في مرحلة التصعيد الرابعة.. اليمن لاعبٌ أساسي في المنطقة
تاريخ النشر: 30th, May 2024 GMT
يمانيون – متابعات
تواصل القواتُ المسلحة اليمنية، اصطيادَ السفن الخارقة للقرار اليمني الخاص بحظرِ السفن الإسرائيلية والمتعاملة معها في البحر الأحمر وخليج عدن والعربي والمحيط الهندي وكذا الأبيض المتوسط، متجاوزاً أحدثَ وأكبرَ الترسانات الغربية الحديثة التي تقودها أمريكا في المنطقة لتأمين العدوّ الإسرائيلي.
ويواجه التحالف الأمريكي معضلة كبرى إزاء فشله الذريع في التصدي للضربات اليمنية وعجزه في تأمين السفن؛ فالمدمّـرات الأمريكية التي أتت للمنطقة؛ بهَدفِ تأمين مرور السفن التجارية أصبحت معرضة للخطر بنيران الصواريخ والطائرات المسيّرة اليمنية، والتي تواجِهُ ساعاتٍ عصيبةً أثناء محاولتها التصدي للضربات اليمنية.
في ظل توسع العمليات وسط الاعترافات الأمريكية والغربية بالعجز عن المواجهة:
ومع إعلان السيد القائد تدشين المرحلة الرابعة من التصعيد العسكري يطل متحدث القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع، بين الحينة والأُخرى، معلناً عن عمليات عسكرية ضد العدوّ الإسرائيلي وَالحلف الأمريكي، محقّقةً إصابات دقيقة وناجحة آخرها ما تم الإعلان عنه، أمس الأول، من تنفيذ ثلاث عمليات بحرية استهدفت سفناً تجارية اخترقت قرار الحظر في المحيط الهندي، بالإضافة إلى عمليتين ضد سفينة ومدمّـرتين عسكريتين أمريكيتين في البحر الأحمر.
وكالعادة يتزامن مع إعلان القوات المسلحة عن بيان عسكري إقرار أمريكي وإسرائيلي بتعرض سنفها وبوارجها لهجوم يمني بصواريخ وطائرات زاعماً أسقطاها، قبل أن تؤكّـد شركات الشحن الدولية أن الضربات اليمنية كانت مسددة.
إقرار أمريكي:
في عملية أمس الأول اعترفت القيادة المركَزية الأمريكية بتعرض سفينة تجارية لهجوم في البحر الأحمر، وذلك في بيان تحدثت فيه عن أن قواتها البحرية اعترضت إحدى الطائرات المسيّرة المشاركة في العملية.
وأشَارَت إلى أن القوات اليمنية استهدفت سفنها في البحر الأحمر بعدة صواريخ، مضيفة أن السفن الحربية الأمريكية اعترضت صاروخَين باليستيين من بينها، مجددة القول إن عمليات اليمن تعرّض حياة البحارة في البحر الأحمر وخليج عدن للخطر.
وكانت “القيادة المركزية الأمريكية” قد أكّـدت، في بيانات سابقة صادرة عنها، وقوع عدة هجمات في البحر الأحمر خلال الأيّام الماضية، مبينة أن أنصار الله استخدموا في تلك الهجمات صواريخ بالستية وطائرات مسيّرة.
وفي الصعيد ذاته اعترفت واشنطن بعجز تحالف ما يسمى بـ “حارس الازدهار” عن حماية سفنها.
وأفَادت مؤسّسة “ستاندرد آند بورز” الأمريكية للتصنيفات الائتمانية بأن نحو 123 ناقلة غاز مسال أمريكية غيّرت مسارها من البحر الأحمر إلى رأس الرجاء الصالح، منذ مطلع العام الجاري، مشيرة إلى أن تغير المسار أَدَّى إلى إضافة تكاليف اقتصادية ناهيك عن التأخير في الوصول.
تطوُّرٌ نوعيٌّ يرعبُ الصهاينة:
محللون عسكريون يرون أن خوضَ القوات المسلحة اليمنية معركتها المساندة لغزة ضد العدوّ الإسرائيلي والأمريكي ضمن مراحل تصعيدية، والتي وصلت للمرحلة الرابعة يثبت النقلة النوعية لليمن في مجال التصنيع الحربي بالإضافة إلى الاستراتيجية الحكيمة في المواجهة.
ويؤكّـدون أن المواجهة في المرحلة الرابعة والتي شملت رقعة أوسع وأكبر من المراحل السابقة جعل العدوّ الأمريكي والإسرائيلي وحلفاءَهم غير مستوعبين للحدث!.
ويقول المحلل العسكري عابد الثور: إن “الكيان الصهيوني لم يتوقع في يوم من الأيّام أن اليمن سيصبح بهذه القوة العظيمة”.
ويضيف بالقول: “إننا نستطيع بفضل الله تعالى الوصول إلى أي مكان وأية نقطة داخل الاحتلال الصهيوني”.
ويؤكّـد الثور أن “العدوّ الصهيوني يستخدم الخليج العربي نقطة ارتكاز لتعويض خسارته الاقتصادية المهولة في البحر الأحمر والعربي وخليج عدن والمحيط الهندي”، موضحًا أن “الإمارات والأردن والسعوديّة تقدم المساعدات لـ “إسرائيل” عبر الجسر البري؛ وهو ما جعل السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- يطلب من المقاومة العراقية المشاركة في المرحلة الرابعة من التصعيد العسكري”.
ويلفت الثور إلى أن “أي تحَرّك في البحر الأحمر والعربي والأبيض المتوسط والمحيط الهندي مرصود وتحت الاستهداف اليمني”.
ويشير إلى أن “مسرح العمليات الذي تديره اليمن وتحكم السيطرة عليه كبير جِـدًّا”، موضحًا أن مساحة البحر الأحمر نصف مليون كيلو متر مربع والبحر العربي مليونا كيلو متر مربع؛ أي ما يقارب مساحة السعوديّة بالكامل، مؤكّـداً أن اليمن يُحكِمُ السيطرة على مساحة نصف قطر 2500 كيلو وهو ما لم تستطع أية دولة في السيطرة على هذه المساحة.
ويبين الثور أن أمريكا وبريطانيا و”إسرائيل” تدرك جيِّدًا أن قطعها البحرية معرضة للخطر، في إشارة إلى الإقرار بالتفوق العسكري اليمني المتصاعد بشكل متواصل.
ويشدّد على أن “إسرائيل” تقع بين فكين، فك اليمن وفك محور المقاومة، موضحًا أن ضرب المدمّـرات الأمريكية سبب صدمة كبيرة لملاكها.
ويختتم الثور القول: “القوات المسلحة اليمنية اليوم استطاعت تغيير قواعد الاشتباك التي عرفت منذ عقود بخضوعها لأمريكا، اليمن أوجد قواعد اشتباك جديدة لم تعهدها أمريكا ولا إسرائيل”.
تناغم بين محور المقاومة:
بدوره يقول الباحث العسكري اللبناني العميد عمر معربوني: “إن توسع مسرح العمليات العسكرية يضع “إسرائيل” وأمريكا أمام معضلة كبرى”.
ويضيف “العمليات اليمنية العسكرية والمساحة الواسعة التي تصل إليها يتجاوز مسار المناصرة لغزة إلى تغير وضعية الجيوسياسية للمنطقة واليمن عنصر أَسَاسي في الجيوبولتيك”.
ويؤكّـد معربوني أن “اليمن يؤثر في مسألتين أَسَاسيتين هما عنوان المعركة العالمية: مصادر الطاقة والممرات البحرية بشكل أَسَاسي”.
ويبين أن “أمريكا وبريطانيا وكل العالم تفاجأ باليمن باستثناء قيادته الحكيمة التي تعرف ما تملك وكيف تتحَرّك”، موضحًا أن “اليمن تجاوز مسألة الردع إلى تشكيل المنطقة”.
ويعتبر معربوني اليمن مصدرَ تهيُّبٍ حقيقي للأمريكي، مردفاً القول: “اليمن أنهى تحضيرَه لدخول مرحلة رابعة ولديه استعداد لخامسة وسادسة، وهذا يظهر مدى التنسيق والتكامل بين محور المقاومة دولاً وأحزاباً”.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: المسلحة الیمنیة فی البحر الأحمر القوات المسلحة موضح ا أن إلى أن
إقرأ أيضاً:
اليمن وكسر الردع الأمريكي: البحر الأحمر نموذجًا لفشل الهيمنة
عبدالوهاب حفكوف
من بين أكثر جبهات الصراع حساسيةً في الراهن الإقليمي، تبرز جبهةُ البحر الأحمر؛ بوصفها مرآةً حادةً لتعرِّي العقيدة العسكرية الأمريكية أمام خصم غير تقليدي. فاليمنيون، دونَ مظلة جوية، ولا منظومات دفاع متقدمة، ولا حماية نووية، نجحوا في إعادة صياغة مفهوم الردع، بل وفي تحطيم رمزيته في وعي القوة الأمريكية نفسها.
منذ اللحظة الأولى لتدخُّلِها في البحر الأحمر بذريعةِ حماية الملاحة، اعتقدت واشنطن أن بضعَ ضربات محسوبة ستُعيدُ التوازن وتفرض الهيبة. لكن الوقائع أثبتت عكسَ ذلك تمامًا. وقعت في فخٍّ مُحكم بُنِيَ بعناية تكتيكية فائقة، حَيثُ تقابلت العقيدة اليمنية القائمة على “رفع الكلفة بأقل الإمْكَانيات” مع منظومة أمريكية مأخوذة بالسرعة والضجيج.
كل عملية هجومية نفذها اليمنيون كانت تهدم جدارًا نظريًّا:
• فإسقاطُ مسيّرة أمريكية متقدمة لا يُضعِفُ الأدَاة فقط، بل ينسِفُ الثقةَ في أدوات الردع نفسها.
• وضرب سفينة تجارية لا يعطِّلُ الممرَّ فحسب، بل يربك مركز القرار في وزارة الدفاع الأمريكية.
• والأسوأ: أن الدفاعاتِ الأمريكية الذكية استُنزفت حتى أصبحت أضعف من الهجوم ذاته.
وفي العمق، تحولت معادلةُ الكلفة إلى كابوس استراتيجي: صاروخ بسيط لا تتجاوز تكلفته بضعة آلاف، يُقابل بمنظومة اعتراض بملايين الدولارات.
لكن الأمر لا يتوقف عند اليمن. كُـلّ ضربة يمنية ضد المصالح الأمريكية كانت تُترجَمُ إلى نقطة تفاوضية لصالح إيران؛ ليس لأَنَّ اليمنيين في سلطة صنعاء يتحَرّكون بأمر من أحد -فهم أسيادٌ تتضاءلُ أمامهم السيادة الزيتية العربية-؛ بل لأَنَّهم جزء من منظومة ردع إقليمية واسعة، نجحت في تقاسم الأدوار وتوزيع الجبهات، دون إعلان أَو ضجيج.
ومن هنا، بدأ التحول الأمريكي الحقيقي. الإدراك المتأخر أن التصعيد ضد اليمن كشف حجم الكارثة فجعل البيت الأبيض يُعيدُ الحسابات من جديد. فما كان يُخطط له كعملية تأديب محدودة، تحول إلى أزمة استراتيجية دفعت واشنطن للتراجع خطوة، والبحث عن مسار تفاوضي مع طهران.
في المحصلة، الحوثي لم يعد مُجَـرّدَ طرف محلي يحمي سواحله. لقد أثبت، من خلال أداء منضبط وحسابات دقيقة، أنه قادرٌ على تعديل هندسة القوة في الإقليم، وفرض نفسه كطرف لا يمكن تجاهله في أي معادلة تهدئة وَخُصُوصًا في المعادلة الفلسطينية.
هكذا، تحولت جبهة البحر الأحمر إلى مختبرٍ علني لفشل الردع الأمريكي، وصعود منطق جديد في إدارة الصراع.
أُولئك الذين ظنوا بأن العدوانَ الأمريكي سيقضي على اليمنِ في ظل حكم أنصار الله وحلفائهم، سيخيبُ أملُهم وَسيتعين عليهم الاستعدادُ للتعامل مع قوة إقليمية خرجت مرفوعة الرأس بعد منازلة أقوى دولة في العالم!
* كاتب وصحفي سوداني.. بتصرُّف يسير