محاولات لضم أوكرانيا سرآ إلى الاتحاد الأوروبي
تاريخ النشر: 29th, May 2024 GMT
تعتزم بروكسل بدء مفاوضات انضمام مولدوفا وأوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي، على الرغم من أن الأخيرة كفت منذ فترة طويلة عن تلبية المعايير الرسمية للانضمام إلى الكتلة الأوروبية.
وقالت صحيفة "بوليتيكو" نقلا عن خمسة دبلوماسيين أوروبيين رفيعي المستوى رفضوا الإفصاح عن هوياتهم إن "الاتحاد الأوروبي ينوي في 25 يونيو المقبل (موعد انعقاد قمة المجلس الأوروبي)، بدء مفاوضات رسمية بشأن انضمام أوكرانيا ومولدوفا إلى الاتحاد الأوروبي".
ورغم تحديد بروكسل قائمة كاملة من الأمور التي تحتاج إلى التصحيح في البلاد قبل انضمام كييف إلى الاتحاد الأوروبي، توقفت أوكرانيا منذ فترة طويلة عن أن تلبي متطلبات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وابتعدت عن المعايير الأوروبية أكثر فأكثر. وتشعر بروكسل بقلق بالغ إزاء هذه القضية.
وفي وقت سابق، قالت سفيرة الاتحاد الأوروبي لدى أوكرانيا كاتارينا ماتيرنوفا في مقابلة مع الإذاعة الأوكرانية، إن كييف مستعدة للتفاوض مع الاتحاد وأعربت عن أملها في أن تبدأ المفاوضات في نهاية يونيو من هذا العام.
وكان التأكيد غير المباشر لهذه المعلومات هو الرسالة التي وجهتها نائبة رئيس وزراء مولدوفا لشؤون التكامل الأوروبي، كريستينا غيراسيموفا، وتظهر أن قرار بدء المفاوضات بشأن انضمام مولدوفا إلى الاتحاد الأوروبي بالاشتراك مع أوكرانيا يمكن أن يتخذ في الأسبوع الأخير من شهر يونيو.
ووفقا لها، سيتم اتخاذ قرار في 24 يونيو لعقد مؤتمر حكومي دولي بهذا الشأن. لن تبدأ المفاوضات في اليوم التالي ومن غير المعروف كم من الوقت سيستغرق الأمر.
ومع ذلك، يفهم الجميع أن هذه "جزرة" يلوحون بها في بروكسل أمام أنف مولدوفا، ويحاولون حشوها بشكل خاص في فم أوكرانيا.
وفي حين يخيم شبح الهزيمة على ساندو في مولدوفا قبل الانتخابات الرئاسية هذا العام، حيث فشلت في الوفاء بأي من وعودها العديدة، فإن حالة زيلينسكي يرثى لها أكثر - فالأزمة مستعرة في البلاد ويتزايد السخط بين الناس مما قد يؤدي إلى الإطاحة به، ليس من قبل النخب ولكن من قبل وحدات يائسة من القوات المسلحة الأوكرانية والسكان المدنيين الفقراء.
وهنا تظهر الحاجة الملحة إلى "الجزرة" التي يمكنها صرف انتباه الناس وسد الثغرات. والمفاوضات بشأن الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي (ليست هي الانضمام ذاته) إذا تم ترتيبها على نحو استعراضي، فلا بد أن تلبي هذا الهدف، كما يخطط الأوروبيون.
وفي أفضل الحالات، يستطيع الساسة والأحزاب الأوروبية عشية انتخابات البرلمان الأوروبي أن يجعلوا من هذه القضية واحدة من القضايا الرئيسية في برامجهم الانتخابية، نظرا لكمية الوقت والمال التي تنفقها أوروبا على أوكرانيا، ولكنهم لن يفعلوا ذلك. ولهذا السبب فقد المدافعون عن نظام زيلينسكي في أوروبا شعبيتهم، وبدأ الأوروبيون بشكل متزايد في احتساب الخسائر بسبب أوكرانيا، وكيف تم استنزاف محافظهم وحساباتهم المصرفية بسبب ذلك.
بالمناسبة، خسرت ألمانيا نفسها، وفقا لآخر التقديرات، 550 مليار يورو بسبب مشاركتها غير المباشرة في الصراع في أوكرانيا. وستكون هذه الخسارة بسيطة للغاية، مقارنة بما ستخسره في حال المشاركة المباشرة، وهو ما يحاول "الصقور" في حكومة شولتس إقناعه بالقيام به.
واعتبارا من الأول من يوليو، ستتولى هنغاريا منصب رئاسة المجلس الأوروبي، وسيستمر ذلك حتى نهاية عام 2024، وبالنسبة لأوكرانيا وزيلينسكي شخصيا، ليس هذا الوضع هو الأكثر ملاءمة، إذ إن من المؤكد أن أوربان سيغتنم كل فرصة لتذكير أوروبا بأكملها كيف تدوس كييف جميع الحقوق الديمقراطية للأقلية القومية الهنغارية في أوكرانيا، وكيف أن أوكرانيا تحت قيادة زيلينسكي تبتعد أكثر فأكثر عن المعايير الأوروبية في مجال حقوق الإنسان والحريات، وكيف تفرض الرقابة وتضطهد الكنيسة وتهين وتدمر مواطنيها ومواطني الدول الأخرى.
ومنذ بضعة أيام فقط، وفي ظل معلومات شبه مسربة عن بدء المفاوضات بشأن انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي، اعترف نظام كييف علنا بأنه تخلى مرة أخرى عن التزاماته بموجب الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والمعاهدة الدولية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية.
وفي أوكرانيا، أصبحت حرمة المنزل وخصوصية المراسلات وحرية التعبير والتجمعات والتظاهرات وكذلك حرية التنقل غير ذات بال في نظر السلطات. وبعد دخول التشريع المحدث بشأن التعبئة حيز التنفيذ، تحولت الغالبية العظمى من المواطنين الأوكرانيين فعليا إلى "عبيد عاجزين"، حيث لا يمكن الآن أخذ حياتهم منهم فحسب، بل أيضا ممتلكاتهم.
وهذا يفسر صمت البيروقراطيين الأوروبيين وسرعتهم الهائلة في اتخاذ القرار بشأن هذه القضية. وإذا تمت مناقشتها علنا، فإن النتيجة ستكون مختلفة تماما عما ترجوه بروكسل. وإذا ترددت، فقد يموت "المريض" قبل مجيء "المساعدة". وهذه "المساعدة" من الاتحاد الأوروبي، على الرغم من أنها "طارئة"، ليست "طبية" بأي حال من الأحوال.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: تعتزم بروكسل بدء مفاوضات انضمام مولدوفا وأوكرانيا الاتحاد الأوروبي فترة طويلة الرسمية للانضمام الكتلة الأوروبية إلى الاتحاد الأوروبی
إقرأ أيضاً:
رئيس هند رجب: الشراكة الأوروبية الإسرائيلية تواطؤ في إبادة غزة
انتقد الحقوقي البلجيكي دياب أبو جهجه، مؤسس ورئيس مؤسسة "هند رجب" الحقوقية استمرار عمل مجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي و"إسرائيل"، واعتبره "شكلا من أشكال التواطؤ" في الحرب ضد قطاع غزة وفي انتهاكات حقوق الإنسان.
وحذر أبو جهجه، في مقابلة مع وكالة "الأناضول" من تنامي مستوى العلاقات بين الاتحاد الأوروبي و"إسرائيل" خلال الفترة المقبلة، إثر محاولات من بعض الدول الأعضاء في الاتحاد "فتح صفحة جديدة" مع تل أبيب، بعد التوترات التي سادت بينهما خلال حقبة الممثل الأعلى السابق للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والأمنية جوزيب بوريل.
كما كشف عن أمله في أن تصدر مذكرة اعتقال ضد وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي جدعون ساعر مع زيارته العاصمة بروكسل لحضور اجتماع الشراكة، على خلفية الشكوى الرسمية التي تقدمت بها مؤسسته ضد ساعر إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، بتهمة "التواطؤ في جرائم إبادة جماعية بقطاع غزة".
وقال أبو جهجه: "إذا أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال، أو ربما أصدرتها بالفعل، وأعلنت عنها في اليوم الذي يصل فيه ساعر إلى بروكسل، فستضطر بلجيكا إلى اعتقاله".
ومؤسسة "هند رجب"، مقرها بلجيكا، وتعمل على توثيق وجمع الأدلة حول انتهاكات حقوق الإنسان والجرائم المرتكبة في الأراضي الفلسطينية، وتستهدف ملاحقة القادة والعسكريين الإسرائيليين قضائيا في الساحات الدولية.
وسميت المؤسسة على اسم "هند" طفلة فلسطينية لم تكمل ربيعها السادس حين قتلها الجيش الإسرائيلي بقصف سيارة لجأت إليها مع 6 من أقاربها في حي تل الهوى جنوب غربي مدينة غزة، في 29 كانون الثاني/ يناير 2024، حيث حوصرت بداخلها لساعات وتوسلت لمسؤولي الهلال الأحمر لينقذوها قبل أن يتم العثور على جثمانها.
شكل من أشكال التواطؤ
وقال دياب أبو جهجه إن اجتماع مجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي و"إسرائيل" المقرر عقده في العاصمة البلجيكية بروكسل في 24 شباط/ فبراير الحالي هو "شكل من أشكال التواطؤ في إبادة غزة".
واعتبر أن عقد الاتحاد لهذا المجلس مع "إسرائيل" "أمر فظيع لا يمكن تبريره".
ومن المقرر أن يكون هذا الاجتماع هو الثالث عشر لمجلس الشراكة بين الطرفين، وسيرأس المجلس عن الجانب الأوروبي الممثلة السامية للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية كايا كالاس، وعن جانب الاحتلال وزير الخارجية جدعون ساعر، بحضور مفوضة شؤون منطقة المتوسط دوبرافكا سويكا وممثلين عن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
ونتج هذا المجلس عن اتفاقية الشراكة بين "إسرائيل" والاتحاد الأوروبي التي دخلت حيز التنفيذ عام 2000، وتعد الأساس القانوني الذي يحكم العلاقات بين "إسرائيل" والاتحاد الأوروبي، وتنص مادتها الثانية على احترام حقوق الإنسان.
وبجانب "مجلس الشراكة" الذي يعقد على المستوى الوزاري أنشأت الاتفاقية هيئة ثانية للحوار وهي "لجنة الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل"، وتُعقد على مستوى المسؤولين الكبار في فترات منتظمة لمناقشة القضايا السياسية والاقتصادية.
مخاوف أوروبية
وأوضح أبو جهجه أن التطبيع مع حكومة ارتكبت إبادة جماعية في غزة في هذه المرحلة هو "شكل من أشكال التواطؤ".
وأضاف: "حتى لو لم يكن الاتحاد الأوروبي يريد القيام بالشيء الصحيح في هذه المرحلة، وهو إلغاء اتفاقية الشراكة، فينبغي على الأقل تجميدها وتعليقها حتى يتم التوصل إلى قرار في القضية التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد "إسرائيل" في محكمة العدل الدولية".
ونهاية كانون الأول/ ديسمبر 2023، تقدمت جنوب أفريقيا بدعوى شاملة رفعتها إلى محكمة العدل الدولية، تتهم فيها تل أبيب بـ"ارتكاب جرائم إبادة جماعية" في قطاع غزة، ولاحقا تقدمت دول، بينها تركيا ونيكاراغوا وكولومبيا، بطلبات للانضمام إلى القضية.
وتريد بعض الدول الأعضاء لاسيما أيرلندا وإسبانيا، من الاتحاد الأوروبي إنهاء اتفاقية مجلس الشراكة، التي تمنح امتيازات تجارية لـ"إسرائيل" على أساس شرط "الالتزام بحقوق الإنسان والقانون الدولي" المذكور في مادتها الثانية.
ومن المتوقع أن تطرح بعض الدول الأعضاء خلال الاجتماع مسألة المادة الثانية، في حين من المتوقع أن تدعو دول أخرى إلى فتح صفحة جديدة بعد حقبة الممثل الأعلى السابق جوزيف بوريل التي توترت خلالها العلاقات مع "إسرائيل".
وسبق وأعلنت الممثلة العليا الجديدة، كالاس، أنها ستدعو إلى عقد اجتماع لمجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي و"إسرائيل" بعد توليها منصبها في الأول من كانون الأول/ ديسمبر 2024، ما يسمح للدول الأعضاء بنقل مخاوفها بشكل مباشر إلى الجانب الإسرائيلي.
ملاحقة الجنود الإسرائيليين
وعن عمل المؤسسة، أشار أبو جهجه إلى أنهم ينفذون العمل على 3 مستويات، وإن أولويتهم هي "الجنود الإسرائيليين الذين يحملون الجنسية المزدوجة".
وذكر أنهم في المستوى الثاني يقومون بتحريك السلطة القضائية في أي دولة ضد الإسرائيليين المسافرين إليها.
وتطرق أبو جهجه إلى "تهريب إسرائيل جنديين من جنودها بعد أن قُدمت شكوى ضدهما في هولندا".
وقال: "كان لدينا أيضا قضية شهيرة رفعناها في البرازيل، هناك، وبعد إحدى قضايانا، أصدر القاضي أمرا بالتحقيق ضد أحد الجنود الإسرائيليين، ومرة أخرى قامت إسرائيل بتهريبه".
وأضاف: "حتى في هولندا، حيث لا توجد حكومة معادية لإسرائيل في الوقت الحالي، لا يجرؤون (الجنود الإسرائيليون) على المخاطرة بالمثول أمام المحكمة، لأنهم يعلمون أن أي قاض جاد يحترم نفسه يجب أن يصدر حكما ضد هؤلاء مجرمي الحرب عند النظر في قضاياهم".
وفيما يتعلق بالمستوى الثالث الذي تعمل عليه مؤسسته، أوضح جهجه أنهم في هذا المستوى "تقدموا بطلبات إلى المحكمة الجنائية الدولية".
وتابع: "رفعنا العديد من القضايا في إطار هذا المستوى، بينها قضية ضد 1000 جندي إسرائيلي في المحكمة الجنائية الدولية، وهذه في الواقع 1000 قضية فردية، وكان هدفنا هنا أرشفتها حتى لا تضيع أبدا".
وأكد أن المحكمة الجنائية الدولية متخصصة في الأسماء الكبيرة مثل الوزراء والقادة.
بلجيكا ملزمة باعتقال ساعر
وفي السياق، تطرق أبو جهجه إلى الشكوى الرسمية التي قدمتها مؤخرا مؤسسة "هند رجب" الحقوقية إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي ضد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، بتهمة "التواطؤ في جرائم إبادة جماعية بقطاع غزة".
وعن احتمال اعتقال ساعر لدى زيارته القريبة إلى بروكسل، قال أبو جهجه: "إذا أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال، أو ربما أصدرتها بالفعل، وأعلنت عنها في اليوم الذي يصل فيه ساعر إلى بروكسل، فستضطر بلجيكا إلى اعتقاله".
وأضاف: "ليس أمام بلجيكا خيار سوى اعتقاله، وإذا لم تعتقله، فلن تمتثل للقانون الدولي".
وأوضح أنه حتى لو قدم الاتحاد الأوروبي ضمانات أمنية، فإن ساعر قد يتم اعتقاله في الفندق الذي يقيم فيه في بروكسل لأنه سيدخل ضمن السيادة البلجيكية.
وأردف: "أرى أنه يجب ألا يسافر مجرمو الحرب وهم مرتاحو البال".
وذكَّر أبو جهجه أن ساعر نفى وجود فلسطين في مؤتمر ميونخ للأمن الذي عقد في الفترة من 14 إلى 16 شباط/ فبراير الجاري، وأن هذه التصريحات نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية أيضا.
وفي 21 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية، مذكرة اعتقال بحق نتنياهو ووزير الحرب السابق في حكومته يوآف غالانت، لارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.
وبدعم أمريكي، شنت "إسرائيل" حربا على غزة بين 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 و19 كانون الثاني/ يناير 2025، أسفرت عن أكثر من 160 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود، وفق معطيات فلسطينية.