الثورة نت:
2025-02-16@15:51:28 GMT

غزة في مواجهة الغزاة

تاريخ النشر: 30th, May 2024 GMT

 

 

غزة اليوم هي النموذج، هي العنوان، هي الواجهة، هي القضية، هي المظلومية، هي الألم، إنها تختزل اليوم مآسي العرب قديمها وحديثها، فالغزاة لن يكفوا أبداً عن تجريع الشعوب العربية الويلات، لن يكفوا أبداً عن أطماعهم، ولن يتخلوا عن مخططاتهم الشيطانية للسيطرة على الجغرافيا العربية، ونهب ثرواتها وقهر شعوبها، وإذا كان الغزاة المجرمون قد وجهوا ما سبق من حملات غزوهم تحت ذرائع متعددة، لم يعدموها ولن يعدموها، وكانت تلك الحملات على درجة عالية من الخطورة على شعوب الأمة العربية، نظرا لما أحدثته في بيئتها وبنيتها الاجتماعية من آثار تدميرية، لم يكن من السهل أبداً معالجة تلك الآثار، وما سببته من مآسٍ وآلام.


ولقد كانت الشعوب العربية في مقاومتها لحملات الغزو الاستعمارية أفضلا حالا مما هي عليه اليوم، وأدت تلك المقاومة إلى طرد الغزاة المستعمرين المحتلين، الذين لم يتخلوا أبدا عن الإعداد والاستعداد والتجهيز لحملات غزو جديدة باتجاه الجغرافيا العربية، وكان الغزاة في كل حملة غزو يجلبون أحدث ما أنتجته مصانعهم من أنواع السلاح، الذي لم يكن متوفرا مثله أو أدنى منه لشعوب الأمة العربية، التي فتك الغزاة بمئات الآلاف من أبنائها، وكانت شعوب الأمة العربية بمثابة حقل تجارب استخدم فيه الغزاة ما انتجته مصانعهم الحربية من أسلحة.
وعلى مدى عقود من الزمن وشعوب الأمة العربية على حالها تواجه الغزاة بما توفر لديها من وسائل بدائية مقارنة بوسائل أولئك الغزاة، وكان لهذه الوسائل رغم بساطتها دور فاعل في التنكيل بالغزاة المحتلين، غير أنه ومنذ بداية القرن الماضي فكر الغزاة وبشكل جدي في الاستقرار وبشكل دائم في الجغرافيا العربية بدلا عن توجيه الحملات الاستعمارية بين فترة وأخرى، والتي غالبا ما تحتاج إلى التكلف في اختلاق الذرائع، وغالبا ما كانت تواجه بمقاومة شرسة، في معظم نطاق الجغرافيا العربية، وهو ما ترتب عليه إجبار حملات الغزاة على التقهقر والعودة أدراجها، لتعد من جديد حملات غزو جديدة بذرائع جديدة، وأسلحة جديدة.
ولقد تبلورت نتائج تفكير الغزاة في ضرورة إيجاد بدائل عن حملات الغزو المتكررة، تمكنهم من البقاء والاستقرار في الجغرافيا العربية، وقد أدرك الغزاة أن تحقيق ذلك ممكن من خلال السيطرة على الجغرافيا العربية بالوكالة، ولا بد لهذه السيطرة من وسائل فكان الاستقطاب والاحتواء والاختراق من أهم الوسائل التي مكنت الغزاة من تحقيق حلمهم بالاستقرار في الجغرافيا العربية، لنهب ثرواتها، وتمزيق شعوبها، فعملت على تنصيب حكام في بعض الشعوب العربية، ووفرت لهم كل وسائل الحماية، ليعملوا بإخلاص لتحقيق أهداف الغزاة، وضد مصالح شعوبهم وشعوب الأمة العربية عموما، ولم يكتف الغزاة بذلك بل عملوا على احتواء من يناصبهم العداء ويواجه مخططاتهم، واخترقوا كذلك أجهزة ومؤسسات دول أخرى، وعملوا على إفشالها، لتفقد ثقة شعوبها، وليظهر الغزاة من نافذة أخرى، ليحلوا وبشكل متدرج محل أجهزة ومؤسسات الدولة الرسمية في تقديم الخدمات للشعوب العربية من خلال مئات المنظمات الاستخبارية، وتحت عناوين إنسانية.
ولقد كان أكبر وأخطر اختراق مثّل قاعدة متقدمة لاستقرار الغزاة في الجغرافيا العربية، هو زراعة الكيان الصهيوني في قلب هذه الجغرافيا، والذي ترتب عليه شطر وحدتها الطبيعية إلى شطرين، وبهدف إذلال الشعوب العربية وكسر إرادتها في مقاومة وجود هذا الكيان المسخ، فقد أفرط الغزاة في سفك دماء عدد من شعوب الأمة العربية، لمنعها من التفكير في زعزعة استقرار الغزاة في قاعدتهم المتقدمة في قلب الأمة العربية، وعمل الغزاة وبشكل حثيث على تعزيز قوة قاعدتهم المتقدمة بتوفير كل الإمكانيات اللازمة التي مكنت الكيان الصهيوني من التفوق عسكريا في المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط عموما، هذا من جهة ومن جهة أخرى لا يفوت الغزاة فرصة للتأكيد على التزامهم بأمن الكيان الصهيوني رغم ما يتوفر له من معدات وأسلحة متطورة.
ولم يكتف الغزاة بتوفير كافة مقومات القوة والهيمنة لقاعدتهم المتقدمة في الجغرافيا العربية، بل عمل الغزاة بشكل حثيث لبسط نفوذهم على كافة النطاق الجغرافي للأمة العربية من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه، ولا يكف الغزاة عن اختلاق الذرائع للسيطرة بالقوة إن لزم الأمر على أي جزء يرى الغازي أنه يمكن أن يشكل تهديدا لاستقراره وسيطرته على الجغرافيا العربية، فجنوبا – ومنذ بداية العقد الأخير من القرن الماضي – سمح النظام القائم آنذاك في العاصمة صنعاء للغازي الأمريكي بالتواجد في كافة النطاق الجغرافي للبلد، تحت ذرائع ومبررات متعددة.
هذا التواجد دفع الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي للمبادرة في مواجهته وتوعية وتحذير المجتمع من خطورته، وهذا الموقف المعلن أزعج الغازي الأمريكي الذي أوعز إلى وكيله في العاصمة صنعاء بسرعة قمع ذلك التحرك بكافة الوسائل، وفي تنفيذه لتوجيهات مشغله ارتكب نظام صنعاء جرائم فظيعة بحق أبناء شعبه في محافظة صعدة وغيرها من المحافظات امتدت لقرابة عقد من الزمان، وحين أدرك الغازي الأمريكي أن مستوى زعزعة استقراره في الجغرافيا العربية يتصاعد بشكل كبير من جنوب هذه الجغرافيا، حينها أو عز لأدواته في المنطقة بشن حرب عدوانية على شعبنا اليمني، هدفها المعلن القضاء على قيادات أنصار الله وتدمير القدرات الحربية التي يمتلكها الجيش.
وشرقاً .. كان الغازي الأمريكي قد اختلق في بداية العقد الأخير من القرن الماضي ذريعة أسلحة الدمار الشامل في العراق، ومثلت هذه الذريعة سبباً مباشراً للعدوان على العراق، وتدميره وغزوه واحتلاله سنة 2003م، وقتل وجرح وتهجير وتشريد الملايين من أبنائه، وسرقة ونهب ثرواته ومقدراته، ويحتفظ الغازي الأمريكي والى اليوم بوجوده العسكري في كامل النطاق الجغرافي للعراق من خلال عدد من القواعد العسكرية ويحتل الغازي الأمريكي جزءاً مهماً من أراضي سوريا ويسرق بشكل واضح ثروة الشعب السوري، ويواجه الغازي الأمريكي مقاومة عنيفة من جانب الشعبين العراقي والسوري.
ويتواجد الغازي الأمريكي بعشرات القواعد العسكرية البرية والبحرية والجوية، في بقية نطاق الجغرافيا العربية في الأردن وما يسمى بالمملكة العربية السعودية والكويت والإمارات وقطر والبحرين، ولا مقاومة شعبية لهذا التواجد ولا حتى تذمر شعبي يمكن أن يؤسس لرفض هذا التواجد الكبير، وغربا تمكن الغازي الأمريكي وبأيدي وكلائه من تدمير السودان، وتدمير ليبيا، وتمكن من احتواء المغرب وموريتانيا ومصر، وتمكن من تكبيل الجزائر وتونس، وهو ما يفسر جمود الأنظمة والشعوب العربية تجاه جريمة الإبادة الجماعية التي يتعرض لها أهل غزة، باستثناء جزء بسيط من في جنوب وشرق ووسط الجغرافيا العربية تحرك أبناؤه لإسناد غزة في مواجهة قوى الإجرام والغزو والاحتلال، التي تحركت بشكل متزامن، لأن مقاومة غزة زعزعت استقرار القاعدة المتقدمة لهذه القوى في قلب الجغرافيا العربية.
غزة إذاً تواجه اليوم قوى الغزو والاحتلال الغربية التي تسيطر بشكل فعلي على معظم نطاق الجغرافيا العربية إما بالاحتلال المباشر القسري السافر كما هو الحال بالنسبة لأرض فلسطين وأجزاء من جغرافية العراق وسوريا واليمن، أو الناعم المستتر كما هو الحال بالنسبة للسعودية والإمارات والبحرين والكويت وقطر والأردن وجيبوتي، وإما بالاحتواء كما هو الحال بالنسبة للمغرب العربي وموريتانيا ومصر، وإما بالتكبيل كما هو الحال بالنسبة للجزائر وتونس، وإما بالتدمير كما هو الحال بالنسبة للسودان وليبيا، ولا خلاص للشعوب العربية الا بتبني نموذج غزة لطرد الغزاة المحتلين من كافة نطاق الجغرافيا العربية.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

القضاء في مواجهة ترامب .. هل تفلح الجهود الشعبية في كبح جماح الرئيس الأمريكي؟

تسببت حزمة القرارات التي إتخذها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عقب عودتها الي البيت الأبيض في فترته الرئاسية الثانية جدل واسعا في اوساط المجتمع الامرريكي الأمر الذي دفع شريحة منه بالإضطرار الي مواجهتها من خلال اللجوء الي القضاء .

بالأمس ، أظهرت وثيقة قضائية مساء أمس الخميس أن قاضيا اتحاديا أمر إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باستئناف التمويل لمئات من المنظمات العاملة في مجال المساعدات الخارجية، والتي قالت إنها تضررت بشدة من قرار تجميد شامل لمدة 90 يوما.

ونص قرار المحكمة علي منع إدارة الرئيس الأمريكي مؤقتا من إلغاء تعاقدات ومنح موجهة للمساعدات الخارجية كانت سارية قبل تولي ترامب منصبه في 20 يناير.

تجميد تمويل المساعدات الخارجية

ويُعد الحكم هو الأول فيما يتعلق بوقف قرار ترامب تجميد التمويل للمساعدات الخارجية، وجاء في إطار دعوى قضائية رفعتها منظمتان تعملان في مجال الصحة وتتلقيان تمويلا أمريكيا لبرامج خارج الولايات المتحدة.

وكتب أمير علي، القاضي بمحكمة بكولومبيا، في مذكرة أن الهدف المعلن من تعليق جميع المساعدات الأجنبية هو إتاحة الفرصة لمراجعة البرامج فيما يتعلق بكفاءتها واتساقها مع الأولويات.

وأضاف "لم يُقدَم حتى الآن أي تفسير لكون التعليق الشامل لجميع المساعدات الخارجية التي يخصصها الكونجرس، والذي أثار صدمة وعرقل تنفيذ آلاف الاتفاقيات مع شركات ومنظمات غير ربحية ومنظمات أخرى في جميع أنحاء البلاد، بداية منطقية لمراجعة البرامج".

الكونجرس

فيما وقع 145 عضوا بالكونجرس على رسالة إلى ترامب يطالبونه فيها بالتراجع عن تصريحاته بشأن بسط الولايات المتحدة سيطرتها على قطاع غزة

وقال الأعضاء بالكونجرس إن المنطقة في حاجة ماسة إلى حلول حقيقية ولا تستطيع الولايات المتحدة أن تروج للنزوح القسري كحل لهذا الصراع.

واشاروا كذلك الي ان استضافة السكان الفلسطينيين في الدول المجاورة لن تضمن أمن إسرائيل ولن تحل محل الحل السياسي الطويل الأمد.


وختم الأعضاء رسالتهم بالقول: نحثكم على العمل مع إسرائيل والشركاء الإقليميين والعالميين لدعم اتفاق وقف إطلاق النار وإعادة المحتجزين.

مساءلة ترامب 

اتهم  النائب الديمقراطي، من تكساس، آل غرين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بـالتطهير العرقي في غزة، واصفاً تصريحات ترامب بشأن غزة بأنها شنيعة.

وتقدم آل غرين بمشروع مساءلة لعزل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على خلفية تصريحات الأخير بشأن تهجير الفلسطينين من قطاع غزة.

تطهير عرقي
وقال آل غرين في مشروعه: “في رسالة إلى من يهمه الأمر.. التطهير العرقي في غزة ليس مزحة، خصوصاً عندما تصدر عن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية أقوى شخص في العالم.. عندما تكون لديه القدرة على أن يحسّن تماماً ما يقوله”.


وأضاف أن “التطهير العرقي في غزة ليس مزحة، ورئيس وزراء إسرائيل يجب أن يخجل لأنه يعرف تاريخ شعبه ووقف هناك وسمح بمثل هذه التصريحات”.

وأوضح أن "التطهير العرقي هو جريمة ضد الإنسانية، وأنا أقف هنا اليوم لأدين تلك التصريحات.. وأدين ما قاله الرئيس.. وأدين تواطؤ رئيس وزراء إسرائيل.. وأذكر الناس بأن الدكتور (مارتن لوثر كينغ) كان على حق عندما قال إن «الظلم في أي مكان هو تهديد للعدالة في كل مكان»، مشيراً إلى أن الظلم في غزة هو تهديد للعدالة في الولايات المتحدة.

وتابع: "أقف هنا اليوم لأن حركة محاكمة الرئيس قد بدأت، أقف هنا اليوم لأعلن أنني سأقدم لائحة اتهام ضد الرئيس بسبب الأفعال البشعة التي اقترحها والتي ارتكبها، وأنه تم وضع الأساس لمحاكمة الرئيس الأمريكي وعزله"، مشيرا الي أنه في هذه القضية يقف وحده، وأنه يفعل ذلك من أجل العدالة.

مقالات مشابهة

  • الجروان: مصر رأس الأمة العربية ونؤمن بقدرات شعبها وقيادتها الحكيمة (فيديو)
  • احذروا «الغدر الأمريكي»!
  • قيادة وزارة الزراعة تزور مقام الشهيد القائد في مران بصعدة
  • معهد المشروع الأمريكي: الأمم المتحدة ومسؤولية التخلي عن موظفيها في مواجهة ابتزاز الحوثيين
  • المملكة تشيد بالمكالمة الهاتفية التي جرت بين الرئيس الأمريكي والرئيس الروسي وما تم الإعلان عنه من إمكانية عقد قمة تجمع فخامتيهما في المملكة
  • القضاء في مواجهة ترامب .. هل تفلح الجهود الشعبية في كبح جماح الرئيس الأمريكي؟
  • خبراء أردنيون: القمة العربية التي دعت لها مصر رسالة للعالم بوحدة الصف العربي ضد التهجير
  • الإذاعة المصرية منارة الإعلام التي رسمت تاريخ الأمة.. تفاصيل
  • وزير الخارجية الأمريكي: سنمنح البلدان العربية فرصة لتقديم خطة حول غزة
  • «مصطفى بكري»: ننتظر قرارات قوية من القمة العربية وتجميد اتفاقيات السلام خيار مطروح