الدكتور أحمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية.
تأتي هذه الندوة استكمالًا لسلسلة ندوات «العلوم الاجتماعية في عالم متغير» والتي أطلقتها مكتبة الإسكندرية في أغسطس 2023 بالتعاون مع مركز البحوث والدراسات الاجتماعية بكلية الآداب جامعة القاهرة. كما تأتي هذه الندوة في ظل تداعيات الهجرة الدولية على المدن العربية.
وقال الدكتور أحمد زايد إن العولمة التي نعيش فيها شهدت الكثير من تدفقات الهجرة المنظمة وغير المنظمة، داخل المدينة العربية، لافتًا إلى أن هناك الكثير من فضاءات الهجرة داخل المدينة العربية تقوم بخلق أشكال من التجمعات مضيفاً أن الصراعات داخل المنطقة العربية خلقت أنماطًا من الهجرة الخارجية لتلك الدول نحو الدول العربية خصوصًا في السودان وسوريا.
من جانبه، قال الدكتور أيمن زهري، إنه عند الحديث عن الهجرة الداخلية، يجب التأكيد على أنه في البدء كانت القرية، فهي أصل الحضارة ومنها نشأت الحياة من خلال الزراعة، لافتًا إلى أن الزراعة المنظمة هي من خلقت الحضارة والقرية مهمة جدًا في تطور نظام الدولة فالمدينة كانت نتاجًا للقرية.
وأضاف أن المدينة ارتبطت في الثقافة العربية بالغربة والاغتراب والشك والريبة، لأن المدينة هي المستقطب للمهاجرين، لافتًا إلى أن المهاجرين هم دائمًا الأغراب ويفعلون ما لا يفعله الساكنين في القرية مشيراً إلى أنه بالرغم من أن الثقافة العربية تنظر إلى المدينة بنظرة الشك إلا أنها ارتبطت أيضًا بالقوة والترقي ومركز نظام الحكم.
وأوضح أن المدينة العربية هي "النداهة" التي تغوي الكثيرين، حيث ظهر ذلك في السينما العربية، وارتبط ذلك بصورة القروي الساذج الذي تبهره أضواء المدينة مشيراً أن السينما عززت هذه الصورة النمطية وهذا التصور وعلى سبيل المثال فيلم العتبة الخضرا الذي أنتج في وقت مبكر من نمو هذه الظاهرة، فالمدينة هي مكان الاختباء والذوبان في الجموع الغفيرة ومن هنا نشأت ظاهرة هجرة القرويين إلى المدينة.
وقال إن هناك اتجاهًا عالميًا للانتقال للعيش من القرية إلى المدينة، فقرابة 60% من سكان العالم يعيشون في مناطق حضرية أي أن نسبة سكان القرى تقل عن 45%.
وإستعرض زهري نسبة سكان القرية مقارنة بالمدينة في عدد من البلدان العربية، ففي مصر على سبيل المثال كانت نسبة سكان المدينة مقارنة بالقرية 32% وصلت إلى 43% حاليا ومتوقع أن تصل إلى 52% بنهاية القرن الحالي وفي المغرب تبلغ النسبة الآن 66% وستصل إلى 77% بنهاية القرن أما تونس فإن النسبة تصل إلى 70% ومن المقرر أن تصل إلى 80% أما في الأردن فهي الأعلى حيث تصل إلى 92% ومن المقرر أن تصل إلى 95% وفي اليمن النسبة ستصل إلى 75% بنهاية القرن الحالي.
وقال زهري إن هناك ثلاثة معايير يمكن التفريق من خلالها بين سكان المدينة وسكان القرية وهي القرارات الإدارة من الحكومات التي تقرر أن تحول قرية إلى مدينة والمعيار الثاني يتعلق بنسبة من يعملون في مجال الزراعة فإذا كانت نسبة من يعملون في مجال الزراعة أقل من 45% فيمكن أن نطلق على هذا التجمع مدينة، في حين يختص المعيار الثالث بالأكاديميين.
وأشار إلى أن الإسكندرية كنموذج لنمو المدينة العربية يمكن القول إن المؤسس الحقيقي لها في العصر الحديث هو محمد علي، لافتًا إلى أن المدينة قبل هذا الوقت كانت مجرد مدينة لا يقطنها سوى 6 الاف شخص ويعانون من ظروف صعبة.
وقال إن محمد علي قام بشق ترعة المحمودية وأصبحت الإسكندرية مدينة جاذبة وأصبحت البوابة الرئيسية لمصر أمام العالم الخارجي، لافتًا إلى أن عدد السكان ارتفع في فترة وجيزة إلى 100 ألف نسمة بفعل الجذب الداخلي والخارجي من الجاليات الأجنبية قائلا: الإسكندرية شهدت ميلاد السينما في مصر كما شهدت ميلاد جريدة الأهرام وكانت حاضنة لكل الأغراب إلى فترة الخمسينينات.
وتحدث عن ارتفاع نسبة الهجرة في العالم خلال السنوات القليلة الماضية بسبب الصراعات والحروب، مبينًا أن نحو 300 مليون شخص هاجروا من بلدانهم خلال السنوات الماضية بسبب الصراعات.
وتحدث عن أنماط المدينة في الخليج والتي كانت جاذبة بشكل كبير بعد التطور الاقتصادي الكبير الذي شهدته تلك البلدان، وتحول نظام العمل فيها من النظام الحكومي إلى القطاع الخاص حاليًا.
وقال إن نسبة الوافدين من بلدان الخليج تصل إلى 52% من عدد السكان، لافتًا إلى أن نسبة الحضر في الدول ستجد أنها نسبة مرتفعة جدًا فالكويت على سبيل المثال هي مدينة حضرية بنسبة 100%، في حين أن السعودية والتي تعد أكبر مدينة خليجية بها زراعة سنجد أن نسبة الحضر فيها تصل إلى 84%.
وقال إن دول الخليج تشهد انفتاحًا على الثقافات الأخرى وتمثل ذلك في افتتاح كنائس في بعض البلاد وجرى تدشين معبد هندوسي في دبي لأن الهنود يشكلون نسبة كبيرة في دبي. قال إن دبي تمثل قمة الانفتاح على الديانات وبفضل هذا التحول الكبير أصبحت دبي من المقاصد المهمة للشباب حول العالم.
جدير بالذكر أن الدكتور أيمن زُهْري، خبير السكان ودراسات الهجرة وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان بجمهورية مصر العربية، وهو باحث وخبير متخصص في السكان ودراسات الهجرة وحاصل على درجة الدكتوراه في دراسات الهجرة من جامعة ساسيكس بالمملكة المتحدة، وعمل الدكتور زُهْري بالبحث والتدريس في العديد من الجامعات والمراكز البحثية منها الجامعة الأمريكية في القاهرة وجامعة القاهرة والمركز الديموغرافي بالقاهرة وأكاديمية تطوير التعليم ومركز جامعة ساسيكس لدراسات الهجرة بإنجلترا.
ونُشر للدكتور زُهْري العديد من الأبحاث والدراسات المتعلقة بالسكان ودراسات الهجرة في دوريات علمية دولية واقليمية ومحلية وشارك في مؤتمرات وندوات وطنية واقليمية ودولية مرتبطة بمجالات اهتماماته البحثية.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الإسكندرية مكتبة الإسكندرية المجلس القومي لحقوق الإنسان الهجرة الدولية المدینة العربیة أن المدینة وقال إن تصل إلى
إقرأ أيضاً:
كان مهووس باللغة العربية وأسس مكتبا لحقوق الإنسان.. "الأسبوع " تكشف تفاصيل جديدة عن سفاح الإسكندرية
تواصل "الأسبوع" استكشاف تفاصيل قضية العثور على ثلاث جثث، من بينها سيدتان، مدفونة في منزلين بمدينة الإسكندرية، حيث تم العثور على الجثتين في منطقتي المعمورة و45 هذه القضية تعرف إعلاميًا باسم سفاح الإسكندرية. وفي شمال مصر، وتحديدًا في قرية هادئة تابعة لمحافظة كفر الشيخ، تم القبض على نصر الدين. أ، المتهم الرئيسي في القضية، والذي يُعرف أيضًا بـ سفاح الإسكندرية
ينتمي إلى أسرة متوسطة الدخل، وتخرج من كلية الحقوق عام 1994، حيث بدأ مسيرته المهنية في مجال المحاماة ومع ذلك، تعرض لاتهامات متعددة، من بينها الاعتداء والتعدي، نتيجة خلافات مع عدد من الموكلين السابقين.
انتقل بعد عام 2012 للعمل خارج محافظة كفر الشيخ، حيث توسع في نشاطه المهني ليشمل عدة محافظات، وكان الإسكندرية بمثابة المركز الرئيسي له. بين الحين والآخر، كان يقوم بتنفيذ بعض الأعمال في القاهرة والجيزة، نظرًا لوجود العديد من مكاتب التدريب القانوني الرائدة التي تمنح شهادات في مجالات التحكيم وحقوق الإنسان، وهو المجال الذي كان شغوفًا به من الناحية القانونية. لذا، فإن معظم أعماله كانت تندرج ضمن هذا الإطار.
و في عام 2019، انتقل إلى الإسكندرية حيث أسس مكتب المنظمة المصرية لحقوق الإنسان والتنمية. ومن خلال هذا المكتب، بدأ في استهداف ضحاياه، مستفيدا من شبكة علاقاته النسائية. وقد تركزت متابعاته على منصات التواصل الاجتماعي، حيث كان يراقب الصفحات التي تروج لمحتوى حساس وجنسي، بما في ذلك محتوى التعري، وفقًا للمعايير الخاصة بمواقع السوشيال ميديا المختلفة.
و أكدت مصادر خاصة لـ الأسبوع أن المتهم نصر الدين. أ، لديه شغف باللغة العربية ودراسة النحو والصرف، بالإضافة إلى اهتمامه بتفسير القرآن الكريم. ومن أبرز اهتماماته متابعة تفسير الشيخ الشعراوي، حيث كان يتابعه حتى في سنواته الأخيرة، والتي تزامنت مع ممارسته لتصفية ضحاياه ودفنهم وقتلهم. كما أن المتهم كان يمتلك ستة هواتف محمولة، يقوم بتشغيل القرآن الكريم عليها بشكل متواصل، وعندما تنفد بطارية أحد الهواتف، يعمد فوراً إلى تشغيل الهاتف الآخر.
و قد عثرت الأجهزة الأمنية في محافظة الإسكندرية، في الساعات الأولى من صباح اليوم، على جثمان رجل مدفون أسفل عقار يقع في منطقة الـ45 شرق المحافظة. جاء ذلك في سياق عمليات الحفر المستمرة للكشف عن المزيد من ضحايا المتهم نصر الدين و بحسب المصادر الأمنية، استمرت عمليات الحفر في الطابق الأرضي من العقار لمدة خمس ساعات متواصلة، حيث تمكنت القوات من استخراج جثمان الضحية، الذي كان مقطّعًا إلى جزئين داخل كيسين بلاستيكيين منفصلين. وقد تم دفنه تحت طبقة خرسانية صبها الجاني بهدف إخفاء معالم الجريمة.
ذكرت مصادر أمنية لمجلة الأسبوع أنه خلال عمليات الحفر، تم اكتشاف بطاقة فيزا كارد تعود للضحية، كانت مدفونة تحت الأنقاض وتحت الطبقة الخرسانية، مما سيسهم في مساعدة الجهات المعنية على تحديد هوية الضحية بشكل دقيق. يأتي هذا الاكتشاف في سياق التحقيقات الجارية مع المتهم نصر الدين أ، الذي يواجه اتهامات بقتل ودفن عدد من الضحايا داخل عقارات مستأجرة.
و قد قررت السلطات احتجاز المتهم لمدة 15 يومًا على ذمة التحقيقات، وذلك بعد اكتشاف جثتين مدفونتين داخل شقة في الطابق الأرضي بمنطقة المعمورة البلد، التي كان يستأجرها المعني بالأمر حيث أثارت هذه الجرائم حالة من القلق والذعر بين سكان المنطقة.
وكشفت التحقيقات أن المتهم هو محامٍ يعمل في المنطقة، بالإضافة إلى إدانته مع سبعة أشخاص آخرين في القضية، حيث يواجه الجميع اتهامات بالقتل العمد والتستر على الجرائم، مع استمرار البحث عن مزيد من الضحايا.
تواصل الأجهزة الأمنية جهودها الاستقصائية والتحقيقية لكشف المزيد من التفاصيل المتعلقة بالجرائم المنسوبة إلى المتهم. يأتي ذلك في ظل مخاوف من إمكانية اكتشاف ضحايا آخرين في مواقع متفرقة، خاصة بعد تزايد البلاغات عن أشخاص مفقودين خلال الفترة الأخيرة.