أكاديمي بريطاني: الهجمات الوحشية على رفح جزء من استراتيجية إسرائيل الخاسرة
تاريخ النشر: 30th, May 2024 GMT
توقع الأستاذ الفخري لدراسات السلام في جامعة "برادفورد"، بول روجرز، استمرار الهجوم الإسرائيلي على رفح وذلك بالرغم من استشهاد ما لا يقل عن 45 فلسطينيا في المنطقة الإنسانية بالقرب من رفح الذي أثار غضبا وصل إلى ما هو أبعد من منطقة الشرق الأوسط.
وأضاف روجرز في مقال نشرته صحيفة "الغارديان" إن ذلك يأتي بعد أن طلبت المحكمة الجنائية الدولية إصدار أوامر اعتقال بحق بنيامين نتنياهو ووزير الجيش يوآف غالانت، إلى جانب ثلاثة من كبار قادة حماس، جميعهم بتهمة ارتكاب جرائم حرب مزعومة.
وبشكل منفصل، طالبت محكمة العدل الدولية "إسرائيل" بوقف هجومها على رفح، وبدا الأمر لبضعة أيام في الأسبوع الماضي أن هناك دلائل تشير إلى أن "إسرائيل" تمتنع عن شن هجوم شامل.
وأفاد معهد دراسة الحرب، ومقره الولايات المتحدة، أن القوات الإسرائيلية كانت تستخدم "قدرا أقل من القوة الجوية والمدفعية، وقنابل أقل وأصغر حجما"، حيث يقوم الجنود بتطهير "المناطق الحضرية سيرا على الأقدام".
وانتهى ذلك بقصف منطقة تل السلطان، حيث تسبب هجوم الجيش الإسرائيلي في حريق هائل في منطقة خيام للنازحين.
قد يصف نتنياهو الغارة الجوية بأنها حادث مأساوي، لكن هذا لا يخفف من وطأة الهجمات الإسرائيلية المستمرة التي استمرت أكثر من سبعة أشهر والتي أسفرت عن استشهاد ما يقدر بنحو 35 ألف فلسطيني وإصابة حوالي 80 ألف آخرين، بالإضافة إلى ما يصل إلى 10 آلاف شخص آخرين في عداد المفقودين، الذي يعتبرون في عداد الموتى.
ويرى الكاتب أنه في الحرب التي تتجه نحو شهرها التاسع، ظلت حكومة نتنياهو تؤكد مرارا وتكرارا أن "إسرائيل" تستخدم القوة ضد حماس، وليس ضد المدنيين، لكن هذا يتعارض مع السلوك الفعلي لهذه الحرب وطريقة القتال الإسرائيلية برمتها.
منذ البداية، كان الجيش الإسرائيلي يوسع هجماته إلى ما هو أبعد من الوحدات شبه العسكرية التابعة لحماس. وكانت المدارس والمستشفيات ومحطات معالجة المياه وما شابه ذلك من الأهداف المبكرة، وكذلك الصحفيين وعمال الإغاثة والطواقم الطبية.
الجامعة الإسلامية هي واحدة فقط من جامعتين فلسطينيتين (إلى جانب جامعة بيرزيت في الضفة الغربية) وصلتا إلى التصنيف العالمي، وقد تعرضت للقصف بعد أقل من أسبوع من الحرب. ومنذ ذلك الحين، دمرت أو تضررت كل جامعة في غزة.
ويعتقد أن التدمير المتعمد للبنية التحتية المدنية أمر شائع بشكل مثير للقلق في حروب المدن الحالية، سواء من قبل روسيا في ماريوبول أو غروزني، أو الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا في الموصل، لكن التدمير المطلق للطريقة الإسرائيلية في الحرب لم يتفوق عليه أحد. وقد يشكل هذا الاستخدام "للقوة غير المتناسبة" امتدادا لعقيدة الضاحية، الذي يُعتقد أنه نشأ في أحد أحياء بيروت أثناء حرب عام 2006 في لبنان ضد حزب الله. فهو ينبع من قبول الجيش الإسرائيلي، والذي نادرا ما يعترف به علنا، بأنه يكاد يكون من المستحيل هزيمة التمرد الراسخ في المناطق الحضرية، وخاصة إذا كان المتمردون على استعداد للموت من أجل قضيتهم.
وبالعودة إلى الحصار الذي فرضه الجيش الإسرائيلي على بيروت الغربية في عام 1982، والذي تكرر في عام 2006 في لبنان وحروب غزة الأربع التي سبقت الصراع الحالي، فإن الأمر يتوقف على فهم ضمني مفاده أن الخسائر الإسرائيلية في عملية مكافحة التمرد في المناطق الحضرية تصبح مرتفعة للغاية. وهي في نهاية المطاف غير مقبولة سياسيا، حتى لو كانت الخسائر الفلسطينية أكبر بعشر أو عشرين مرة.
فبموجب عقيدة الضاحية، يتم استخدام القوة على نطاق واسع وطويل الأمد ضد السكان المدنيين بشكل عام من أجل تحقيق هدفين محددين: الأول قصير المدى: تقويض الدعم المقدم للتمرد، والهدف في غزة هو جعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لحماس للعمل. أما الخيار الثاني فهو طويل الأمد، وهو العمل كرادع للحركات شبه العسكرية في المستقبل من أي نوع، سواء في غزة أو الضفة الغربية المحتلة أو جنوب لبنان. أي أن ما حدث لغزة هو نفس ما سيحدث لأي حركة تتحدى الأمن الإسرائيلي هناك أو في أي مكان آخر.
أحد أوضح التحليلات لهذا المبدأ موجود في المجال العام: القوة غير المتناسبة: مفهوم الرد الإسرائيلي في ضوء حرب لبنان الثانية. وقد نشره المعهد الإسرائيلي لدراسات الأمن القومي في عام 2008، بعد عامين من حرب لبنان الثانية، وهو يعرض بالتفصيل آلية عمل هذه السياسة، ولكن من الصعب التوفيق بين ذلك وبين المذبحة والدمار والقتل التي شهدتها الحرب الحالية.
ولكي نفهم ذلك، ولماذا يحتفظ نتنياهو بالدعم الكافي لمواصلة الحرب، فلابد من الاعتراف بعنصرين آخرين؛ الأول هو التأثير الدائم لهجوم حماس العام الماضي. وحتى مع ارتفاع عدد القتلى الفلسطينيين منذ ذلك الحين، فإن الخسائر الإسرائيلية في 7 تشرين الأول/ أكتوبر ما زالت تهز المجتمع الإسرائيلي حتى النخاع.
لعقود من الزمن ظلت إسرائيل تعيش في حالة من التناقض الأمني: حيث تبدو إسرائيل منيعة ولكنها غير آمنة على الدوام، وذلك بسبب الصراع الأساسي حول الأرض والشعوب. وسوف يستمر "فخ انعدام الأمن" هذا إلى أجل غير مسمى ما لم يتم التوصل إلى تسوية عادلة مع الفلسطينيين. علاوة على ذلك، قد تعتبر إسرائيل نفسها دولة ديمقراطية، ولكن إذا أخذنا في الاعتبار كل الأراضي التي تسيطر عليها، فإن السكان غير اليهود في "إسرائيل الكبرى" هم الذين يتمتعون الآن بأغلبية إجمالية صغيرة.
والعنصر الثاني هو أن الحرب تسير بشكل سيئ بالنسبة للإسرائيليين. وعلى الرغم من استخدام الجيش الإسرائيلي للقوة على نطاق واسع وتدمير جزء كبير من قطاع غزة، إلا أن حماس لا تزال باقية وتستمر في إعادة تشكيل نفسها. لقد أصبح فشل الجيش الإسرائيلي واضحا منذ عدة أشهر، لكن حكومة نتنياهو ليس لديها مكان آخر تذهب إليه، ولن يتخذ بايدن بعد الخطوة الرئيسية الوحيدة المتمثلة في قطع جميع شحنات الأسلحة إلى إسرائيل. وما دامت الولايات المتحدة، وبريطانيا، ترفض قبول قرارات المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، فإن نتنياهو قادر على البقاء.
ويختم بالقول إن هناك علامة واحدة تبعث على الأمل: وهي أن المزاج العام في إسرائيل يتغير ببطء ولكن بثبات، كما أفاد مراسلا صحيفة "الغارديان" بيثان ماكيرنان وكيكي كيرزينباوم أمس. فبعد الهجوم الذي شنته حماس في شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، تصور 70% من الإسرائيليين أن الحرب لابد أن تستمر إلى أن يتم القضاء على حماس، ولكن استطلاعا للرأي أجري مؤخرا أظهر أن 62% من الإسرائيليين يعتقدون أن هذا أصبح مستحيلا الآن. ولا تزال إسرائيل مجتمعا يعاني من استقطاب عميق، لكن هذا يعني أنه من الممكن أن تأتي نهاية الحرب من الداخل.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية حماس حرب غزة حماس غزة الاحتلال حرب صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الجیش الإسرائیلی
إقرأ أيضاً:
غضب بريطاني بعد احتجاز إسرائيل نائبتين عماليتين وترحيلهما
أثار منع السلطات الإسرائيلية، أمس السبت، نائبتين من حزب العمال البريطاني من دخول البلاد، وترحيلهما بعد احتجازهما في مطار بن غوريون، غضبا في الأوساط الرسمية البريطانية.
حيث قالت رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني، إيميلي ثورنبيري، إن تصرف إسرائيل بحق النائبتين إهانة لبريطانيا وللبرلمان البريطاني، وإن إسرائيل ستندم عليه.
ومنعت السلطات الإسرائيلية أمس السبت النائبتين العماليتين يوان يانغ وابتسام محمد، من دخول البلاد، واحتجزتهما في مطار بن غوريون في انتظار ترحيلهما، وذلك بدعوى الاشتباه في نيّتهما توثيق أنشطة قوات الأمن الإسرائيلية و"نشر الكراهية ضد إسرائيل"، وفق ما جاء في بيان صادر عن وزارة الهجرة الإسرائيلية.
وأكد دارين جونز، نائب وزير المالية البريطاني لتلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أن النائبتين في طريقهما إلى بريطانيا.
وقال جونز " إنهما في طريق العودة إلى الوطن الآن" وأضاف "الطريقة التي عوملت بها زميلتاي غير مقبولة".
ذهول واستنكارفي غضون ذلك، أعربت النائبتان عن حزب العمال البريطاني ابتسام محمد ويوان يانغ، عن ذهولهمها جراء منعهما ومساعديهما من دخول إسرائيل بعد أن تم احتجازهم لدى وصولهم.
إعلانوأكدتا في بيان مشترك، ضرورة أن يتمكن أعضاء البرلمان من مشاهدة الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة بأنفسهم.
وأوضحت النائبتان أنهما من بين العديد من النواب الذين تحدثوا في الأشهر الأخيرة بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وأهمية الامتثال للقانون الإنساني الدولي.
بدوره، وصف وزير الخارجية ديفيد لامي ما حدث بأنه "غير مقبول وغير مُجدٍ ومثير للقلق العميق".
وقال في بيان رسمي إنه أوضح لنظرائه في الحكومة الإسرائيلية، أن "هذه ليست طريقة لمعاملة نواب في البرلمان البريطاني"، مشيرا إلى أن حكومته على تواصل مع النائبتين وتقدم لهما الدعم الكامل.
وأضاف لامي أن بلاده تواصل تركيز جهودها على استئناف وقف إطلاق النار في غزة، والدفع نحو مفاوضات لوقف إراقة الدماء، وتأمين إطلاق سراح الأسرى وإنهاء حرب الإبادة الجماعية على القطاع.
من جانبها، قالت هيئة الهجرة الإسرائيلية إن وزير الداخلية موشيه أربيل، رفض دخولهم بعد استجوابهم، واتهمهم بالسعي لتوثيق أنشطة قوات الأمن.
في حين أكدت الخارجية البريطانية أن المجموعة كانت جزءًا من وفد برلماني بريطاني.
يذكر أن هاميش فالكونر، مساعد وزير الخارجية البريطاني، دان في وقت سابق هذا الأسبوع، توسيع العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، وأعرب عن قلق بلاده الشديد من تجدد الأعمال العدائية"، وأكد أن هناك تباينا واضحا في السياسات بين لندن وتل أبيب، لا سيما فيما يخص مسار حل الدولتين.
ومنذ استئناف العدوان على قطاع غزة يوم 18 مارس/آذار الماضي، استشهد أكثر من 1300 فلسطيني وأصيب ما يزيد عن 3 آلاف آخرين، وفق بيانات رسمية فلسطينية.