الصين..داخل الحديقة الساحرة التي أصبحت المقر السري للسلطة
تاريخ النشر: 30th, May 2024 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تطل تلة "بروسبكت هيل"، المعروفة بـ"جينغشان" فوق المركز الإمبراطوري للعاصمة الصينية، بكين. ومن معبدٍ في قمته المتواضعة، تتجلّى إطلالة بانورامية للمدينة.
في الجنوب، تمتد الأسطح الذهبية الباهتة للمدينة المحرمة، بينما تقف ناطحات السحاب في المنطقة التجارية بالمدينة شرقًا.
وفي الشمال، يقع برجا الجرس والطبل، وكانا ذات يوم بمثابة ساعة جماعية للمدينة.
على طول المحيط الغربي، تمتد مياه البحيرات الاصطناعية الهادئة التي تُحيط بها الأشجار، والتي حُفِرت يدويًا من أجل متعة الأباطرة السابقين.
صورة خلال اجتماع شارك فيه الزعيم الصيني شي جين بينغ في مجمع "تشونغنانهاي" بعام 2014. Credit: Simon Song/South China Morning Post/Getty Imagesولا يرغب القادة الصينيون اليوم أن يرى الأشخاص هذا المنظر الجوي والمباني المحيطة بمجمع "تشونغنانهاي"، وذلك لأن الموقع الذي تبلغ مساحته 1500 فدان (أكثر من 6 ملايين متر مربع) من الأجنحة، والمعابد الإمبراطورية المُعاد استخدامها، إلى جانب المكاتب الرمادية الحديثة، شكل المركز القيادي للحزب الشيوعي الصيني الحاكم منذ عام 1950.
وباعتباره مقرًا للسلطة، غالبًا ما يُنظر إلى مجمع "تشونغنانهاي" على أنّه النظير الصيني للبيت الأبيض، أو الكرملين.
والمجمع، وهو مرادف لنخبة الحزب الشيوعي الصيني، ومن بين أكثر الأماكن سرية في البلاد، محاط بجدار أحمر يعود لقرون من الزمن، ويتضمن عدد لا يُحصى من كاميرات المراقبة، وتحرسه قوات أمنية يرتدي أفرادها ملابس مدنية أو زي رسمي.
ملاذ هادئ مجمع "تشونغنانهاي" المغطى بالثلج في عام 2011. Credit: Feng Li/Getty Imagesبالنسبة لأسلاف الزعيم الصيني، شي جين بينغ، من الأباطرة، أدّى الموقع وظيفة مختلفة إلى حدٍ ما.
وبينما كان أباطرة سلالتي "مينغ" و"تشينغ" يحكمون مملكتهم الشاسعة من داخل المدينة المحرمة، إلا أنّهم بنوا معابد، وقاعات، ومساحات معيشة في "تشونغنانهاي" كانت أكثر بساطة من تلك الموجودة في القصر.
وغالبًا ما كان هدف هذه المساحات الاستفادة من المناظر التي توفرها المياه الهادئة في المنطقة، والحدائق المخططة بعناية.
وكان العديد من هؤلاء الأباطرة يفضلون قضاء أيامهم بين أشجار الصفصاف المتدلية في البساتين.
تغييرات معمارية صورة التُقِطت للبوابة الجنوبية للمجمع بين عامي 1912 و1914. Credit: William Cooper/Courtesy Special Collections, University of Bristol Libraryخضع مجمع "تشونغنانهاي" إلى العديد من التعديلات المعمارية الكبيرة منذ نهاية الحكم الإمبراطوري في عام 1912.
وبعد تنازل الإمبراطور الأخير عن العرش، منحه الرئيس الصيني الجديد، يوان شيكاي، حق العيش في القسم الشمالي من المدينة المحرمة، ومن ثم استولى على "تشونغنانهاي" ليكون المقر الرئيسي لإدارته الجديدة.
وشملت أبرز التغييرات إعادة استخدام جناح يتكونّ من طابقين في أقصى جنوب الحدائق.
وبنى الإمبراطور تشيان لونغ الجناح، المعروف باسم "برج القمر الثمين" (Precious Moon Tower)، قبل عقود من الزمن من أجل عشيقته التي شعرت بالحنين إلى الوطن، وهي امرأة مسلمة من شينجيانغ أُخِذت إلى بكين كجزء من غنائم الحرب.
وأعاد يوان تصميم هذا الجناح ليصبح المدخل الرئيسي لمجمعه الرئاسي، وأنشأ برج مراقبة طويل في الجهة الشرقية له.
مقر السلطة صورة تُظهر ماو تسي تونغ مع أشخاص آخرين في المجمع. Credit: Alamy Stock Photoفي البداية، بعد انتصار الشيوعية في الحرب الأهلية الصينية بعام 1949، أقام ماو تسي تونغ في "Shuangqing Villa" بـ"Fragrant Hills"، وهي حديقة إمبراطورية سابقة أخرى تقع غرب بكين.
وكان ماو قلقًا من ترسيخ نفسه في قلب بكين الامبراطوري، وقيل إنّه رفض دخول المدينة المحرمة خوفًا من ربطه بهياكل السلطة في الصين الإقطاعية القديمة، والتي حارب من أجل الإطاحة بها.
ورُغم ذلك، انتقل ماو إلى مجمع "تشونغنانهاي" في النهاية.
وفي أواخر عام 1949، أقام ماو في حديقة "Garden of Abundant Beneficence"، وهو مجمع كبير استقبل فيه كبار الشخصيات، وعاش فيه حتى عام 1966.
وبعد إعادة تأسيس "تشونغنانهاي" كمركزٍ للسلطة السياسية في الصين الجديدة، شرع ماو في إعادة بناء المجمع وفقًا لذوقه الخاص.
وقال مؤلف كتاب "البحث عن بكين المتلاشية: دليل لعاصمة الصين عبر العصور"، إم إيه ألدريتش لـCNN إنه "منذ عام 1949، توغلت مجموعة متنوعة من أنماط الهندسة المعمارية الجديدة إلى تشونغنانهاي، مع إضافة ملعب تنس، وصالة للألعاب الرياضية، ومسابح، ومباني غربية تعلوها أسطح صينية، ما أضاف لمسة متعارضة لم تكن لتحظى بالتقدير من قِبَل أصحابها الأصليين من ذوي التفكير التقليدي".
لقطة من عام 1983 تُظهر مجموعة من الزوار في "تشونغنانهاي". Credit: Newscomوفي عام 1966، انتقل ماو من حديقة "Garden of Abundant Beneficence" إلى منزلٍ بني خصيصًا بجوار المسبح الداخلي الذي كان يحبه.
وكثيرًأ ما كان يستقبل المسؤولين للتحدث معه وهو يطفو فوق الماء، مع استقباله الزعيم الروسي نيكيتا خروتشوف في حمام السباحة الخاص به خلال زيارة بعام 1958.
ولم يكن المجمع محظورًا على العامة دائمًا بعد انهيار الأسرة الإمبراطورية في الصين.
وفي أواخر عشرينيات القرن العشرين، تحول المجمع إلى حديقة، حيث سُمح للسياح بركوب القوارب، والسباحة في البحيرات. وفي الثمانينيات، تمكن الجمهور من الوصول إلى بعض المواقع التاريخية، والمناظر الطبيعية الخلابة، بما في ذلك مقر إقامة ماو السابق، في جولاتٍ منظمة خلال عطلة نهاية الأسبوع.
مخاوف أمنية حديثة يُعتَبَر المجمع من بين الأماكن الأكثر سريةً في الصين. Credit: Bloomberg/Getty Imagesواليوم، يخضع مجمع "تشونغنانهاي" لحراسة مشددة أكثر من أي وقت مضى، ولكن تسبب التطور العنيد للمدينة بتحديات عندما ارتبط الأمر بالحفاظ على سرّيته.
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: شي جينبينغ فی الصین
إقرأ أيضاً:
البابا تواضروس يستقبل رئيس إستونيا في المقر البابوي بالقاهرة (صور)
استقبل البابا تواضروس الثاني، في المقر البابوي بالقاهرة اليوم الأربعاء، رئيس جمهورية إستونيا السيد ألار كاريس، والوفد المرافق له.
وأعرب البابا تواضروس الثاني عن سعادته بزيارة رئيس إستونيا والوفد المرافق لمصر والكنيسة القبطية، لافتًا إلى أن مصر بلد له خصوصية على مستوى التاريخ والجغرافيا، حيث يعيش المصريون حول نهر النيل ويرتبطون ارتباطًا وثيقًا بأرض الوطن، ويعتبرون أن النهر هو الأب، والأرض الأم.
مصر ذات تاريخ طويل وحضارة غنيةوأشار البابا إلى أن مصر أيضًا دولة لها تاريخ طويل وحضارة غنية، بفعل تراكم العديد من الحضارات فيها، مثل الحضارات الفرعونية، والمسيحية، والاسلامية، والبحر متوسطية والعربية وغيرها.ونوه إلى أن وحدة الشعب المصري هي وحدة طبيعية نتجت عن الحياة حول النهر، حتى أنه لا يمكن أن نعرف الفارق بين المصري المسيحي والمصري المصري فكلهم مصريون.
وأوضح البابا أن العائلة المقدسة زارت مصر وجالت فيها من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، فتباركت أرض مصر بتلك الزيارة.
وعن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية قال البابا: «الكنيسة بدأت في الإسكندرية على يد القديس مار مرقس الرسول الذي استشهد أيضًا في الإسكندرية»، وأن كلمة قبطي تعني مصري، وأن كنيسة الإسكندرية تتميز بالإيمان، والاستشهاد، والرهبنة التي بدأت بالراهب أنطونيوس الذي يوجد له دير بالقرب من البحر الأحمر، شرقي مصر.
علاقة قوية تربط الكنيسة بمؤسسات الدولةوعن علاقة الكنيسة القبطية بكافة أركان الدولة أكد البابا أن للكنيسة علاقات طيبة مع الرئيس السيسي، والحكومة والبرلمان، والمؤسسة الإسلامية الرسمية (الأزهر) وكذلك مع الكنائس المختلفة في مصر والعالم، مشيرًا إلى مجلس كنائس مصر الذي يضم كل الكنائس الموجودة على أرض مصر.
ولفت البابا إلى الدور الروحي للكنيسة والدور الاجتماعي الذي تحاول الكنيسة من خلاله أن تعطي المحبة المسيحية صورة عملية، وذلك بتأسيس المدارس والمستشفيات التي تفتح أبوابها لكل المصريين دون تفرقة، وشدد على أننا نسعى إلى ترسيخ السلام المحبة في كل مكان.
وأشاد البابا بقانون بناء الكنائس الذي أقرته الدولة المصرية في عهد الرئيس السيسي كثمرة لثورة المصريين في 30 يونيو 2013، وأن هذا القانون أتاح الفرصة للمسيحيين أن يمارسوا عبادتهم دون تعطيل، ونوه إلى خدمة مدارس الأحد التي يتربى فيها أبناء الكنيسة منذ الصغر، وسأله الرئيس الضيف عن نوع التعليم الذي يتلقاه الأطفال في مدارس الأحد، وأجابه قداسة البابا بأننا نعلم أولادنا الكتاب المقدس، والعقيدة والطقس الكنسي واللغة القبطية وغيرها من العلوم الكنسية.
ومن جهته أعرب الرئيس كاريس عن شكره للبابا على حسن الاستقبال، مشيرًا إلى حرصه على زيارة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ضمن برنامج زيارته لمصر، وأن بلاده أيضًا تتمتع بتراكم رصيد غني من تأثيرات الثقافات المختلفة التي تواجدت فيها، مثل الروسية والبولندية والدنماركية وغيرها، وبها أيضًا عديد من الكنائس، مؤكدًا على سعادته بزيارة مصر التي زارها من قبل مرتين، متمنيًا زيادة التعاون بين البلدين، وبين الجامعات في مصر وإستونيا، ولا سيما وأن بلاده تعطي أهمية خاصة للتعليم، وأن كافة الأعمال في إستونيا تتم بالأسلوب الرقمي. وأكد على أن لقاءه اليوم بالرئيس عبد الفتاح السيسي كان متميزًا للغاية.
وعقب انتهاء الجلسة، دون الرئيس الإستوني كلمة في سجل كبار الزوار كما تفقد مبنى الكاتدرائية المرقسية من الخارج واستمع لشرح عنها من البابا.