دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تطل  تلة "بروسبكت هيل"، المعروفة بـ"جينغشان" فوق المركز الإمبراطوري للعاصمة الصينية، بكين. ومن معبدٍ في قمته المتواضعة، تتجلّى إطلالة بانورامية للمدينة.

في الجنوب، تمتد الأسطح الذهبية الباهتة للمدينة المحرمة، بينما تقف ناطحات السحاب في المنطقة التجارية بالمدينة شرقًا.

 

وفي الشمال، يقع برجا الجرس والطبل، وكانا ذات يوم بمثابة ساعة جماعية للمدينة. 

على طول المحيط الغربي، تمتد مياه البحيرات الاصطناعية الهادئة التي تُحيط بها الأشجار، والتي حُفِرت يدويًا من أجل متعة الأباطرة السابقين.

صورة خلال اجتماع شارك فيه الزعيم الصيني شي جين بينغ في مجمع "تشونغنانهاي" بعام 2014. Credit: Simon Song/South China Morning Post/Getty Images

ولا يرغب القادة الصينيون اليوم أن يرى الأشخاص هذا المنظر الجوي والمباني المحيطة بمجمع "تشونغنانهاي"، وذلك لأن الموقع الذي تبلغ مساحته 1500 فدان (أكثر من 6 ملايين متر مربع) من الأجنحة، والمعابد الإمبراطورية المُعاد استخدامها، إلى جانب المكاتب الرمادية الحديثة، شكل المركز القيادي للحزب الشيوعي الصيني الحاكم منذ عام 1950.

وباعتباره مقرًا للسلطة، غالبًا ما يُنظر إلى مجمع "تشونغنانهاي" على أنّه النظير الصيني للبيت الأبيض، أو الكرملين. 

والمجمع، وهو مرادف لنخبة الحزب الشيوعي الصيني، ومن بين أكثر الأماكن سرية في البلاد، محاط بجدار أحمر يعود لقرون من الزمن، ويتضمن عدد لا يُحصى من كاميرات المراقبة، وتحرسه قوات أمنية يرتدي أفرادها ملابس مدنية أو زي رسمي.

ملاذ هادئ مجمع "تشونغنانهاي" المغطى بالثلج في عام 2011. Credit: Feng Li/Getty Images

بالنسبة لأسلاف الزعيم الصيني، شي جين بينغ، من الأباطرة، أدّى الموقع وظيفة مختلفة إلى حدٍ ما. 

وبينما كان أباطرة سلالتي "مينغ" و"تشينغ" يحكمون مملكتهم الشاسعة من داخل المدينة المحرمة، إلا أنّهم بنوا معابد، وقاعات، ومساحات معيشة في "تشونغنانهاي" كانت أكثر بساطة من تلك الموجودة في القصر.

وغالبًا ما كان هدف هذه المساحات الاستفادة من المناظر التي توفرها المياه الهادئة في المنطقة، والحدائق المخططة بعناية. 

وكان العديد من هؤلاء الأباطرة يفضلون قضاء أيامهم بين أشجار الصفصاف المتدلية في البساتين.

تغييرات معمارية صورة التُقِطت للبوابة الجنوبية للمجمع بين عامي 1912 و1914. Credit: William Cooper/Courtesy Special Collections, University of Bristol Library

خضع مجمع "تشونغنانهاي" إلى العديد من التعديلات المعمارية الكبيرة منذ نهاية الحكم الإمبراطوري في عام 1912. 

وبعد تنازل الإمبراطور الأخير عن العرش، منحه الرئيس الصيني الجديد، يوان شيكاي، حق العيش في القسم الشمالي من المدينة المحرمة، ومن ثم استولى على "تشونغنانهاي" ليكون المقر الرئيسي لإدارته الجديدة.

وشملت أبرز التغييرات إعادة استخدام جناح يتكونّ من طابقين في أقصى جنوب الحدائق. 

وبنى الإمبراطور تشيان لونغ الجناح، المعروف باسم "برج القمر الثمين" (Precious Moon Tower)، قبل عقود من الزمن من أجل عشيقته التي شعرت بالحنين إلى الوطن، وهي امرأة مسلمة من شينجيانغ أُخِذت إلى بكين كجزء من غنائم الحرب. 

وأعاد يوان تصميم هذا الجناح ليصبح المدخل الرئيسي لمجمعه الرئاسي، وأنشأ برج مراقبة طويل في الجهة الشرقية له.

مقر السلطة صورة تُظهر ماو تسي تونغ مع أشخاص آخرين في المجمع. Credit: Alamy Stock Photo

في البداية، بعد انتصار الشيوعية في الحرب الأهلية الصينية بعام 1949، أقام ماو تسي تونغ في "Shuangqing Villa" بـ"Fragrant Hills"، وهي حديقة إمبراطورية سابقة أخرى تقع غرب بكين. 

وكان ماو قلقًا من ترسيخ نفسه في قلب بكين الامبراطوري، وقيل إنّه رفض دخول المدينة المحرمة خوفًا من ربطه بهياكل السلطة في الصين الإقطاعية القديمة، والتي حارب من أجل الإطاحة بها.

ورُغم ذلك، انتقل ماو إلى مجمع "تشونغنانهاي" في النهاية. 

وفي أواخر عام 1949، أقام ماو في حديقة "Garden of Abundant Beneficence"، وهو مجمع كبير استقبل فيه كبار الشخصيات، وعاش فيه حتى عام 1966.

وبعد إعادة تأسيس "تشونغنانهاي" كمركزٍ للسلطة السياسية في الصين الجديدة، شرع ماو في إعادة بناء المجمع وفقًا لذوقه الخاص. 

وقال مؤلف كتاب "البحث عن بكين المتلاشية: دليل لعاصمة الصين عبر العصور"، إم إيه ألدريتش لـCNN إنه "منذ عام 1949، توغلت مجموعة متنوعة من أنماط الهندسة المعمارية الجديدة إلى تشونغنانهاي، مع إضافة ملعب تنس، وصالة للألعاب الرياضية، ومسابح، ومباني غربية تعلوها أسطح صينية، ما أضاف لمسة متعارضة لم تكن لتحظى بالتقدير من قِبَل أصحابها الأصليين من ذوي التفكير التقليدي".

لقطة من عام 1983 تُظهر مجموعة من الزوار في "تشونغنانهاي". Credit: Newscom

وفي عام 1966، انتقل ماو من حديقة "Garden of Abundant Beneficence" إلى منزلٍ بني خصيصًا بجوار المسبح الداخلي الذي كان يحبه. 

وكثيرًأ ما كان يستقبل المسؤولين للتحدث معه وهو يطفو فوق الماء، مع استقباله الزعيم الروسي نيكيتا خروتشوف في حمام السباحة الخاص به خلال زيارة بعام 1958.

ولم يكن المجمع محظورًا على العامة دائمًا بعد انهيار الأسرة الإمبراطورية في الصين.

وفي أواخر عشرينيات القرن العشرين، تحول المجمع إلى حديقة، حيث سُمح للسياح بركوب القوارب، والسباحة في البحيرات. وفي الثمانينيات، تمكن الجمهور من الوصول إلى بعض المواقع التاريخية، والمناظر الطبيعية الخلابة، بما في ذلك مقر إقامة ماو السابق، في جولاتٍ منظمة خلال عطلة نهاية الأسبوع. 

مخاوف أمنية حديثة يُعتَبَر المجمع من بين الأماكن الأكثر سريةً في الصين. Credit: Bloomberg/Getty Images

واليوم، يخضع مجمع "تشونغنانهاي" لحراسة مشددة أكثر من أي وقت مضى، ولكن تسبب التطور العنيد للمدينة بتحديات عندما ارتبط الأمر بالحفاظ على سرّيته. 

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: شي جينبينغ فی الصین

إقرأ أيضاً:

«دار الزين».. رحلة مذهلة إلى عالم البرية والطبيعة الساحرة

أبوظبي (الاتحاد)
تنطلق فعاليات مهرجان «دار الزين» بحلته الجديدة والمستوحاة من روائع الطبيعة الخلابة، خلال الفترة من 14 إلى 23 فبراير المقبل في حديقة الجاهلي بالعين، مع برنامج حافل بالأنشطة الترفيهية والعائلية وتجارب الطعام الشهيّة والعروض الحيّة والمجانية التي تلبي تفضيلات كافة أفراد العائلة.يدعو المهرجان الزوّار للابتعاد عن صخب المدينة والتواصل مع روائع الطبيعة في الهواء الطلق، من خلال برنامجه الغني بالأنشطة الترفيهية والمغامرات المستوحاة من سحر الطبيعة الخلابة، وتقدم نسخة هذا العام، التي تُقام في حديقة الجاهلي، مجموعة من مسارات التحدي الشيّقة والألعاب الترفيهية الممتعة، فضلاً عن ورش العمل المسليّة، وباقة من العروض التفاعلية والأنشطة المخصصة للأطفال والعروض الموسيقية الحيّة، وأشهى المأكولات والنكهات المحلية والعالمية، بما يتيح للعائلات والأطفال من مختلف الأعمار فرصة قضاء أوقات لا تنسى وسط أجواء مميزة للغاية

مغامراتٌ عائلية
يشهد مهرجان هذا العام مشاركة مجموعة من الشخصيات الكرتونية المحبّبة، مثل «كوكوميلون»، وغيرها من الشخصيات الشهيرة والمستوحاة من عالم الطبيعة والحياة البرية، ويتاح أمام عشاق كرة القدم من الشباب فرصة اللقاء مع نجم اليوتيوب (SV2)، وحضور ورشة عمل كرة القدم، بما يضمن لهم الاستمتاع بتجربة ملهمة تجمع بين الرياضة والمرح.
كما تقدم نسخة هذا العام إضافات جديدة ومميزة مثل «ميدان المعركة» الذي يحاكي أجواء المعارك الحقيقية، بفضل ما يقدمه من ألعاب الليزر وتقنيات التصويب المتطورة، ما يوفّر تجربة ترفيهية فريدة للاعبين وعشاق المغامرات، كما يستمتع الأطفال أيضاً باكتشاف «مسار تحدي العقبات» التفاعلي والمليء بالحواجز والعقبات المستوحاة من أشكال الحيوانات، فيما تبرز «منطقة المغامرات»، التي تضم زيبلاين، وجدران تسلق، من بين أكثر الأماكن المرتقبة هذا العام، والتي تتيح للزوار والعائلات الاستمتاع بأروع اللحظات في الهواء الطلق وتسجيل أروع الذكريات.
متعة ومرحوتضفي الأنشطة الترفيهية وألعاب المهارات المزيد من البهجة على المهرجان، وتشمل الإضافات الجديدة هذا العام حديقة الألعاب المطاطية، التي توفر منزلقات شاهقة تَعدُ بساعات من المرح لجميع الأعمار، ويحظى الزوار بتجربة ألعاب الأركيد الجديدة والمتنوعة، فضلاً عن التعرف على عالم تعدين الأحجار الكريمة، والذي يوفر تجربة عملية تتيح للمستكشفين الصغار فرصة اكتشاف الكنوز الفريدة، وفي الوقت نفسه، تستمر مناطق المهرجان المفضلة، مثل مناطق الفنون والحرف اليدوية في إبهار روّاد المهرجان، أيضاً تشكل أعمال التركيب الفنية خلفيات مذهلة لالتقاط الصور الرائعة في الهواء الطلق، والتي تجسد ذكريات مذهلة يحلو نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي.

مأكولات ونكهات
يمكن لعشاق الطعام من زوار المهرجان تجربة تشكيلة من أشهى النكهات والأطباق المحلية والعالمية، حيث تقدم ساحة الطعام النابضة بالحياة باقة فريدة من المأكولات وخيارات الطعام العالمية والمبتكرة، وغيرها من الخيارات التي تحمل توقيع نخبة من أشهر العلامات التجارية المحلية في المنطقة، بدءاً من وجبات البرجر إلى أصناف الحلويات الشهية.
ومن المتوقّع أن تستقطب عروض وفعاليات المهرجان الزوّار من جميع الأعمار، حيث يستضيف المسرح الترفيهي عروضاً حيّة ومميزة تتنوع بين الحفلات الموسيقية المحلية وورش العمل التفاعلية.

وجهة مثالية
على بعد أقل من 90 دقيقة من أبوظبي ودبي، تقع مدينة العين، والتي اختيرت لتكون عاصمة السياحة الخليجية لعام 2025، وهي تعتبر الوجهة العائلية المثالية للمغامرات والتجارب الملهمة في الهواء الطلق، وفي قلب هذه المدينة الرائعة، تقع حديقة الجاهلي، إحدى أكبر الحدائق وأكثرها جمالاً في العين، وبفضل المساحات الخضراء الشاسعة، ومناطق التنزّه المظلّلة، والممرات الخلابة، تبرز هذه الحديقة بجمالها الطبيعي، كمكانٍ مثالي لقضاء أروع الأوقات في رحاب الطبيعة.
ومن المغامرات المثيرة في حديقة المغامرات إلى التجارب التفاعلية والمأكولات العالمية، يحوّل مهرجان دار الزين حديقة العين إلى وجهة مميّزة للترفيه والاستمتاع وصناعة أحلى الذكريات، بعيداً عن صخب المدينة والتواصل من جديد مع العائلة والطبيعة.

أخبار ذات صلة منحة رائد الفضاء آل وردن إنديفور تذهب لفريق طلابي إماراتي حمدان بن محمد يثمّن جهود فريق مركز محمد بن راشد للفضاء في نجاح إطلاق مهمة «محمد بن زايد سات»

مقالات مشابهة

  • الصين والمكسيك وكندا تندد بالرسوم الجمركية التي فرضها ترامب
  • مجمع الملك فهد يستعرض أحدث إصدارات وتقنيات طباعة المصحف الشريف بمعرض الكتاب
  • 25 فبراير.. مزايدة علنية لتأجير وحدات مجمع الكرنك الحرفي شمال قنا
  • أسد الفيوم.. نقيب البيطريين يكشف مفاجأة بشأن الهجوم على حارس الحديقة
  • تقرير: الصين تبني مركزا عسكريا ضخما غرب بكين للقيادة في زمن الحرب
  • تقرير: الصين تبني مركز عسكري ضخم غرب بكين للقيادة في زمن الحرب
  • هذا الكاتب أكل في أفخم مطاعم العالم وهذه أفضل الوجبات التي تذوقها
  • تطبيق ديب سيك الصيني يتسبب بأزمة داخل الكونغرس الأميركي
  • محافظ الوادي الجديد ووفد النواب والشيوخ يتفقدون مجمع التمور
  • «دار الزين».. رحلة مذهلة إلى عالم البرية والطبيعة الساحرة