تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
"أجمل ما في الدنيا هم الناس، أحببت الكثيرين ولم أكره أحدًا، كنت أعامل الذين يكرهونني كأنهم مرضى وأدعو لهم بالشفاء، وكنت أعطي عذرًا للطبيعة البشرية، وأعذر الفاشل الذي يحقد على الناجح، وأعذر الضعيف الذي يكره القوي، وأجد مبررًا للفئران عندما تمقت السباع! وعرفت أقزامًا كالعمالقة وعمالقة كالأقزام، عرفت أقوامًا طوالًا عراضًا من خارجهم، وصغارًا متضائلين من داخلهم، وعرفت صعاليك لهم طباع الملوك وملوكًا لهم أخلاق الصعاليك، واكتشفت مع الأيام أن بعض الناس في داخلهم يختلفون كثيرًا عما في خارجهم، أثوابهم مطرزة بالماس والياقوت، وجلودهم محفور عليها الحقد والضغينة والحسد والرغبة في الانتقام، ولكن هؤلاء أقلية مسحوقة وإنما الأغلبية الساحقة من الناس الطيبين يقفون معك في الشدة، ويسندونك في المحنة ويعطفون عليك في الأزمة، تنشق الأرض فتجدهم حولك، لا تعرف من أين جاءوا ولا من أرسلهم، لم تعرفهم من قبل ولم تسمع بهم".
وفي غمار الحياة، بضجيجها وسكونها، بمرتفعاتها ومنخفضاتها سيواجه الناجح ثلاثة أمور، الأمر الأول فريق أعداء النجاح، الأمر الثاني العمالقة الأقزام والثالث الأغلبية الطيبة.
الحقيقة، لا يوجد شخص ناجح إلا وواجه ما وصفه الكاتب الكبير مصطفي أمين، ففئة أعداء النجاح موجودة، فئة "الذين لا يعملون ويؤذى نفوسهم أن يعمل الناس"، كما قال عميد الأدب العربي طه حسين، فقط هم متفرغون لمراقبة الناجح ورمي شجرته المثمرة بالحصى، ولكن كما أن للناس إرادة فالله أيضًا إرادة، وأنت تريد وأنا أريد والله يفعل ما يريد، ووفقًا للسنن الكونية فمهما فعل هؤلاء ومهما قاوموا الناجح وقالوا على الصواب خطأ والخطأ صواب، ومهما كذبوا وافتروا لن تحدث سوى إرادة الله الحكم العدل.
الأمر الثاني ظاهرة العملاق القزم، هناك أشخاص يبدون من الخارج كالعمالقة طوالًا عراضًا من خارجهم ولكنهم في أعماقهم فارغين متضائلين يرون أنفسهم صغار كالأقزام، تهددهم نجاحات الآخرين، يخيفهم تقدمهم وأكثر ما يزعجهم ويصيبهم بالاختناق والضيق الشديد تلك المحبة التي تحيط الناجحين، هؤلاء من الخارج غير الداخل، وهم في أعين أنفسهم كل شيء، لديهم مشكلة في شعورهم بالقيمة الذاتية أو تقدير الذات، لذا فإن هؤلاء العمالقة هم في حقيقتهم أقزام عاجزين عن الإنتاج عن النجاح عن الإثمار، يحاولون تعظيم شأنهم وإثبات مهارتهم والتغني بإنجازاتهم العملاقة ولكنها عملاقة في أعينهم هم فقط.
ذهبت الأشجار يومًا لتختار ملكًا لها، فطلبوا من شجرة الزيتون أن تكون ملكة عليهم، فقالت لهم هل أوقف إنتاج زيتي الغني لكي أملك؟ فذهبت الأشجار إلى التينة فقالت هل أوقف إنتاج ثمري الجيد الحلو لكي أملك على الأشجار، فقالت الأشجار للكرمة تعالي أنت وكوني ملكة علينا، فرفضت هي أيضًا، فلم تجد الأشجار بدًا من أن تطلب من شجرة الشوك أن تملك عليهم، ففرحت جدًا وقالت لهم احتموا تحت ظلي، مع أنها شجرة قزمة أقصر من أشجار أكثر علوًا وضخامة، ولا يستطيع أحد أن يستظل تحتها فلا أوراق فيها بل أشواك. وهكذا من يبدون بالعمالقة هم في واقع الأمر صغارًا متضائلين، لا يوجد لديهم سوى وخزات الشوك حتى لمن يظنونهم أحباء.
الأمر الثالث يزن بقية المعادلة، فكما أن هناك مقاومة للنجاح هناك دفعة من رب العباد، تأخذ صورة الأغلبية الطيبة من يقفون خلف الناجح ويدعمونه، ووقت الشدة يدافعون عنه في غيابه، فالأقزام تخاف من مواجهة العملاق الحقيقي، هؤلاء يسندونه بإخلاص وليس شرطًا أن يكونوا ذوى مكانة، شرطهم الوحيد هو أن يكونوا من ذوي القلوب الطيبة التي لا تعرف الحقد والخداع، قد يكونون بسطاء لكنهم في واقعهم الحقيقي عمالقة وهم كُثر.
هناك مثل إنجليزي يقول "لا تُصارع خنزيرًا في الوحل، فتتسخ أنت ويستمتع هو"، فليطمئن الناجح، ولا داع أن يتجاوب وينشغل بمهاترات الأقزام لأن آخرها وحل الخنازير، ليتقدم الناجح في طريقة للأمام، منتج غير مشغول بغيره وغير عابئ بهاموش الحاقدين، لأن القزم سيظل مشغولًا بالناجح يدور في فلكه محبوسًا داخل دائرة حقده وضغينته وحسده التي في النهاية لن تلتهم نارها أحد غيره هو.
د.أماني ألبرت: أستاذ الإعلام جامعة بني سويف
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: مصطفى أمين العمالقة الاقزام
إقرأ أيضاً:
عوامل مغرية شجعت هؤلاء الأمريكيين على الانتقال إلى أوروبا بشكلٍ دائم
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)— اعتاد العديد من الأمريكيين على سماع مجموعة متنوعة من الأسباب التي تجعل الحياة في أوروبا أمرًا مغريًا، مع انتقال العديد منهم إلى أماكن مثل البرتغال، وفرنسا، وإيطاليا.
ولكن بالنسبة لبعض الأشخاص الذين جعلوا من العيش في الخارج أمرًا دائمًا، فإن الجوانب الأقل وضوحًا لما يمكن أن يجعل الحياة في أوروبا جذابة للغاية تأتي غالبًا في شكل غياب بعض المخاوف الأصغر، أو "الضغوط الصغيرة" التي اعتادوا عليها في الولايات المتحدة.
تحدّثنا مع بعض الأمريكيين الذين عاشوا في الخارج لسنوات حول بعض الطرق الصغيرة التي قللت بها العيش في أوروبا من ضغوطهم التراكمية.
شبكات الأمان في أشكال عديدةغادر جوش يوديس، وهو في الـ35 من العمر، كاليفورنيا في عام 2013 سعيًا وراء درجة الماجستير في علم النفس العصبي الإدراكي في ميونيخ بألمانيا، وعاش في البلاد منذ ذلك الحين.
وقال يوديس إنّ العيش في ألمانيا أدى لانخفاض بعض مسببات التوتر الصغيرة، موضحًا أنّ الرعاية الصحية الشاملة المقدمة في العديد من الدول الأوروبية، بما في ذلك ألمانيا، تساعد في تقليل مستوى التوتر العام لديه.
يرى بعض الأمريكيين أنّ العيش في ألمانيا يزيل بعض عوامل التوتر التي شعروا بها في الولايات المتحدة.Credit: CHRISTOF STACHE / Contributorولكن في ألمانيا، توجد شبكة أمان أخرى تساعد في حماية الأشخاص من "الأشياء الصغيرة" التي قد تسوء، وهي تأمين المسؤولية الشخصية التي تُدعى "Haftpflichtversicherung".
وشرح: "معظم الأشخاص هنا يتمتعون بهذا التأمين، وهو ميسور التكلفة حقًا ويغطي مواقف مختلفة، مثلاً، في حال سكب طفلك القهوة على الحاسوب المحمول الخاص بشخصٍ غريب".
موسم عطلات أكثر هدوءًا صورة لكيت ماكولي مع زوجها في سوق عيد الميلاد في النمسا.Credit: Kate McCulleyعاشت كيت ماكولي، وهي صاحبة مدونة السفر " Adventurous Kate"، في براغ منذ عام 2020، وهي من بوسطن في الأصل.
وأصبحت مؤخرًا مقيمة دائمة في جمهورية التشيك.
وقالت ماكولي التي تبلغ من العمر 40 عامًا: "طوال حياتي البالغة، لم أكن شخصًا مولعًا بعيد الميلاد أبدًا"، وشرحت: "شعرت أن فترة عيد الميلاد مرهقة للغاية في الكثير من الأحيان بسبب الاضطرار إلى شراء الهدايا للأشخاص، وبسبب الطريقة التي تغمرك بها جميع المتاجر في أمريكا بإعلاناتهم لشراء الأشياء".
لدى انتقالها إلى أوروبا، أصبحت ماكولي تُقدِّر عيد الميلاد على الطريقة الأوروبية، ووصفت انعدام ضغوط التسوق بأنّه "مريح".
وقالت: "لا يوجد ضغط لشراء أي شيء رُغم وجود الكثير من الأشياء المعروضة للبيع. يعجبني أنّ فترة عيد الميلاد هنا تتعلق بالاستمتاع بالأجواء المبهجة بدلاً من شراء كل شيء تراه".
الشعور بالأمان بدون وجود حضور ضخم للشرطةعاشت بروك بلاك، البالغة من العمر 43 عامًا، في الدنمارك مع زوجها وابنتيها الصغيرتين منذ عام 2020.
وقالت إنّ العيش هناك جعلها تدرك غياب أمرٍ لم تفكر به حتى كمسببٍ للتوتر عندما كانت تعيش في كاليفورنيا.
وأوضحت بلاك: "إنّ الافتقار إلى قوات شرطة بالطريقة التي هي موجودة عليها في الولايات المتحدة أمر جميل نوعًا ما".
بروك بلاك مع ابنتها في الدنمارك.Credit: Brooke Blackوعند حديثها عن تجربتها في الدنمارك، قالت: "عندما كنت أعيش في يوتلاند، كنت أرى سيارة شرطة مرتين تقريبًا خلال ثلاث سنوات، وكنت أقود السيارة في كل مكان في البلاد".
ومع أنّها لاحظت حضورًا أكبر للشرطة منذ انتقالها إلى كوبنهاغن، إلا أنّه لا يُقارن بما شعرت به عندما كانت تعيش في الولايات المتحدة، وفقًا لما ذكرته.
شعور أكبر بالثقةتشعر بلاك أيضًا بوجود مستوى أكبر من الثقة بشكلٍ عام في المجتمع الدنماركي.
وقالت: "لقد رأيت أشخاصًا يقومون في القطارات ويتركون كلجميع أغراضهم للذهاب إلى الحمام، وهذا صادم بالنسبة لي، فهناك الكثير من الثقة في المجتمع".
وتشعر بلاك أيضًا بالرضا من التخلي عن ثقافة الإكراميات في الولايات المتحدة منذ انتقالها إلى الدنمارك.
وقالت: "بينما لا يوجد حد أدنى للأجور (في الدنمارك)، إلا أنّ هناك اتفاقيات مع النقابات، ويتقاضى الأفراد أجورًا جيدة. لذا لا توجد توقعات بشأن الإكراميات".
وداعًا لثقافة ركوب السيارات سهولة المشي وتوفر وسائل النقل العام، بما في ذلك مركبات "الترام" في فرنسا، تجعل الحياة بدون سيارة أكثر ملائمة بالنسبة لبعض الأميركيين الذين يعيشون في الخارج.Credit: THOMAS COEX / Contributorلم تكن الحاجة إلى قيادة السيارة إلى كل مكان أمرًا مُجهِدًا بالنسبة لغابي مارين إلى أن انتقلت إلى قرية كامبريدجشاير في إنجلترا مع عائلتها في عام 2018.
وقالت: "نحن نمشي ونركب الدراجات في كل مكان. نحن عائلة تمتلك سيارة واحدة، وهو أمر لا يمكنك فعله على الإطلاق في تامبا وفلوريدا، حيث أتيت".
وأضافت: "الحافلات ومركبات الترام متوفرة. تعجبني حقًا حقيقة أنّنا لا نعتمد على القيادة إلى كل وجهة".
وانتقلت سيرا جوتو، وهي حاملة للجنسيتين الأمريكية واليابانية، من كاليفورنيا إلى فرنسا، وهي تستمتع بأسلوب حياة أقل اعتمادًا على السيارات في بوردو.