سودانايل:
2025-03-13@00:27:42 GMT

ايقاف الحرب … ذلك التحدي الكبير

تاريخ النشر: 30th, May 2024 GMT

بقلم: د. محمد حمد مفرح
الجزء ٢/١
نظرا لتداعياتها الكبيرة، واسعة النطاق على أكثر من صعيد، و غير المسبوقة و التي قلبت الحياة في السودان رأسا على عقب، فقد أصبحت الحرب بالسودان عبئا ثقيلا على المواطن يصعب ان لم بستحيل تحمله. و بعيدا عن محاولة حصر هذه التداعيات، نظرا لأنني سبق و ٱن عددتها و تناولتها بالتفصيل، كغيري من الكتاب و المحلليين السياسيين، فمن الممكن اجمالها في الاثار السالبة و الاضرار البالغة و الواسعة التي طالت المواطن و الممتلكات و مقدرات البلاد و خلافها.

و قد تضاعفت هذه التداعيات و انعكست افرازاتها على الوطن و المواطن على نحو بالغ مع استمرار الحرب و اتساع نطاقها و بروز تعقيداتها و ما ألقته من ظلال جد قاتمة على الحياة العامة بالبلاد
لذا فقد غدت امال المواطن السوداني تشرئب الى اليوم الذي تضع فيه الحرب اوزارها حتى يستعيد توازنه النفسي الذي فقده جراء هذه الحرب و يتهيأ لحياة طبيعية قوامها الامن و السلم المجتمعي Societal peace و الاستقرار، تعود معها حياته لسيرتها الأولى. و ليس ثمة من شك في ان معاناة المواطن جراء هذه الحرب التي دخلت عامها الثاني قد تضاعفت اكثر فأكثر نظرا لأنها تمثل تحد غير مألوف و مكابدة لم يعهدها من قبل، ما جعله امام اختبار حقيقي لقدراته و تعامله مع ظروف استثنائية Exceptional circumstances تتجلي من خلالها تحديات فوق العادة لم يألفها من قبل.
و ليس أدل على بلوغ التأثيرات المدمرة للحرب منتهاها من ادانة طرفيها من قبل عدة جهات سودانية و خارجية مع فرض عقوبات ضدهما بواسطة امريكا جراء انتهاكاتهما المتكررة للقانون الدولي في شتى صوره.
و لما كان الانسان، بحكم تكوينه النفسي و طبيعته، ينزع الى تحاشي ركوب الصعاب و يصعب عليه التأقلم مع الظروف غير المالوفة، لا سيما تلك التي تورث المعاناة الشديدة، فقد صار المواطن السوداني يتوق الى اليوم الذي تضع فيه هذه الحرب اوزارها، و يحلم فيه بحياة يظللها الأمن و السلم، يجد فيها نفسه و تتواصل فيها سيرورة حياته الطبيعية. و تبعا لذلك فقد جأر هذا المواطن بالشكوى بلسان الحال و لسان المقال معا بعد أن واجه الموت و عاني من انعدام الامن على نفسه و ممتلكاته ثم ذاق مرارة النزوح و اللجوء و شظف العيش و خلافه مما لا يعد و لا يحصى من صنوف المكابدة. و بذا فقد اصبح من الطبيعي أن يحلم بوضع نهاية لهذه الحرب عاجلا غير اجل، و يضع امالا عراضا على الحراك الذي تقوم به القوى المدنية بهدف تحقيق حلمه هذا.
من جانب اخر فان واقع الحال السياسي بالبلاد يعكس ازمة حقيقية متطاولة لا تبشر، للأسف الشديد، بخير كونها تعد ازمة مركبة يصعب تفكيكها في ظل عدم توافر معطيات الحل الفوري لهذه الأزمة، على الاقل في الافق المنظور. و يتمثل ذلك في أن احد طرفي الحرب، و تحديداً قيادة الجيش، قد اعلن صراحة ،اكثر من مرة، موقفه الرافض لايقاف الحرب و عزمه على المضي قدما في خوضها، مهما كلف الأمر، ضاربا بذلك عرض الحائط بكل افرازاتها المدمرة و حلم المواطن بوقفها. و قد ظل هذا الطرف يبرر موقفه الرافض لايقاف الحرب بعدم ايفاء الطرف الآخر (الدعم السريع) بالتزاماته التي سبق و أن تعهد بها عبر توقيعه اتفاق بينه و بين الجيش، في احدي جولات التفاوض بمنبر جدة، يقضي بانجاز هذه الالتزامات المتمثلة في الخروج من الإعيان المدنية و منازل المواطنين و خلافه من شروط. و مما لا شك فيه أن هذا الموقف مثل و سيمثل حجر عثرة في طريق إيقاف الحرب و من ثم المضي في كل مطلوبات تفكيك ازمة الوطن، اذا ما تم العزف على وتره هكذا لوحده دون الوقوف على الحيثيات الأخرى المرتبطة به من اجل ايجاد مخرج من ازمة الحرب الدائرة.
و إذا ما اردنا ان نخضع مبرر قيادة الجيش هذا الى التحليل المجرد، الموضوعي، غير المتحامل و غير المنحاز، بعيدا عن الوقوق على كل تفاصيل الاتفاق المذكور، و دون الغوص في جدلية الازمة بكل تعقيداتها، للتأكد عن مدى وجاهة هذا المبرر من عدمها، إذا اردنا ان تفعل ذلك يمكننا التأكيد على ان هذا المبرر لا يستند الى منطق داخلي مقنع، على أي وجه قلبناه و مهما حاولنا سبر اغواره. ذلك انه يتعين على قيادة الجيش اقناع الجماهير و الوسطاء بمنبر جدة ( المملكة العربية السعودية و امريكا) بانها، أي قيادة الجيش، حريصة على إيقاف الحرب و تحقيق كل ما يستتبع ذلك. و هذا بستلزم، ببساطة، قيامها بتلبية دعوة الوسطاء الخاصة بجولة التفاوض الجديدة المزمع عقدها بجدة بهدف ايقاف الحرب و غيره من مطلوبات ملحة، بدلا عن التصريح بعدم.ايقافها بناء على المبرر سالف الذكر. بمعنى اخر يمكن لقيادة الجيش حضور جولة التفاوض المزمع عقدها و الافصاح خلالها عن مبررها او حجتها ذات الصلة بعدم ايقاف الحرب بناء على عدم ايفاء الدعم.السريع بالتزاماته المشار إليها، و بالتالي الطلب من الوسطاء الزام الدعم السريع بالوفاء بهذه الالتزامات حتى لا يكون ذلك سببا مفتاحيا في استمرار الحرب. و على الوسطاء البت في هذا الرأي او الحجة بناء على نص الاتفاق و سماع رد الدعم السريع و بالتالي الخلوص الى نتيجة تدعم حجة الجيش و من ثم الزام الدعم السريع بالوفاء بالتزاماته او نقض حجة الجيش بمسوغات و حيثيات موضوعية تستند الى نص الاتفاق و منطق الاشياء حسب الحيثيات المتوافرة و خلافه، و من ثم اتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف الحرب بكل الوسائل الممكنة التي يمكن ان تحمل الطرفين المتقاتلين على النزول عند إرادة الجماهير السودانية و مراعاة مصلحتها مع الحرص على تماسك كيان الوطن و صيانة وحدته المهددة بالتداعي.
و مما يجدر ذكره، في هذا الصدد، ان هنالك حاجة لممارسة ضغوط حقيقية و مخلصة من قبل طرفي الوساطة و كل القوى الاقليمية و الدولية ذات التأثير المبرا من الغرض من اجل حمل طرفي القتال على إيقاف الحرب و الوفاء بالمطلوبات الأخرى.
غني عن القول ان طرفي القتال مطالبان بشدة، باسم الدين و الدواعي الوطنية و الانسانية و خلافها، بالحكمة و الاستماع لصوت العقل مع مراعاة ظروف الوطن و المواطن في ظل هذا الظرف الدقيق من عمر الوطن، من اجل اتخاذ قرار تاريخي لوقف الحرب فورا.

mohammedhamad11960@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الدعم السریع قیادة الجیش هذه الحرب من قبل

إقرأ أيضاً:

رمضان يخفف من قساوة التحديات التي يواجهها رواد الأعمال السودانيون

لم يجد رجل الأعمال مشعل محمود محمد مناصا من مغادرة الخرطوم بحري بعد اندلاع الحرب في السودان منتصف أبريل/نيسان 2023، متوجها إلى إثيوبيا.

كان مشعل يعمل في الخرطوم بالاتجار بقطع غيار آليات الورش، ونجح في تحقيق أرباح جيدة، وظل يعمل في هذا المجال حتى اندلاع الحرب، حيث خسر معارضه التجارية ومنزله وسياراته.

يقول مشعل لـ"الجزيرة نت" إنه خسر كل شيء، حيث سُرقت جميع محلاته ومعرضه في مدينة بحري (شمالي العاصمة)، مما دفعه إلى المغادرة في مايو/أيار 2023.

وبعد وصوله إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا برفقة أسرته، فكر على الفور في العودة إلى مجاله السابق، لكنه واجه واقعا تجاريا مختلفا تماما عن السودان من حيث رأس المال والإجراءات.

وبعد تفكير، يقول مشعل إنه اتخذ قرار افتتاح مطعم لإعداد الوجبات السودانية، خاصة أن الفترة تلك شهدت وصول أعداد كبيرة من السودانيين إلى إثيوبيا لاستكمال إجراءات السفر إلى دول أخرى.

وخلال شهر رمضان من العام الماضي، كان مطعم مشعل يلبي طلبات مواطني بلاده على الإفطار والعشاء بأطباق سودانية ذائعة الصيت، لاقت رواجا كبيرا، خاصة مع تقديم المشروبات الرمضانية السودانية المعروفة، ومنها "الحلومر".

إعلان

ويوضح مشعل لـ"الجزيرة نت" أن طبيعة العمل كانت في البداية صعبة للغاية في ظل الحاجة إلى تحضيرات متواصلة من دون توقف أو إجازات، حيث كان لزوجته الدور الأكبر في إدارة العمل وتحريكه بشكل رئيسي، ولذلك قرر تسمية المطعم بـ"البيت السوداني"، لأن زوجته تعدّ الطعام كما تفعل في المنزل.

وبالعودة إلى بداية العمل، يرى مشعل أنه كان مزدهرا، حيث كان عدد السودانيين كبيرا، لكنه تراجع حاليا مع تناقص الأعداد وتراجع أرقام العابرين إلى دول أخرى. ومع ذلك، يقول رجل الأعمال الشاب إن الأمور لا تزال تسير على ما يرام، إذ يستعد خلال شهر رمضان الحالي بتحضيرات نوعية، كما يسعى إلى جذب الإثيوبيين وغيرهم لتجربة الطعام السوداني.

الحرب دفعت رواد الأعمال إلى مواجهة خسائر قاسية والتكيف مع واقع اقتصادي صعب (الفرنسية) خير رمضان وكرمه

ويقول رجل الأعمال خالد بيرم، الذي يشغل أيضا منصب أمين مكتب الشؤون الخارجية للغرفة التجارية بمحلية عطبرة بولاية نهر النيل شمال السودان، إن رمضان هو شهر الخير والبركة، وينعكس كرمه على الجميع.

ويؤكد لـ"الجزيرة نت" أن الحركة التجارية في الشهر الفضيل تُعرف بـ"الموسم"، حيث تزدهر بشكل ملحوظ ويتعاظم الطلب على سلع ومنتجات مختلفة.

ويضيف: "الأعمال والتجارة بشكل عام في السودان خلال الشهر الفضيل تكون في حالة انتعاش ونمو، وتبدأ دائما قبل حلول شهر رمضان بـ10 أيام تقريبا، أو حتى اليوم الذي يسبق بدايته، حيث تشهد الأسواق حركة مكثفة ونشطة".

ويوضح أنه عندما يتعلق الأمر بالمواد الغذائية، فإن الناس يكونون على استعداد لشرائها، وغالبا ما ترتفع أسعارها.

أما فيما يتعلق بالغرفة التجارية في عطبرة، فيشير بيرم إلى أن التجار يقومون بتجهيز سلال للصائمين، تحتوي على المواد الغذائية الأساسية للصائم، كما يقوم بعض التجار بإخراج سلال إضافية لرمضان من أموالهم الخاصة.

إعلان

ويؤكد بيرم أن هناك حركة واسعة للأموال والتجارة والبضائع، وهذا يزيد الأرباح والدخل، مشيرا إلى أنه كلما زاد الدخل، زاد الإنفاق على الفئات الضعيفة من خلال الصدقات والإكراميات والسلال الغذائية وزكاة الفطر والتبرعات.

ويستطرد قائلا: "اسم رمضان كريم لم يأتِ من العدم، الله يوفّر احتياجات الناس، وهناك حالة من السعادة بين الجميع، بما في ذلك التجار ورجال الأعمال".

صعوبات جمة

لمجموعة "أبو الفاضل بلازا" في السودان صيت خاص، خصوصا عند حلول شهر رمضان المبارك، إذ يُعتبر الموسم الذي ينتظره آلاف السودانيين للاستفادة من التخفيضات وشراء المستلزمات المنزلية، حيث تتميز المجموعة بالاستيراد الراقي والأسعار المناسبة.

مجموعة أبو الفاضل بلازا خسرت الكثير بسبب الحرب (الجزيرة)

لكن الحرب ألقت بظلالها القاتمة على المجموعة في كل فروعها المنتشرة في مدن الخرطوم الثلاث (الخرطوم، وأم درمان، والخرطوم بحري)، كما يقول هاشم أبو الفاضل لـ"الجزيرة نت"، حيث خسرت الشركة بضائعها بالكامل إما بالاحتراق أو السرقة أو النهب والتخريب، ولم يتمكنوا من إنقاذ أي شيء باستثناء البضائع التي كانت تحت التخليص الجمركي بالميناء.

ويروي هاشم لـ"الجزيرة نت" سلسلة معاناة صعبة عاشها رواد الأعمال في القطاع الخاص السوداني، بسبب الحرب التي اندلعت فجأة من دون أن يتمكن أصحاب الشركات، خاصة وسط العاصمة الخرطوم، من تدارك الأمر وإنقاذ ما يمكن من رأس المال.

ويشير إلى أن 90% من أصحاب الأعمال عادوا إلى نقطة الصفر، وفقدوا كل شيء تقريبا، ليصبح القطاع الخاص أكبر المتضررين من الحرب المستمرة منذ نحو عامين.

ومع ذلك، يقول هاشم إنهم حاولوا النهوض مجددا والعودة إلى العمل، ورفضوا الخروج بما تبقى من رأس المال إلى خارج البلاد، فقرروا افتتاح فروع جديدة للمجموعة في بورتسودان والعودة للعمل في أم درمان بعد تحسن الأوضاع الأمنية جزئيا.

إعلان

لكنه يشكو من تعامل السلطات الحكومية، مشيرا إلى أنها تفرض رسوم جمارك وغيرها من الجبايات بأرقام فلكية، لا تراعي الخسائر الفادحة التي تكبدها القطاع الخاص، ولا تضع في اعتبارها حرص رجال الأعمال على المساهمة في إعادة الإعمار.

ويشبه هاشم أوضاعهم الحالية بمن يمشي على النار، لكنه رغم ذلك يؤكد أنهم حريصون على مواصلة العمل وتجاوز الصعاب الحالية.

خسائر كبيرة

وإزاء الأوضاع الاقتصادية في السودان، يقول الخبير في الشؤون الاقتصادية عبد العظيم المهل للجزيرة نت إن القطاع الخاص السوداني خسر الكثير في هذه الحرب قدرت في القطاعين الصناعي والخدمي في الخرطوم بـ90%، وفي ولاية الجزيرة تصل نسبة الخسائر إلى 88% ، أما في ولايات دارفور عدا الفاشر فتقدر الخسائر بـ80% في القطاعين.

ويشير إلى أن تقديرات جملة خسائر القطاع الخاص في كل القطاعات بحوالي 130 مليار دولار 90% منها لا تخضع للتأمين.

ويرى أن القطاع الخاص بحاجة لوقت كي يعود للعمل لكنه يتوقع عودته بنحو أسرع من القطاع العام.

ويأسف المهل لخروج بعض رواد الأعمال في القطاع الخاص من السودان والهجرة للخارج بينما نزح آخرون داخليا وهو ما قد يؤدي إلى تشتت الصناعة والخدمات بعيدا عن العاصمة.

ويرى المهل أن الفجوات تطال كل القطاعات التي ستبدأ من نقطة الصفر ويردف إذا تم ذلك فسوف ينهض الاقتصاد السوداني خلال نحو 3 أعوام، مؤكدا إمكانية التعافي والنهضة في حال وجدت السياسات المستقرة والإدارة الواعية والتكنولوجيا الحديثة في كل المجالات متبوعة بالقبضة الأمنية القوية والاستقرار السياسي.

مقالات مشابهة

  • البرهان ينفي إمكانية التفاوض مع الدعم السريع ويؤكد استمرار القتال لإنهاء التمرد
  • شاهد بالفيديو.. بعد غلق الجيش لكل المحاور وتشديد الخناق.. فرد الدعم السريع الشهير “ستائر” يتبرأ من “الدعامة” ويؤكد أنه مواطن عادي
  • «47 مركبة و100 طائرة مسيرة».. الجيش السوداني يلحق خسائر فادحة لميليشيا الدعم السريع
  • قائد الجيش السوداني يضع شرطا صارما للسلام مع الدعم السريع
  • البرهاني ينفي إمكانية التفاوض مع الدعم السريع ويؤكد استمرار القتال لإنهاء التمرد
  • الجيش السوداني يبتدر عملية عسكرية كبيرة لاستعادة آخر جسر في الخرطوم من الدعم السريع
  • الجيش السوداني يكشف أسباب التصعيد في نيالا بين فصائل قوات الدعم السريع
  • رمضان يخفف من قساوة التحديات التي يواجهها رواد الأعمال السودانيون
  • إذ أراد الجيش انتصار بالخرطوم عليه التصدي بشكل حاسم لظاهرة الشفشفة في المناطق التي يستعيدها
  • عمليات سرقة ونهب لبيوت المواطنيين في المناطق التي حررها الجيش