لجريدة عمان:
2024-11-23@03:10:01 GMT

الحرب وتمثيلات خطاب الكراهية

تاريخ النشر: 29th, May 2024 GMT

تُعتبر الحرب الأهلية مناخًا مثاليًا لتحفيز خطاب الكراهية وتوظيفه في أهدافها، عبر إساءات تُحَرِّض على العنف أو التمييز أو الاحتقار للأفراد أو الجماعات على أساس العرق أو الدين أو اللون أو القبيلة أو أي خصائص أخرى مُرتبطة بالتهميش أو التمييز المُمنْهَج.

ولا يمكننا اليوم فهم تمثيلات خطاب الكراهية في جحيم الحرب في السودان منذ 15 أبريل 2023م، بمعزل عن استصحاب سياق عام لتاريخ حرب أهلية، ظلت آثارها تتراكم لأكثر من نصف قرن على حياة مكونات سودانية مُختلفة، في بلد شهد أطول حرب أهلية إفريقية (حرب الجنوب)، سابقًا، ثم شهد سلسلة حروب أهلية توسعت معها رقعة الحرب في مناطق أخرى من السودان؛ نتيجةً للسياسات المُدمِّرة لنظام الإنقاذ منذ انقلابه في العام 1989، وهي سياسات تسبَّبَتْ في فصل الجنوب.

وما نشهده اليوم على وقع هذه الحرب من توظيف لخطاب الكراهية في المجال العام، ووسائط السوشيال ميديا، من خلال أقوال وأفعال وممارسات لصور من القتل والإذلال تُهين كرامة الإنسان؛ أمرٌ ينذر بآثار كارثية أخطر على المجتمع السوداني.

إن خطاب الكراهية بوصفه خطابًا يقوم على نظام إدراك يتوخَّى تخطيطًا مُحكمًا عبر شبكة من آليات التحريض على العنف والقتل -في مجالات مُتعدِّدة- هو ما يسهر عليه اليوم الطرفُ الذي يعلن، مرارًا وتكرارًا، عزمه على الاستمرار في الحرب، رغم الآثار الفادحة للحرب على حياة السودانيين نتيجةً لما ارتكبه طرفاها من قتل ونهب ومجاعات، وتسبَّبَا في نزوح ولجوء غير مسبوقين في العالم بحسب تقارير الأمم المتحدة.

ولا يمكننا اليوم في جحيم هذه الحرب، فصلُ تفاقمِ ظاهرة خطاب الكراهية عن نتائج كثيرة تسببت فيها سياسات حكومات نظام الإنقاذ على مدى ثلاثين عامًا؛ تلك السياسات التي هيَّأت تربةً خصبةً لشيوع ما يمكن أن نسميه بـ«ذهنية الإنقاذ» بين بعض فئات المجتمع السوداني التي تأثرت لسنوات طويلة بالتحريف الأيديولوجي لمفاهيم الإسلام في خطاب نظام الإنقاذ؛ فـ«ذهنية الإنقاذ» يمكن أن يكون أصحابها مواطنين عاديين تأثروا بدعاية جهاز الدولة العمومي في سياسات التعليم والإعلام والحياة العامة على مدى 30 سنة، وبطريقة تصبح فيها تلك الذهنية أقرب إلى التطرف منها إلى السوية.

ينطلق خطاب الكراهية من منطلقات طائفية أو عنصرية، أو غيرها، ويستخدم لغة تمييزية تحقيريّة تهجّمية تستفزُّ عصبية الآخر -فردًا وجماعةً- بما يجرح أو يُهين فيه معنى رمزيًا أو شعورًا جمعيًا بطريقة تنتقص كرامته؛ حين تزدري عرقه أو لونه أو قبيلته، أو تنفي عنه الانتماء إلى الوطن أو الدين، عبر التخوين والتكفير.

فمفهوم «التكفير السياسي» الذي اخترعه خطاب الإسلام السياسي ووظفه في المجال العام، لتسميم نسيج الجماعة الوطنية السودانية عبر تكفير منسوبي الأحزاب السودانية الأخرى كأحزاب اليسار والأحزاب العلمانية السودانية، بهدف تحريض عامة الشعب على كراهية تلك الأحزاب، وما يترتب على تلك الكراهية المُسيَّسة من إقصاء وتمييز وعنف.

وحين تُمارَسُ الكراهيةُ خطابًا في أجندة دعاة الحرب، أي بوصفها منظومةً من الأقوال والأفعال والممارسات التي تستخدم آليات متعددة وتتوخى هدفًا محددًا؛ فإن ذلك الخطاب سينعكس في الحرب من خلال ممارسات مقصودة بتنظيم مرتب وتخطيط محكم (مهما بدت تلك الممارسات عشوائيةً في ظاهرها)؛ لأن ارتباطها ببعضها عندئذ سيكون ارتباطًا عضويًا لخدمة الهدف الأخير من الحرب.

حين يصف البعضُ دعاةَ إيقاف الحرب بصفات انتقاصية ازدرائية تمسُّ اللون، أو الخلقة، أو العرق أو النوع، أو عبر نعوت تصل إلى درك الشتائم؛ كل ذلك لا يأتي عشوائيًا في خطاب الكراهية الذي يُروِّجُ له دعاة الاستمرار في الحرب، بل هو سلوك يتم تنظيمه ضمن شبكات توظيف مرتبطة ببعضها البعض، وتستهدف خلق انطباع تحقيري في نفوس دعاة الحرب ضد الخصم المنعوت بتلك الصفات؛ من أجل رفع انفعالات الكراهية إلى أعلى منسوب في نفوس أتباعهم ضد الخصم المنعوت، وعلى نحو يُحرِّضهم لممارسة جميع أنواع العنف ضده.

إن الهدف الأخير لخطاب الكراهية في أجندة دعاة استمرار الحرب (حال خسارتهم الحرب)، هو توريط المجتمع في حرب ينحدر فيها ولاء المكونات السودانية إلى حضيض يضطرهم فقط للدفاع عن وحداتهم الاجتماعية الأولى، كالقبيلة والمنطقة على حساب ولائهم للوطن، أي الوصول إلى هدف الحرب الأهلية الشاملة (حرب الكل ضد الكل)؛ ذلك هو الهدف الخبيث من خطاب الكراهية في أجندة دعاة الحرب؛ وهو الهدف الذي سيعفيهم من مسؤوليتهم عن إشعال الحرب.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: خطاب الکراهیة فی خطاب ا

إقرأ أيضاً:

انتشال جثمان مدرب كرة سلة سقط فى ترعة بالدقهلية

تمكنت قوات الإنقاذ النهري بمديرية أمن الدقهلية، من انتشال جثمان مدرب كرة سلة بنادي شباب بلقاس، كان قد فقد في حادث سير، بعد انقلاب سيارة ميكروباص داخل ترعة، بالقرب من مدخل مدينة جمصة، مساء أمس الأربعاء، وتم نقله لمشرحة المستشفى تحت تصرف جهات التحقيق.

وكان مدير أمن الدقهلية، قد تلقى إخطارًا من مدير المباحث الجنائية، يفيد بورود بلاغ لإدارة شرطة النجدة، بانقلاب سيارة ميكروباص داخل ترعة على طريق جمصة، أمام مدخل المدينة.

وانتقل ضباط وحدة مباحث القسم وقوات الإنقاذ النهري وسيارات الإسعاف لمكان البلاغ، وبالفحص تبين أن الحادث وقع نتيجة اصطدام سيارة نقل بالميكروباص من الخلف، ما تسبب في سقوطه بالمياه، وتمكنت قوات الإنقاذ النهري من إنقاذ 4 ركاب، وهم: علاء محمود المطري، 45 سنة، عامل، مقيم بقرية بسنديلة ببلقاس، مصابًا بضيق بالتنفس وكدمات بالجسم، وعصام مصطفى البرعي، 58 سنة، سائق، مقيم ببيلا بمحافظة كفر الشيخ، مصابًا بضيق تنفس وسحجات وكدمات بالجسم، ودلال عبدالعزيز عبدالباقي، 35 سنة، مقيمة بقرية البنزينة بالستاموني، مصابة بضيق بالتنفس، وأميرة السيد محمد، 25 سنة، مقيمة بجمصة، مصابة بضيق بالتنفس وكدمات وسحجات.

فيما لم يخطر السائق بوجود الضحية معه، ويدعى عمر فرحات إبراهيم، ويبلغ من العمر 30 عامًا، مقيم بمدينة دمياط الجديدة، مدرب كرة سلة بنادي شباب بلقاس، وظل بالمياه حتى عثر والده على متعلقاته الشخصية حقيبة ملابسه ومحفظته وبطاقته الشخصية داخل مستشفى جمصة.

وأخطر الأب الأجهزة الأمنية التي انتقلت مرة أخرى لمكان الواقعة، وتمكنت قوات الإنقاذ النهري من العثور على جثمان الشاب في الترعة، وجرى انتشاله بعد 16 ساعة من الحادث، ونقله لمشرحة المستشفى، وتحرر عن ذلك المحضر اللازم، والعرض على جهات التحقيق لمباشرة أعمالها.

 

 







مقالات مشابهة

  • الرئيس العليمي يرأس اجتماعا لمجلس القيادة لبحث الإنقاذ الاقتصادي وتقديرات الموقف على ضوء المستجدات الإقليمية
  • جازان.. إنقاذ مواطنين تعطلت واسطتهما في عرض البحر
  • انتشال جثمان مدرب كرة سلة سقط فى ترعة بالدقهلية
  • انتشال جثة طالب من ترعة الإسماعيلية بشبرا الخيمة
  • مصرع طالب غرقا في ترعة الإسماعيلية بشبرا الخيمة
  • ابتدائية الجديدة تدين إلياس المالكي بأربعة أشهر حبسا وتبرئته من تهمة التحريض على الكراهية
  • أربعة أشهر نافذة في حق الياس المالكي والبراءة من "التحريض على الكراهية والتمييز"
  • رسالة ماجستير تناقش خطاب الصحافة المصرية والعربية نحو الحرب الروسية الأوكرانية
  • البرهان: خطاب من قلب المزبلة التاريخية !!
  • شاهد بالفيديو .. أهم ما ورد في خطاب البرهان أمام المؤتمر الاقتصادي