لجريدة عمان:
2025-01-21@04:19:26 GMT

التحدي الإعلامي في ظل التحولات المتسارعة

تاريخ النشر: 29th, May 2024 GMT

اللقاء الصحفي الموسع الذي أجراه رئيس تحرير جريدة الشرق القطرية الأستاذ كريم الحرمي، مع معالي د. عبدالله بن ناصر الحراصي وزير الإعلام الأسبوع الماضي، اشتمل على قضايا إعلامية وفكرية عديدة، والحاجة لاستيعاب التطورات الجديدة في علوم الاتصال والتقنيات الحديثة وأهمية التعاون المشترك بين دول المجلس. في الواقع الإعلام الخليجي الجديد صفة عامة، وما ينبغي أن يسير عليه الإعلام العماني في ظل التحديات الإعلامية الضخمة في عالم اليوم، التي أصبحت واقعًا لا بد من التفاعل معه واستيعاب ما يستحق أخذه مما تفرزه هذه التقنيات والوسائل بصفة خاصة، ومما قاله معاليه في هذا الحوار: «إن وظيفة الإعلام تجاه المجتمعات الخليجية في ظل التحديات العالمية وثورة التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي وتداخلها مع المنظومة القيمية للمجتمعات الخليجية، وتأثيراتها أيضا على الإعلام التقليدي.

وأوضح أن الحرية والمسؤولية والمهنية ركائز ضرورية للتقدم في مجال الإعلام، لافتًا إلى أن هناك إعادة صياغة شاملة للإعلام على مستوى العالم تتجاوز ثنائية الإعلام الخاص والإعلام العام، وأن على الصحف أن تبذل جهدًا واعيًا وفهمًا حقيقيًا لمتطلبات العصر حتى لا تفقد حضورها في المشهد الإعلامي، وأشار إلى: أن هناك تحولات كبرى، وأن مواكبة هذه التحولات ليس خيارًا يمكن عدم الأخذ به -الصحف- وإنما أمر لازم إن أرادت البقاء. وهناك الكثير من القضايا التي طرحت في مجالات عدة تتعلق بالتحديات التي تحتاج النظر إليها نظرة جيدة، فيما يبث في هذه التقنيات، وأجاب عنها معالي الوزير إجابات ثاقبة وواعية لما ينبغي أن تجد كل الاهتمام». وقد حدد معالي الدكتور وزير الإعلام في هذا اللقاء المضامين الواعية والثاقبة لما ينبغي أن يحقق الإعلام الأهداف الإيجابية في هذه التحولات الضخمة.

ولا شك أن هذا التحدي الذي سنناقشه في هذا المقال، بحكم أهميته الإعلامية والفكرية والسياسية، كما أشار معاليه في هذا اللقاء، إلى أن الأمر لم يعد خيارًا لنا في الأخذ به من عدمه، بل أصبح واقعًا ملموسًا بصورة مطّردة، في أن تكون نظرتنا إليه واسعة، لكل التحولات في عالم التقنيات الحديثة وجديد العلوم معها، ومنها ما يبث بعض جديدها من أفكار تجاه الهوية الوطنية، لما يحدث من تطورات علمية متسارعة في عالم الإعلام اليوم، فبعضها يصطحب معه الفكر والثقافة، وليس مجرد تقنيات خالية من مستصحبات الفكرة والرؤية والرسالة التي يراها الآخرون وسيلة للوصول إلى أهدافهم الظاهرة وغير الظاهرة منها، لذلك لا يجب التقليل من مؤثراتها وتأثيراتها في عقلية الجيل الجديد من شبابنا صراحة، ولذلك تشكل هذه التطورات في عالم المعلوماتية المتدفقة، بلا حواجز أو سدود في عصرنا الراهن، تحديًا كبيرًا للإعلام العربي عمومًا، في وقت باتت هذه التقنيات الحديثة أحد أهم ركائز الإعلام التي ما برحت تتوسع وتهيمن على كل الجوانب الحياتية للإنسان، سواء في القضايا السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية أو غيرها من الجوانب، التي لا نستطيع حصرها لشمولية معطياتها المتعددة والهائلة.

ولا شك أن قضية التحدي الإعلامي في وقتنا الراهن -كما أشرنا- مسألة مهمة ومحورية لمراجعة الإعلام العربي عامة والخليجي بوجه خاص، ومن هنا تستدعى المراجعة والتقييم وبلورة الوسائل الجديدة، لهذه المرحلة التي باتت من الخطورة ما يحتم أن تكون لنا معطيات ومنطلقات، تخدم هذه المرحلة بكل تحدياتها الراهنة والمستقبلية في ظلّ التحولات الجديدة والتحديات المقبلة التي أصبحت تفرض قسرًا وليس اختيارًا ذاتيًا، خاصة أن عالمنا العربي محط الأنظار والتوجسات من الآخر، لقضايا راهنة ناقشناها في مقالات سابقة. فلا يكفي التحذير والتخويف والتنظير الكلامي غير الواقعي لمواجهة التحديات، وإنما يجب أن تتم برسم الخطط وإيجاد الوسائل الحديثة وإعداد البرامج الأكثر جاذبية وتخدم قضايا المجتمع، وأهمها مناقشة مشكلات وقضايا المواطن وهمومه بصراحة وحرية بعيدًا عن المبالغة والتهويل أو البتر والتحوير؛ لأن مرحلة التحدي الفضائي ومخاطره الثقافية والفكرية وحتى الاجتماعية تستدعي -كما قلنا- إعطاء روح جديدة للوسائل الإعلامية العربية بشكل عام والخليجية بشكل خاص. ونحن لا نتحدث عن توقُّع أو خيال إنما نتحدث عن واقع وحقائق قائمة ومستمرة، حيث تستباح مجالات الفضاء بصورة نهائية، ويسيطر الأقوى تكنولوجيا على فكر العالم وعقله، فتسهل عليه في كافة الشؤون الأخرى، في الوقت الذي يصبح فيه العالم النامي عديم الحيلة أمام تلك القوى التي تمتلك الوسائل والقدرات والإمكانيات العديدة للاختراق والاستحواذ على عقول المشاهدين والمستمعين. فلا مفر من التعامل مع هذا الواقع الجديد بكل إمكانياته الرهيبة؛ فالهروب والعزلة أو الاعتزال عن المواجهة معناه أننا نخسر مواقع جديدة وأرضية يمكن كسبها فيما لو قبلنا التحدي بشجاعة المواجهة وبجدية المصارحة في تناول قضايانا ومشكلاتنا عبر وسائل التقنية الفضائية وهذا هو «مربط الفرس» كما يقول المثل العربي.

ومن هذا المسار الإعلامي العربي بصورة عامة، والإعلام الخليجي بصورة خاصة سيتأثر بلا شك من هذه التطورات المتسارعة، إن لم يسارع إلى الانفتاح مع الوعي بما يأخذ من هذا الجديد المتدفق، إذ أصبح التوسع في عالم الإعلام، سيكون له تأثيره كحقيقة لا جدال فيها، ويرى د. جاب الله موسى أن هذه التطورات المقبلة ستشهد تراجعًا ملحوظًا في السيادة الوطنية والثقافية للدولة. ذلك أن تقنية الاتصال المعاصرة تسمح للفرد بالانفتاح على مجالات إعلامية وثقافية متعددة من دون أن يكون خاضعًا لمشيئة الدولة وسياساتها الإعلامية والثقافية. هذا الانفتاح وما يقابله من تدفق معلوماتي مقصود تجاه المشاهد -المستقبلين- لا بد أن يؤثر إلى الدرجة التي يمكن معها المستقبل أن يرتبط برصيد معرفي مشترك مع المصدر «الآخر» القوي، مصدر قد يؤثر في سلوكه وتفكيره أكثر من ذلك المتعلق بهويته الأصلية».

فالإعلام في واقعنا العربي، يحتاج إلى معالجة جذرية لمنهاجه الراهن واستشراف المستقبل بصورة جديدة وحثيثة، لما سار عليه في العقود الماضية، فهذا العصر تغيرت فيه مفاهيم كثيرة وأدخلت تقنيات متقدمة متسارعة -وما تزال- جعلت العالم متشابكًا ومتداخلًا بأفكاره وتفاعلاته، وأصبح كل شيء متاحًا ومنفتحًا، ولم تعد الأساليب المنغلقة تجدي نفعًا في هذا العصر، لذلك يتعين على الإعلام أن يتفاعل مع الجديد المستجد، وأن ينفتح على الآراء المختلفة، وأن يتاح للتعددية في القضايا المتباينة، بما يقوّي المصداقية في الطرح والمناقشة حتى يكون للإعلام العربي عمومًا مصداقية حقيقية وفاعلة في الرأي العام، وهذا يحتاج كما قلنا إلى تغيير فعلي وجدي في الفكرة الإعلامية القائمة، وأن يتم التفاعل مع الجديد القادم، بما يسهم في تفعيل الرؤية الإعلامية، وبدون هذه النظرة فإننا سيظل وضعنا مهمشًا من الرأي العام، ولا يسمع إلا نفسه. وهذه إشكالية جديرة بالاهتمام في عالم اليوم الذي أصبح الإعلام كونيًا ومتدفقًا بصورة متسارعة أكبر مما نتصور، ولذلك إذا لم نراجع واقع الإعلام، فإن الخلل سيكون بارزًا ومتراجعًا، وسيجعل من حتمية الاختراق الإعلامي الأقوى تأثيرا على الجيل الجديد من شبابنا، وهذه ربما ستجعل الحاجة لمؤسسات إعلامية قوية، قادرة على الصمود والتفاعل والانفتاح على العصر، وهذا القبول يحتاج إلى فاعلية في الاستجابة لما هو جدير بالأخذ والفرز والانتقاء. والمخرج الإيجابي كما نعتقده، هو الانفتاح الإعلامي المتوازن المصحوب بالتفاعل مع الجديد القادم واستيعاب النظم المتطورة وإدماجها في وسائلنا الإعلامية، وتأهيل الكوادر الوطنية، وإعطاء المساحة للحرية الإعلامية المسؤولة، في مجال التناول والنقاش في قضايانا الراهنة، وهذا هو الرهان الذي يجب الاستناد إليه في مواجهة تحدي الاختراق الإعلامي الكبير في عالم التقنيات المختلفة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی عالم واقع ا فی هذا

إقرأ أيضاً:

«حماة الوطن» بالشرقية يعقد ندوة «التحديات العالمية والإقليمية في ظل التوازنات الجديدة»|صور

نظّم حزب حماة الوطن بالشرقية ، ندوة بعنوان « التحديات العالمية والإقليمية في ظل التوازنات الجديدة – إستراتيجيات المواجهة والتكيف » ، بحضور الدكتور أشرف سعد سليمان أمين عام حزب حماة الوطن بالشرقية ، واللواء سمير فرج الخبير العسكري ، واللواء أسامة الجمال المحاضر بأكاديمية ناصر العسكرية ، والدكتور أحمد عبدالمعطي نائب محافظ الشرقية.

أكد الدكتور أشرف سعد سليمان أمين عام حزب حماة الوطن بالشرقية ، أن الندوة تستهدف تسليط الضوء على التحولات الجيوسياسية العالمية والإقليمية وتأثيراتها على مصر والمنطقة ، وتناقش إستراتيجيات المواجهة والتكيف مع التحديات، ودور مصر في تعزيز مكانتها الإقليمية ، مشيراً إلى أن هذه الندوة تأتي في إطار جهود الحزب لرفع الوعي العام بالقضايا الوطنية والدولية، وتعزيز الحوار حول التحديات الراهنة، في ظل التغيرات العالمية المتسارعة.

وأوضح اللواء سمير فرج الخبير العسكري ، الجهود المصرية في التعامل مع التوازنات الجديدة التي تشكلها القوى الكبرى على الساحة الدولية، من خلال إستراتيجياتها الدبلوماسية، مؤكداً أن مصر تسعى إلى تحقيق التوازن بين مصالحها الوطنية ودعم القضايا العربية، مما يعكس دورها الريادي في الحفاظ على الأمن والسلم الإقليميين.

وقدّم اللواء سمير فرج ، رؤية شاملة لدور مصر في التصدي للأزمات وتعزيز التعاون الإقليمي ، مؤكداً أن تلك الندوة تأتي في توقيت حرج يشهد فيه العالم تغيرات جيوسياسية وإقتصادية كبرى ، والهدف من هذه الندوة ، مناقشة هذه التحولات وتأثيراتها على المنطقة العربية، مع التركيز على دور مصر كمحور إستقرار وداعم رئيسي للسلام الإقليمي والدولي.

وأشار اللواء أسامة الجمال المحاضر بأكاديمية ناصر العسكرية ، إلى أنه في ظل الأزمات المتصاعدة بالشرق الأوسط، تلعب مصر دورًا بارزًا في تعزيز الحلول السلمية والنهوض بالتعاون الإقليمي لمواجهة التحديات المشتركة.

وشرح اللواء أسامة الجمال ، أهمية الدور المصري في دعم استقرار المنطقة من خلال الوساطات الفعّالة في النزاعات، ومكافحة الإرهاب، وتعزيز الحوار بين الأطراف المختلفة.

وتأتي هذه الندوة في إطار رؤية أوسع تسعى إلى تعزيز مكانة مصر كدولة محورية في المنطقة، قادرة على قيادة التحولات الإيجابية، وداعمة للسلام والتنمية المستدامة، مما ينعكس إيجابيًا على إستقرار الشرق الأوسط بأكمله.

مقالات مشابهة

  • لأول مرة منذ 240 عاما.. حدث فلكي نادر يغير حياة مواليد 3 أبراج
  • الشباب العربي والإعلام الجديد دور ملهم في توظيف منصات التواصل
  • التحولات العربية .. ما بين آمالنا ومصالحهم
  • تفاصيل اجتماع لجنة ضبط الإعلام الرياضي مع ممثلي القنوات الإعلامية الرياضية
  • المكتب الإعلامي بغزة: انتشار عناصر الشرطة الفلسطينية لحفظ الأمن والنظام
  • المكتب الإعلامي: انتشار آلاف عناصر الشرطة في غزة لحفظ الأمن والنظام
  • المكتب الإعلامي الحكومي في غزة: الوزارات والمؤسسات الحكومية على جاهزية كاملة للبدء في العمل
  • «حماة الوطن» بالشرقية يعقد ندوة «التحديات العالمية والإقليمية في ظل التوازنات الجديدة»|صور
  • الشباب العربي والإعلام الجديد.. قيادات صاعدة وفرص واعدة
  • الشعر العربي بين الشفاهية والرقمية في زمن التحولات