ألقى الدكتور نظير عياد، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية والمشرف العام على مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، توصيات ومخرجات الملتقى الفقهي الخامس لمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، والذي جاء تحت عنوان "منهجية التعامل مع السيرة النبوية بين ضوابط التجديد وانحرافات التشكيك"، لمناقشة القضايا الجدلية والشائكة لبيان موقف الأزهر الشريف منها، بشكل يتوافق والرؤى التجديدية والوسطية التي يتبناها الأزهر.

وخرج الملتقى الفقهي الخامس لمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية بعدة مخرجات وتوصيات.

أولا: المخرجات وهي:

1- يمتاز التراث الإسلامي من بين تراث كل الأديان والحضارات، بابتكار معايير منهجية لـ «التوثيق والتثبت من صحة الأخبار والمرويات الشفهية» ونقلها، ومن ثم نشأت علوم [التخريج ودراسة الأسانيد، والعلل]؛ لتكون قانونا نميز به بين «المقبول والمردود، وبين الصحيح والحسن والضعيف والموضوع»، وقد خضعت روايات السيرة النبوية في مرحلة متقدمة لهذا النقد الحديثي، وقد أسهم هذا النقد في تمحيص روايات السيرة وتنقيتها من كل شائبة يمكن أن تشوه صورة الإسلام الصحيحة.

2- أظهر التراث الإسلامي العريق، عناية فائقة بضبط (الفهم الموضوعي النزيه) للمسائل والقضايا والظواهر والمشكلات، فنشأت علوم [أصول الفقه، واللغة، والمنطق]؛ لتكون قانونا نميز به بين المعقول واللامعقول، وبين ما يدل عليه النص: قطعا أو ظنا، صراحة أو لزوما، وقد عولجت روايات السيرة في مرحلة متقدمة وفق قوانين هذه العلوم.

3- وضع العلماء حدودا فاصلة بين النص الإلهي، والبشري، وميزوا بين مقامي الرسول: (المقدس والإنساني) وحفظوا لكل مقام حقه وقدره، واعتبروا ذلك من أهم المناهج العلمية المنضبطة في دراسة السيرة النبوية، وذلك بخلاف الطرح الحداثي الذي اختزل مقام الرسول في جانبه البشري، الذي يعتريه ما يعتري كل البشر من (حظوظ النفس والهوى)، لذا نعتبره بذلك يمتهن مقام النبوة، ويجعل دعاء الرسول بيننا كدعاء بعضنا بعضا، وهو ما نهى عنه القرآن الكريم وحذرنا منه.

4- التأكيد على أهمية المنهجية العلمية الصحيحة، والتوظيف الإيجابي لمناهج البحث والتقصي الحديثة في التعامل مع نصوص السيرة النبوية، وحكايات التاريخ الإسلامي، والآثار النبوية، ونقد الروايات المتناقضة أو المشكوك في صحتها، وفق طرق النقد العلمية المعروفة، مع مراعاة السياق التاريخي والثقافي لكل رواية؛ شريطة أن تلتزم هذه المناهج بالثوابت الدينية والمسلمات المنهجية.

5- التأكيد على قيمة «النخب المثقفة»، ودورها في «صناعة الوعي وإيقاظ الضمير الحي»، وفي السياق نفسه نؤكد على ضرورة رعاية «الخبرة والعلم والاختصاص»، وضرورة توافر «الموضوعية والنزاهة والمنهج السليم»، ونحذر من أن يكون ادعاء «الثقافة» أداة لإلهاء الشعوب عن قضاياها المصيرية، أو أداة لتشتيت الرأي العام العربي عن قضيته الأولى وهي (القدس وفلسطين) التي تمر بفترة حرجة من تاريخها، تحت وطأة الحرب والحصار والاحتلال.

6- طرق التشكيك في السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي تحمل خطورة كبيرة، حيث تسهم في زعزعة الإيمان، وتشويه القيم والمبادئ التي تقوم عليها الهوية الإسلامية. وهذه الطرق تعتمد على تحليلات متحيزة وغير موضوعية تهدف إلى تقويض الثقة بالمصادر الإسلامية الأساسية. ومع ذلك، يجب التفريق بين التشكيك والنقد العلمي المنهجي السليم، فالنقد العلمي يستند إلى الأدلة والمصادر الموثوقة ويسعى إلى فهم أعمق وتوضيح الحقائق، بينما يهدف التشكيك إلى الهدم والتشويه دون أساس موضوعي.

7- الدفاع عن (السيرة ومدونات التاريخ الأول)، لا يعني الحكم بتصديق كل مروياتها، ولكن يعني الحكم بكونها وثائق لها أهميتها التاريخية في معرفة السرد والترتيب الكامل للأحداث الإسلامية المبكرة، مما يساعدنا في فهم التصورات الإسلامية الكبرى بشكل سليم.

ثانيا: التوصيات:

أولا: نوصي بضرورة تفعيل حركة ترجمة عكسية لكتب السيرة النبوية من العربية إلى الإنجليزية، بهدف تزويد المكتبة الثقافية الأجنبية بمصادر موثوقة وشاملة. وهذا الجهد يسهم في مواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا ومحاولة ازدراء مقام النبوة، من خلال تقديم صورة دقيقة وعلمية عن السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي، مما يعزز الفهم المتبادل ويقلل من التأثيرات السلبية لحركة الاستشراق.

ثانيا: نوصي بضرورة توسيع دائرة الحوار بين مختلف المذاهب الفكرية والإسلامية والحداثية والتنويرية، لتعزيز التفاهم وبحث القضايا في إطار من الاحترام المتبادل، وفق منهجية علمية معتمدة، بعيدا عن المساجلات والجدل، وإثارة الرأي العام بلا فائدة.

ثالثا: نوصي بضرورة التعاون والتكامل بين الجميع للعمل على إطلاق مشروع عالمي لتحقيق وتوثيق ونشر كل التراث المخطوط المتعلق بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وتاريخ الإسلام المبكر، وفقا لمعايير علمية صارمة، مما يسهم في التصدي للشبهات والشكوك المثارة حولها.

رابعا: نوصي بضرورة تجديد درس السيرة النبوية، وذلك من خلال العمل على تضمين مواد دراسية مبسطة حول السيرة النبوية في المناهج التعليمية بمختلف المراحل الدراسية، مع التركيز على قيمها التربوية والأخلاقية والإنسانية.

خامسا: ندعو صناع الأعمال الدرامية والإعلاميين والصحفيين والمؤثرين، للتعاون على إعادة تسويق ونشر أحداث السيرة النبوية بشكل جذاب، يتضمن (الرسومات، والتصميمات، والرواية، والدراما، والمسرح، والشعر، والنثر-والأفلام الوثائقية).

سادسا: ندعوا الباحثين في التاريخ والدراسات الإسلامية إلى ضرورة استعراض وتحليل المناهج الحديثة التي تطبقها المؤسسات الأكاديمية والدينية في دراسة السيرة النبوية، مقارنة بالمناهج التقليدية، مع التركيز على كيفية مواجهة التشكيك والانحرافات، والعمل على مراجعة نقدية للأدبيات التشكيكية في السيرة النبوية، مع تقديم تقييم دقيق للحجج المقدمة وكشف الأخطاء المنهجية والمنطقية فيها، كما نوصي بدراسة الأساليب والتقنيات الحديثة التي تستخدم في تحليل السيرة النبوية، مثل التحليل النصي والنقدي والتاريخي والسوسيولوجي، مع تقديم توصيات لتطبيقها بشكل أفضل.

سابعا: نوصي بضرورة إعداد (برامج ومناهج) تعليمية مشوقة للأطفال، تعرض تسلسل أحداث السيرة النبوية بشكل جذاب، وتركز على غرس القيم الأخلاقية والتربوية، والتعريف بالثوابت، وأصول الدين وأهم المعتقدات الإسلامية، وأحكام الشريعة، من خلال القصة النبوية الكريمة، حتى يتم تشكيل وعي نظيف وسليم للأطفال في المراحل المتقدمة، يعصمهم من الأفكار المغلوطة التي تثيرها حملات التشكيك.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الامين العام لمجمع البحوث الاسلامية مركز الازهر العالمي للفتوى الالكترونية السیرة النبویة

إقرأ أيضاً:

«رمضان يجمعنا».. ملتقى الإنشاد الديني والترانيم يتألق بروح الإبداع والتسامح

في أجواء مفعمة بالروحانية والإبداع، انطلقت فعاليات الموسم الثاني لملتقى الإنشاد الديني والترانيم تحت شعار "رمضان يجمعنا"، والذي ينظمه معهد إعداد القادة بالتعاون مع جامعة الأزهر وقطاع الأنشطة الطلابية، بمشاركة طلاب الجامعات والمعاهد المصرية، وذلك بمقر المعهد.

يأتي هذا الحدث استكمالًا للنجاح الذي حققه في موسمه الأول، ويعكس التلاحم الوطني من خلال الفنون الروحية التي تجسد الهوية المصرية الأصيلة وتعزز القيم الإنسانية السامية.

وتقام فعاليات الملتقى برعاية الدكتور محمد أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، وإشراف الدكتور سلامة داوود رئيس جامعة الأزهر، والدكتور كريم همام مستشار الوزير للأنشطة الطلابية ومدير معهد إعداد القادة، والدكتور سيد بكري نائب رئيس جامعة الأزهر لشئون التعليم والطلاب.

ويهدف الملتقى إلى نشر الوعي الثقافي والديني بين الطلاب من خلال تقديم أعمال فنية تعكس الموروث الديني والفني، في أجواء تعزز معاني الوحدة الوطنية والتسامح.

نصائح ذهبية لمرضى القلب في رمضان.. صيام آمن وصحة أفضلالتضامن الاجتماعي تنظم حفل سحور للعاملين بالوزارة وأسرهم

من جانبه، نقل الدكتور كريم همام تحيات الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالى، مؤكدا على أن الملتقى يعد فرصة لاكتشاف ورعاية المواهب الشابة في مجال الإنشاد الديني والترانيم، مشددًا على أهمية الحفاظ على التراث الثقافي المصري، وتعزيز الفكر الديني الوسطي الذي يدعو إلى التسامح ونبذ التطرف.

كما أشار إلى أن معهد إعداد القادة يحرص على تنظيم فعاليات نوعية تهدف إلى بناء جيل قادر على التعبير عن ذاته بأساليب إبداعية راقية، في بيئة فنية وثقافية تدعم قيم التعايش السلمي والتواصل الإيجابي بين الطلاب.

وأعرب الدكتور سيد بكري عن سعادته بالمشاركة في هذا الحدث المميز، مؤكدًا أن الملتقى يعكس الهوية المصرية الحقيقية، التي تقوم على مبدأ التلاحم بين جميع أبناء الوطن. وأضاف أن التاريخ يثبت أن الشعب المصري يقف دائمًا صفًا واحدًا في مواجهة التحديات، دون تفرقة بين مسلم ومسيحي. كما دعا الطلاب إلى تعزيز ثقافة الحوار وقبول الآخر، مشيرًا إلى أن الأزهر الشريف يحمل على عاتقه ترسيخ مبادئ الوسطية والاعتدال بين الشباب.

وشهدت الجلسة الافتتاحية للملتقى أداءً مميزًا لفريق الإنشاد الديني لجامعة الأزهر، أعقبه انطلاق العروض الفنية لليوم الأول، بمشاركة فرق الإنشاد الديني و الترانيم من جامعات طنطا، المنصورة، بنها، دمياط، السادات، التعليم العالي، وقناة السويس. حيث قدم الطلاب مجموعة من الأعمال الفنية المستوحاة من روح الشهر الكريم، والتي عكست التنوع الثقافي والديني، وأبرزت عمق الترابط الإنساني الذي يجمع المصريين عبر العصور.

ويشكل الملتقى حدثًا فنيًا وثقافيًا مميزًا خلال شهر رمضان، حيث يجمع بين الأجواء الروحانية والأداء الإبداعي في مزيج يعكس القيم الدينية والتراثية للمجتمع المصري. كما يتيح الفرصة للطلاب لإبراز مواهبهم في مجال الإنشاد الديني والترانيم ضمن إطار فني راقٍ، يعزز مفاهيم التسامح والتعايش المشترك. ويأتي الملتقى ليؤكد على دور الفنون في مد جسور التواصل بين مختلف الثقافات، مقدمًا نموذجًا للإبداع الذي يجمع بين الأصالة والتجديد، ويثري المشهد الفني بمواهب شابة قادرة على التعبير عن هويتها بأساليب فنية متميزة.

مقالات مشابهة

  • «رمضان يجمعنا».. ملتقى الإنشاد الديني والترانيم يتألق بروح الإبداع والتسامح
  • عضو المركز العالمي للفتوى الإلكترونية: الرزق ليس مجرد مال بل هبة من الله
  • حكم اصطحاب الأطفال إلى المساجد في رمضان.. الأزهر العالمي للفتوى يجيب
  • مفتي الجمهورية يلقي درس التراويح بالجامع الأزهر حول غزوة بدر الكبرى
  • مفتي الجمهورية يلقي درس التراويح في الجامع الأزهر حول غزوة بدر الكبرى
  • مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية: غزوةُ بدر الكُبرى هي نَصرُ الفُرقان الخالد
  • خدم السنة النبوية.. الأزهر الشريف ينعي أبو إسحاق الحويني
  • خدم السنة النبوية بجهده ووقته.. الأزهر ينعى الشيخ أبو إسحاق الحويني
  • أمين البحوث الإسلامية : القضاء العادل والفكر الوسطي جناحان لاستقرار المجتمع وأمنه
  • البحوث الإسلامية: القضاء العادل والفكر الوسطي أساس استقرار المجتمع