"الرؤية" تُثري النقاش في الندوة الدولية حول دور مبادرة الحزام والطريق في ترسيخ عُرى التعاون بين الصين والدول العربية
تاريخ النشر: 30th, May 2024 GMT
مسقط- الرؤية
نظمت جريدة الرؤية بالتعاون مع مركز الدراسات الآسيوية والصينية بلبنان، أمس، ندوة دولية بعنوان "مستقبل العلاقات الصينية العربية في ظل مبادرة الحزام والطريق"، بمشاركة نخبة من الخبراء والمتخصصين من الدول العربية وجمهورية الصين الشعبية الصديقة، وذلك عبر تقنيات الاتصال المرئي.
وبدأت الندوة بكلمة قدمها الأستاذ الدكتور وانغ قوانغدا الأمين العام لمركز الدراسات الصيني العربي للإصلاح والتنمية بشنغهاي، حول "دور الصين في الشرق الأوسط"؛ حيث قال "منذ طرح مبادرة الحزام والطريق قبل عشر سنوات، حققت الصين والدول العربية، كشركاء طبيعيين في البناء المشترك لـ"الحزام والطريق"، نتائج ملموسة؛ حيث تم تحقيق "تغطية كاملة" لـ22 دولة عربية وجامعة الدول العربية، مما يشير إلى أن الدول العربية تعزز اتجاه "التطلع شرقًا" بشكل أكبر ولديها توقعات أكبر للصين للعب دور أكثر نشاطًا في قضية الشرق الأوسط".
واستعرض قوانغدا المنظورات الثلاثة: التنمية والحوار والسلام؛ أولًا: تصر الصين على استخدام التنمية باعتبارها المفتاح الرئيسي لحل جميع المشاكل. إن عجز السلام وعجز التنمية وعجز الأمن وعجز الحوكمة هي تحديات غير مسبوقة تواجه المجتمع البشري. ومن بينها، يعد العجز التنموي السبب الجذري الرئيسي للعديد من المشاكل العالمية. في عام 2023، شهد العالم حربين ساخنتين في وقت واحد، وقد تسببت حرب غزة في أزمات إنسانية وأخطار الانتشار شديدة، وهو ما يتعارض مع عملية التنمية البشرية. في عام 2016، عندما زار الرئيس الصيني شي جين بينغ مقر جامعة الدول العربية، أشار إلى أن "التنمية هي السبب الجذري والحل فى آن واحد للاضطرابات في الشرق الاوسط". وفي السياق الحالي، تحمل هذه الجملة دلالات جديدة وعميقة. إن "التنمية" هي قضية مشتركة تواجهها الصين والدول العربية. إن كيفية الحفاظ على التركيز الاستراتيجي وحماية نتائج التنمية التي تم تحقيقها هي مسألة يتعين على الصين والدول العربية التفكير فيها بعقلانية. ونظرًا إلى التفكير التطلعي بشأن وضع التنمية الاقتصادية العالمية واتجاه تنمية العولمة الاقتصادية، طرحت الصين البناء المشترك لمبادرة "الحزام والطريق"، التي تلبّي طلبات التنمية الإقليمية وتتوافق مع اتجاه التعاون الاقتصادي الإقليمي، وقد لاقت استجابة إيجابية وحماسة من الدول العربية.
وأضاف أنه منذ أن قامت الصين والدول العربية ببناء "الحزام والطريق" بشكل مشترك، نفذ الجانبان أكثر من 200 مشروع تعاون، وقد استفاد من نتائج التعاون نحو ملياري شخص في كلا الجانبين، وعززت بشكل فعال تدفق البضائع والأموال والتكنولوجيا والموظفين في الدول الواقعة على طول الحزام والطريق، مما يسمح للجانبين باكتساب المزيد من فرص التنمية والفوائد لشعوبها. بالإضافة إلى ذلك، اقترح الرئيس شي جين بينغ أيضًا "مبادرة التنمية العالمية"، تهدف إلى إعادة التنمية إلى قلب الأجندة الدولية وبناء توافق أوسع حول التنمية. كما أشار الرئيس شي جين بينغ في كلمته أمام القمة الصينية العربية الأولى إلى أن "الصين تدعم الدول العربية في الاستكشاف المستقل لمسارات التنمية التي تناسب ظروفها الوطنية، وفي الإمساك بزمام مستقبلها في أيديها بقوة"، و"يتعين على الصين والدول العربية التركيز على التنمية الاقتصادية وتعزيز التعاون المربح للجانبين، وتعزيز التضافر بين استراتيجيات التنمية لدى كل منهما، وتعزيز التعاون عالي الجودة في إطار الحزام والطريق".
وبالإضافة إلى ذلك، تولي الصين أيضًا أهمية كبيرة لمطالب الدول العربية لتحسين قدراتها التنموية. وتابع أن مركز الدراسات الصيني العربي للإصلاح والتنمية تم إطلاقه وإنشاؤه بمبادرة الرئيس الصيني شي جين بينغ شخصيًا، وهو ملتزم ببناء منصة للصين والدول العربية لتبادل الخبرات في مجالات الإصلاح والتنمية والحوكمة وتعزيز المعرفة الإيجابية والتبادلات الحضارية بين الجانبين. وأضاف أنه منذ تأسيس المركز قبل سبع سنوات، حقق المركز نتائج مثمرة في بناء أربع منصات رئيسية: الدورة الدراسية، وإعداد الكفاءات، والدراسات والبحوث، والتواصل الإنساني والثقافي. وقد عقد المركز 20 دورة دراسية وشارك 517 مسؤولًا عربيًا من المستوى المتوسط والعالي. ومن خلال بناء منصة التبادل الصينية العربية، تم الجمع بين مزايا ومتطلبات التنمية لكلا الطرفين، وتلخيص الخبرات والأفكار، وتبادل التكنولوجيا والموارد، وبذل قصارى الجهود لإعداد الكفاءات والقوى المحلية للدول العربية، والمساعدة في الاستفادة من خصائصها وإمكانات نموها، وتحقيق التنمية المستقلة والمستدامة من مستويات متعددة.
ثانيا، تصر الصين دائمًا على حل القضايا الساخنة عن طريق الحوار والمفاوضات السلمية، وتدعم بنشاط الشرق الأوسط في تحقيق التنمية المستقرة. أشار الرئيس الصيني شي جين بينغ قائلًا: "لا تُحل المشاكل بلغة القوة، ولا يدوم الأمن بعقلية المحصلة الصفرية. رغم أن طريق الحوار قد يكون طويلًا وحتى يشوبه التراجع، غير أن تداعياته أقل ونتيجته أكثر ديمومة. يجب على مختلف الأطراف المتنازعة إطلاق الحوار لإيجاد القاسم المشترك الأكبر وتركيز الجهود على دفع الحل السياسي".
وإضافة إلى تعزيز المصالحة بين السعودية وإيران، بناء على دعوة من الصين، قام ممثلو حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) بزيارة بكين مؤخرًا لإجراء مناقشات متعمقة وصريحة للدفع باتجاه المصالحة الفلسطينية. وقد حظيت هذه الخطوة بتقدير واسع النطاق من قبل المجتمع الدولي الذي يعتقد أن الصين لا تنحاز إلى أي طرف في الشرق الأوسط، الأمر الذي سيساعد على تعزيز المصالحة في داخل فلسطين.
ثالثًا، تصر الصين على اتخاذ إجراءات فعلية وتوفير الحكمة والحلول الصينية لحماية الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط. منذ أن اقترح الرئيس شي جين بينغ مفهوم الأمن المتمثل في الأمن المشترك والشامل والتعاوني والمستدام في عام 2014، واصلت الصين استخدام الإجراءات لإثبات أنها تولي أهمية كبيرة للأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.
وفي مواجهة أمن البيانات، وهو تحدٍ مشترك لجميع البلدان، أصدرت الصين والدول العربية بشكل مشترك "مبادرة أمن البيانات العالمية"، والتي ستعالج بشكل مشترك تهديدات أمن الشبكات ومخاطر أمن البيانات، مما يشكل مثالًا للدول النامية للمشاركة في الحوكمة الرقمية العالمية.
بالإضافة إلي ذلك، فقد شاركت الصين بنشاط في بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، وهي أكبر مساهِمة في القوات بين الدول الأعضاء الخمسة الدائمين وثاني أكبر مساهِمة في ميزانية الأمم المتحدة لحفظ السلام.
وذكر أن هذا العام يوافق الذكرى العشرين لتأسيس منتدى التعاون الصيني العربي؛ حيث تنعقد هذه الأيام الدورة العاشرة من الاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي في الصين، ويعد هذا أول اجتماع وزاري للمنتدى بعد القمة الصينية العربية الأولى، ونتطلع إلى أن تغتنم الصين والدول العربية هذا الاجتماع كفرصة لتلخيص تجربة التعاون في العقدين الماضيين، واغتنام الفترة الذهبية للتعاون الصيني العربي في السنوات العشر المقبلة، والمساهمة في بناء مجتمع صيني عربي للمستقبل المشترك في العصر الجديد بشكل أوثق، وستواصل الصين أيضًا في المساهمة بالحكمة الصينية لتحقيق السلام والاستقرار والرفاهية في الشرق الأوسط.
أعقب ذلك كلمة قدمها العميد إلياس فرحات عميد ركن متقاعد في الجيش اللبناني، ةباحث سياسي وعسكري، بعنوان "بين طريق الهند حيفا ومبادرة الحزام والطريق"، ذكر فيها أنه تتنافس في آسيا وخصوصًا في غرب آسيا مبادرتان اقتصاديتان عالميتان؛ هما: مبادرة الحزام والطريق الصينية، ومبادرة طريق الهند- حيفا التي أعلنتها الولايات المتحدة السنة الماضية. وقال إن المبادرة الأمريكية تتصف بأنها رد على المبادرة الصينية ونوع من المواجهة، وهي تفتقر إلى خريطة جغرافية مستقرة، كما أنها جاءت بإعلان متسرع ومن دون مشاورات مع العديد من الدول والشعوب التي تشملها، بينما ترتكز مبادرة الحزام والطريق على أفكار الرئيس الصيني شي جين بينغ في السياسة الاقتصادية الخارجية. وأضاف أن هذه المبادرة ترتكز طريق الحرير القديم، وهي تهدف إلى ربط الصين بالعالم عبر استثمار مليارات الدولارات في البنى التحتية على طول الطريق الذي يربطها بالقارة الأوروبية، ليكون أكبر مشروع بنى تحتية في تاريخ البشرية. ويشمل ذلك بناء مرافئ وطرقات وسكك حديدية ومناطق صناعية. وذكر أنه في شهر أبريل 2019، افتتح الرئيس شي جين بينغ قمة "طرق الحرير الجديدة" التي شارك فيها ممثلون عن 150 بلدًا، بهدف التسويق للمبادرة التي ستكون محور السياسة الاقتصادية الصينية مع العالم وتسريع وصول منتجاتها إلى الأسواق العالمية والتبادل التجاري بشكل عام .
وقال إن مبادرة الحزام والطريق ترتكز على التعاون الاقتصادي بين الأمم والإسهام بالنهوض الاقتصادي والتكامل فيما بينها، وإرساء علاقات صداقة سلمية واستبعاد النزاعات وتسوية القائمة منها، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية بدأت تتوجس خيفة من هذه المبادرة العالمية وقامت فعلًا بمواجهتها عب إحياء قمة الحوار الرباعي (كواد) QUAD الذي يشمل الولايات المتحدة والهند واليابان وأستراليا.
وشدد العميد إلياس فرحات على أن مبادرة الحزام والطريق ليست حلفًا سياسيًا وعسكريًا؛ بل هي مبادرة إنشاء بنى تحتية لتسهيل التجارة والاتصال بين الأمم الواقعة على طريق الحرير. وقال إنه على النقيض، وإضافة الى افتقارها للعامل الجغرافي المستقر، فإن مبادرة طريق الهند- حيفا تفتقر إلى أساس تاريخي في العلاقات بين الدول المعنية، وهي بمثابة مواجهة سياسية وأمنية مع مبادرة الحزام والطريق، أكثر منها مبادرة اقتصادية.
وقدم الدكتور حاتم بن حمد الطائي رئيس تحرير جريدة الرؤية العمانية، كلمة بعنوان "الرؤية الصينية للسلام والتنمية"، أكد خلالها أن تطوير العلاقات العربية الصينية لطالما كان محط اهتمام الجانبين، من منطلق العلاقات التاريخية التي تجمع العرب والصينيين، استنادًا إلى الروابط التجارية على مر الزمان، وطرق التجارة القديمة، وخاصةً طريق اللبان وطريق الحرير، وغيرها من الطرق، التي ترسخت على مدى التاريخ، وأثبتت عمق الصلات التجارية بين الجانبين، وأهمية مواصلة البناء على هذه العلاقات وتطويرها بما يضمن مصلحة وخير الشعوب. وأضاف الطائي أن ثمّة علاقة وطيدة بين مبادرة الحزام والطريق وترسيخ السلام والاستقرار في المنطقة والعالم أجمع؛ إذ لا يُمكن تصوُّر إرساء السلام من دون تنمية حقيقية تخدم الشعوب وتقلل الفجوة بين الفقراء والأغنياء، وتعمل على تحسين مستوى معيشة المجتمعات، وتنهض بالخدمات الصحية والاجتماعية والتعليمية. وهذا ما تسعى إليه مبادرة الحزام والطريق، من خلال اعتماد نهج تنموي مُستدام، يعتمد في جوهره على توظيف المزايا النسبية لكل دولة، وبناء منظومة تنموية متكاملة، تدعم بعضها البعض، عبر برامج تمويل وتسهيلات تضمن تنفيذ المشروعات بين دول المبادرة. وشدد الطائي على أن السلام خيار استراتيجي لكل شعوب العالم، خاصة وأن منهجية إشعال الحروب والصراعات التي يقتات من خلالها الغرب على حساب مصالح الشعوب في الدول النامية، تأكد أنها منهجية مُدمّرة، ولا يُمكِن أن تخدم مسيرة التنمية في هذه الدول. وتابع القول إن مبادرة الحزام والطريق، وبالتعاون بين الدول العربية والصين، تستهدف إطلاق نموذج تنموي جديد، يعمل على البناء والتطوير، بعيدًا عن فرض السياسات والاشتراطات التمويلية، لأن الهدف الجامع لهذه المبادرة يرتكز على تطوير المجتمعات وتعزيز مسيرة التحديث والتطوير والتنمية.
واستطرد قائلًا: إننا عندما نتحدث عن مبادرة الحزام والطريق ودور سلطنة عُمان فيها، نُشير بوضوح إلى نهج دبلوماسي عُماني فريد، يستفيد من العلاقات الثنائية التي تجمع سلطنة عُمان مع مختلف دول العالم، والبناء على هذه العلاقات لتطوير مسارات تعاون اقتصادي وتجاري واعدة، تحقق الأهداف المنشودة. وفي هذا الإطار، أعلنت سلطنة عُمان وجمهورية الصين الشعبية الصديقة في عام 2018 إقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية، ارتكازًا إلى الثقة السياسية المتبادلة وعلاقات الصداقة التاريخية الراسخة، والتقدم الواضح في التعاون بمجالات الطاقة والاقتصاد والتجارة والترابط والتواصل الشعبي، إلى جانب الرغبة المُشترَكَة لدى الجانبين في مواصلة رفع مستوى العلاقات الثنائية. وأضاف أن سلطنة عُمان والصين تسعيان على الدوام إلى تعزيز التواصل والتشاور بين قيادتي البلدين ومواصلة التنسيق الدائم بشأن العلاقات الثنائية والقضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، ومواصلة توسيع الرؤى المشتركة وتعميق الثقة السياسية المتبادلة بينها، وغيرها من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وتأكيد مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية والسعي لترسيخ أُسس الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
وشدد الطائي على أن مبادرة الحزام والطريق ترسم سيناريوهات تنموية جديدة لشعوب المنطقة والعالم، استنادًا إلى رؤية طموحة تستهدف تنمية اقتصادية مُستدامة، تُقصي مُخططات الحروب ومؤامرات إشعال الصراعات في مختلف الدول، وتقول بصوتٍ عالٍ لمن يهمه الأمر ولتلك القوى الظالمة التي تنشر الدمار والفساد في العالم: كفى حروبًا.. كفى تدميرًا.. كفى إشعالًا لنيران الفتن.. حان وقت البناء والتنمية، حان وقت التطوير والتعمير، حان وقت الازدهار والنماء.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: الرئیس الصینی شی جین بینغ مبادرة الحزام والطریق الصین والدول العربیة الرئیس شی جین بینغ الصینیة العربیة فی الشرق الأوسط والاستقرار فی الدول العربیة الصینی العربی وأضاف أن فی عام إلى أن
إقرأ أيضاً:
الصين وإفريقيا.. سباق الاقتصاد العالمي والمعادن النادرة
سلط صندوق النقد الدولي الضوء على الأداء الاقتصادي لدول القارة الأفريقية، مصنفًا أكبر اقتصاداتها بناءً على ناتجها المحلي الإجمالي والمؤشرات الاقتصادية الأخرى، حيث تمكنت بعض الدول من تحقيق نمو كبير، بينما لا تزال أخرى تواجه تحديات تؤثر على قدرتها التنافسية في الأسواق العالمية.
وفي هذا السياق، أصدر صندوق النقد الدولي تقريرا يصنف أكبر اقتصادات داخل قارة أفريقيا مستندًا إلى مؤشرات الأداء الاقتصادي الذي أظهرته الدول خلال الفترة الماضية.
وبحسب موقع “إفريقيا بزنس إنسايدر”، أفاد التقرير “بأن مصر احتلت المركز الثاني في قائمة الدول ذات أكبر ناتج محلي إجمالي في القارة الإفريقية لعام 2025”.
وتوقع صندوق النقد الدولي أن “يشهد الاقتصاد المصري نموًا ملحوظًا بنسبة 3.8% خلال السنة المالية 2024/2025، مقارنة بنمو بلغ 2.4% في العام المالي السابق”.
وبحسب التقرير، “يعكس هذا التحسن المتوقع حالة من الاستقرار النسبي التي يشهدها الاقتصاد المصري، مع مؤشرات إيجابية نحو مزيد من التوسع في قطاعات متعددة”، كما رجح التقرير أن “يستمر هذا الاتجاه الإيجابي ليصل معدل النمو إلى 4.3% خلال السنة المالية التالية، مما يعزز الآمال بتحقيق انتعاش اقتصادي أوسع”.
ووفق التقرير، “تصدرت جنوب إفريقيا القائمة تلتها مصر ثم الجزائر ثم نيجريا في المركز الرابع مسجلة تراجعًا ملحوظًا، رغم تعدادها السكاني الكبير، مع توقعات بألا يتجاوز ناتجها المحلي الإجمالي 188.27 مليار دولار خلال نفس الفترة، وجاء المغرب في المركز الخامس ثم كينيا وإثيوبيا وأنجولا وكوت ديفوار ثم غانا في المركز العاشر بإجمالي ناتج محلي 88.33 مليار دولار”.
وأشار التقرير، الذي ركز على التنوع الاقتصادي في إفريقيا، إلى أن “بعض الدول الأفريقية باتت تشكل قوى مؤثرة في الناتج المحلي الإجمالي للقارة، بينما لا تزال دول أخرى تواجه تحديات اقتصادية كبيرة، تعود أسبابها إلى الأزمات السياسية وضعف البنية التحتية والاعتماد المفرط على قطاع اقتصادي واحد”.
هذا وتشهد القارة الإفريقية تحولًا اقتصاديًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، مدفوعًا بإصلاحات هيكلية واستثمارات أجنبية مباشرة، كما تعتمد العديد من الدول الإفريقية على تنويع مصادر دخلها من خلال تطوير قطاعات مثل الزراعة، التعدين، والطاقة المتجددة.
ومن بين الاقتصادات الأسرع نموًا في القارة، تبرز دول مثل جنوب السودان، السنغال، وليبيا، حيث تعتمد على استثمارات واسعة في البنية التحتية وتوسيع القطاعات الإنتاجية الحيوية، بالإضافة إلى ذلك، هناك تركيز متزايد على تعزيز التجارة الإقليمية من خلال اتفاقيات اقتصادية بين الدول الأفريقية، مما يسهم في تحسين الأداء الاقتصادي العام.
رغم ذلك، تواجه بعض الدول تحديات كبيرة مثل الأزمات السياسية وضعف البنية التحتية، مما يؤثر على قدرتها على تحقيق النمو المستدام، ومع ذلك، تستمر القارة في جذب الفرص الاستثمارية العالمية بفضل مواردها الطبيعية الغنية وإمكاناتها الاقتصادية الواعدة.
المعادن الأرضية النادرة.. سلاح الصين الاستراتيجي في معركة الاقتصاد العالمي
في سياق متصل، تحتفظ المعادن الأرضية النادرة بموقعها كسلاح استراتيجي، تتحكم من خلاله بعض الدول في مسارات الاقتصاد والسياسة العالمية، وتدخل عدة عناصر الحيوية في صناعات الذكاء الاصطناعي، والطاقة النظيفة، وأنظمة الدفاع، والسيارات الكهربائية، مما يجعل الاستحواذ عليها امتلاكا لقوة الغد، ومع تجاوز الاحتياطيات العالمية حاجز 90 مليون طن متري، يتحول سباق المعادن الأرضية النادرة إلى معركة جيوسياسية صامتة بين الشرق والغرب، إذ بات تأمين الإمدادات أولوية استراتيجية كبرى للقوى العالمية.
وفي هذا المشهد تتصدّر الصين، ليس فقط بحيازتها أكبر احتياطيات، وإنما أيضا بسيطرتها على التكرير وسلاسل الإمداد العالمية، وفقا لمنصة “الطاقة”.
وبحسب بيانات هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، “فإن الصين تتصدر العالم باحتياطي يبلغ 44 مليون طن متري، تليها البرازيل (21 مليون طن)، والهند (6.9 ملايين طن)، وأستراليا (5.7 ملايين طن)، فيما جاءت روسيا في المركز الخامس باحتياطي يبلغ 3.8 مليون طن متري، متفوقة على أمريكا التي جاءت في المركز السابع باحتياطي 1.9 مليون طن متري”.
وبحسب التقرير، كانت أفريقيا حاضرة أيضا في القائمة، عبر تنزانيا باحتياطي يبلغ 890 ألف طن متري، وجنوب أفريقيا بـ860 ألف طن متري، مما يمنحهما دورا ناشئا في هذه السوق الاستراتيجية.
وعززت الصين هيمنتها بإنتاج 270 ألف طن متري في العام الماضي 2024، ما يمثل نحو 70% من الإنتاج العالمي، ومعالجة 90% من الخامات، وفي ظل تصاعد التوتر مع واشنطن، فقد فرضت بكين قيودا جديدة على تصدير معادن رئيسية تدخل في صناعة الرقائق الإلكترونية، مما يرفع منسوب القلق الغربي حيال استخدامها كورقة ضغط.
آخر تحديث: 27 أبريل 2025 - 20:07