نريد جرأة إسبانيا.. وبلا حدود كالطلاب
تاريخ النشر: 30th, May 2024 GMT
يمكن قياس عظمة وشجاعة بلد أو أمة ما من خلال دفاعها عن حقوق "الآخر" الذي ليس فردًا منها. إن اتخاذ مثل هذا الموقف من أجل مبادئ سامية خالصة، مع إدراك المخاطر التي قد يتعين أن تواجهها، يزيد من احترام دولة وأمة كهذه.
إسبانيا، وإيرلندا، والنرويج اعترفوا رسميًا بدولة فلسطين. هذه الدول الثلاث ليس لديها أي طموحات جيوسياسية أو اقتصادية في فلسطين، بل قامت بذلك على الرغم من قوة إسرائيل في المجالات المالية والإعلامية والسياسية على مستوى العالم.
إسبانيا الدولة الأكثر جرأة في أوروبا في إصدار مثل هذه التصريحات، وإيصال مجازر إسرائيل والإبادة الجماعية للعالم بأقوى صوت. أما الأيرلنديون، فأمة معارضة، لا يعرف عنها الصمت في مواجهة الظلم، وقد اعتادت كسر الأعراف.
فيما يتعلق بفلسطين، لا أرى دولاً في أوروبا بجرأة، ومبادئ مثل تلك الدول. العالم يحتاج إلى دول بجرأة إسبانيا، وشجاعة أيرلندا، ومبادئ النرويج.
أكثر جرأة من الدول الإسلاميةالمدهش أن تلك الدول أظهرت شجاعة فاقت بعض الدول العربية والإسلامية. دول لا تتشارك مع فلسطين دينا، ولا عرقا، ولا حضارة ولا تاريخا، وليس لديها أطماع جيوسياسية فيها، وليست جزءًا من معادلة القوى في الشرق الأوسط، ومع ذلك؛ دافعوا عن القضية الفلسطينية بكل شجاعة وبأعلى صوت، ولعنوا إسرائيل ثم اعترفوا بدولة فلسطين.
والآن، أسأل الجميع: هل يمكن أن تصل شجاعة بعض الدول العربية والإسلامية إلى هذا الحد في مواجهة إسرائيل؟ هل يمكن أن يصدروا تصريحا بهذه القوة؟ هل يمكنهم الإقدام على خطوات جريئة وهل هم مستعدون لدفع الثمن؟!
هل يمكن لهم أن يدافعوا بهذه الشجاعة عن حقوق دولة أو أمة أخرى لا تربطهم بها صلة دينية أو عرقية أو حضارية، ودون مصلحة جيوسياسية أو اقتصادية!
اختار كثير من الدول الإسلامية دفن الرؤوس في الرمال وغض النظر عن معاناة العديد من المجتمعات المسلمة (مثل مسلمي الأويغور في الصين) بل وفي دول إسلامية شقيقة.
لذلك، نحن بحاجة إلى دول شجاعة مثل إسبانيا ومتمردة مثل إيرلندا.
دروس من الطلاب في الغربعلى مستوى العالم؛ ربما لا يكون القبول في جامعات مثل هارفارد أو إم آي تي أو كولومبيا أو كامبريدج حلما يداعب مخيلة الشباب، فمن يدرس هناك يضمن مستقبله، ولكن ها نحن نرى من حققوا هذا الحلم، يخرجون إلى الشوارع من أجل القضية الفلسطينية، ويغامرون في سبيل ذلك بمقاعدهم الجامعية المهددين بالطرد منها.
في الوقت الذي لا يكف فيه السياسيون الغربيون عن ترديد أن "حماس منظمة إرهابية"، وتدافع كل وسائل الإعلام الأمريكية، ومؤسسات الدولة، والكونغرس، ومجلس الشيوخ عن إسرائيل ويروجون لدعايتها، هب هؤلاء الطلاب للدفاع عن غزة وخرجوا ليقولوا: "بل إسرائيل قاتلة تمارس الإبادة". تحدى هؤلاء الشباب الشجعان النظام الأميركي، واللوبي الإسرائيلي النافذ، وأصبح علم فلسطين اليوم شعار هذا التمرد.
في أوروبا، باستثناء بعض الدول، فعل الطلاب ذلك أيضا وخرجوا في أهم جامعاتها رافعين راية التمرد ضد النظام الفاسد، وأصبحت ألوان علم فلسطين الحمراء والخضراء والسوداء رمزًا للتمرد ضد النظام العالمي الظالم، تظهر تلك الألوان أحيانًا على شكل فستان، وثانية في صورة بطيخة، وثالثة في هيئة تميمة.
علمنا هؤلاء الشباب ما يلي: "لسنا من نفس الدين، ولا العرق، ولا القبيلة، ولا الحضارة. معظمنا لم يكن يعرف موقع غزة على الخارطة، ولا لغتها، أو دينها. لكننا رأينا أمة تعاني تحت إجرام دولة ظالمة، فتحركنا دون أن نفكر في العواقب".
كانت فيه كراهية الأجانب ومعارضة المهاجرين والإسلاموفوبيا قد بلغت ذروتها في أمريكا وأوروبا، فقام هؤلاء الشباب بتمرد عالمي على هذا التيار القذر. انضموا إلى الفلسطينيين المهاجرين، والأفارقة، والشرق أوسطيين، والآسيويين، وخاطبوا العالم بأسره.
وصفوا إسرائيل بالقاتلة، وعملياتها بالمجزرة، وداعميها بالمتعاونين مع القتلة.
والآن، أسأل الجميع مجددا، هل سنرى طلابنا شجعان بهذا القدر؟ هل يمكن أن نراهم يتظاهرون تضامنا مع "الآخر" الذي لا يشبههم؟ أو يدافعون عن منظمة تصفها دولتهم بالإرهابية؟ وأن يغامروا بمواجهة الطرد من أجل أمة لا يعرفونها؟
بعض طلابنا فعلوا ذلك ونحن نقبّل جباههم لشجاعتهم، ولكن الواقع العام لجامعاتنا بعيد عن ذلك، والغالبية يكتفون بمشاهدة ما يحدث بصمت رهيب.
غزة تعلمنا الكثير.
غزة تغير التوازنات في العالم.
غزة تحول الأمم، والشباب، والدول.
وأنا واثق أنها ستغير العالم الإسلامي قريبًا أيضًا.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
فلسطين: الاحتلال يرتكب انتهاكات مفضية إلى الموت بحق المعتقلين ...بلا قيود ترصد جرائم إسرائيل بحق المعتقلين
قالت منظمة صحفيات بلا قيود بأن حصيلة الوفيات داخل مراكز الاحتجاز الإسرائيلية، تؤكد تعرض المعتقلين الفلسطينيين لانتهاكات مفضية إلى الموت، بما يساهم بتحقيق الإبادة، التي تسعى إليها سلطات الاحتلال.
وأضافت بلا قيود إن موت عشرات الفلسطينيين داخل مراكز الاحتجاز التي تستخدمها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، يكشف عن انتهاكات فظيعة للحقوق الأساسية التي يكفلها القانون الدولي الإنساني، للمعتقلين والأسرى الفلسطينيين.
وذكرت ثلاث مؤسسات فلسطينية متخصصة بمتابعة حقوق المعتقلين والأسرى الفلسطينيين بأن معتقلين اثنين، لقوا حتفهم في سجون الاحتلال الإسرائيلي، حسب بيان صادر الأربعاء 29 كانون الثاني/ يناير الجاري.
وقالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير الفلسطيني، ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، بأنها تلقت ردوداً من جيش الاحتلال تفيد بوفاة المعتقل محمد شريف العسلي (35 عاما) بتاريخ 17-5-2024، وإبراهيم عدنان عاشور (25 عاماً) بتاريخ 23-6-2024.
وتحتجز قوات الاحتلال في مراكز الاحتجاز أكثر من 10400 معتقل وأسير فلسطيني. وبحسب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، ارتفع عدد المعتقلين الذين لقوا حتفهم في مراكز الاحتجاز، منذ أكتوبر 2023، إلى قرابة 60 فلسطينياً، من بينهم 37 معتقلاً من أبناء قطاع غزة.
وأكدت المؤسسات المعنية بمتابعة الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين أنّ كافة الردود التي تتعلق بالقتلى داخل مراكز الاحتجاز «هي ردود من جيش الاحتلال ولا يوجد أي دليل آخر على استشهادهم كون الاحتلال يواصل احتجاز جثامينهم، وفي أغلب الردود يشير الاحتلال إلى أنه جاري التحقيق وذلك في محاولة منه التنصل من أي محاسبة دولية».
وعلى امتداد 15 شهراً، رصدت صحفيات بلا قيود، انتهاكات مهينة للكرامة الإنسانية، ارتكبتها قوات الاحتلال بحق عشرات المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، وأظهرت مقاطع فيديو وصور نشرها جنود إسرائيليون ووسائل إعلام عبرية، عن اعتقال قسري لعشرات الفلسطينيين وتجريدهم من ملابسهم، والربط على أعينهم، كما بينت عدد من النساء الفلسطينيات تعرضهن للعنف الجنسي أثناء الاحتجاز.
وظهر وزير الأمن القومي الإسرائيلي، عدة مرات، في صور تظهر إساءة معاملته للأسرى والمعتقلين وإهانته لنساء عند اعتقالهن لإلحاق أضرار بدنية ومعنوية بالفلسطينيين، ما يشير إلى إن الجرائم المرتكبة بحق المعتقلين، جرائم منهجية تستدعي التحقيق الدولي ومحاكمة المسؤولين على كافة المستويات.
وقالت صحفيات بلا قيود، بأن سلطة الاحتلال الإسرائيلية تتخذ إجراءات محظورة في القانون الدولي لاعتقال الفلسطينيين ضمن سياسة السيطرة على الأراضي الفلسطينية. من بين تلك الإجراءات المحظورة: النقل إلى مراكز على أراضي تسيطر عليها سلطات الاحتلال، والاحتجاز إلى فترات قابلة للتمديد، والامتثال أمام قضاة عسكريين، والحرمان من الطعن في المزاعم.
أسرى أم معتقلون؟
يفرق القانون الدولي بين أسرى الحرب والمعتقلين المدنيين، ويدعو إلى التمييز بين الفئتين أثناء الاحتجاز، مع التشديد على توفير الحقوق اللازمة للأسرى والمعتقلين والمعاملة الإنسانية لهم دون تمييز.
وتكمن الفروقات بين أسير الحرب والمعتقل، بأن أسير الحرب يوضع في معسكر للأسرى خارج أراضي دولته، وتُمنع عائلته من زيارته، أما المعتقل فيحتجز داخل أراضي دولته، ويُسمح لأفراد عائلته بزيارته.
وتلزم اتفاقية جنيف الرابعة أطراف النزاع التي تعتقل أشخاصاً محميين، بإعالتهم مجاناً وكذلك بتوفير الرعاية الطبية التي تتطلبها حالتهم الصحية، كما تنص المادة 81 من الاتفاقية.
وتنص المادة 91 على ضرورة أن توفر الدولة الحاجزة «في كل معتقل عيادة مناسبة، يشرف عليها طبيب مؤهل ويحصل فيها المعتقلون على ما يحتاجونه من رعاية طبية وكذلك على نظام غذائي مناسب» كما تدعو المادة 92 إلى «تعهد حالات الولادة والمعتقلين المصابين بأمراض خطيرة أو الذين تستدعي حالتهم علاجاً خاصاً، أو عملية جراحية أو علاجاً بالمستشفى، إلى أي منشأة يتوفر فيها العلاج المناسب وتقدم لهم فيها رعاية لا تقل عن الرعاية التي تقدم لعامة السكان».
أما اتفاقية جنيف الثالثة الخاصة بمعاملة أسرى الحرب، فتُلزم الاحتلال بتوفير الخدمات اللازمة للحفاظ على صحة الأسرى، تبدأ تلك الخدمات من لحظة الأسر، والنقل إلى مآوي لا تضر بصحة أي أسير، بأي حال، وتنص المادة 26 والمادة 27 على توفير الطعام الأساسي من حيث الكمية والنوعية والتنوع للحفاظ على صحة الأسرى في حالة جيدة، وتزويدهم بكميات كافية من الملابس والمستلزمات الملائمة لمناخ المنطقة التي يحتجزون فيها.
وتفرد اتفاقية جنيف الثالثة، الفصل الثالث لتوضيح الشروط الصحية والرعاية الطبية لأسرى الحرب، كما تنص المادة 29، وبهذا الصدد يشدد القانون على معالجة الأسرى المصابين بأمراض خطيرة أو الذين تقتضي حالتهم علاجاً خاصاً بالمستشفى، ولا يجوز منع الأسرى من عرض أنفسهم على السلطات الطبية المختصة لفحصهم، بل واجراء الفحوصات الدورية لهم، مرة كل شهر على الأقل، حسب المادتين 30 و 31.
ولا ينطبق على المعتقلين الفلسطينيين اتفاقية جنيف الثالثة، بما في ذلك على وضع المقاومين الذين يحملون الأسلحة، إذ لا تعترف بهم السلطات الإسرائيلية كطرف يمثل دولة، في الصراع. وفي كل الأحوال، فإنها سلطة الاحتلال تحرم الفلسطينيين من كافة الحقوق المنصوص عليها بالقوانين الدولية، وتنتهكها عمداً.
وتدعو صحفيات بلا قيود، المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان، بالضغط الفاعل لإجبار إسرائيل على احترام المعتقلين والأسرى وتوفير الحماية اللازمة والمعاملة الإنسانية لهم وتمكينهم من كافة حقوقهم الصحية والحصول على الرعاية الطبية، وكذلك الإفراج عن جميع المعتقلين الإداريين، وتسليم رفاة وجثامين المعتقلين الذي قتلوا في مراكز الاحتجاز.
وتوجه صحفيات بلا قيود، دعوتها للدول المؤثرة، مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، إلى إنهاء جميع أشكال الدعم الذي توفره لإسرائيل، ذلك أن سلطة الاحتلال تستقوي بهذا الدعم للاستمرار في انتهاكات القانون الدولي وارتكاب أعمال الإبادة الجماعية والانتهاكات الأخرى مثل الانتهاكات التي يتعرض لها المعتقلون والأسرى.
وفي السياق، فإن المجتمع الدولي مطالب بإلزام إسرائيل بالتوقف عن ارتكاب جرائم الاختفاء القسري، والكشف عن أسماء وظروف المعتقلين والأسرى الفلسطينيين، بما في ذلك أسماء المختفيين قسرا من فلسطينيي قطاع غزة والظروف التي يعيشونها.
وتطالب صحفيات بلا قيود، من الهيئات الأممية والمنظمات ذات العلاقة، بالتحقيق في جميع الانتهاكات التي يتعرض لها الفلسطينيون سواء كانت أعمال الإبادة الجماعية، أو الانتهاكات المرتكبة بحق الأسرى والمعتقلين، والعمل على محاسبة المسؤولين والمتورطين في كل الجرائم والانتهاكات وتقديمهم إلى العدالة