لجريدة عمان:
2025-05-02@06:53:14 GMT

عن غياب دور المسرح في فلسطين

تاريخ النشر: 29th, May 2024 GMT

قالها مرة وزير التربية والتعليم السابق الدكتور صبري صيدم أثناء إعلان نتائج مسابقة مدرسية: "من لا يحب المسرح لا يمكن أن يحب فلسطين". ظلت هذه الجملة العميقة ترن في رأسي كلما تأملت غياب دور المسرح في فلسطين. بلا شك لدينا مسرحيون أكفاء، لديهم خبرات عالمية وفازوا بجوائز عربية، لكن للأسف الشديد ليس هناك فرق مسرحية منظمة مستقرة، تصنع الأساس لنهضة مسرحية.

غير مقتنع أنا بقصة أن الاحتلال بتنغيصه حياة الناس يعرقل وجود مسرح، بالطبع للاحتلال دور كبير في عرقلة حياتنا، لكنه لن يستطيع منع تكوين فرقة مسرحية تجوب البلاد كلها، شارحة هموم البلاد وهموم الإنسان الفلسطيني، حتى وإن منع بعضها واعتقل طاقمها. معظم التجارب المسرحية القوية في بلادنا موجودة في فلسطين الداخل 48، وهي تجارب عالمية بممثلين وكتاب مسرح وإمكانات في توفير ما يحتاجه المسرح من أسس مادية لينهض.

في الضفة الغربية مسرحنا ضعيف للغاية، وحين أقول ضعيف لا أقصد غياب الإمكانيات، بل غياب التأثير وصنع الفرق. أتابع بعض المسرحيات التي تنفذها بعض المؤسسات المسرحية فلا أجد ما يهز أو يصدم أو يخلخل ما بداخلنا، وهذه هي وظيفة المسرح، أن يكسر فينا جبل الجليد، ويكشف عوراتنا ويميط اللثام عن ملامح وجوهنا بلغة مختلفة وأساليب وتكنيكات جمالية مبدعة.

هناك ظاهرة مؤسفة في التجارب المسرحية الفلسطينية عموما، ليس هناك كتاب مسرحيون فلسطينيون يكتبون واقعنا وهواجسنا. معظم مسرحياتنا تعتمد على نصوص أجنبية يتم تعريبها وإسقاط أفكارها على واقع بلادنا، وهناك شبه إجماع على أن هذا هو أهم أسباب ضعف تأثير المسرح الفلسطيني. في القدس لدينا استثناءات واضحة، هناك تجربتان مسرحيتان مرموقتان، هما تجربة الفنانين حسام أبو عيشة وأحمد أبو سلعوم. حسام وأحمد فنانان مسرحيان مقدسيان، يكتبان نصوصهما القادمة من هم المواطن المقدسي والفلسطيني. آخر تجارب حسام والتي لا تزال تعرض حتى الآن في فلسطين والعالم العربي هي مسرحية "عرق النعنع" (مونودراما) تحكي عن ذكريات حسام مع رفاقه المعتقلين معه في السجن نفسه. نص المسرحية مكتوب بصدق شديد وبفكاهة عالية ممزوجة بمأساة مقيمة، تفاصيل الحياة الإنسانية والصراع الدائم مع إدارة السجن ومع فكرة السجن نفسه والإصرار على البقاء على قيد الحب والفخر والكرامة هو جوهر هذه المسرحية. كتب حسام هذه المسرحية الواقعية حد الجنون، متقمصا بموهبته الأدائية المذهلة شخصيات العشرات من رفاقه الذين شاركوه الفرشة النحيلة والليل الطويل.

فرحة المعتقلين كانت كبيرة وهم يراقبون عرق نعنع زرعوه في ساحة السجن، كان العرق ينمو كل يوم، وسكان هذا الجحيم يهللون لنموه وينمون معه. لكن عنجهية السجان تدخلت، وقصفت هذا النمو وهذه الفرحة، فقد جاء أحد السجانين وقال جملته المرعبة: "حتى عرق النعنع نظمتوه؟". ثم داس عليه وهشّمه.

تجربة حسام أبو عيشة من التجارب الفردية النادرة البعيدة عن الفرق والمؤسسات، التي تعطي بعض الأمل، وهناك تجارب فردية مهمة مثل تجربة الفنان المبدع كامل الباشا، وفنان قدير آخر ويعد أحد أهم مؤسسي مسرحنا هو الفنان الكبير عادل ترتير. لدينا أيضا فرقة الفن الشعبي برام الله بقيادة فنان شهير هو فتحي عبدالرحمن، قدمت هذه الفرقة العديد من المسرحيات المهمة على مدى عقود.

رغم وجود هذه الحالات المسرحية المضيئة لن نستطيع أن نتحدث عن نهضة مسرحية فلسطينية متينة متواصلة. ومع غياب وجود رابطة للمسرحيين، تتضاعف مأساة ضعف المسرح الفلسطيني وتشتت إنجازاته.

بقي أن نقول: إن الاحتلال يخاف من المسرح الفلسطيني، نعم يخاف، بالمعنى الحرفي. والكل يتذكر مداهمة السلطات الاحتلالية للعديد من المسرحيات ووقفها واعتقال مخرجها وممثليها. لكن هذا الاحتلال لن يستطيع منع تنظيم رابطة للمسرحيين، وعرض المسرحيات.

ثم ما فائدة المسرح إذن وما معناه إن لم يكن مزعجا للاحتلال؟

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی فلسطین

إقرأ أيضاً:

187 من أعضاء جمعية المسرح ينتخبون مجلس الإدارة للفترة 2025 – 2027

انتخب 187 مسرحيًا من أعضاء الجمعية العمومية للجمعية العمانية للمسرح، 9 من المترشحين لعضوية مجلس الإدارة للفترة القادمة "2025 – 2027"، وذلك خلال اجتماع الجمعية العمومية الذي عُقد مساء أمس في الكلية العسكرية التقنية بمسقط، بحضور 246 مسرحيًا - بالنظامين الحضوري والافتراضي - من أصل 259 عضوًا يحق لهم التصويت، ما يعني اكتمال النصاب القانوني لعقد الاجتماع بنسبة حضور 95 % صوت منهم 187 مسرحيا.

وأسفرت الانتخابات عن فوز عماد بن محسن الشنفري بعد حصوله على 173 صوتًا، والدكتور سعيد بن محمد السيابي بـ157 صوتًا، والدكتورة رحيمة بنت مبارك الجابرية بـ153 صوتًا، كما فاز طاهر بن طالب الحراصي بـ146 صوتًا، وتلاه ماجد بن مسعود العوفي بـ136 صوتًا، وهو عدد الأصوات ذاته الذي حصل عليه خالد بن ناصر الضوياني. وحل سابعًا أحمد بن عوض الرواس بـ134 صوتًا، ثم جلال بن عبدالكريم اللواتي بـ133 صوتًا، وعبدالعزيز بن سيف الحبسي بـ132 صوتًا.

وبذلك، سيشكل الأعضاء التسعة مجلس إدارة الجمعية العمانية للمسرح خلال الفترة القادمة، علماً بأن عدد المترشحين لعضوية مجلس الإدارة بلغ 32 مسرحيًا.

وقد سبق عملية الانتخابات كلمة ألقاها رئيس مجلس الإدارة السابق عماد بن محسن الشنفري، أشار فيها إلى ما أنجزته الجمعية خلال الفترة الماضية التي امتدت لعامين، واصفًا تلك المرحلة بـ"مرحلة التأسيس" عقب إشهار الجمعية وفصلها عن الجمعية العمانية للسينما. ومن بين ما أشار إليه حصول الجمعية على مقر رسمي، إضافة إلى الدعم السنوي الحكومي، وغيرها من الإنجازات، فضلاً عن المبادرات الكثيرة التي تم تنفيذها خلال تلك الفترة، ومنها برامج الدعم للمسرحيين والفرق المسرحية، ودعم المهرجانات المحلية والدولية التي أُقيمت في سلطنة عمان.

كما تم خلال الاجتماع استعراض التقريرين الإداري والمالي؛ حيث قدم عبدالعزيز الحبسي، عضو مجلس الإدارة السابق، التقرير الإداري، متضمنًا إحصائيات دقيقة بعدد الأنشطة والمبادرات التي نظمتها الجمعية. فيما قدم سعود الخنجري، عضو المجلس السابق وأمين الصندوق، التقرير المالي، موضحًا بالأرقام تفاصيل المصروفات والإيرادات، إذ بلغت المصروفات نحو 130 ألف ريال عماني، بينما تمثلت الإيرادات في الدعم السنوي الحكومي البالغ 100 ألف ريال، إضافة إلى نحو 3600 ريال من رسوم تجديد العضويات والانتساب، واختُتم التقرير بالإشارة إلى أن الرصيد المتوفر حاليًا في خزينة الجمعية يبلغ 183 ألف ريال عماني.

بعد ذلك، فُتح باب النقاش، ثم وجّه رئيس الجلسة، المحامي الدكتور أحمد الجهوري، مجلس الإدارة السابق بتقديم استقالته تمهيدًا لبدء عملية التصويت، التي أُجريت عبر برنامج إلكتروني شمل المشاركين حضورياً وافتراضياً.

مقالات مشابهة

  • بريطانيا تحقق في تصريحات فرقة "راب" ايرلندية حيّت حماس وحزب الله على المسرح
  • محمد رياض رئيسا للدورة الثامنة عشرة للمهرجان القومي للمسرح المصري
  • محمد رياض رئيسًا للدورة الثامنة عشرة للمهرجان القومي للمسرح المصري
  • أحمد حلمي يعتذر عن واقعة الملحن مصطفى جاد خلال عرض مسرحية “بني آدم”
  • مسرحية الربابة تبهر الجمهور والنقاد على مسرح ساقية الصاوي
  • المسرح الجامعي .. مواهب شبابية متفجّرة
  • 187 من أعضاء جمعية المسرح ينتخبون مجلس الإدارة للفترة 2025 – 2027
  • عرض "بائع الكتب المزورة" في مهرجان نوادي المسرح بالقناطر
  • العبث واللامعقول في حرب السودان.. المسرح يمرض لكنه لا يموت
  • في ذكرى ميلاده.. زكي طليمات رائد النهضة المسرحية في العالم العربي