«الإصلاح الاقتصادي».. كلمة السر في امتصاص الصدمات العالمية
تاريخ النشر: 29th, May 2024 GMT
البرنامج أسهم فى تحقيق نتائج إيجابية منذ عام 2016 بزيادة معدلات النمو والاستثمارات.. ومضاعفة نسب التشغيل وتراجع معدلات البطالة
نفّذت الحكومة منذ عام 2016 برنامجاً طموحاً للإصلاح الاقتصادى تضمّن إصلاحات مالية ونقدية تهدف إلى تحقيق معدلات نمو متسارعة ومستدامة، وتحقيق التنمية الشاملة لمصر، كما وضع البرنامج حلولاً جذرية لمشكلات اقتصادية هيكلية امتدت لسنوات طويلة، ويأتى تنفيذ محاور البرنامج فى إطار رؤية مصر 2030، التى تعكس الخطة الاستراتيجية طويلة المدى للدولة لتحقيق مبادئ وأهداف التنمية المستدامة فى كل المجالات، وتوطينها بأجهزة الدولة المختلفة.
وأسهم برنامج الإصلاح الاقتصادى فى تحقيق نتائج إيجابية تمثّلت فى زيادة معدلات النمو الاقتصادى، وزيادة الاستثمارات المحلية والأجنبية، وزيادة نِسب التشغيل، وتراجع معدلات البطالة والتضخُّم. كما أسهم تنفيذ محاور هذا البرنامج فى تعزيز قدرة الاقتصاد المصرى على مواجهة التداعيات السلبية لأزمة انتشار فيروس كورونا وأزمة الحرب الروسية - الأوكرانية، إذ نجحت الإجراءات الاحتوائية، التى اتخذتها الحكومة، وإدارتها الرشيدة لهذه الأزمات، والتنفيذ المتقن للبرنامج الإصلاحى فى الحد من الآثار السلبية لها.
ونفّذت الحكومة المرحلة الأولى من برنامج الإصلاح الاقتصادى خلال الفترة من عام 2016 حتى أبريل 2021، وقد تضمّنت هذه المرحلة إجراء إصلاحات مالية ونقدية تهدف إلى تحقيق معدلات نمو متسارعة ومستدامة، وتحقيق التنمية الشاملة لمصر، حيث وضع هذا البرنامج حلولاً جذرية لمشكلات اقتصادية هيكلية كان يعانى منها الاقتصاد المصرى لفترات طويلة.
فيما أطلقت مصر المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادى التى تختص بالإصلاحات الهيكلية فى أبريل 2021، وتمتد على مدى ثلاث سنوات بعد أن أكملت المرحلة الأولى التى استهدفت معالجة اختلالات السياسات النقدية والمالية، ويستهدف البرنامج للمرة الأولى القطاع الحقيقى بإصلاحات هيكلية جذرية وهادفة، وسوف تسهم تلك الإصلاحات فى زيادة مرونة الاقتصاد المصرى، ورفع قدرته على امتصاص الصدمات الخارجية والداخلية، وتحويل مسار الاقتصاد المصرى إلى اقتصاد إنتاجى يتمتّع بمزايا تنافسية، مما يدعم قدرته على تحقيق النمو المتوازن والمستدام.
وقال الدكتور محمد معيط، وزير المالية، إن المسار الجديد للاقتصاد المصرى الذى يرتكز على إصلاحات هيكلية داعمة لمسيرة التعافى من خلال الدفع بالقطاع الخاص ليقود قاطرة النمو والاستقرار والتطور الاقتصادى، مع جذب المزيد من التدفّقات الاستثمارية المحلية والأجنبية، بدأ يؤتى ثماره فى الأداء المالى لعام 2023 - 2024 خلال التسعة أشهر الماضية، حيث فاقت نتائج الأداء المالى فى الفترة من يوليو إلى مارس 2024، التقديرات والمستهدفات الموازنية رغم قسوة آثار الأزمات الاقتصادية العالمية، إذ تتم إدارة المالية العامة للدولة وسط هذه التحديات الضخمة بسبب تباطؤ النشاط الاقتصادى والتوترات الجيوسياسية الإقليمية والدولية، على نحو انعكس فى تحقيق مؤشرات إيجابية، تُترجم الجهود المبذولة لإرساء دعائم الانضباط المالى.
وأضاف الوزير، فى تقرير لوزارة المالية، أن مشروع تطوير مدينة رأس الحكمة يؤكد قدرة الاقتصاد المصرى على جذب المزيد من التدفّقات الاستثمارية، أخذاً فى الاعتبار الاستثمارات الضخمة فى تطوير البنية التحتية وتهيئتها لاستيعاب المزيد من الأنشطة الإنتاجية بمختلف مكونات الاقتصاد القومى، خاصة الزراعة والصناعة، جنباً إلى جنب مع ما تبذله الدولة من جهود لتمكين القطاع الخاص، وإفساح المجال بشكل أكبر للقطاعات ذات الأولوية والتنافسية الإقليمية والدولية، دفعاً لمعدلات تحفيز الصادرات، لافتاً إلى أن مصر بموقعها الجغرافى المتميز، تُعد وِجهة استثمارية جاذبة، وقد بدأت تستعيد مكانتها العالمية فى هذا الشأن بفُرص متنوعة يتيحها الاقتصاد المصرى، ذات الإمكانيات والقدرات المحفّزة للاستثمارات التنموية.
من جانبها، قالت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، إن البرنامج الوطنى للإصلاحات الهيكلية يُعد أول برنامج يستهدف القطاع الحقيقى للاقتصاد، ويعمل على تطوير الهيكل الإنتاجى، كما يهدف بشكل رئيسى إلى تعزيز دور القطاع الخاص ورفع كفاءة سوق العمل، تم إعداده من خلال الحوار مع القطاع الخاص، ويتم تنفيذه بالتعاون والشراكة مع القطاع الخاص، ويستهدف البرنامج القطاع الحقيقى بإصلاحات هيكلية جذرية وهادفة تُركز على الاقتصاد الحقيقى، بما يُسهم فى زيادة مرونة الاقتصاد المصرى، ورفع قدرته على امتصاص الصدمات الخارجية والداخلية، وتحويل مسار الاقتصاد المصرى إلى اقتصاد إنتاجى يتمتّع بمزايا تنافسية؛ مما يدعم قدرة الاقتصاد على تحقيق النمو المتوازن والمستدام.
وأشارت وزيرة التخطيط، فى تقرير صادر عن الوزارة، إلى أن رؤية مصر 2030 ونسختها المحدّثة تعتمد على الهدف الرئيسى الرابع، الذى يسعى لتطوير اقتصاد مصر نحو مجتمع معرفى متنوع يقوم على بيئة عمل ملائمة ومشجّعة، مؤكدة دور القطاع الخاص باعتباره عنصراً أساسياً فى هذا السياق، بوصفه المحرك الرئيسى للتنمية المستدامة، كما يمثل مصدراً رئيسياً للتوظيف فى بلادنا.
وأضافت «السعيد» أن خطة الإصلاح الهيكلى، التى جرى إطلاقها بنهاية عام 2021، تمثل جهوداً جادة لتعزيز دور القطاع الخاص كعنصر رئيسى فى بناء مستقبل مصر، إذ تتألف تلك الخطة من أربعة جوانب رئيسية، منها ما يُركز على تعزيز دور القطاع الخاص، متابعة أنه فى ظل الواقع الديموغرافى فى مصر، الذى يتميز بوجود نسبة عالية من الشباب تقترب من 70% من السكان تحت سن الأربعين، يصبح من الضرورى تحديث سوق العمل، لتلبية متطلبات الاقتصاد الحديث.
وأوضحت «السعيد» أن حصة القطاع الخاص فى الاستثمار خلال العام المالى الحالى بلغت 40%، ومستهدف أن تصل إلى 50% خلال العام المالى المقبل، مشيرة إلى زيادة حصة القطاع الخاص فى الناتج المحلى الإجمالى خلال العام الحالى، لتصل إلى 71%، كما تبلغ حصة القطاع الخاص فى التوظيف خلال العام الحالى 80%.
وحول الإصلاحات التى تم تنفيذها، أشارت «السعيد» إلى أن مصر شهدت جهوداً مستمرة على مدى مرحلتين متميزتين، تمثلت الأولى منهما، التى بدأت فى عام 2016، فى سلسلة من التدخّلات على الجبهة المالية والنقدية، بالإضافة إلى الاستثمارات الاستراتيجية فى البنية التحتية، فى حين شهدت المرحلة الثانية تركيزاً أكبر على تعزيز الاقتصاد الحقيقى، وتعزيز دور القطاع الخاص.
ولفتت «السعيد» إلى الزيادة الواضحة فى حصة القطاع الخاص من الاستثمار والناتج المحلى الإجمالى، كأحد الإنجازات الملحوظة بالإضافة إلى دوره المتنامى فى توفير فرص العمل، متابعة أنه لتعزيز ديناميكية القطاع الخاص بشكل أكبر، قامت الدولة بتنفيذ مجموعة من التدابير التى تتنوع من تبسيط الإجراءات فى قوانين الاستثمار إلى صياغة سياسة وثيقة ملكية الدولة.
وأشارت الوزيرة إلى الاستثمار الكبير فى البنية التحتية لجعل الاقتصاد أكثر مرونة وقدرة على التكيّف مع التحديات الخارجية، من خلال بناء 58 ميناءً، منها 18 ميناءً تجارياً، وربط هذا الشبكة المينائية بالسكك الحديدية والطرق الرئيسية، مضيفة أن الهدف هو ربط البحر باليابسة، من خلال 18 ميناءً على سواحل البحر الأحمر والبحر المتوسط لتعزيز التجارة والصادرات، موضحة أن مصر تركز على قطاعات الاقتصاد الأساسية، مثل التصنيع والزراعة وتكنولوجيا المعلومات، لجعل الاقتصاد أكثر مرونة، كما أن معظم سكان مصر شباب وتحت سن الأربعين «لذا العمالة الشابة ذات أهمية كبيرة لدينا»
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: صندوق النقد البنك الدولي اقتصاد مصر تعزیز دور القطاع الخاص حصة القطاع الخاص الاقتصاد المصرى برنامج الإصلاح من خلال عام 2016
إقرأ أيضاً:
دراسة بحثية: قطاع السياحة أحد أهم موارد النقد الأجنبي وزيادة معدلات النمو الاقتصادي لمصر
إذا أردت أن تنهض بأي قطاع أو أي عمل مؤسسي، استعن في ذلك بالعلم والدراسات المتخصصة القائمة على الرصد والتحليل وصياغة الحلول القابلة للتطبيق. هذا الفكر وهذه المنهجية هي ما أؤمن به للنهوض بأي عمل كبير على كافة المستويات، بما فيها الاقتصاد.
في دراسة بحثية متميزة بعنوان "انعكاسات قطاع السياحة على الاقتصاد القومي من منظور إسلامي" للباحث الشاب هاني نصر عبد المعبود سالم، تم رصد في ثلاث فصول واقع السياحة ودورها البارز في النشاط الاقتصادي وزيادة معدلات النمو.
تناول الباحث في الفصل الأول المفاهيم الأساسية المتعلقة بقطاع السياحة، وخصائص القطاع وعوامل الجذب فيه على مستوى مصر. وفي الفصل الثاني، تناول أثر القطاع السياحي على الاقتصاد الوطني، والآثار الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة، وكذلك الآثار الاجتماعية للسياحة ودورها في الاستدامة التنموية ومعالجة القضايا المجتمعية.
ورصد وحلل الباحث هاني نصر في الفصل الثالث من بحثه القيم السياحة من منظور الاقتصاد الإسلامي، وتأثير الاستثمار في القطاع السياحي على الاقتصاد الوطني، ودور المؤسسات والمجتمع المدني في تطوير القطاع السياحي بهدف تحقيق أكبر العوائد الاقتصادية منه. استند الباحث في رصد وتحليل كل ما سبق إلى أحدث التقارير الصادرة عن منظمة السياحة العالمية، وكذلك تقارير البنك المركزي المصري، والعديد من المؤلفات والدوريات العلمية ذات الصلة لكبار العلماء وأساتذة الاقتصاد.
في الفصل الثاني من البحث، تناول الباحث بشكل عام مساهمة القطاع السياحي في التنمية الاقتصادية وحجم الانعكاسات الاقتصادية الناتجة عن القطاع السياحي، وكيف أصبح أداة ضخمة ضمن الاقتصادات الوطنية في الدول بشكل عام وفي مصر بشكل خاص.
وأكد البحث أن قطاع السياحة يحتل مرتبة متقدمة بين القطاعات التي تؤثر بصورة مباشرة في الاقتصاد القومي والناتج المحلي. حيث بلغت نسبة مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي العالمي حوالي 10.3% في عام 2019، تمثل نحو 8.9 تريليون دولار أمريكي، مقارنة بنحو 8.8 تريليون دولار أمريكي. كما سجل قطاع السفر والسياحة نمواً بنسبة 3.5% في عام 2019، متجاوزاً معدل نمو الاقتصاد العالمي للعام التاسع على التوالي. ومن المتوقع ارتفاع مساهمة قطاع السياحة ليصل إلى حوالي 11.5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في عام 2029، أي ما يعادل حوالي 13.85 تريليون دولار أمريكي. وتمثل نصيب كل من الولايات المتحدة، والصين، واليابان، وألمانيا، والمملكة المتحدة نحو 47% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي لقطاع السفر والسياحة.
كما أكد البحث أن القطاع الخاص هو المساهم بشكل رئيسي في تكوين الناتج المحلي. وخلال العقود القليلة الماضية، صار التزايد القوي والمستدام للنشاط السياحي يمثل أحد أهم الظواهر الاقتصادية، بل أصبح يحتل مكانًا بارزًا في العديد من استراتيجيات التنمية في الدول ذات المقدرات السياحية.
وتناول البحث في الفصل الثاني مدى مساهمة قطاع السياحة في توفير النقد الأجنبي والعملات الصعبة، مؤكدًا أن قطاع السياحة كان له نصيب كبير في ارتفاع احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية في السنوات الأخيرة. ورغم تضرر القطاع، مثل غيره من القطاعات الأخرى حول العالم جراء تداعيات جائحة كورونا، إلا أنه يعد من بين أهم مدخلات النقد الأجنبي للاقتصاد القومي، بنسبة تصل إلى نحو 13%. وفقًا للبيانات الرسمية، يحتل قطاع السياحة في مصر ثالث أكبر مصدر للدخل الأجنبي للبلاد بعد الصادرات وتحويلات المصريين العاملين بالخارج.
كما تناول البحث في الفصل الثاني أيضًا مدى مساهمة السياحة في النمو الاقتصادي، مؤكدًا أن هذا القطاع يحتل ترتيبًا متقدمًا بين الأنشطة الاقتصادية من حيث المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي للدولة. حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي لقطاع السياحة خلال عام 2021/2022 إلى نحو 91.4 مليار جنيه، بنسبة نمو 31.5% عن العام السابق.
وأستند الباحث في أسانيده في هذا الصدد إلى ما ورد في الكتاب الإحصائي السنوي الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لإيضاح مدى تأثير النشاط السياحي في الناتج المحلي وتوفير فرص العمل وتعزيز الثقافة والمنتجات المحلية.
ونوه البحث إلى أن تقرير البنك المركزي المصري كشف عن ارتفاع فائض الميزان الخدمي والمتحصلات الخدمية خلال النصف الأول من العام المالي 2021-2022، بنحو 4.8 مليار دولار، ليسجل نحو 7.9 مليار دولار، مدفوعًا بزيادة الإيرادات السياحية التي تمكنت من تحقيق زيادة قدرها 5.1 مليار دولار.
كما تناول البحث تأثير السياحة على ميزان المدفوعات، حيث أكد أن حركة السياحة تؤثر بشكل كبير على ميزان المدفوعات من خلال الإيرادات السياحية التي تحصل عليها الدولة المضيفة، بالإضافة إلى تأثير حركة السياحة على جانب المدفوعات من خلال تحويلات المواطنين إلى الخارج بغرض السياحة.
وأضاف البحث أن نشاط القطاع السياحي يؤثر بصورة مباشرة في ميزان المدفوعات، كما جاء في تقرير أداء ميزان المدفوعات خلال النصف الأول من السنة المالية 2023/2024 الصادر عن البنك المركزي. وقد تضمن التقرير أن الفترة (يوليو/ديسمبر 2023) شهدت عجزًا كليًا في ميزان المدفوعات قدره 409.6 مليون دولار، إلا أن ارتفاع الإيرادات السياحية حد من ارتفاع عجز حساب المعاملات الجارية.
وبشأن دور السياحة في التنمية الاجتماعية، أوضح البحث أن قطاع السياحة يلعب دورًا كبيرًا في عدة جوانب خاصة بالتنمية الاجتماعية، مثل تعزيز التراث الثقافي والمشاركة المجتمعية، وتوفير فرص العمل وحل مشكلة البطالة، وتحفيز الاقتصاد المحلي، وتحسين البنية التحتية، وتعزيز الصادرات من المنتجات المحلية.
كان البحث قد نوقش من قبل الأستاذ الدكتور سامي فتحي، رئيس قسم الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، والأستاذ الدكتور عبد الهادي فيصل، أستاذ الاقتصاد والمالية العامة بكلية الحقوق جامعة طنطا، والأستاذ الدكتور عثمان أحمد عثمان، رئيس قسم الاقتصاد بالمعهد العالي للدراسات الإسلامية. وقد نال البحث استحسان فريق المناقشة ومنح الباحث درجة الماجستير بتقدير امتياز.