بينها عربية.. ما الدول التي لا زالت تطبق عقوبة الإعدام
تاريخ النشر: 29th, May 2024 GMT
ألغت أكثر من ثلثي بلدان العالم عقوبة الإعدام من قوانينها أو في تطبيقها، لكن البلدان القليلة التي ما زالت تلجأ إلى هذه العقوبة القصوى طبقتها في 2023 بمستوى قياسي لم يسبق له مثيل منذ 2015. وحتى 31 من ديسمبر من عام 2023، ألغت 144 دولة هذه العقوبة في القانون أو في الممارسة العملية - 112 دولة بموجب القانون ولجميع الجرائم، وتسع فقط للجرائم العامة، وفقا لأحدث تقرير سنوي صادر عن منظمة العفو الدولية، نشر الأربعاء.
وخلال العام الحالي، ألغت ماليزيا عقوبة الإعدام التلقائية بالنسبة لجرائم معينة، وألغتها غانا فيما يسمى بالجرائم "العادية".
وفي الولايات المتحدة ألغيت عقوبة الإعدام في 23 ولاية وتخضع للوقف الاختياري في ثلاث ولايات أخرى، حيث تم تنفيذ 24 عملية إعدام، جميعها بالحقنة المميتة وذلك في عام 2013، وفقاً للمرصد المتخصص لمركز معلومات عقوبة الإعدام.
وأثارت عملية الإعدام الأولى في عام 2024، والتي نُفذت بحق كينيث سميث، في يناير في ولاية ألاباما، عن طريق استنشاق النيتروجين، وهي طريقة جديدة نددت بها الأمم المتحدة، غضبا عارما في الولايات المتحدة.
ووفقا لمركز معلومات عقوبة الإعدام، من المتوقع إعدام حوالي خمسة عشرة شخصا العام الحالي في الولايات المتحدة.
وفي أوروبا، لم يتم تنفيذ أي حكم بالإعدام هذا العام. وتعد بيلاروسيا آخر دولة أوروبية تطبق عقوبة الإعدام.
وقطع الرأس أو الشنق أو الإعدام رميا بالرصاص أو حتى عن طريق الحقنة المميتة هي أكثر الأساليب المستخدمة في عام 2023، وهو العام الذي ارتفع فيه عدد عمليات الإعدام في العالم بنسبة 31 في المئة على أساس سنوي، ليصل إلى أعلى مستوى منذ عام 2015، بحسب منظمة العفو الدولية.
وسجلت المنظمة غير الحكومية ما مجموعه 1153 عملية إعدام في 16 دولة في عام 2023.
مرة أخرى، صنفت الصين على أنها الدولة التي أعدمت أكبر عدد من الأشخاص المدانين، لكن من المستحيل معرفة حقيقة هذه الأعداد علماً أنها تُقدر بـ"عدة آلاف" بحسب المنظمة، وذلك نظرا لأن هذه البيانات سرية في البلاد كما هي الحال أيضا في كوريا الشمالية وفيتنام. والصين غير مدرجة في لائحة الدول الست عشرة التي نفذت 1153 عملية إعدام.
وُسجلت في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 93 في المئة من عمليات الإعدام التي أحصيت في عام 2023 وفقا لمنظمة العفو الدولية، ما يشير إلى ذروتها في إيران مع ما لا يقل عن 853 عملية إعدام (+ 48 في المئة على مدار عام واحد)، وأكثر من نصفها تتعلق بقضايا المخدرات.
وتعد السعودية التي لجأت إلى تنفيذ عقوبة الإعدام 172 مرة(ست نساء و 166 رجلا)، أيضا واحدة من الدول التي أعدمت أكبر عدد من السجناء في ذلك العام، تليها الصومال (38 على الأقل) والولايات المتحدة (+33 في المئة في عام واحد).
وفي عام 2023 صدر 2428 حكما جديدا بالإعدام، أي بزيادة 412 حكما عن عام 2022.
وبعد توقف، عادت خمس دول لإصدار أحكام الإعدام وهي بيلاروسيا، والكاميرون، واليابان، والمغرب، وزيمبابوي.
وعلى الصعيد العالمي، كان هناك ما لا يقل عن 27,687 شخصا محكوما عليهم بالإعدام بحلول نهاية عام 2023، حسب أرقام منظمة العفو الدولية.
المصدر: السومرية العراقية
كلمات دلالية: العفو الدولیة عقوبة الإعدام عملیة إعدام فی عام 2023 فی المئة
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة وشريعة الغاب
د. سليمان المحذوري
abualazher@gmail.com
بنهاية الحرب العالميّة الأولى تأسست عصبة الأمم المتحدة وتحديدًا في عام 1919م كأول منظمة دوليّة هدفت بشكل رئيس إلى الحفاظ على السلام العالمي؛ وذلك من خلال منع قيام الحروب، وضمان الأمن المشترك بين الدول، والحدّ من انتشار الأسلحة، وتسوية المنازعات الدوليّة عبر إجراء المفاوضات والتحكيم الدولي. وعلى الرغم من الجهود التي بذلتها عصبة الأمم في تحقيق أهدافها إلا أنّها أخفقت في حلّ كثير من النزاعات الإقليميّة والدوليّة، وفرض هيبتها على جميع الدول بلا استثناء، وازداد ضعف هذه المنظمة بانسحاب أعضاء دائمين منها مثل اليابان وإيطاليا وألمانيا.
وفي نهاية المطاف أدّى ذلك إلى قيام الحرب العالمية الثانية عام 1939، وبالتالي حلّ عصبة الأمم رسميًا. ومن الأسباب الرئيسة لفشل هذه المنظومة الدوليّة أنّ أعضاء المجلس التنفيذي يتكون من الدول العظمى التي خرجت منتصرة في الحرب العالمية الأولى، وكانت ترفض التصديق على القرارات التي تصدر عن عصبة الأمم أو الخضوع لها أو حتى التجاوب معها بسبب تعارض مصالحها الحيوية مع تلكم القرارات.
وفي ظل الفراغ الدولي وعدم وجود منظمة دولية تُعنى بالحفاظ على السلام والأمن العالميين بات من الضروري سد هذا الفراغ، فولدت الأمم المتحدة عام 1945 لتحقيق ذات الأهداف التي فشلت عصبة الأمم في تحقيقها، وهي منع الحروب، ودعم القانون الدولي، وتسوية المنازعات بين الدول.
وفي سبيل تحقيق هذه الغايات تمارس الأمم المتحدة مسؤوليتها من خلال عدة أجهزة ووكالات متخصصة لعل أبرزها محكمة العدل الدولية التي "تتولى تسوية المنازعات القانونية التي تقدمها إليها الدول الأطراف وفقًا لأحكام القانون الدولي". وفي عام 2002 أُسست المحكمة الجنائية الدولية للنظر في جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية إلى جانب جرائم الإبادة الجماعية. ومن الأجهزة الرئيسة كذلك في هذه المنظمة مجلس الأمن الذي تقع على عاتقه المسؤولية الأساسيّة في صون السلم والأمن الدوليين. وللمجلس خمسة عشر عضوًا، خمسة دائمين وهي: الصين، وفرنسا، وروسيا، المملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية، وعشرة غير دائمين. وبموجب ميثاق الأمم المتحدة على جميع الدول الأعضاء الامتثال لقرارات مجلس الأمن؛ إلا أن هذه الدول الخمس لها حق استخدام حق النقض (الفيتو) لمنع أي قرار يصدر عن هذا المجلس.
حاولت الأمم المتحدة جاهدة ممارسة مهماتها رغم التحديات في السنوات الأولى من إنشائها، لا سيما مع اشتداد الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي آنذاك والولايات المتحدة. وبنشوء الصراعات الإقليميّة والدوليّة كان من الواضح أنّ هذه المنظمة تسيطر عليها الدول الكبرى دائمة العضوية في مجلس الأمن بما يتماشى مع مصالحها الخاصة، وتحالفاتها المرسومة. وتبعًا لذلك فقدت مصداقيتها لدى بقية الدول الأعضاء في المنظمة فضلًا عن الشعوب خاصة في قارتي آسيا وإفريقيا. ولعل طوفان الأقصى الذي اندلع في السابع من أكتوبر عام 2023 قد عرّى هذه المنظمة، حيث بات واضحًا وضوح الشمس اتباعها لسياسة الكيل بمكيالين بعيدًا عن الأهداف التي أنشئت من أجلها. وفي هذا السياق استخدمت الولايات المتحدة عدة مرات حق النقض ضد جميع القرارات التي دعت إلى وقف إطلاق النار في غزة رغم تأييدها من غالبية الدول، ولعل آخرها حتى اللحظة إيقاف قرار وقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة بتاريخ 4 يونيو 2025 خدمةً للمشروع الصهيوني في المنطقة، وتثبيتًا للاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية. ورغم استمرار الاحتلال الإسرائيلي في تدمير غزة، وقتل النساء والأطفال والمدنيين الذين وصل عددهم إلى أكثر من 56000 شهيد حتى كتابة هذه السطور وفقًا للإحصاءات الرسميّة، وتشريد السكان، والإمعان في تجويعهم على مرآى ومسمع العالم أجمع؛ حيث تشهد غزة إبادة جماعية، وتطهير عرقي لا مثيل له وسط صمت وخذلان وتواطؤ العالم المتحضر؛ بيد أنّ المنظّمة الدولية لا تحرك ساكنًا ما خلا إصدار بيانات الشجب والإدانة والقلق التي لا تُسمن ولا تُغني من جوع؛ بينما أمريكا وهي عضو دائم في مجلس الأمن مستمرة في استخدام "الفيتو" ضد أي قرار أممي من شأنه إيقاف هذه المجازر اليومية.
وبعد هذا كله، وكل الشواهد تؤكد ازدواجية المعايير في تطبيق قرارات الأمم المتحدة ناهيكم عن نفوذ وسطوة الدول الخمس العظمى على المنظّمة؛ ألا يُشير ذلك إلى تشابه الأسباب التي أدت إلى نهاية عصبة الأمم سابقًا؟ وهل بقيت ثمة ثقة في المنظمة الحالية بعد أن فقدت مصداقيتها؟ وهل الكيان الاسرائيلي فوق القانون الدولي؟ ومع هذه المعطيات وفي ظل التكتلات الدولية الحاليّة ألا يُعد ذلك بمثابة المسمار الأخير الذي سيدق في نعش هذه المنظومة الدوليّة؟
رابط مختصر