لجريدة عمان:
2024-06-27@11:00:01 GMT

كل شيء مقاطع

تاريخ النشر: 30th, May 2024 GMT

كل شيء مقاطع. هذا ما نشعر به اليوم. مشوار التسوق الذي يأخذ ساعتين في العادة يمتد ليصل لأربع ساعات. خصوصا لمن يتسوقون لعائلة كبيرة. وقائمة المقاطعة تطول وتطول. نخشى أن نصل إلى مرحلة نشعر فيها أننا محتاجون لتجنب كل شيء، وبما أنه يستحيل علينا ذلك، نعود لنقطة الصفر أي القبول بكل شيء. في هذه المرحلة ينبغي من بين أشياء كثيرة لا تحصر دورنا في المقاطعة فحسب بطبيعة الحال التفكير في استراتيجيات تُعيننا على المواصلة في الموقف الوحيد الذي تمكنا من الالتفاف عليه منذ أكتوبر الماضي.

التفريق بين الداعمين المُباشرين وغير المباشرين. وعدم التسامح مع أي داعم مباشر، بينما يُمكن التسامح مع الداعمين غير المباشرين إذا دعت الضرورة.

هل يمكن التفكير في هذا خصوصًا في ظل الحديث عن تعقيد مسألة تفكيك بعض الشركات لعلاقتها مع كيان الاحتلال، فالجامعات الأمريكية، على سبيل المثال، تتحدث عن حاضنة أسهم مختلطة يصعب فيها تحديد حضور ودور الشركات التي تدعم الاحتلال الأمر الذي يجعل التعامل مع الموقف مركبًا، ويتطلب تفاعلًا من لاعبين عديدين في الوقت نفسه -لا أحاول التبرير هنا- فأنا أرى بواجب مقاطعة كل الشركات مهما سوغت هذه المؤسسات تعقيد المسألة واستحالتها.

ولنأخذ بعدًا آخر يمكن التفكير فيه، أيضًا، وهو تحويل المحنة إلى فرصة. وكمثال على ذلك ما حدث في فترة الحصار المفروض على قطر، حيث وجدت الدولة نفسها في مأزق عندما تعتمد وبشكل كلي على المصادر القادمة من دول الخليج الأخرى بشكل أساسي. الذي فعلته الحكومة القطرية وقتها كان دعم هذه الشركات إلى أن تُحقق الاكتفاء الذاتي. في قطاعات مهمة مثل التغذية ينبغي التفكير في هذا بصورة أكبر مما هي في القطاعات الأخرى بطبيعة الحال. ولعل أزمة الأرز المستورد من أوكرانيا مثال صارخ على ما يمكن أن يحدث في أقصى العالم نتيجة ظرف ألم بمن تم الاعتماد عليه في سلعة بالغة الأهمية للحياة اليومية كالقمح والأرز. لمثل مبادرات الدعم هذه أثر قصير وطويل المدى. فهي لا تُعزز المنتج المحلي فحسب، لكنها أيضًا توفر فرص عمل، وتُنعش الاقتصاد المحلي. ثمة فرصة ذهبية بإمكان الدول العربية والإسلامية الركوب على موجتها. وعوضا عن أن تُشغل الحكومات بالنظر في آثار المقاطعة السلبية على الاقتصاد المحلي، عليها استغلال الفرصة، والتفكير كيف يُمكن تحويل التحديات إلى فرص.

التعلم من تجارب المقاطعة الأخرى. صحيح أن أغلب المقاطعات التي حصلت عبر التاريخ، كانت تستهدف دولًا بعينها، مع هذا فهي تقدم لنا دروسًا مهمةً. لم تتوقف احتجاجات الهند في عملية تحررها الطويلة عند المقاطعة الاقتصادية، بل شملت أيضا حرق البضائع البريطانية. شجع المهاتما غاندي الهنود على العدول عن لبس الملابس المستوردة، وشجعهم على صنع ملابسهم بأنفسهم. ثمة مبادرات اليوم لخيّاطات يُعدن خياطة تصاميم زارا ومانغو محليًا. تُشجعنا مثل هذه المبادرات على التحرر من سطوة «حقوق الملكية». وتدفعنا للتفكير في «قيمة» النسخ، وتشجعنا على التحرر من سلطة ووهم «الأصل».

ما هذه إلا أفكار قابلة للنقاش، وما هذه إلا دعوة للحوار، ودعوة لأن ننظم أنفسنا خصوصًا في البلدان التي لا توجد فيها فروع لحركة المقاطعة BDS. يُمكن أن نُجادل مثلا حول ما إذا كان يُمكن التسامح مع الداعمين غير المباشرين. فالانخراط في هذا النوع من الحديث يمكن أن يفضي لتنظيمات تستطيع أن تتخذ موقفًا تجاه ما يحدث، ليس هذا فحسب بل إنها تطلق العنان للمخيلة التي كبلتها حدود الرأسمالية الاستهلاكية والتي جعلت حياتنا مرتبطة وبشكل وثيق بما يحدث في السوق وبما تفرضه علينا الشركات والنخب الحاكمة. فهل هنالك ثقوب يمكننا النفاذ منها على حد تعبير الكاتبة الأمريكية السوداء توني ميرسون وإنْ في سياق آخر، لكنه سياق تحرري، يساعد على خلخلة المياه الراكدة واعادة اختراع الواقع.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التفکیر فی کل شیء

إقرأ أيضاً:

محمد علي يكتب: إلى من رحلت وتركتني

في الذكرى الرابعة لرحيل والدتي، يعتلي الحزن كل جوانب حياتي. أشعر بفقدها في كل لحظة، وكأنها لم تغادر قلبي أبدًا. تمضي الأيام، لكن الألم يبقى حادًا كما لو كانت وفاتها في الأمس.

يظل يوم رحيلها حاضرًا في ذاكرتي، لا تفارقني تلك اللحظات الأخيرة وذكرياتنا الجميلة. كان رحيلها صدمة كبيرة، ولا تزال الفجوة التي خلفتها كبيرة وعميقة.

في هذه الذكرى، يغمرني شعور بالحنين لكل ما كنت أشتاق إليه منها. أفتقدها كثيرًا، لضحكتها الدافئة ونصائحها الحكيمة ودفء حضنها الذي كان يشفي كل جرح في قلبي. كانت لي ملجأ وسند، ومع رحيلها شعرت وكأن جزءًا كبيرًا مني رحل معها.

أحاول دائمًا أن أتذكر اللحظات الجميلة التي عشتها معها، لكن الحزن يأتيني باستمرار ليذكرني بما فقدت. لا يمكن لأي شيء أن يعوض غيابها، ولن يمكن لأي شخص أن يحل محلها.

أمضي الأيام متذكرًا حكمتها وصبرها، وأشعر بالامتنان لكل ما علمتني إياه. لكن الألم لا يزول، والشوق إليها لا يتلاشى. رحيلها ترك فراغًا لا يمكن ملؤه، وجعلني أدرك مدى غنى حياتي بوجودها.

في هذه الذكرى الحزينة، أدعو لها بالرحمة والمغفرة، وأتمنى أن تكون روحها في سلام وراحة. ستبقى دائمًا في قلبي، وذكراها ستبقى حية معي، تذكرني بالحب الذي لا ينضب والفقد الذي لا يعوض.

مقالات مشابهة

  • السودان: إنقاذ ما لا يمكن إنقاذه
  • بالصور والذكاء الاصطناعي.. كيف خدع مهرجان موازين جمهوره بالمغرب بسبب غزة؟ (شاهد)
  • ضبط سيدة بثت مقاطع فيديو خادشة للحياء بالإسكندرية
  • ضبط إحدى السيدات بالإسكندرية لقيامها ببث مقاطع فيديو خادشة للحياء
  • إسرائيل تستخدم معداتها في انتهاكات بفلسطين.. صندوق نرويجي يبيع حصته بشركة كاتربيلر
  • تعليم الطوارئ
  • الكتابة في زمن الحرب (28): عن الامل واليأس
  • إسرائيل تخسر نحو 60 بالمئة من الاستثمار الأجنبي بسبب الحرب على غزة
  • محمد علي يكتب: إلى من رحلت وتركتني
  • بحث يصنف التلميذ المغربي ضمن الأقل إبداعاً في العالم