«تريندز» يستعرض مخاطر توظيف الذكاء الاصطناعي في الإعلام وسبل مواجهتها
تاريخ النشر: 30th, May 2024 GMT
أبوظبي – الوطن:
شارك مركز تريندز للبحوث والاستشارات في قمة الإعلام العربي – التي ينضوي تحتها منتدى الإعلام العربي، والمنتدى الإعلامي العربي للشباب – وذلك من خلال جلسة حوارية حملت عنوان «مخاطر توظيف الذكاء الاصطناعي في الإعلام وسبل مواجهتها»، والتي نظمتها أكاديمية دبي للإعلام في مقر انعقاد القمة بمركز دبي التجاري العالمي.
وشهدت الجلسة الحوارية، التي أدارتها الإعلامية أدال طعمة من مؤسسة دبي للإعلام، مشاركة كل من سعادة الدكتور محمد الكويتي، رئيس مجلس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات، والدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، حيث استعرضا جملة من الفرص والتحديات التي تفرضها تقنيات الذكاء الاصطناعي على العاملين في المجال الإعلامي، خاصة بعد اختراق الذكاء الاصطناعي مجالات الكتابة والتحرير والتقديم والابتكار والنشر وغيرها.
إعادة تشكيل العالم
وقال الدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، في مداخلته بالجلسة، إن الذكاء الاصطناعي فرض نفسه على مجالات التطور البشري كافة، وسيعيد تشكيل العالم، ولكن الإعلام هو أكثر المجالات تأثراً بالذكاء الاصطناعي، مضيفاً أن توظيفه بشكل جيد سيحقق أهدافاً محورية منها تحسين كفاءة العمليات الإعلامية من خلال أتمتة المهام الروتينية، وتحليل كميات هائلة من البيانات بشكل أسرع، ومساعدة الإعلاميين في التحقق من صحة المعلومات وكشف الأخبار المزيفة، وتقديم محتوى يناسب الجمهور حسب تفضيلات كل فئة، كما أظهرت دراسة حديثة أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يزيد من كفاءة الصحفيين بنسبة 50%.
وأكد العلي أن الذكاء الاصطناعي يفرض تحديات على المؤسسات الإعلامية، من أهمها التكيف مع التطورات المتسارعة، وصعوبة التحكم في المواد الإعلامية المتدفقة على مدار الساعة أو تقنينها والتثبت من صحتها، إلى جانب التحدي المرتبط بخطر التزييف العميق، وفقدان الوظائف الإعلامية، والاعتماد الزائد على الأنظمة الذكية الذي قد يؤدي إلى فقدان الإبداع البشري، لذا من الضروري التعامل مع هذه التقنيات بكفاءة وحذر.
الاستثمار في الذكاء الاصطناعي
وطالب الرئيس التنفيذي لـ «تريندز» وسائل الإعلام بالاستثمار في أحدث تقنيات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، ووضع ضوابط واضحة لاستخدام الذكاء الاصطناعي بشكل أخلاقي ومسؤول، فضلاً عن التطوير المستمر لمهارات وقدرات العاملين في مجال الإعلام للتكيف مع التطور التقني، إلى جانب تشجيع نموذج العمل الذي يجمع بين قدرات الذكاء الاصطناعي والإبداع البشري، مشدداً على ضرورة تحقيق وسائل الإعلام مرونة للتكيف مع التغيرات السريعة في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.
وأشار إلى أنه يتوجب على العاملين في المجال الإعلامي اليوم، تبني مهارات جديدة للتكيف مع تقنيات الذكاء الاصطناعي، وفهم كيفية استخدام هذه التقنيات لتحسين كفاءة العمل وفهم المخاطر التي تنطوي عليها، وبالنظر للتطور المتسارع لهذه التقنيات، فإن هناك حاجة إلى التدريب المستمر على التقنيات الجديدة.
مواجهة المخاطر
وذكر الدكتور محمد العلي أنه يمكن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في مواجهة المخاطر التي يولدها هذا الذكاء، مثل التزييف العميق والأخبار الكاذبة، حيث يسهل الذكاء الاصطناعي جرائم التزييف العميق، ولكنه أيضاً يساعد في مواجهتها من خلال تحليل وتحقيق صحة المعلومات بسرعة، كما يمكن تطوير خوارزميات خاصة للتعرف على الأنماط المزيفة في الصور والفيديوهات والصوتيات.
وحول كيفية استفادة المؤسسات الإعلامية من تقنيات الذكاء الاصطناعي في الوصول إلى جمهور أوسع، بيَّن العلي أن ذلك يتحقق من خلال تحليل بيانات الجمهور بشكل يوضح تفضيلات كل فئة، ومن ثَمَّ تخصيص المحتوى المناسب لها، وهو ما يزيد من التفاعل مع المحتوى، كما يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء محتوى جديد أكثر جاذبية للجمهور.
وأوضح العلي أن مراكز البحوث، مثل «تريندز»، يمكن أن تساهم في تطوير حلول مبتكرة لمواجهة مخاطر الذكاء الاصطناعي في مجال الإعلام من خلال دراسة تطور هذه التقنيات واتجاهاتها المستقبلية، ومن ثم حدود تأثيرها على صناعة الإعلام، إضافة إلى تقديم الاستشارات للمؤسسات الإعلامية حول كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة مسؤولة وأخلاقية، وتثقيف الجمهور حول مخاطر الذكاء الاصطناعي في الإعلام.
تطوير حلول مبتكرة
أما فيما يتعلق بأهمية التعاون بين القطاعين العام والخاص لتطوير حلول مبتكرة لمواجهة التهديدات السيبرانية في الإعلام، فأكد الرئيس التنفيذي لـ«تريندز» أن تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص يتطلب خطوات أساسية، منها تبادل المعلومات والخبرات حول التهديدات السيبرانية، وتطوير سياسات مشتركةتضمن حماية البيانات، وتخصيص ميزانيات مشتركة للاستثمار في مشاريع البحث والتطوير، بالإضافة إلى تنظيم برامج تدريبية مشتركة لتعزيز الوعي بأهمية الأمن السيبراني بين العاملين في الإعلام، وتشجيع ثقافة الأمان الرقمي.
قيادات إعلامية
وفي سياق متصل، التقى فريق «تريندز» عدداً من المسؤولين والقيادات الإعلامية على هامش المشاركة في أعمال قمة الإعلام العربي، ومنهم معالي جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وسعادة منى غانم المري، نائبة الرئيس والعضو المنتدب لمجلس دبي للإعلام، رئيسة نادي دبي للصحافة، والدكتور حمد الكعبي الرئيس التنفيذي لمركز الاتحاد للأخبار، والدكتور محمد العريمي، رئيس جمعية الصحفيين العمانيين، والدكتور خالد الشقران، رئيس تحرير صحيفة الرأي الأردنية، ومنى بوسمرة، مديرة أكاديمية دبي للإعلام، والإعلامي الكويتي محمد الملا، مؤسس ومدير ديوان الملا، ونسرين فاخر، رئيسة تحرير مجلة ماجد، ومحمد الحمادي، رئيس تحرير منصة «جسور بوست»، والإعلامية الدكتورة أمل ملحم.
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
اختبار «جوجل» الجديد ومواجهة أدوات الذكاء الاصطناعي
تواجه شركة «جوجل» مالكة أكبر وأشهر محرك بحث على شبكة الويب تحديا جديدا قد يعجل بنهاية سيطرتها على سوق محركات البحث في العالم. التحدي الجديد ليس قانونيا كما كان الحال منذ شهور وما زال مستمرا سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها ويسعى إلى تفتيت تلك الإمبراطورية الرقمية العملاقة، ولكنه تحد من داخل الصناعة نفسها. الأسبوع الماضي أعلنت شركة «اوبن ايه آي» للذكاء الاصطناعي عن إصلاح شامل لبرنامجها الشهير «شات جي بي تي» الذي تم إطلاقه في العام 2022، وبلغ عدد مستخدميه وفقا لوكالة رويترز نحو 200 مليون مستخدم نشط أسبوعيا، يمكّن روبوت المحادثة من البحث في الويب وتقديم إجابات بناءً على ما يجده على الشبكة، وهو ما يجعله في منافسة مباشرة مع «جوجل»، محرك البحث العملاق والأكثر استخداما في العالم. ويمكن أن تمثل هذه الخطوة بداية النهاية لمحركات البحث التقليدية وظهور محركات بحث جديدة تمزج بين وظائف البحث على الويب، وبين تقنيات الذكاء الاصطناعي، وهو ما قد يمثل فتحا جديدا في عالم الإعلام الرقمي. صحيح أن المنافسة مع «جوجل تبدو صعبة إن لم تكن مستحيلة، خاصة إذا علمنا أن محرك بحث «جوجل» هو الأكثر شعبية في العالم ويستخدمه حوالي 4.3 مليار مستخدم حول العالم ويتم إجراء أكثر من سبعين ألف عملية بحث عليه في كل ثانية، وهو ما يعادل حوالي 5.4 مليار عملية بحث يوميا، ومع ذلك فان إقدام «اوبن آي» على هذه الخطوة تمثل بداية قد تتلوها محاولات أخرى من شركات أخرى لمواجهة طغيان جوجل على سوق محركات البحث على الويب، ونقطة انطلاق لتطوير محركات بحث بديلة للعثور على المعلومات من الويب واستهلاكها. وتتمثل قيمة التحول الأخير في «اوبن آي» في كونه سوف يمكن المشتركون في «شات جي بي تي» من الحصول على المعلومات الأحدث أثناء الرد على استفساراتهم من خلال البحث في شبكة الويب عن المعلومات الجديدة وتلخيصها وعدم الوقوف عند حد البيانات القديمة كما كان الأمر سابقا. ابتداءً من الخميس الماضي، أصبح بمقدور المشتركين في «شات جي بي تي» تفعيل خاصية جديدة تتيح لأداة الذكاء الاصطناعي الرد على الاستفسارات من خلال البحث في الويب عن أحدث المعلومات وتلخيص ما تجده، وليس فقط تقديم إجابات بناءً على البيانات القديمة السابق تغذية روبوت المحادثة بها. وتعتمد وظيفة البحث الجديدة في «شات جي بي تي» على محرك البحث «بنج» التابع لشركة ميكروسوفت والذي صدرت نسخة جديدة منه في العام الماضي يحتوي على تقنية الذكاء الاصطناعي المستخدمة في «شات جي بي تي»، وصاحبة ثاني أكبر محرك بحث على الويب، والداعم الرئيس لـشركة «أوبن آي»، كما تعتمد أيضًا على أرشيفات كبار الناشرين الذين تم توقيع صفقات معهم وأهمهم مجموعة «نيوزكوربريشن الناشر لصحيفة «وول ستريت جورنال» ووكالة «الاسوشيتدبرس» أو «الصحافة المتحدة. ولعل هذا ما يجعل برنامج شركة الذكاء الاصطناعي أكثر قربا من محرك البحث التقليدي، وقادرة بالفعل على منافسة «جوجل» وغيها من الشركات المنافسة في سوق محركات البحث. لقد حاولت «جوجل» استجابة للمنافسة المتزايدة مع برامج الدردشة الآلية استباق الأحداث ودخول عالم برامج الذكاء الاصطناعي التوليدي عن طريق تقدم ملخصات يتم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي للمستخدمين لمحرك بحثها، جنبا إلى جنب مع تقديم نتائج البحث التقليدية، ومع ذلك فإن غالبية المستخدمين ما زالوا ينظرون إلى «جوجل» باعتباره محرك بحث يقودهم إلى مواقع أخرى على الويب، خاصة بعد الفشل الذي منيت به التجربة الأولى التي بدأتها مع بعض المستخدمين داخل الولايات المتحدة في مايو الماضي، وقررت بعد أسبوعين فقط من إطلاقها تقليص استخدام الإجابات التي يولدها الذكاء الاصطناعي بعد أن تهكم المستخدمون على بعض الإجابات الغريبة مثل نصح أحد المستخدمين بوضع الصمغ على البيتزا وتأكيد أن الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما كان مسلما، بالإضافة إلى إجابات تتعلق بالصحة وكانت كانت إحدى الإجابات توصي الناس بشرب كميات كبيرة من البول للمساعدة في التخلص من حصوات الكلى. وواجهت التجربة أيضا اعتراضات من الناشرين الذين تستعين «جوجل» بمحتوى مواقعهم وإعادة تقديمه للمستخدمين مباشرة في نتائج البحث لوهم ما يحرم هؤلاء الناشرين من حركة المرور على هذه المواقع وفقدان عائدات الإعلان. في تقديري أن التغيرات التي أدخلتها شركة «اوبن آي» على نسختها المدفوعة من «شات جي بي تي» وتحولها إلى محرك للبحث أيضا تجعل هذا البرنامج أكثر فائدة وأكثر دقة، ويقلل من أخطاء المعلومات في الرد على الأسئلة والاستفسارات إلى حد كبير. ولن يتوقف تأثير هذه الخطوة على اشتعال المنافسة بين شركات الذكاء الاصطناعي وشركات محركات البحث العملاقة فقط وإنما سوف يمتد إلى جميع محاور اقتصاديات الإنترنت، والإعلام الرقمي. وتبقى هناك بعض القضايا العالقة في هذا التحول الذي يمكن أن نصفه «بالتاريخي»، وأهمها القضايا الأخلاقية التي تثيرها برامج الذكاء الاصطناعي والتي قد تتضخم مع تحول هذه البرامج إلى محركات للبحث، وعلى رأسها قضية الملكية الفكرية والسطو على جهود أفراد ومؤسسات أخرى وسرقة المحتوى وانتحاله وهو ما يتهم به الناشرون ومطورو برامج الذكاء الاصطناعي. وقد أقامت بعض المؤسسات الإخبارية دعوى قضائية بالفعل ضد «أوبن آي» تتعلق بانتهاك حقوق النشر. لقد ظلت «جوجل» ولأكثر من عقد من الزمان البوابة الرئيسية إلى شبكة الويب بعد أن تخلصت من عدد كبير من شركات محركات البحث المنافسة من أشهرها محرك بحث نيتسكيب الذي كان يسيطر على سوق متصفحات الويب في تسعينات القرن الماضي وكانت تستحوذ على 90 بالمائة من السوق، ولكنها سرعان ما تراجعت وخرجت من السوق، لحساب متصفح «انترنت اكسبلورر» الذي أطلقته شركة مايكروسوفت، الذي تحول إلى متصفح «ايدج» وتم إطلاقه لأول مرة في عام 2015. فهل يجري عليها ما جرى لشركات محركات البحث الأخرى لصالح شركات وبرامج الذكاء الاصطناعي؟ الواقع إن إجابة هذا السؤال قد تتأخر لسنوات لأننا أمام عملاق يسيطر على نحو 92 بالمائة من سوق متصفحات الويب ولا يمكن هزيمته وإخراجه من السوق بسهولة. ما نعلمه يقينا أن التطورات التكنولوجية المتسارعة لن تتوقف وأن العالم لن يكف عن الإبداع والابتكار في مجال الإعلام الرقمي. كل يوم تقريبا هناك جديد نقف أمامه مندهشين ومتسائلين عن الحدود التي يمكن أن يصل لها التنافس المحموم بين شركات التقنية العملاقة للسيطرة على العالم الرقمي. |