في مؤلفات مفكرين أمثال أحمد سعيد نوفل ومحمد البشير الإبراهيمي وجيرمي سولت، يبدو العالم العربي ضحية لمخططات غربية جعلت منه أندلسا آخر من حيث التفتيت والتجزئة وضعف الحكام وحتى ولائهم للخارج، فهل من أفق لظهور قائد بحجم يوسف بن تاشفين لوضع حد للتمزق والهوان؟

وفي كتابه "دور إسرائيل في تفتيت الوطن العربي" يرى الدكتور أحمد سعيد نوفل أن تمزيق الوطن العربي وتجزئته هدف استعماري قديم، لعب التحالف البريطاني-الفرنسي دورا كبيرا في تحقيقه للحيلولة دون إقامة دولة الوحدة العربية.

ويرى نوفل أن المصالح الاستعمارية الإمبريالية قد ارتبطت بمواقف الصهيونية وإنشاء إسرائيل لتحقيق هدفين أساسيين: الأول منع قيام الوحدة العربية، والثاني سلب الثروات واستثمار موقع الأقطار العربية وإخضاعها للإرادة الاستعمارية.

ويستشهد على ذلك بمثال من التاريخ القريب، حين استطاع محمد علي باشا وابنه إبراهيم باشا أن يوّحدا مصر وبلاد الشام وبينهما فلسطين في دولة واحدة، وأعلنوا الخروج والعصيان على الدولة العثمانية، وقتها وقفت بريطانيا وفرنسا وروسيا مع الدولة العثمانية بحجة الدفاع عن شرعيتها أمام والي مصر الباغي.

ولكن الحقيقة التي يكشفها نوفل أن وجود مشروع "وحدة سياسية" في الشرق الأوسط كان يُهدّد مخططاتهم الاستعمارية والإمبريالية التي كانوا يسعون لتحقيقها، فلم يكن يهمهم موقف محمد علي في مصر، ولا موقف الخليفة العثماني في إسطنبول، ولهذا السبب سارعت بريطانيا لاحتلال مصر، ثم أسرعت فرنسا لاحتلال بلاد الشام فيما بعد.

تفتيت الشرق الأوسط

ويمكننا أن نرى في كتاب "تفتيت الشرق الأوسط" المنطلقات التي جعلت الغرب يسعى لتحقيق "التفتيت والتجزئة"، إذ يرى مؤلفه البريطاني الأسترالي جيرمي سولت أن تضخم الذات الغربية، والنظرة الاستعلائية على الآخر من منطلقات دينية واستعمارية، كانت السبب الذي دفع العالم الغربي إلى ما يصفه بـ"التشابه بين الفعل الاستعماري والعضوي"، والطرق التي تم بها تبرير التدخل الغربي في شؤون الشرق الأوسط، فقد أقنعوا أنفسهم أن هذا الشرق هو "باثولوجيا" -أي علم للأمراض- يحق للغربي من خلاله أن يفعل ما يريد، بينما يجب على الشرقي أن يستجيب إذا ما أراد تجنب العقاب.

هذا المنطلق الثقافي جعل أحد مفكريهم يقول "إن الله أمسك علوم الإبحار عن الفرس والمغول والعباسيين والصينيين والترك.. حتى تسطع شمس الحق والحقيقة من غربنا لتضيء الشرق"، وقد ضُخمت فكرة الغرب في تاريخ العالم بالجغرافيا التي خدمت النظرة الأوروبية ثم الغربية المركزية، وبواسطة هذه الدعاية أصبحت القوى الاستعمارية الغربية ترى نفسها الأحق في تصنيف "الآخر"، وتقرير مصيره السياسي والثقافي.

ويقف سولت على دور المفكرين والمستشرقين الغربيين في غرس هذه الأفكار في عقول الغرب عامة، والساسة منهم خاصّة، فهذا المؤرخ والمستشرق الأسكتلندي وليم موير يصف الإسلام بالجمود والتخلف، وأن "سيف محمد والقرآن هما أعند أعداء الحضارة والحرية والحقيقة الذين عرفهم العالم حتى اليوم"، وأن حقوق الأقليات المسيحية في الشرق الأوسط تتعرض للخطر وشرور "الحكومات المحمدية" في الدولة العثمانية.

كانت هذه الدعاية السوداء الموجّهة ضد المسلمين ودينهم ونبيّهم خير ما يمكن أن يحرك نوازع الغرب تجاه العالم الإسلامي والعالم العربي في قلبه للسيطرة عليه وتفتيته وتجزئته، وهي الحكاية التي وقف معها بهدوء وروّية سولت في كتابه "تفتيت الشرق الأوسط: تاريخ الاضطرابات التي يثيرها الغرب في العالم العربي".

تجرع العالم الإسلامي سُم الاحتلال الغربي المباشر طوال عقود، وزرعوا في قلبه إسرائيل لاستمرار مشروع التجزئة والتفتيت، وقد وقف عدد من مفكري المسلمين في النصف الأول من القرن الـ20 يتساءلون "أين الخطأ"، وهو سؤال لا يشبه في جوهره عنوان كتاب المفكر الصهيوني المتحيز برنارد لويس، إذ تأمل مفكرونا في سؤال ما السبب الذي أدى إلى تفتيت العالم الإسلامي، وواقعه المزري الذي جعل الغربي يتحكم في كل شيء.

وكان من جملة المتسائلين والمتأملين العلامة الجزائري محمد البشير الإبراهيمي الذي قال في إحدى مقالاته "واقع العالم الإسلامي اليوم أنه مستعبد مسخّر يتعب ليسعد عدوّه ويموت ليحيي غيره ولا درجة في الخزي والهوان أحط من هذه، ولا ينكر هذا إلا مغرور بالظواهر أو مخدّر من الاستعمار أو جاهل لا فكر ولا عقل له فلا يقبل له رأي ولا يصحّ منه حكم".

وقد فكّر الإبراهيمي مليّا في أسباب هذه الحالة، ووجد أنها تكمنُ في "ضعف الأخوة الإسلامية إلى درجة قريبة من العدم، حتى أصبحت كلمة تُقال على الألسنة ولا قرار لها في القلوب، ولو كان لها معنى يخالط النفوس ويؤثر فيها لرجعت حكوماتهم كلها إلى حكومة واحدة أو إلى حكومات متحدة في الرأي واعتبار المصلحة العامة".

إذن وضع الإبراهيمي يده على سبب الداء والدواء، وهو التفتت وعدم الوحدة، وهو المرض الذي يغذّيه الفكر الصهيوني والغربي حتى يومنا هذا، فهذا الرئيس الإسرائيلي الأسبق شمعون بيريس يؤكد في كتابه "الشرق الأوسط الجديد" أن عصر السلام والتطبيع مع العرب يجب أن تحتل إسرائيل فيه القلب المحرك لاستقرار المنطقة، وضمان أمن الدول العربية، وأنها تستطيع بالتطبيع، والسلام هو أن تنال ما لم تستطع نيله بالحرب.

واللافت أن مشروع بيريز لـ"الشرق الأوسط الجديد" وهو كتاب ألّفه في عام 1992م عقب اتفاقية أوسلو مع منظمة التحرير الفلسطينية بزعامة عرفات، تطور بعد عقدين في نظر الإستراتيجية الأميركية ليصبح مشروعا ثابته إسرائيل كقوة رادعة ومهيمنة على الإقليم، ومتغيره يتمثّل في إنشاء ممالك جديدة للطوائف، ليتم تفتيت ما لم تفتته اتفاقيات سايكس بيكو في بداية القرن الـ20 سياسيا واجتماعيا وفكريا وعرقيا.

مشروع ابن تاشفين في مواجهة التشرذم

من اللافت أن الأندلس عاشت قبل ألف عام هذه الشرذمة السياسية التي نراها في "الشرق الأوسط"، وهي شرذمة كادت أن تفتك به، وتودي به المهالك، وتُعجّل بسقوط الأندلس في القرن الخامس الهجري؛ لولا أن يوسف بن تاشفين أمير المرابطين أدرك مكامن الخطر، وسُبل العلاج، وأسرع في إيجاد وتنفيذ "إستراتيجية مضادة".

كان القرن الخامس الهجري/الحادي عشر الميلادي في الأندلس، ولا سيما العقود الثمانية الأولى منه، قرن تشرذم وضعف وانقسام واحتراب أهلي، فقد الأندلسيون وحدتهم السياسية حين قامت الثورات والانقلابات العسكرية ضد الأمويين حكام البلاد، وراحت كل منطقة من مناطق الأندلس تستقل سياسيا ويحكمها أمير، سرعان ما غرته الوقائع والاضطرابات بأنه جدير بالملك والإمارة.

وهكذا أصبح لدينا في الأندلس قرابة الـ20 أميرا سمّاهم المؤرخون "ملوك الطوائف"، فلكل طائفة أميرها الذي يتحكم في رقاب أهلها، بل يطمع فيما لدى غيره من جيرانه اللدودين، بينما هناك في الشمال كان العدو الصليبي القشتالي القوي والمتربص يفرح بهذا التشتت والانقسام الحاصل في جسد المسلمين.

وفي حال شبيهة بالوضع الراهن في الشرق الأوسط، كان لكل واحد من هؤلاء الحكام علاقات ومصالح خاصة مع القوى الأجنبية، والتي تعمل على تفتيت وتجزئة الدولة قبل الانقضاض عليها.

وقد كان سقوط طليطلة سنة 478هـ/1067 نذير شؤم، وبلاء كبيرا، حيث أدرك المعتمد بن عباد فداحة الأخطاء التي تردى فيها بمصانعة ألفونسو ومحالفته واستعدائه على زملائه أمراء الطوائف، ولاحت له طوالع المصير المروع الذي سوف ينحدر إليه، إذا لم تتداركه يدُ العناية بعون أو نجدة غير منتظرة.

ووسط هذا تتالي السقوط الأندلسي تحرك أمير الدولة المرابطية يوسف بن تاشفين، وخاض ضد الصليبيين معركة الزلاقة الشهيرة سنة 479هـ/1086م التي انتصر فيها المسلمون، وأبيدت قوات ألفونسو ورجاله، وولّى هاربا إلى عقر مملكته في أقصى شمال الأندلس.

ولاحقا، أدرك ابن تاشفين أن مشكلة الأندلس لا تحلها هزيمة الصليبيين، وإنما تتطلب أيضا القضاء على حكام الطوائف، فأقسم على إسقاطهم وفعل، ووحدها تحت سلطان المرابطين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات العالم الإسلامی الشرق الأوسط

إقرأ أيضاً:

احتجاجات وتحريض واسع ضد كتاب يتحدث عن حماس في جامعة بريطانية

اندلعت حالة من الجدل والتظاهرات المتبادلة وحتى الاشتباكات بين أنصار القضية الفلسطينية ومؤيدي الاحتلال الإسرائيلي في حرم كلية لندن للاقتصاد، بسبب استضافة الجامعة لحفل إطلاق كتاب يحمل عنوان "فهم حما:س ولماذا هذا مهم".

وجاءت الفعالية لتكون بمثابة إطلاق للكتاب (اسمه الأصلي Understanding Hamas And Why That Matters)، الذي حرره كل من هيلينا كوبان، ورامي خوري، ونشرته دار أو آر بوكس، وبمساهمات من باولا كاريدي، وجيروين جونينج، وخالد حروب، ومعين رباني، وعزام التميمي.

وبحسب دار النشر، يقدم الكتاب، الذي يسهل الوصول إليه والموثوق به، نظرة ثاقبة ضرورية للغاية لحركة يساء فهمها على نطاق واسع، والتي سيكون مشاركتها في حل عادل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني أمرا بالغ الأهمية.

View this post on Instagram A post shared by Liberation Links (@liberation_links)
وفي مختلف الخطابات السائدة في الغرب، تعرضت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" لتشويه شديد، واعتبارها "إرهابية" أو أسوأ من ذلك، واشتدت هذه الحملة بعد إنطلاق عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، التي جاءت ردا على الجرائم الإسرائيلية المستمرة بسحب ما أكدت الحركة.


ويقدم الكتاب نفسه على أنه لا يدافع عن حماس ولا يقف ضدها في نفس الوقت، بل يهدف في سلسلة من المحادثات الغنية والمتعمقة مع خبراء بارزين، إلى "تعميق فهم حركة تشكل لاعبا رئيسيا في الأزمة الحالية".

 وينظر الكتاب، من بين أمور أخرى، إلى التحول الحاسم الذي شهدته حركة حماس من النشاط الاجتماعي والديني إلى المشاركة السياسية الوطنية؛ والتوازن الدقيق بين الجناحين السياسي والعسكري لها؛ وتحولها من الميول المعادية لليهود في وقت مبكر إلى موقف يميز بين اليهودية والصهيونية.

Starting now at the @LSE, Helena Cobban @helenacobban discusses her co-edited book, 'Understanding Hamas And Why That Matters', with @GunningJeroen and @CataWinnie https://t.co/i20yDNHA45 — OR Books (@orbooks) March 10, 2025
والاثنين، أقيمت ندوة في مركز الشرق الأوسط بكلية لندن للاقتصاد، بمشاركة كاثرين شاريت من جامعة وستمنستر، وهيلينا كوبان من مؤسسة التعليم العالمي العادل، وجيروين جانينج من مركز الشرق الأوسط بكلية لندن للاقتصاد، ومعين رباني من مجلة "جدلية"، بينما كان مايكل رئيس الجلسة من مركز الشرق الأوسط بكلية لندن.

ويأتي إصدار الكتاب في وقت حساس، حيث بدأت إدارة ترامب، التي تدعم "إسرائيل" دون شروط، مفاوضات مباشرة مع حماس بشأن إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، وهي خطوة أثارت حالة في الغضب في "إسرائيل" باعتبار انها تتجاوز رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي يُتهم بتقديم بقائه السياسي على تأمين إطلاق سراح الأسرى.

كما يأتي النشر وسط نقاش متجدد حول سياسات الغرب تجاه حماس، وتصريحات رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، التي اعترف فيها بأن مقاطعة حماس بعد فوزها في انتخابات 2006 كان خطأً، مؤكدًا أن التعامل مع الحركة ضروري لأي حل مستقبلي.

ماذا قالوا؟
وصف الصحفي والمؤلف ومخرج الأفلام الأمريكي ماكس بلومنثال بأنه تمهيدي وسهل الوصول إليه وشامل يستند إلى خبرة حقيقية في تاريخ المقاومة الفلسطينية.

ووصف عالم السياسة الأمريكي والباحث في العلاقات الدولية والأستاذ في جامعة شيكاغو الكتاب بأنه "مهم حقا ويجب أن يقرأه كل من يهتم بجدية بفهم الصراع الإسرائيلي الفلسطيني".

وأكدت الناشطة السياسية الأمريكية ميديا بنجامين "لا أستطيع أن أتركه (الكتاب) وأوصي به بشدة لأي شخص مهتم بمحنة الشعب الفلسطيني".

أما تشارلز دبليو فريمان الابن، وهو دبلوماسي وكاتب أمريكي متقاعد، وخدم في الخارجية الأمريكية ووزارتي الخارجية والدفاع في العديد من المناصب المختلفة وشغل منصب السفير الأمريكي في السعودية من عام 1989، فقد قال عن الكتاب: "في عالم حرب المعلومات، حيث لا يوجد إلا القليل من الحقيقة وكل إهانة يمكن تصديقها، فإن الوصول الموثوق إلى الحقائق أمر لا يقدر بثمن".

وأضاف السفير السابق فريمان، الذي عمل أيضا كمترجم رئيسي للرئيس الأمريكي الأسبق، ريتشارد نيكسون، أن  كتاب "فهم حماس يخبرنا بما يحدث كما هو".

بينما قال جوناثان كُتّاب، هو أحد مؤسسي منظمة حقوق الإنسان الفلسطينية "الحق" ومحامٍ معروف في مجال حقوق الإنسان الدولية، عن الكتاب: إنه "أمر حيوي وفي الوقت المناسب.. لا أحد يستطيع التعامل مع القضية الفلسطينية، أو مع غزة، دون فهم حماس والتصالح معها".

تحريض واسع
قبل أسبوع من إقامة الحدث، حذرت وزارة الداخلية البريطانية المتحدثين المشاركين في فعالية "فهم حماس" من أنهم سيواجهون "القوة الكاملة للقانون" إذا أعربوا عن دعمهم لـ"المنظمة الإرهابية المحظورة".


وبحسب ما نقلت صحيفة "جويش نيوز"، قال متحدث باسم وزارة الداخلية إن الشرطة "تراقب بشكل روتيني أي خروقات لقانون الإرهاب"، داعية أي شخص يشارك في الفعالية إلى "التفكير بجدية في أفعاله وأي آراء يخطط للتعبير عنها علنا".

وأضافت الصحيفة أن وزيرة الداخلية إيفات كوبر، من بين كبار الوزراء في الحكومة الذين "يشعرون بالقلق" إزاء التأثير المحتمل للحدث في كلية لندن، والذي يتناول كتاب بعنوان "فهم حماس ولماذا هذا مهم".

وقال متحدث باسم وزارة الداخلية: "إن الأمن القومي يظل على رأس أولوياتنا، وحماس منظمة محظورة، ومن المخالف للقانون أن تكون عضوا فيها أو تدعو إليها أو تعبر عن دعمك لها، وهو ما يعاقب عليه بالسجن لمدة أقصاها 14 عاما أو غرامة غير محدودة".

So, in summary...

Last night at the London School of Economics a group of #Palestine protesters were out in opposition against a group of #Israel counter-demonstrators who were calling out LSE over the book launch event for "Understanding Hamas: And Why That Matters." pic.twitter.com/vIowVFq2wE — Matt Capon (@MattLCapon) March 11, 2025
وأضاف "في حين أن الأمر متروك للشرطة لتحديد ما إذا كانت الجريمة قد ارتُكبت، وتراقب الشرطة بشكل روتيني الانتهاكات لقانون الإرهاب، فإن أي شخص يثبت ارتكابه جريمة سيواجه القوة الكاملة للقانون".

واعتبرت الصحيفة أن المسؤولين كلية لندن تلقوا "تحذيرا صارما بشأن عواقب المتحدثين الذين يروجون بنشاط لحماس في الحدث، وأنه تم تغيير الملاحظات الترويجية للحدث على موقع الكلية على الإنترنت في ثلاث مناسبات، مما أدى إلى تخفيف حدة التعليقات الأصلية على حماس".

ويذكر أنه في تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، أقر مجلس العموم البريطاني المذكرة التي تقدمت بها وزيرة الداخلية حينها بريتي باتيل، لتصنيف حركة حماس بجناحيها السياسي والعسكري "إرهابية".

وطالب كل من مجلس النواب وجماعات أخرى، بما في ذلك حملة مكافحة معاداة السامية، بإلغاء الحدث، معتبرين أنه "من الصعب رؤية هذا إلا كمحاولة لتبرير جماعة محظورة باعتبارها منظمة إرهابية في هذا البلد".

The scene outside LSE this evening, as Hamas is about to be whitewashed inside. They dress like terrorists because they love terrorists.

This is British academia in 2025. A stinking hatred swamp. pic.twitter.com/cxcyM6boxU — habibi (@habibi_uk) March 10, 2025
كما كتب اتحاد المحامين البريطانيين من أجل "إسرائيل" (UKLFI) إلى البروفيسور لاري كرامر، رئيس ونائب مستشار الكلية لـ "التنبيه إلى المخاوف القانونية بشأن استمرار الحدث".

ورغم اعترافهم بأن الكلية ملزمة بضمان حرية التعبير داخل المؤسسة، أشار اتحاد UKLFI أيضًا إلى "تصنيف حماس كمنظمة محظورة بموجب قانون الإرهاب البريطاني لعام 2000".

بدورها، قالت رابطة الطلاب اليهود إنها "تشعر بقلق بالغ" بشأن الحدث، وأنه "يخاطر بمنح الشرعية لحركة حماس بدلاً من تحليل أفعالها وأيديولوجيتها وتأثيرها بشكل نقدي".

وخلال الأسبوع الماضي، صرّح متحدث باسم وزارة التعليم قائلا: "بينما يحق للجميع التعبير عن آرائهم السياسية، فإن مؤسسات التعليم العالي ملزمة بحماية حرية التعبير والحرية الأكاديمية ضمن إطار القانون، ولكن يجب أن تكون أي مناقشات قانونية".

وأضاف: "تقع على عاتق أي جامعة، باعتبارها مؤسسة مستقلة، مسؤولية ضمان قانونية الخطاب في الفعاليات التي تستضيفها، لا سيما عندما يتعلق الأمر بمنظمات إرهابية محظورة".

Understanding Hamas project: Understanding Hamas - Just World Educational
Understanding Hamas book: UNDERSTANDING HAMAS: And Why That Matters | Helena Cobban & Rami G. Khouri | OR Books#Gaza #Palestine #Hamas #Israel pic.twitter.com/TegSsYmEvq — JustWorldEd (@JustWorldEd) March 6, 2025
وقالت الصحيفة الداعمة لـ"إسرائيل" أن منشورات مؤلفة الكتاب هيلينا كوبان، تضمنت  استخدامًا متكررًا لمصطلح "Zios" (داعمو الصهيونية) عند الإشارة إلى الصحفيين والنشطاء الداعمين لـ"إسرائيل".

وذكرت أنها علّقت على تأكيد مقتل عائلة بيباس في غزة (أم طفليها أكدت المقاومة مقتلهم في قصف إسرائيلي)، وشاركت منشورًا يدعي أن "التعامل مع مقتل طفلين إسرائيليين كخبر صادم، بينما يتم تجاهل أو تبرير مقتل أكثر من 20,000 طفل فلسطيني، هو عنصرية وتبرير للإبادة الجماعية".


وطال التحريض أيضا المؤلف المشارك رامي خوري، فهو مدير معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأمريكية في بيروت، وجرى نقل بعض تصريحاته التي أكد فيها أن الدعاية الإسرائيلية الفعالة شيطنت حماس في الغرب منذ فترة طويلة باعتبارها "جماعة إرهابية متهورة وشرسة تسعى إلى تدمير إسرائيل".

بدورها، اتهمت السفيرة الإسرائيلية في بريطانيا جامعة رائدة بـ "توفير منصة للدعاية لحماس" من خلال استضافة حفل إطلاق كتاب.

ودعت تسيبي هوتوفلي كلية لندن للاقتصاد إلى إلغاء المحاضرة حول الكتاب، معتبرة أن "ذلك من شأنه زيادة الدعم للجماعة الإرهابية بين الطلاب".

Last night, anti-terror demonstrators gathered outside LSE in protest to the university’s decision to host a book launch that sympathises with and offers a platform to Hamas - a terror group proscribed under UK law.

I wrote to LSE’s Vice Chancellor raising my concerns about the… pic.twitter.com/bwwKYtlfzk — Tzipi Hotovely (@TzipiHotovely) March 11, 2025
وفي رسالة إلى لاري كرامر، رئيس كلية لندن للاقتصاد، كتبت هوتوفلي: "أشعر بقلق عميق من أن الحدث يوفر منصة للدعاية لحماس - وهي منظمة إرهابية محظورة بموجب قانون المملكة المتحدة، وأخشى أن يؤدي الترويج لمثل هذا الكتاب، الذي يتعاطف مع حماس ويبرر بقاءها ووجودها، إلى زيادة الدعم لمنظمة إرهابية وحشية بين طلابك وخارجهم".

في كانون الثاني/ يناير 2024، اكتسبت عريضة "Change.org"، التي تدعو إلى طرد السفيرة الإسرائيلية لدى بريطانيا تسيبي هوتوفلي، زخمًا كبيرًا خلال الأيام الأخيرة.

وتؤكد العريضة، أن هوتوفلي "تستخدم لغة إبادة جماعية بشكل علني، وتدعو إلى ارتكاب أعمال إبادة جماعية، فيما يستمر التطهير العرقي في قطاع غزة والضفة الغربية".

وواجهت دعوة علنية إلى تدمير غزة بالكامل أطلقتها هوتوفلي ضمن برنامج تلفزيوني على قناة "إل بي سي" البريطانية هجومًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي من قبل ناشطين داعمين للفلسطينيين، ليوقع أكثر من 100 ألف شخص على عريضة تطالب الحكومة البريطانية بطردها من البلاد.

هوتوفلي كانت قالت خلال ذلك: "أحد الأمور التي أدركناها أنه في كل المدارس والمساجد والأنفاق في غزة هناك منازل خاصة للوصول إلى الأنفاق".

ورد عليها مقدم البرنامج إيان ديل بسؤال: هذه الحجة تُبرر تدمير غزة بأكملها؟، فأجابته سفيرة إسرائيل في بريطانيا: هل لديك حلّ آخر لتدمير مدينة الأنفاق تحت الأرض؟.

وفي عام 2021، شهدت منصات التواصل الاجتماعي تفاعلا واسعا مع حادثة طرد هوتوفلي، من قبل طلبة كلية الاقتصاد في لندن، وذلك خلال مشاركتها في ندوة عن الشرق الأوسط بالكلية.

وقد قوبل تصرف الطلبة في كلية الاقتصاد بترحيب واسع من الناشطين على المنصات العربية الذين احتفوا بخطوة الطلاب الذين شاركوا في الاحتجاج على وجود السفيرة الإسرائيلية والاحتلال الإسرائيلي.



ولم تتوقع السفيرة الإسرائيلية أن تُستقبل بهذا الاستهجان من الطلاب والنشطاء الذين دفعوها إلى الفرار، وسط هتافات مناهضة لـ"إسرائيل".

موقف الكلية
ودافع متحدث باسم كلية لندن للاقتصاد عن الحدث قائلا: إن حرية التعبير وحرية التعبير تدعم كل ما نقوم به في كلية لندن للاقتصاد، ونشجع الطلاب والموظفين والزوار بشدة على مناقشة القضايا الأكثر إلحاحًا في جميع أنحاء العالم".

وأضاف "نستضيف عددا هائلا من الأحداث كل عام تغطي مجموعة واسعة من وجهات النظر والمواقف، ولدينا سياسات واضحة لضمان تسهيل المناقشات في هذه الأحداث وتمكين جميع أعضاء مجتمعنا من دحض الأفكار بشكل قانوني وحماية حقوق الأفراد في حرية التعبير في إطار القانون".

المشاركون في الحدث 
هيلينا كوبان، مؤلفة الكتاب، وهي كاتبة وباحثة بريطانية أمريكية، وتُعتبر خبيرة في العلاقات الدولية، مع تركيز خاص على شؤون الشرق الأوسط، والنظام الدولي، والعدالة الانتقالية.

 وشغلت كوبان منصب زميل أول غير مقيم في مركز السياسة الدولية بواشنطن العاصمة، وهي المديرة التنفيذية لشركة النشر التي أسستها، "جاست وورلد بوكس"، بالإضافة إلى رئاستها للمنظمة التعليمية غير الربحية "جاست وورلد إديوكيشِنال".

خلال مسيرتها المهنية، ساهمت كوبان في العديد من المنصات الإعلامية وألّفت سبعة كتب، ومن أبرز أعمالها كتاب "المنظمة تحت المجهر" (1984)، الذي يتناول الخلفيات التاريخية لقيام منظمة التحرير الفلسطينية والحركات الفلسطينية الرئيسية، وكتاب "لبنان: 400 سنة من الطائفية"، الذي يستعرض التاريخ الطائفي في لبنان.

Understanding Hamas project: Understanding Hamas - Just World Educational
Understanding Hamas book: UNDERSTANDING HAMAS: And Why That Matters | Helena Cobban & Rami G. Khouri | OR Books#Gaza #Palestine #Hamas #Israel pic.twitter.com/Q6lzbWkxTl — JustWorldEd (@JustWorldEd) January 23, 2025
قدمت كوبان إسهامات ملحوظة في دراسة السياسة الفلسطينية، وعملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية، والسياسة اللبنانية، وعملية السلام السورية الإسرائيلية، وحرب الولايات المتحدة على العراق، ودراسات الشرق الأوسط بشكل عام. 

رامي جورج خوري، مؤلف مشارك في الكتاب، وصحفي وكاتب ومحلل سياسي لبناني أمريكي، يُعرف بعمله في تحليل قضايا الشرق الأوسط، خاصة الصراع العربي الإسرائيلي، والسياسة الفلسطينية، وشؤون العالم العربي بشكل عام، وهو رئيس تحرير سابق لصحيفة جوردان تايمز.


كاثرين شاريت، محاضرة أولى في العلاقات الدولية بجامعة وستمنستر، وتشمل اهتماماتها البحثية وجهات النظر المناهضة للاستعمار والإمبريالية بشأن السيادة والدبلوماسية. 

وكان بحث كاثرين للدكتوراه، الذي أكملته في جامعة أبيريستويث حول دبلوماسية الاتحاد الأوروبي وحماس في أعقاب الانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006. 

جيروين جانينج، أستاذ زائر في مركز الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد وأستاذ في السياسة الشرق أوسطية ودراسات الصراع في قسم الاقتصاد السياسي وفي معهد دراسات الشرق الأوسط في كينجز كوليدج لندن. 

يعد جانينج أحد مؤسسي مجال دراسات الإرهاب النقدية وقام بالتدريس وتقديم المشورة لصناع السياسات ومنظمات المجتمع المدني.

معين رباني، المحرر المشارك في مجلة "جدلية"، وهو رئيس تحرير مجلة بناء السلام والتنمية ومحلل أول سابق في شؤون "إسرائيل" وفلسطين في مجموعة الأزمات الدولية.

مايكل ماسون، مدير مركز الشرق الأوسط في كلية لندن، وهو أيضًا أستاذ في الجغرافيا البيئية في قسم الجغرافيا والبيئة في الكلية، وزميل في معهد غرانثام للأبحاث حول تغير المناخ والبيئة، وهو مهتم بالسياسات البيئية والحوكمة كما يتم تطبيقها على مسائل المساءلة والأمن والسيادة. 

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية يلتقي المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط
  • مطارا مسقط وصلالة يتوّجان بجوائز جودة خدمة المطارات
  • تتويج مطاري مسقط وصلالة بجوائز جودة خدمة المطارات في الشرق الأوسط
  • تمارا حداد: إسرائيل قد لا تكون قادرة على الدخول فى حرب ثانية
  • الاستقراء اليمني للمتغير العالمي
  • احتجاجات وتحريض واسع ضد كتاب يتحدث عن حماس في جامعة بريطانية
  • العراق في صدارة الدول الأكثر تلوثاً في الشرق الأوسط
  • معادلات جديدة تعتري الشرق الأوسط
  • روسيا وتركيا تبحثان الوضع في سوريا
  • ويتكوف يتوقع تحقيق تقدم كبير في محادثات أوكرانيا هذا الأسبوع