تزايدت حدة التوترات بين مصر وإسرائيل، خلال الأيام القليلة الماضية، حيث يعتقد مراقبون أن العلاقات وصلت أدنى مستوياتها وتقترب من "حافة الهاوية"، وذلك للمرة الأولى منذ توقيع البلدين لمعاهدة السلام قبل نحو 45 عاما.

وأدى مقتل جندي مصري، في تبادل لإطلاق النار مع الجيش الإسرائيلي قرب معبر رفح، هذا الأسبوع، إلى تفاقم التوترات، بعد أن كانت العلاقات قد دخلت في وقت سابق من الشهر الجاري، مرحلة مضطربة مع إعلان إسرائيل بدء عملية عسكرية في مدينة رفح المتاخمة للحدود المصرية، وسيطرة الجيش الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من معبر رفح.

وتندد القاهرة منذ أكثر من أسبوعين، بالخطوة الإسرائيلية بالقرب من حدودها مع غزة. كما جاء على لسان مسؤولين ووسائل إعلام مصرية تحذيرات بشأن تأثير ذلك على معاهدة السلام الموقعة بين البلدين.

ويؤكد المراقبون والخبراء خلال حديثهم مع موقع "الحرة" أو في تحليلاتهم المنشورة، على أن "العلاقات بين مصر وإسرائيل، وصلت إلى أدنى مستوى لها"، لكنهما رغم ذلك "لن يسمحا بانهيار معاهدة السلام".

"العلاقات إلى الحضيض"

يعتبر مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شينكر، أن "حرب غزة أدت إلى تآكل العلاقات المصرية-الإسرائيلية".

ويقول شينكر في تحليل نشره معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، الثلاثاء: "بعد تبادل إطلاق النار، ورغم إن مثل هذه الحوادث ليست غير مسبوقة، فإن المناوشات تشير إلى تحول كبير؛ فبعد سنوات من الدفء في العلاقات، أدت حرب غزة إلى عودة العلاقات المصرية الإسرائيلية إلى الحضيض".

ويؤكد هذا أيضا، المحلل السياسي والأكاديمي المصري، طارق فهمي، والذي يقول لموقع "الحرة" إن "العلاقات متوترة، وستظل كذلك بصرف النظر عن التطورات الأخيرة التي أسفرت عن مقتل جندي مصري".

ويضيف: "التوترات في الأساس ناتجة عن إصرار إسرائيل على التواجد في معبر رفح من جانب غزة، ورفضها تسليمه إلى أطرف دولية أو حتى السلطة الفلسطينية".

"سيناريوهات للرد المصري".. هل سيطر الجيش الإسرائيلي على "نصف محور فيلادلفيا"؟ يعد محور فيلادلفيا "منطقة عازلة"، ويخضع لاتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، ولكن بعد أسبوعين من العملية العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح على الحدود المصرية، سيطر الجيش الإسرائيلي على "نصف المحور" بحسب تأكيداته لموقع "الحرة"، ما أثار التساؤلات حول أسباب وتداعيات تلك الخطوة.

في المقابل، يقول المحلل السياسي الإسرائيلي، مردخاي كيدار، إن "التوتر بين البلدين، يرجع إلى رفض القاهرة القيام بدور فعال في منع تهريب الأسلحة والسيطرة على الحدود".

ويضيف في اتصال هاتفي مع موقع "الحرة": "كان يجب على مصر أن تتحمل المسؤولية مع إسرائيل في الحرب على الإرهاب بقطاع غزة، والعمل على منع وصول الأسلحة إلى مسلحي حماس".

بدورها، تُحذر الزميلة غير المقيمة في مبادرة "سكوكروفت" لأمن الشرق الأوسط التابعة للمجلس الأطلسي، شهيرة أمين، من أن "غزو رفح قد يقتل السلام بين إسرائيل ومصر".

وتقول أمين في تحليل نشره المجلس الأطلسي يوم 21 مايو الجاري، إن "استيلاء إسرائيل على جانب غزة من معبر رفح، هو السبب الرئيس وراء فتور العلاقات بين مصر وإسرائيل. لأن القاهرة تعتبر ذلك انتهاكا لمعاهدة السلام، وعلى وجه الخصوص، انتهاكا لاتفاق فيلادلفيا لعام 2005 الذي سمح لمصر بنشر 750 من حرس الحدود على طول الحدود مع غزة".

والأربعاء، أعلن مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هنغبي، أن الجيش الإسرائيلي بات "يسيطر على 75 بالمئة" من محور فيلادلفيا، وهو منطقة عازلة بين غزة ومصر.

وقال المسؤول في تصريحات لهيئة البث العامة الإسرائيلية (كان): "داخل غزة، يسيطر جيش الدفاع الإسرائيلي الآن على 75 بالمئة من محور فيلادلفيا، وأعتقد أنه سيسيطر عليه كله بمرور الوقت. ويجب علينا، بالتعاون مع المصريين، ضمان منع تهريب الأسلحة".

ويدافع كيدار، عن الخطوات التي اتخذتها بلاده في مدينة رفح مؤخرا وأثارت استياء القاهرة، بما في ذلك السيطرة على المنطقة العازلة، إذ يقول إن سيطرة إسرائيل "على محور فيلادلفيا ومعبر رفح، يأتي في إطار الدفاع عن النفس في مواجهة الإرهاب الذي يُشكل تهديدا على المواطنين، خصوصا مع استمرار تدفق الأسلحة عبر الحدود بين مصر وغزة".

ويضيف كيدار خلال حديثه أن "السلطات المصرية غضت الطرف عن عمليات تهريب الأسلحة التي تقوم بها العشائر في سيناء منذ سنوات لمصلحة مسلحي حماس الإرهابية، وهو ما قد يكون ناتجا عن مصالح شخصية ومالية لبعض المسؤولين عن صناعة التهريب".

ويتابع: "لهذا لم يكن أمام إسرائيل سوى السيطرة على هذه المنطقة من أجل مواصلة القضاء على الإرهاب. وكان من الأفضل على مصر أن تتعاون مع إسرائيل الصديقة".

ولطالما نفت مصر خلال الأشهر القليلة الماضية، وجود أنفاق تربط أراضيها بقطاع غزة وتستخدم لتهريب الأسلحة، حيث يقول المسؤولون إن القاهرة اتخذت خلال السنوات الماضية، خطوات واسعة للقضاء على الأنفاق بشكل نهائي، بعد أن "عانت كثيرا خلال العملية العسكرية ضد المجموعات الإرهابية في سيناء".

ويؤكد ذلك، المحلل السياسي المصري، فادي عيد، والذي يقول لموقع "الحرة" إن إسرائيل "اعتادت الإخلال بالاتفاقات"، وإن بلاده "هي الطرف الوحيد الحريص حتى اللحظة على بقاء العلاقات حتى بعد احتلال محور فيلادلفيا والجانب الفلسطيني من معبر رفح".

ويضيف عيد: "إذا كان هناك أحد مستمر في هذه العلاقة فإنها مصر".

الجيش الإسرائيلي: مصر دولة مهمة بالنسبة لنا قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، إن مصر دولة مهمة لإسرائيل ونعمل على ألا تتسبب عمليتنا "المعقدة" في رفح إلى دفع المدنيين إلى التوجه نحو حدودها، وذلك في وقت تتوتر فيه العلاقات بين البلدين منذ بدء العملية العسكرية في رفح وسيطرة إسرائيل على المعبر الحدودي بين غزة ومصر. "الأيام الخوالي"

بعد أن خاضت مصر حروبا ضد إسرائيل في أعوام 1948 و1956 و1967 و1973 أصبحت أول دولة عربية توقع معاهدة سلام وتقيم علاقات معها في عام 1979.

وأثمرت المعاهدة عن ما يوصف عادة بأنه "سلام بارد"، ظلت بموجبه العلاقات الاقتصادية والثقافية والشعبية محدودة ويشوبها انعدام الثقة، وفق وكالة رويترز.

ومع ذلك، كان التعاون كبيرا في مجال الطاقة والأمن، وزاد في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث بدأت القاهرة في استيراد الغاز الإسرائيلي عام 2020، كما استضافت القاهرة منتدى غاز شرق البحر الأبيض المتوسط الذي تشارك إسرائيل في عضويته.

ويؤكد على هذا "التعاون الوثيق" خلال العقد الماضي، مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق لشؤون الشرق الأدنى، والذي وصفه في تحليله بـ"الأيام الخوالي"، حيث يشير شينكر إلى "التعاون الأمني بين البلدين منذ عام 2013، مع تعديل الملحق الأمني لمعاهدة السلام، لنشر المزيد من القوات المصرية إلى شبه جزيرة سيناء لمحاربة (التمرد الجهادي)، وموافقة إسرائيل على أكثر من ذلك من خلال تقديم دعم جوي واستخباراتي ساعد على احتواء التهديد ودحره في نهاية المطاف".

وكتب شينكر: "من خلال تقديم هذه المساعدة الاستراتيجية وقبول ما يقرب من 66 ألف جندي مصري في سيناء -وهو ثلاثة أضعاف العدد المسموح به في المعاهدة- غيرت إسرائيل ديناميكية العلاقة الثنائية. كما تعززت العلاقات أيضا بفضل مساعدة القاهرة الظاهرية في (حصار) غزة في أعقاب استيلاء حماس الدموي على القطاع عام 2007، وهو الترتيب الذي دفع الجماعة إلى اتهام القاهرة بالتعاون فيما يسمى (الحصار الإسرائيلي)".

ويشير إلى ذلك أيضا، المسؤول السابق في وزارة الخارجية المصرية، هشام يوسف، والذي كتب في تحليل نشره معهد الولايات المتحدة للسلام، قبل 4 أشهر إنه "باستثناء بعض الصدامات الدبلوماسية القليلة على مر السنين، والتي تتعلق معظمها بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، نجحت مصر وإسرائيل في الحفاظ على علاقات بناءة منذ توقيع معاهدة السلام بينهما".

ويضيف يوسف: " ينظر كلا البلدين إلى العلاقات باعتبارها حاسمة بالنسبة لمصالح كل منهما، ويسعيان إلى الحفاظ عليها وتعزيزها. حتى في الوقت الذي تُشكل فيه ممارسات إسرائيل المستمرة تجاه الفلسطينيين تحديا".

حماية العلاقات؟

تعد معاهدة السلام بمثابة حجر زاوية في السياسة الخارجية بالنسبة لمصر منذ عشرات السنين، فهي تجلب 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية سنويا من الولايات المتحدة.

على الجانب الآخر، تهدف إسرائيل إلى إقامة علاقات مع العالم العربي بدلا من تقلص العلاقات القائمة بالفعل.

كما تُعتبر العلاقة الإسرائيلية-المصرية "أحد أعمدة الأمن الإقليمي"، حسب ما يقول أستاذ العلوم السياسية بالجامعة العبرية في القدس وعضو اللجنة المركزية لحزب العمل، مئير مصري، والذي يضيف لموقع "الحرة": "أغلب دول المنطقة تدرك ذلك جيدا".

ويؤكد مصري خلال حديثه على أن "البلدين قد ضحيا بالكثير من أجل الحفاظ على تلك العلاقة مستقرة على مدى ما يقارب النصف قرن، شهد خلاله الشرق الأوسط تقلبات وتحولات محورية".

و"التراجع عن الخيار الإستراتيجي للسلام لن يأتي لمصر ولإسرائيل على حد سواء إلا بالضرر الجسيم"، وفق مصري، والذي يرى أن ما يوصف بالسلام البارد "كان بين الشعوب. لكنه سلام ساخن بما فيه الكفاية بين المؤسسات العسكرية والأجهزة الأمنية".

بدوره، يؤكد فهمي على هذا الطرح، إذ يقول إن "هناك حرص مشترك بين مصر وإسرائيل على معالجة الأزمات من خلال لجنة الاتصال التي تقوم بهذا الدور بعيدا عن وسائل الإعلام والرأي العام والرسمي".

مصر "تهدد بتعليق" معاهدة السلام مع إسرائيل.. هل تستطيع ذلك؟ أفادت تقارير صحفية بأن مصر هددت بتعليق التزاماتها بموجب معاهدة السلام مع إسرائيل، ما طرح تساؤلات عما إذا كانت القاهرة قادرة على الإقدام على تلك الخطوة في ظل عملية إسرائيلية مرتقبة في مدينة رفح، في أقصى جنوب القطاع، على حدود غزة مع مصر

ومع ذلك، فإن هذه العلاقة تثير غضب الرأي العام في مصر، وفق الأكاديمي المصري، والذي يشير أيضا إلى أن بلاده في هذا السياق "لديها شروط ومتطلبات من أجل استمرار إقامة السلام والتهدئة، خصوصا فيما يتعلق بمدينة رفح الفلسطينية".

ويضيف فهمي: "لهذا أعتقد أن هناك مناقشات قد تدور في إسرائيل من أجل تعديل المعاهدة أو الاتفاقات اللاحقة مع مصر، وهذا أمر وارد من أجل الإبقاء على ثوابت هذه العلاقة، خصوصا في ظل حرص من الطرفين على عدم التصعيد، والدخول في أزمات كبرى".

لكنه عاد ليقول: "رغم كل ذلك، يظل رئيس الوزراء الإسرائيلي يبعث رسائل تنم عن سلوك مغاير قد يؤدي إلى المزيد من التوترات ويعرض معاهدة السلام للخطر".

بدورها كتبت أمين: "مع وصول العلاقات بين البلدين إلى حافة الهاوية، لدى القاهرة مجموعة من المطالب التي يمكن أن تساعد في نزع فتيل التوتر". وتشير الزميلة غير مقيمة في مبادرة "سكوكروفت" إلى "ضرورة الانسحاب من معبر رفح والسماح للفلسطينيين بإدارة المنطقة الحدودية، علاوة على ضرورة تنسيق إسرائيل مع مصر بشأن الخطوات التالية ومرحلة ما بعد الصراع".

ومنذ السابع من أكتوبر، يتعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، بالقضاء على حماس، حيث يقول إن هجوم رفح ضروري من أجل تحقيق ذلك. كما يرفض الحديث عن خطط اليوم التالي للحرب "دون تدمير آخر معقل للحركة".

أما مصر تشعر بالقلق إزاء الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة واحتمال أن يؤدي ذلك إلى نزوح جماعي فلسطيني إلى شبه جزيرة سيناء المصرية، وهي فكرة طرحها بعض الساسة الإسرائيليين وتعارضها الدول العربية بشدة.

ويستخدم مسؤولون مصريون ووسائل الإعلام المرتبطة بالدولة مفردات لاذعة بشكل متزايد في انتقاد الحملة العسكرية الإسرائيلية على غزة، حسب رويترز.

في المقابل، يؤكد أستاذ العلوم السياسية بالجامعة العبرية في القدس، على ضرورة "التمييز بين المواقف الاستعراضية التي اعتاد النظام المصري اللجوء إليها لاعتبارات داخلية معروفة، وواقع العلاقات الأمنية بين البلدين المحكومة بضوابط جامدة لا تخضع للمؤثرات السياسية والآنية".

ويضيف مصري: "إذا أرادت إسرائيل حماية علاقاتها مع مصر وبقية الدول العربية، فعليها أن تستمر في حربها على الإرهاب بلا هوادة ولا تردد، حتى سحق ما تبقى من حماس".

ويتابع: "فالعلاقة الإسرائيلية العربية مبنية على الشراكة الأمنية في المقام الأول، وبالتالي فعلى إسرائيل أن تثبت جدارتها ميدانيا، وقدرتها على فرض احترام سيادتها ومصالحها".

فيما يقول كيدار إن "السلطات المصرية معنية بالرد على سؤال: أين تتجه العلاقات بين البلدين في المستقبل".

ويضيف خلال حديثه: "مصر لا تريد التعاون مع إسرائيل بشكل مباشر، رغم التعاون السابق في شبه جزيرة سيناء من أجل القضاء على الإرهاب"، ويلفت إلى أن القاهرة "لا يمكنها الإمساك بالعصاء من المنتصف، ويجب أن تكون في صف صديقتها إسرائيل".

من جانبه، يشير المسؤول السابق في وزارة الخارجية المصرية، في تحليله إلى 6 معضلات تواجه مصر في ظل الصراع، من بينها العلاقة مع إسرائيل، والعلاقة أيضا مع الفلسطينيين، حيث كتب يوسف فيما يتعلق بالأخيرة: "شهدت العلاقات بين مصر وقيادات السلطة الفلسطينية وحماس والجهاد الإسلامي صعودا وهبوطا في السنوات الأخيرة. ولا يخفى على أحد أن مصر تفضل قيادة فلسطينية جديدة. ولكن في الوقت نفسه، لم تكن حريصة على إجراء الانتخابات خوفا من تكرار انتخابات عام 2006، عندما فازت حماس".

ويضيف يوسف: "كانت التوترات بين السلطة الفلسطينية والقاهرة شديدة، بدءا من شعور الرئيس الفلسطيني بأن مصر تفضل التعامل مع زعيم فلسطيني مختلف. هذا إلى جانب التوترات مع حماس والتي لم تتبدد تماما حتى الآن، حيث لا تزال مصر تشعر بقلق بالغ إزاء موجة متوقعة من التطرف الفلسطيني نتيجة للحرب".

ومع ذلك يقول الدبلوماسي المصري السابق، إن هناك تحديا واجه بلاده فيما يتعلق بعلاقاتها مع إسرائيل والفلسطينيين، بسبب رفض إسرائيل الالتزام بحل الدولتين، وتمسكها بضرورة القضاء على حماس، خصوصا أن "مصر تسعى إلى ممارسة دور بناء يعتمد على الحفاظ على مصداقيتها لدى الإسرائيليين والفلسطينيين على السواء".

ماذا يحدث لو ألغت مصر اتفاق السلام مع إسرائيل؟ لقد كانت مصافحة دافئة لكن غير متوقعة بين رجلي دولة، تحت أنظار الرئيس الأميركي جيمي كارتر. ماذا بعد؟

وتشارك مصر في المفاوضات بين إسرائيل وحماس بهدف الاتفاق على هدنة مرحلية وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة والسجناء الفلسطينيين الذين تحتجزهم إسرائيل.

وتعثرت المحادثات مع دخول إسرائيل إلى رفح. وهددت مصر بالانسحاب من الوساطة بعد أن نقلت شبكة "سي إن إن" الأميركية، عن مصادر لم يتم الكشف عنها أن المخابرات المصرية مسؤولة عن إفشال الاتفاق. وقالت مصادر مصرية في وقت لاحق إن مصر ما زالت ملتزمة بالمفاوضات.

كما نقلت قناة "القاهرة الإخبارية" المصرية المقربة من أجهزة الدولة، الثلاثاء، عن مسؤول كبير قوله، إن "وفدا أمنيا مصريا يحاول إعادة تفعيل اتفاق الهدنة وتبادل الأسرى بالتنسيق مع قطر والولايات المتحدة".

ومن مصلحة البلدين وفق رويترز، إبقاء القنوات مفتوحة في أثناء محاولتهما إدارة تداعيات الحرب في غزة فضلا عن الضغوط الداخلية والدولية.

كما سيكون البلدان أيضا محوريين في خطط ما بعد الحرب، وسيتعين عليهما التوصل إلى ترتيب لإدارة الأمن على امتداد الحدود، بما في ذلك معبر رفح والمنطقة العازلة التي تعرف باسم ممر فيلادلفيا.

لهذا، يستبعد أستاذ العلوم السياسية بالجامعة العبرية في القدس، أن تؤثر الحرب "على العلاقات الإسرائيلية-المصرية، ولا سيما في ظل التقارب الإسرائيلي الخليجي وتعاظم الخطر الإيراني في المنطقة".

ويضيف خلال حديثه لموقع "الحرة": "في نهاية المطاف، العلاقات بين الدول تحكمها مصالح استراتيجية ثابتة وبعيدة المدى وليست الأهواء والعواطف".

ويتفق مع ذلك مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق لشؤون الشرق الأدنى، والذي يقول في تحليله إن أي "حديث عن انهيار معاهدة السلام الذي مضى عليه خمسة وأربعون عاما هو حديث سابق لأوانه".

لكن، مع الضغوط الداخلية التي يتعرض إليها السيسي بالفعل "بسبب ضعف الاقتصاد وبيع مساحات شاسعة من الأراضي العامة لدول أجنبية"، فقد يرى الرئيس المصري، حسب شينكر، "في خفض العلاقات مع إسرائيل بمثابة صمام أمان مناسب لصرف الانتقادات".

ويتوقع ذلك حال استمرار تزايد حدة التوترات بين البلدين، الأكاديمي المصري، حيث يقول فهمي خلال حديثه إن "التصرفات الإسرائيلية قد تدفع القاهرة نحو تخفيض التمثيل الدبلوماسي أو سحب سفير".

بعد "تشكيك" في دورها.. مصر تهدد بالانسحاب من جهود الوساطة بين إسرائيل وحماس قال ضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية لقناة القاهرة الإخبارية، الأربعاء، إن "مواصلة محاولات التشكيك" في دور مصر "قد يدفع الجانب المصري لاتخاذ قرار بالانسحاب الكامل من الوساطة التي يقوم بها في الصراع الحالي"، وفقا لرويترز.

لكن شينكر عاد وكتب ختام تحليله: "في جميع الاحتمالات، سوف تظل معاهدة 1979 قائمة بعد حرب غزة بغض النظر عن هذه التطورات المثيرة للقلق. ويتعين على واشنطن أن تفعل ما في وسعها في هذه الأثناء للحد من الضرر الذي يلحق بالعلاقات المصرية الإسرائيلية ومنع التوترات من التصعيد أكثر".

ويتابع: "ربما الأهم من ذلك هو أنه ينبغي للإدارة الأميركية أن تحث القاهرة على توجيه إحباطاتها تجاه إسرائيل إلى دبلوماسية أكثر إنتاجية بدلا من تجميد المساعدات، والقضايا أمام المحاكم، والاتهامات العلنية. خصوصا أنه مع تعثر الوساطة القطرية الأخيرة، فإن مصر لديها فرصة فريدة بين الدول العربية للعب دور دبلوماسي بناء في التوصل إلى وقف إطلاق النار الذي طال انتظاره، وتحرير الرهائن، والمساعدة في تشكيل اليوم التالي".

فيما يقول فهمي: "رغم مساحة التوتر والتأزم القائمة بين البلدين، فإن السلام لا يزال مستمرا ومستقرا أيضا منذ 45 عاما".

ويختتم الأكاديمي المصري حديثه بالقول: "دائما حرصت مصر وإسرائيل على الحد من أي صدام مباشر، خصوصا مع انخراط الولايات المتحدة في هذا الأمر باعتبارها شريك السلام".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی بین مصر وإسرائیل محور فیلادلفیا الإسرائیلی على معاهدة السلام العلاقات بین الشرق الأدنى فی مدینة رفح إسرائیل على على الإرهاب بین البلدین من معبر رفح خلال حدیثه إسرائیل فی مع إسرائیل مع ذلک مع مصر من أجل بعد أن

إقرأ أيضاً:

سياسة الضعفاء: سوريا الجديدة وإسرائيل الاستعمارية القديمة

في تصريح استعماري نموذجي، قال بنيامين نتنياهو إن إسرائيل «لن تسمح بانتشار قوات هيئة تحرير الشام أو الجيش السوري الجديد جنوب دمشق» المنطقة التي تشمل محافظات درعا والسويداء والقنيطرة التي قال كذلك إنه يريدها أن تكون منزوعة السلاح. رئيس الوزراء الإسرائيلي أضاف إن إسرائيل لن تتسامح مع أي تهديد لمجتمع الدروز في جنوب سوريا».

الإدارة الجديدة تركت التعليق على هذه البلطجة للسيدة هدى الأتاسي، واحدة من سبعة أعضاء في اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني في سورية. فكان أن أدرج في البيان الختامي لمؤتمر الحوار الوطني السوري بند حول تصريح نتنياهو، لا هو مما يحتمله سياق البيان، ولا هو ينم عن تقدير خطورة مضمون ذلك التصريح. ولعل في ذلك ما يشير إلى قلة الحيلة، أكثر مما يشير إلى قلة الوسيلة، أو ببساطة إلى غفلة عن الواقع وسوء تقدير، أكثر مما يشير إلى الضعف العسكري السوري المعلوم.

الضعيف عسكرياً لا يمكن أن يكون قويا سياسياً، هذا مفهوم، وهو مفهوم أكثر إن كان كذلك ضعيفاً على كل مستوى آخر، تثقل كاهله تركة باهظة. لكن الضعيف يمكن أن يلجأ إلى سياسة الضعفاء التي تعمل على كسب الصراعات أو عدم خسارتها بالاستناد إلى وسائل القانون الدولي، ومحاولة كسب الرأي العام في الإقليم والعالم، و«القوة الناعمة» الفكرية والسياسية والأخلاقية، وقبل كل شيء بتحويل ملكية البلد من الحكم الأسدي إلى الضعفاء من عموم السوريين، على نحو يوسع قاعدة المسؤولية عن المصير الوطني. 

ليس المطلوب بحال تصريحات عنترية من الفريق الحاكم الجديد، ولا التهديد الطقسي بالرد في الزمان والمكان المناسبين، ولا «التكويع» نحو خطاب الممانعة الذي كان ذريعة مشرعة لتدمير البلد من قبل الحكم الأسدي وحماته. المطلوب والممكن بالأحرى التزام سياسية الضعفاء بصورة متسقة، على نحو يتوافق مع وضع سورية الفعلي، ويقطع مع سياسة قوة لا سند لها.

وأول أركان سياسية الضعفاء عدم الانجرار إلى مواجهة مسلحة، هي مما لا يحتاج الحكم الجديد في سورية إلى نصيحة بشأنها على كل حال. من الآن ولسنوات طويلة قادمة سورية لا تستطيع الدفاع عن نفسها عسكرياً في مواجهة أي جيران أقوياء. لا ينبغي التكتم على ذلك، فهو معلوم للجميع، الأعداء قبل الأصدقاء. ولكن الضعيف الذي لا يستطيع الدفاع عن نفسه، يستطيع إدانة الاعتداء عليه، وتسميته باسمه: عدوان غير مبرر وغير مسبوق باستفزاز. بل هو أسوأ: تلاعب استعماري ببنية المجتمع السوري من قِبَل قوة قومية إثنية ارتكبت للتو جريمة الجينوسايد في غزة.

في المقام الثاني محاولة الاستفادة مما يتيحه القانون الدولي والمؤسسات الدولية من حماية. القانون الدولي يعتبر مرتفعات الجولان أرضا سورية محتلة، ومن باب أولى التوسعات الإسرائيلية الأخيرة، وإن لم تُبلّغ الأمم المتحدة بشأنها فيما يبدو. يشعر المرء بالحرج والسخف وهو يدعو إلى تقديم شكوى موثقة إلى الأمم المتحدة حول اعتداءات إسرائيل على المجتمع السوري والتراب السوري منذ اليوم الأول لسقوط الحكم الأسدي، إذ أن ذلك لا يحتاج إلى نباهة خاصة، ولا يصعب القيام به. ربما يقال إن اللجوء للأمم المتحدة ليس بالشأن المهم، فهناك قرارات من الأمم المتحدة ومن مجلس الأمن حول فلسطين والصراع العربي الإسرائيلي، لم تجد سبيلها إلى التنفيذ.

هذا صحيح فقط إن كان ينتظر من الأمم أن تعيد لنا الحقوق وتردع المعتدي، لكنه خاطئ إن فهم اللجوء إلى الأمم المتحدة كمسعى رديف يلتمس حماية القانون الدولي لبلد ضعيف، خرج لتوه من حرب طويلة ولا يكاد يقف على رجليه. ومن المساعي الرديفة كذلك مخاطبة الجامعة العربية وربما دعوة مجلسها إلى اجتماع عاجل، وذلك التماساً للدعم الدبلوماسي والإعلامي من الدول العربية، وربما مساعدات اقتصادية هي بالغة الأهمية اليوم.
ما يريده نتنياهو هو دفع البلد نحو حرب أهلية دائمة وإبقاء سوريا منقسمة ضعيفة
أما المسعى الأكثر إلحاحاً فيتجه نحو الجنوب السوري، نحو ترتيب العلاقة مع المحافظات المعنية على أسس تضمن التمثيل العادل والشراكة الوطنية، واحترام الخصوصيات المحتملة. ليس مواطنو السويداء ودرعا والقنيطرة هم من يتعين أن يردوا على نتنياهو، بل الفريق الحاكم الحالي. وسيكون أمراً طيباً أن يبادر مواطنو الجنوب السوري إلى الاحتجاج على البلطجة الإسرائيلية، لكن يجب أن يكون ظهرهم مسنوداً من قبل شاغلي موقع السيادة في بلدهم. ما تقوم به إسرائيل هو اعتداء على السيادة السورية، ومن يشغل موقع السيادة هو الفريق الحاكم الجديد، وهو من يتعين عليه الرد.

ويبقى أن الأساس في سياسة الضعفاء هو أن يساعد الضعفاء أنفسهم، أن يعتنوا بتعافي مجتمعهم وتوفير بيئة أنسب لتطوره السياسي والاقتصادي والاجتماعي، والتعليمي، والحقوقي والأمني. في هذا الشأن يبدو مؤتمر الحوار الوطني الذي انتهى يوماه قبل نشر هذه المقالة بيومين بمثابة فرصة ضائعة، محاولة لتلفيق شرعية مؤسسية دون أدنى تفويض للسلطة إلى المشاركين في الحوار، أو حتى لجنة السبعة التي وقع عليها أن «تُلهْوِج» جلساته التمهيدية كيفما اتفق.

هنا تعجل غير مفهوم من قبل من يتكلمون على مرحلة انتقالية تدوم ثلاث سنوات أو أربع أو خمس. وهو في فوقيته وانعدام شفافيته نقيض سياسة الضعفاء التي يفترض أن تعمل على تقوية المجتمع السوري لا على تركه مبلبلاً في الظلام لا يعرف ماذا يجري. بنود البيان التي قرأتها السيدة الأتاسي تبدو مسبقة الإعداد ولا تتضمن تعهدات ملزمة، أقرب إلى تعبيرات من السلطة عن نياتها الحسنة منها إلى تعبيرات من ممثلي المجتمع عما يتطلعون إليه.

سورية الجديدة في حاجة إلى أن تظهر وعيها بوضعها وتطلب من العالم، من القريب والبعيد، المساعدة في التعافي. كان يمكن قول أشياء مهمة عما عاناه السوريون وعما عاشوه طوال 54 عاماً، كان يمكن إيراد عناصر أساسية في وصف الحال اليوم، من نصف مليون من الضحايا على الأقل، إلى سبع ملايين مهجر خارج البلد (نحو 30 في المئة من السوريين) إلى 113 ألفاً من مجهولي المصير… إلى ثلاث ساعات فقط من الكهرباء في اليوم في العاصمة، وطلب العون من العالم والحماية من القانون الدولي، بخاصة في وجه دولة شبيحة، وضعت نفسها في استمرار مع الحكم الأسدي، فاحتلت أراض سورية جديدة ودمرت مقدرات عسكرية سورية في اللحظة التي لم يعد بشار الأسد قادراً على فعل ذلك. لم يحدث للأسف.

ما يريده نتنياهو هو دفع البلد نحو حرب أهلية دائمة وإبقاء سوريا منقسمة ضعيفة. كان بشار الأسد جيداً لإسرائيل لأنه كان إداري حرب أهلية لا تنتهي، ترك سوريا منقسمة ضعيفة، بل كان إداري إبادة، تماماً مثل نتنياهو ودولته حيال فلسطين وشعبها. وما يقطع الطريق على نتنياهو وعلى الحرب الأهلية معاً هو سياسة ضعفاء بصيرة وجسورة. سياسة الضعفاء ليست سياسة ضعيفة، مستكينة أو خانعة، بل يمكنها أن تكون سياسة نشطة وديناميكية، تخاطب دوائر أوسع من جمهور عالمي مستاء من التشبيح الإسرائيلي والأمريكي، وتوسع من دائرة الشركاء والحلفاء، لكنها قبل كل شيء تخاطب السوريين كمالكين لبلدهم ودولتهم، يحترمونها ويدافعون عنها.

سياسة الضعفاء ليست مطلوبة في مواجهة الأقوياء الخارجيين حصراً، فمحتواها الإيجابي هو الاستثمار في الحقوق والحريات والطاقات الاجتماعية، طاقات ملايين السوريين من النساء والرجال للنهوض بحياتهم المشتركة وببلدهم. سياسة الضعفاء هي السياسة التي تتمحور حول ضعف السوريين الفعلي، لكنها تعمل على تقويتهم.

مقالات مشابهة

  • المفوض السامي لحقوق الإنسان: السودان على حافة كارثة إنسانية غير مسبوقة
  • الأمم المتحدة: السودان يواجه خطر السقوط في الهاوية ما لم تتوقف الحرب
  • الأمم المتحدة: السودان يواجه خطر السقوط في الهاوية
  • اللبنانيون والسوريون في وادٍ وإسرائيل في وادٍ آخر
  • تركيا تحذر إسرائيل من استئناف الحرب على غزة وتقول: سيؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة بأكملها
  • سياسة الضعفاء: سوريا الجديدة وإسرائيل الاستعمارية القديمة
  • وفاة شخص وإصابة آخر بانهيار هنجر في شعوب
  • وفاة شخص وإصابة آخر بانهيار هنجر في شعوب بصنعاء
  • جيش الاحتلال الإسرائيلي يحقق في أصوات انفجارات دوت وسط إسرائيل
  • «المستقلين الجدد»: التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية يهدد بانهيار وقف إطلاق النار