جامعة الشارقة ومؤسسة عبد الله الغرير تعتزمان تسريع التحوّل الرقمي في قطاع التعليم والتعلّم عبر الشراكات والمنح البحثية
تاريخ النشر: 30th, May 2024 GMT
فازت جامعة الشارقة بمنحة دعم بحثية من مؤسسة عبد الله الغرير وذلك لدعم المشاريع البحثية والتعليمية التي تهدف إلى تحقيق استراتيجية الجامعة في “تسريع عملية التحوّل الرقمي في التعليم والتعلّم في جامعة الشارقة”. وتأتي هذه المنحة تتويجاً لاستمرار الاتفاقيات والشراكات بين مؤسسة عبد الله الغرير وجامعة الشارقة، والتي بدأت منذ أكثر من ثلاث سنوات من خلال برامج المؤسسة الاستراتيجية التي كان أهمها ائتلاف الجامعات الإماراتي لجودة التعلم عبر الإنترنت (UCQOL)، وهو برنامج تديره المؤسسة بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم الإماراتية، ويضمّ هذا الائتلاف تسع جامعات رائدة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتأتي في مقدمتها جامعة الشارقة.
ويأتي برنامج التعاون هذا في جامعة الشارقة تماشياً مع رؤية سمو الشيخ سلطان بن أحمد بن سلطان القاسمي، نائب حاكم الشارقة ورئيس جامعة الشارقة، وتوجيهاته والخطط الاستراتيجية التي رسمها لتحسين العملية التعليمية وتوفير التعليم الهجين على مستوى جميع البرامج الأكاديمية في الجامعة. كما تهدف هذه المبادرة إلى دعم الطلاب ذوي الظروف الخاصة، وضمان استمرار تعليمهم وتجنُّب أي انقطاع في مسيرتهم الأكاديمية بسبب ظروف أو عوامل خارجة عن إرادتهم مثل التزامات العمل أو المشكلات الطبية والصحية أو الانتقال وتغيير مكان الإقامة، وبالتالي تهدف هذه التوجيهات السامية إلى تعزيز مبدأ شمولية التعليم وإمكانية الحصول عليه وتمكين الطلبة من الاستمرار في مسيرتهم التعليمية في بيئة أكاديمية هجينة ذات جودة عالية.
وتركّز الشراكة من خلال المنحة على دعم عدد من المشاريع الرئيسية لتسريع التحوّل الرقمي في جامعة الشارقة، والتي تشمل دورات تدريبية على التطوير الوظيفي والاحترافي لأعضاء هيئة التدريس وموظفي خدمات الدعم في الجامعة، وتعزيز البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والإنتاج التعليمي، وتحسين تكامل التكنولوجيا والتواصل في القاعات الدراسية، والمساهمة في سنّ اللوائح والسياسات المنظِّمة لعملية التعليم الهجين، وإقامة شراكات مع المؤسسات المشاركة في ائتلاف الجامعات الإماراتي لجودة التعلم عبر الإنترنت لتنظيم الأنشطة والفعاليات التعليمية المشتركة، وتعزيز التبادل المعرفي، ودعم مشاريع البحث والتطوير في مجال التعليم والتعلّم.
وأعرب مدير جامعة الشارقة عن سعادته بهذا التعاون، مثمناً هذه الشراكات التي لها دور كبير في تحقيق الأهداف الاستراتيجية للجامعة بدعم من رئيس الجامعة سمو الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي نائب حاكم الشارقة. كما أكد سعي الجامعة على تطوير وتنمية مهارات الشباب من خلال عدد من المشاريع الابتكارية لرفع جودة العملية التعليمية في الجامعة وتوفير الدعم اللازم للتعليم الهجين وذلك تماشياً مع استراتيجية الجامعة 2025-2030، والتي تركز على التحول الرقمي لعملية التعليم من خلال استخدام أحدث التقنيات.
وقد عبّرت الدكتورة سونيا بن جعفر، الرئيسة التنفيذية لمؤسسة عبد الله الغرير عن سعادتها بهذه الخطوة قائلة: “تعدّ هذه المنحة خطوة مهمة لشراكتنا المثمرة مع جامعة الشارقة نحو ضمان استمرارية مبدأ شمولية التعليم العالي وقدرته على التكيف في عالم يتّسم بالتغيّر الدائم والمستمر. ومن خلال عملية تسريع التحوّل الرقمي في جامعة الشارقة، فإننا نهدف إلى تعزيز تجربة التعلّم لدى الطلاب، مع ضمان أن يكون التعليم متاحاً لجميع الطلاب، بغضّ النظر عن ظروفهم. وإننا نؤمن أنه عبر تمكين المؤسسات من اعتماد نماذج التعلّم الهجين، نستطيع تزويد الطلاب بالمهارات اللازمة ليحقّقوا النجاح في اقتصاد قائم على المعرفة”.
كما أضاف الدكتور حسين المهدي، عميد الخدمات الأكاديمية المساندة ورئيس الفريق البحثي في المنحة: “فريقنا متشوّق جداً وإننا مستعدون للبدء في المشاريع المقترحة في الاتفاقية. وباسم زميلاتي وزملائي أعضاء الفريق المشرف، نشكر سعادة مدير الجامعة على دعمه اللامحدود وفريق العمل في مؤسسة عبد الله الغرير على دعمهم وإرشادهم لنا طوال عمليات المراجعة والتدقيق في مراحل اختيار الفائزين بمنح دعم المشاريع. ونحن نتطلع إلى العمل مع الزميلات والزملاء في الجامعة على مدى العامين المقبلين ومع شركائنا في مؤسسة عبد الله الغرير، لتحقيق أهدافنا المشتركة المتمثلة في تحسين جودة التعلّم عبر الإنترنت وضمان شمولية التعليم في مؤسسات الدولة”.
تعكس هذه المنحة التزام مؤسسة عبد الله الغرير وجامعة الشارقة بتعزيز جودة التعليم العالي في دولة الإمارات العربية المتحدة، بما يتوافق مع الأجندة والرؤية الوطنية لدولة الإمارات العربية المتحدة، والتي تركّز على الابتكار والتكنولوجيا في التعليم. كما تدعم هذه المبادرة الأولوية الوطنية المتمثلة في تعزيز الابتكار في التعليم، وتزويد الطلاب بمهارات القرن الحادي والعشرين، وإعدادهم للاقتصاد القائم على المعرفة.
وقّع عقد تنفيذ المشاريع المدعومة سعادة الأستاذ الدكتور حميد مجول النعيمي مدير جامعة الشارقة ووقعتها عن المؤسسة الدكتورة سونيا بن جعفر الرئيسة التنفيذية لمؤسسة عبدالله الغرير ، وحضر مراسم التوقيع من طرف الجامعة الدكتور محمد عبدالله عضو مجلس أمناء جامعة الشارقة، والدكتور يوسف الحايك نائب مدير الجامعة للشؤون الأكاديمية، والأستاذ الدكتور معمر بالطيب نائب مدير الجامعة لشؤون البحث العلمي والدراسات العليا، والأستاذ شهاب الحمادي نائب مدير الجامعة للشؤون الإدارية والمالية، والدكتور صلاح طاهر الحاج نائب مدير الجامعة لشؤون خدمة المجتمع، والدكتور حسين المهدي عميد الخدمات الأكاديمية المساندة وأمين سر مجلس العمداء. ومن طرف المؤسسة السيدة روان ياسين رئيسة البرامج بمؤسسة عبدالله الغرير، والسيدة شريل كيلسل مديرة البرامج التخصصية في المؤسسة.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: نائب مدیر الجامعة التحو ل الرقمی فی فی جامعة الشارقة فی الجامعة م الهجین من خلال
إقرأ أيضاً:
التعليم الرقمي
يُشكل التعليم الرقمي في العالم العربي مُحركاً أساسياً لتحقيق قفزة نوعية في المنظومة التعليمية، وفتح آفاق جديدة للتنمية المستدامة. استدامة التحولات التنموية تتطلب تهيئة البيئات الحاضنة؛ فبقدر ما يقدم التعليم الرقمي من إمكانات هائلة، إلا أن التحديات المرتبطة بالبنية التحتية الرقمية، والثقافة المجتمعية، وجودة المحتوى التعليمي العربي، ما زالت تمثل عوائق يجب معالجتها بعمق وحزم. ومن هنا تأتي الحاجة إلى إعادة النظر في الأطر الاستراتيجية التي تؤطر عملية التحول الرقمي التعليمي كجزء من استراتيجيات التنمية الوطنية، وأجندات بناء مجتمعات معرفية قائمة على العدالة في الوصول إلى التعليم.
يشير الواقع الحالي إلى فجوة رقمية بارزة في عدد من الدول العربية، ما يعني أن التحول نحو التعليم الرقمي لا يزال بعيداً عن متناول قطاعات كبيرة من الطلاب، لا سيما في المناطق الريفية والنائية. وتشير الدراسات إلى أن حوالي 40% من السكان في بعض الدول العربية يعانون من نقص في توفر الإنترنت أو ضعف سرعته، مما يحد من فرصهم في الاستفادة من الخدمات التعليمية الرقمية. ولتجاوز هذا التحدي، فإن الحكومات تحتاج إلى إطلاق مبادرات استثمارية وطنية لتطوير البنية التحتية للاتصالات، مع التركيز على توفير الإنترنت عالي السرعة بأسعار ملائمة تضمن عدالة الوصول وتكافؤ الفرص التعليمية. وهذه الخطوة يمكن أن تحقق متطلبات التعليم الرقمي، وتسهم أيضاً في تحسين جودة الحياة العامة والارتقاء بمنظومة الاقتصاد الرقمي الوطني على المدى الطويل.
ومن جهة أخرى، يُشكل نقص المحتوى التعليمي العربي رقماً صعباً في معادلة التعليم الرقمي. فبينما يشهد العالم زيادة كبيرة في الموارد التعليمية الرقمية المُتاحة، لا يزال المحتوى العربي مُتواضعاً من حيث الكم والنوع، إذ لا تتجاوز نسبة المحتوى الرقمي العربي 3% من المحتوى العالمي، وهو ما يشير إلى ضعف في تلبية احتياجات المتعلمين الناطقين بالعربية. ولتحقيق تغيير حقيقي، ينبغي على مؤسسات القطاعين العام والخاص الاستثمار في إنتاج محتوى تعليمي يتناسب مع الثقافة المحلية ويغطي التخصصات المطلوبة بأسلوب جاذب ومواكب للتطورات التقنية. هذا الاستثمار في إنتاج محتوى عربي لا يمكن اعتباره مجرد واجب أخلاقي، بل كخطوة استراتيجية لتحقيق التحول الشامل في المنظومة التعليمية العربية وجعل التعليم الرقمي خياراً جاذباً ومتكاملاً.
كما أن دعم الثقافة المجتمعية للتحول نحو التعليم الرقمي يُعد عنصراً حيوياً لضمان تقبل المجتمع لهذا النمط الجديد من التعليم. فالكثير من المجتمعات العربية لا تزال تتشبث بنماذج التعليم التقليدي وتعتبر التعليم الرقمي غير مألوف أو أقل موثوقية. ففي دراسة حديثة، أفاد حوالي 60% من الأسر في بعض الدول العربية بأنهم يفضلون التعليم التقليدي على الرقمي، وهو ما يكشف عن تحدٍ ثقافي يتطلب تغييراً في المواقف المجتمعية. مُعالجة هذا العائق من خلال الحملات التوعوية الواسعة يمكن أن تسلط الضوء على فوائد التعليم الرقمي في تنمية المهارات، وفتح أفق جديد للتعليم يتيح مرونة وملاءمة أكثر للحاجات التعليمية المتغيرة. الالتزام الجماعي من المؤسسات التعليمية، والقطاع الإعلامي، وكذلك من الجهات الحكومية مُتطلب استراتيجي لضمان نقل رسالة مُوحدة تبرز أهمية هذا التحول.
ولكي يحقق التعليم الرقمي كامل إمكانياته، من الأهمية توفير برامج تدريبية متخصصة للكوادر التعليمية، إذ يشير الخبراء إلى أن نجاح هذا النمط من التعليم يعتمد بشكل كبير على مدى تأهيل المعلمين والطلاب لاستخدام التكنولوجيا بكفاءة ومرونة. فالمعلمون الذين يتلقون تدريباً كافياً يكتسبون قدرة أكبر على تحفيز التفاعل الرقمي وتحقيق نتائج التعليم المنشودة. لذا فإن بناء قدرات المُعلمين يجب أن يكون جزءاً من السياسات الحكومية، لتشجيع البرامج التدريبية وورش العمل والدورات المستمرة حول تطور أساليب التعليم الرقمي. كما ينبغي أن تلتفت السياسات العامة لتوفير المنح الدراسية والدعم المالي للطلاب المحتاجين لضمان حصول الجميع على فرص التعليم الرقمي دون عوائق مالية، وتحقيق مفهوم التعليم كحق أساسي للجميع.
ويُقدر الخبراء في "البنك الدولي" أن تبني تقنيات التعليم الرقمي في الدول النامية يمكن أن يساهم في زيادة النمو الاقتصادي بنسبة تصل إلى 2% سنوياً. هذا الرقم يُلخص الإمكانيات الواعدة لهذا القطاع في تحقيق التنمية الاقتصادية، ما يجعل من تبني التعليم الرقمي خياراً استراتيجياً لتحفيز النمو في الاقتصاديات الناشئة.
كما أن النمو المتوقع لسوق التعليم الإلكتروني، والذي يُقدر بأن يصل إلى 457.8 مليار دولار بحلول عام 2026، يشكل دافعاً إضافياً للعالم العربي للاستفادة من هذه الطفرة التكنولوجية. الاستثمار المستمر في البنية التحتية وتطوير المحتوى وتدريب الكوادر، يمكن للمنطقة من خلاله أن تتبوأ مكانة ريادية في قطاع التعليم الإلكتروني على مستوى العالم. التعاون العربي في هذا المجال، من خلال تبادل الخبرات وتنسيق الجهود، يمكن أن يسهم في تعزيز فرص الوصول إلى التعليم الرقمي وتطويره بطريقة متكاملة.
في نهاية المطاف، التعليم الرقمي ليس مجرد وسيلة تكنولوجية، بل فرصة حقيقية لبناء مستقبل تعليمي يرتكز على الابتكار والشمولية. ومن هنا، يتعين على صانعي القرار في العالم العربي تبني رؤية شاملة تستند إلى التعليم الرقمي كجزء أساسي من استراتيجيات التنمية الوطنية، ليس فقط لتحقيق نهضة تعليمية بل أيضاً لبناء مجتمع رقمي قادر على مواكبة التحولات العالمية والمساهمة في تحقيق مستهدفات التنمية المستدامة.