الدويري: دخول فيلادلفيا لن يؤثر عسكريا وإسرائيل لن تواصل الحرب بدون أميركا
تاريخ النشر: 30th, May 2024 GMT
قال الخبير العسكري اللواء فايز الدويري إن دخول القوات الإسرائيلية إلى محور فيلادلفيا الحدودي مع مصر لا يضيف شيئا من الناحية العسكرية لأن مساحته لا تتجاوز 120 مترا، مؤكدا أن إسرائيل ما كانت لتواصل الحرب لولا الدعم الأميركي الذي يعوضها عن خسائرها في الميدان.
وأضاف -في تحليل للمشهد العسكري في قطاع غزة– أن العمليات الإسرائيلية غالبا ستكون في الجزء الذي كان يؤوي النازحين في رفح، مشيرا إلى أنها مساحة لن تؤثر في ميزان الواقع العسكري.
ولفت إلى أن المقاومة تتبنى طريقة الكمائن وتفخيخ البنايات التي يحتمل أن يفر إليها الجنود في حال وقوعهم في كمين بحيث يتم تفجيرها لقتل الناجين من الكمين.
حديث غير واقعيوعن حديث مسؤولي الاحتلال عن الفترة المتبقية للحرب، قال الدويري إنها أحاديث غير واقعية، مشيرا إلى أن حديث عضو مجلس الحرب غادي آيزنكوت عن استمرارها 5 سنوات أخرى غير واقعي، في حين حديث الجيش عن 7 أشهر فقط يعكس الأماني وليس الحقائق.
وأضاف أن الجيش يتحدث عن إنهاء الحرب في غضون 7 أشهر، لأنها الفترة المتبقية للانتخابات، وبالتالي فهو يحاول تقديم خدمة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
ووضح الدويري أن المدة المتبقية للحرب مرهونة بعوامل ميدانية وأخرى إقليمية ودولية، مشيرا إلى أن التاريخ يشهد بحسم الحروب غير المتناظرة لصالح الطرف الأضعف عسكريا، لأن الشعوب لا يمكن هزيمتها.
ولفت إلى أن مواصلة الحرب تتوقف أيضا على مدى قدرة الشعب على المقاومة بدليل هزيمة الاتحاد السوفياتي في أفغانستان وأميركا في فيتنام، قائلا إن الإسرائيليين لم يفهموا هذه الحقيقة التاريخية، أو أصيبوا بغرور القوة.
وأكد الدويري أن هذه الحرب ما كانت لتستمر كل هذه الفترة لولا الدعم العسكري الأميركي، لأن إسرائيل لم تحقق أي هدف وخسرت نحو 1500 آلية حربية، أي معدات 4 فرق عسكرية كاملة، فضلا عن أعداد كبيرة جدا من القتلى والجرحى.
وختم بأن إسرائيل خسرت ما يصل إلى 40% من معداتها العسكرية في هذه الحرب، وعوضتها الولايات المتحدة، مؤكدا أنها لن تتمكن من الاستمرار إلا بضمان مواصلة هذا الدعم.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
ماذا بعد تحرير الخرطوم؟
في أسبوع شهد تطورات عسكرية متسارعة، أكملت القوات المسلحة السودانية تحرير مدينة بحري باستثناء جيوب قليلة يجري تمشيطها حالياً، وفي الوقت ذاته لم يعد أمامها الكثير لاستكمال عمليات استعادة الخرطوم التي تتقدم فيها من عدة محاور، وبات متوقعاً صدور إعلان رسمي خلال وقت قريب بتحريرها واستعادة القصر الجمهوري، والوزارات، والمنشآت الاستراتيجية، وتأمينها.
ماذا تعني هذه التطورات؟ من الناحية العسكرية لا يمكن القول إن الحرب حسمت بأي حال، فلا يزال في المشوار بقية، وإن كانت الموازين تغيرت تماماً لصالح الجيش والقوات المشتركة والمستنفرين في صفوفه. بعد معارك تحرير الخرطوم ستنتقل الجبهة، وفق ما أكدته قيادة الجيش، نحو إقليم كردفان ثم إلى دارفور، حيث ستكون طبيعة المعارك مختلفة تماماً، ومعظمها قد يدور في مناطق مفتوحة نسبياً، خلافاً لمعارك حرب المدن والشوارع الصعبة.
الأمر الواضح الآن هو أن الحرب دخلت مرحلة مفصلية، وأن زمام المبادرة بات في يد الجيش والقوات التي تقاتل في صفوفه، وهو ما جعل الحرب الإعلامية والنفسية الموازية تستعر أيضاً. فمقابل أجواء الفرحة في صفوف أنصار الجيش، وبين المواطنين في المناطق التي تحررت، يبث خصومه، الآن، الذين دأبوا على مهاجمته ومحاولة التقليل من شأن الانتصارات التي تحققت، كلاماً أحسبه للتشويش، من شاكلة أن كل ما تحقق منذ تحرير مدني ثم بحري والآن في الخرطوم إنما كان باتفاق لتهيئة أرضية العودة للمفاوضات بعد تحسين الجيش لموقفه العسكري الميداني، وأن «قوات الدعم السريع» لم تنهر وانسحبت تكتيكياً. هذا الكلام لا تسنده الوقائع على الأرض، ولا ينسجم مع حالة التشتت والانسحابات غير المنظمة لـ«قوات الدعم السريع» من مواقعها، وتركها أسلحتها وراءها والهروب باتجاه غرب البلاد حيثما أمكن. كما أنه يقفز تماماً فوق كل التصريحات الصادرة من قيادات الجيش التي أكدت أنها ماضية في طريق «الحسم»، لتغلق بذلك طريق أي مفاوضات الآن.
قيادات الجيش ظلت تعمل بأسلوب وصفه الفريق عبد الفتاح البرهان بالحفر بالإبرة
أيضاً فإن الكلام عن أن الجيش حقق انتصاراته من دون قتال، وأن «قوات الدعم السريع» انسحبت طوعياً «ضمن صفقة»، لا يأخذ في الاعتبار أن قيادات الجيش ظلت تعمل بأسلوب وصفه الفريق عبد الفتاح البرهان بـ«الحفر بالإبرة»، أي أسلوب النفس الطويل لإعادة بناء القدرات، واستنزاف قوة «الدعم السريع» تدريجياً، وصولاً إلى مرحلة محاصرتها بقوات من كل الاتجاهات لمنعها من ممارسة أسلوبها المعروف في الهروب ثم محاولة الالتفاف. فمع هذا الوضع باتت «قوات الدعم السريع» أمام أحد خيارين: إما قتال انتحاري تحت كماشة الحصار، وإما الهروب من مواجهة خاسرة، وهو ما فعلته مخلفة وراءها عتادها العسكري.
ما يدحض أيضاً انسحاب «قوات الدعم السريع» «بصفقة»، أن خلافات دبت في صفوفها أدت إلى تصفية بعض قادتها المعروفين الذين حملتهم مسؤولية خسائرها واتهمتهم بالتخاذل عن القتال. كما لوحظ أيضاً أن مواقع التواصل الاجتماعي ضجت بمقاطع وتسجيلات عديدة لمجندين في «الدعم السريع» يهاجمون قياداتهم ويحملونهم مسؤولية الهزائم المتتابعة التي لحقت بهم.
بعد كل ما سبق ماذا سيترتب عن تحرير الخرطوم الذي بات قريباً وفق كل الشواهد والمعطيات الماثلة؟
بعيداً عن الجوانب العسكرية والتوقعات بأن تتجه القوات مباشرة من معركة تحرير الخرطوم نحو كردفان ودارفور، فإن معركة أخرى ستنطلق من أجل عودة الخدمات الأساسية وإصلاح البنى التحتية في العاصمة المدمرة، لتسهيل عودة الناس وحياتهم. فعودة الناس إلى بيوتهم تمثل انتصاراً معنوياً ونفسياً، بعدما ذاقوا عذاب التشرد من بيوتهم وأحيائهم التي احتلتها «قوات الدعم السريع» وحولت الكثير منها إلى ثكنات عسكرية ومخازن للسلاح والمنهوبات، ودمرت قسماً منها.
صحيح أن هذه العودة ستفرض تحديات وأعباء للإسراع في توفير الخدمات من كهرباء ومياه وخدمات صحية وبنكية وتجارية، إذ إن الخرطوم بمدنها الثلاث من أكثر مدن السودان اكتظاظاً بالسكان، ما يعني ضخامة حجم الاحتياجات المطلوبة التي تجعل العودة ممكنة، بدءاً من إزالة مخلفات الحرب، مروراً بنشر الشرطة لمواجهة التفلتات الأمنية، وانتهاء بعودة المدارس والجامعات واستئناف التعليم بشكل طبيعي.
إلى جانب ذلك، ينتظر الناس عودة الحكومة لمزاولة أعمالها من الخرطوم. هذه الخطوة تبقى في سلم الأولويات، لا لرمزيتها عسكرياً وسياسياً ومعنوياً فحسب، بل لأن هذه العودة ستكون أقوى مؤشر للمواطنين لكي يعودوا إلى ديارهم، فلا يعقل دعوة الناس للعودة إلى العاصمة، بينما الحكومة موجودة في بورتسودان.
عودة الحكومة سوف تطمئن الناس، كما ستوجه رسالة إلى العالم بأن موازين هذه الحرب تغيرت، وأن الأمور إذا سارت بالوتيرة الحالية، فإنها تتجه نحو نهاياتها. بالتأكيد لن يكون الطريق سهلاً، فهذه الحرب بتشعباتها وكثرة التدخلات فيها، أوضحت ذلك للناس، لكن هذا لا يمنع القول إن الأصعب ربما انقضى، ولعل الناس يتعلمون من مرارة التجربة ودروسها.
الشرق الأوسط