مسلمة أوروبية: الوضع بأوروبا عشية انتخاباتها مرعب للمسلمين والأقليات العرقية
تاريخ النشر: 29th, May 2024 GMT
وصفت المعلقة المتخصصة في شؤون الاتحاد الأوروبي شذى إسلام حال أوروبا عشية انتخابات البرلمان الأوروبي، بأنه مرعب، مشيرة إلى أن مؤسسات الاتحاد خذلت الأشخاص الملونين من قبل، والآن يهددهم صعود اليمين المتطرف.
وقالت شذى، في مقال لها بصحيفة "غارديان" البريطانية، إنها وباعتبارها مسلمة أوروبية سمراء وتسعى لنجاح "مشروع" الاتحاد الأوروبي تشعر بالرعب من مدى القوة والنفوذ الذي يمارسه السياسيون العنصريون من كارهي الأجانب والإسلام بلا خجل داخل الحكومات وخارجها، لإدراكها أن رؤيتهم لأوروبا -مهما قالوا في العلن- معادية أيضا بطبيعتها للنساء واليهود والأقليات العرقية، وأن الأمر سوف يزداد سوءا.
وأشارت الكاتبة إلى أن صندوق البريد الوارد الخاص بها مليء بالرسائل التي تطلب منها استخدام صوتها في الانتخابات الأوروبية خشية أن يقرر الآخرون نيابة عنها، موضحة أن عقلها يتفق مع هذه الرسائل التي تطلب منها بذل قصارى جهدها من أجل الديمقراطية، ولكن قلبها لا يطاوعها.
لحظة حزينةوقالت إنها لحظة حزينة ومثيرة للقلق بالنسبة لكل الأوروبيين التقدميين والمسلمين والأقليات العرقية والإثنية في أوروبا، حيث يشعر كثيرون منهم بالخيانة والتخلي عنهم، لا من قبل السياسيين وصناع السياسات الذين لم يهتموا بهم كثيرا من قبل، بل من قبل قطاعات كبيرة من وسائل الإعلام و"خبراء" الاتحاد الأوروبي الذين لم يروا مخاطر أوروبا اليمينية المتطرفة، وقللوا من أهمية الدور الذي تلعبه.
والأمر الأكثر إيلاما هو أن العديد من أصدقائها وزملائها البيض -كما تقول المعلقة- لا يزالون غير قادرين أو لا يريدون، أن يفهموا أن كل هذا أمر له تأثير مباشر على الحياة الخاصة والشخصية، وله تأثير حقيقي على الصحة العقلية والحياة اليومية.
أي شكوك متبقية حول مسار أوروبا نحو منطقة اليمين المتطرف التي كانت محظورة ذات يوم، أو الآمال في إمكانية خروج هذا الانجراف عن مساره بطريقة سحرية، تم تبديدها
وجهة نظر سامةومع ذلك، تستمر الكاتبة، فالدليل على أن العنصرية "منتشرة وبلا هوادة" في جميع أنحاء أوروبا واضح لكل ذي عينين، فالإسلاموفوبيا ومعاداة السامية في ارتفاع، وكلتاهما من أشكال العنصرية التي تفاقمت بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة، ومع توقع سيطرة اليمين المتطرف سوف يزداد التعصب سوءا.
ونبهت شذى إسلام إلى غياب النقاش تقريبا في كتاب حركة "بروكسل شديدة البياض" حول العنصرية والتمييز وكراهية الأجانب التي تؤدي إلى تآكل الديمقراطية الأوروبية من الداخل، وتخلق انقسامات مجتمعية واستقطابا سياسيا.
وقالت إن هناك انتشارا لوجهة النظر السامة التي تنعكس في ميثاق الهجرة واللجوء الجديد، وخطط إرسال اللاجئين والمهاجرين إلى بلدان ثالثة على غرار رواندا -كما ترى الكاتبة- في وقت تشن فيه العديد من حكومات الاتحاد حملة قمع على حرية التعبير والحق في التجمع السلمي لأولئك الذين يعارضون الهجوم الإسرائيلي على غزة.
تبديد الآمالوأكدت شذى أن أي شكوك متبقية حول مسار أوروبا نحو منطقة اليمين المتطرف التي كانت محظورة ذات يوم، أو الآمال في إمكانية خروج هذا الانجراف عن مساره بطريقة سحرية، تم تبديدها بتشكيل الائتلاف الهولندي الجديد على يد الشعبوي خيرت فيلدرز الذي يهدد بإغلاق كل المساجد وحظر القرآن والحجاب، ويظل معاديا للمسلمين قولا وفعلا.
وأشارت إلى أن التمثيل لا يضمن العدالة العرقية، موضحة أن بعض السياسيين الأكثر تشددا في مناهضة الهجرة في أوروبا ليسوا من البيض، مثل فيلدرز الذي ينحدر من أصول إندونيسية من جهة أمه.
ومع ذلك، لا يزال الأعضاء السود والملونون لا يمثلون سوى حوالي 3% من البرلمان الأوروبي الحالي، مما يعكس إحجام الأحزاب السياسية عن وضع الأشخاص ذوي البشرة الملونة على قوائمها للانتخابات الأوروبية، وهذا يؤدي إلى تآكل شرعية مؤسسات الاتحاد الأوروبي، ويؤدي بدوره إلى خلق حلقة مفرغة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات الاتحاد الأوروبی الیمین المتطرف من قبل
إقرأ أيضاً:
محمد كركوتي يكتب: النمو الأوروبي.. هَمٌّ مستمر
المخاوف بشأن النمو عالمية بالطبع، لكنها أكثر حدة في ساحة الاتحاد الأوروبي، ولاسيما دول منطقة اليورو، التي تضم عشرين بلداً.
وتتعاظم المخاوف أيضاً، من جهة الحالة التجارية التي ستتشكل بين الكتلة الأوروبية والولايات المتحدة، بعد تسلم دونالد ترامب مقاليد الحكم في بلاده، إلى جانب «المناوشات» التجارية الأوروبية-الصينية، التي ساهمت أخيراً بتضارب في الرؤى والتوجهات، بين ألمانيا وفرنسا أكبر شريكين في الاتحاد، والأكثر تأثيراً فيه.
المشهد الاقتصادي العام، ليس مبشراً كثيراً، وإن حدثت بعض الانفراجات في الأسابيع الأخيرة، على صعيد التضخم الذي يمثل صداعاً قوياً للمشرعين في البنك المركزي الأوروبي، ودفعهم (مثل زملائهم في بقية بلدان العالم) إلى اللجوء لـ«سلاح» الفائدة، للحد من آثاره السلبية.
أقدم البنك المركزي الأوروبي، على آخر تخفيض للفائدة لهذا العام.
وكان بحاجة حقاً لهذه الخطوة، مع تعاظم الضغوط الآتية من جهة النمو. فهذا الأخير لن يصل في العام المقبل إلى أكثر من 1.1%، مع تراجع تكاليف الاقتراض إلى 3%، بينما سجل مستوى التضخم للعام الجاري 2.4%، أعلى من الحد الأقصى الرسمي له عند 2%.
لكن يبدو واضحاً أن توجهات البنك المركزي الأوروبي صارت متغيرة حتى من ناحية المبادئ. فهذه الهيئة المشرعة تخلت فعلاً عن موقفها المعلن بالإبقاء على الفائدة مقيدة، إذا ما كان ذلك ضرورياً.
وهذا يعني أن المرونة في التعاطي مع مستويات تكاليف الاقتراض ستكون حاضرة، بصرف النظر حتى عن محددات التضخم.
ما تحتاج إليه منطقة اليورو الآن المحافظة على أي حد للنمو، بأي قيمة كانت، وذلك يشمل بالطبع دول الاتحاد الأوروبي الـ27 كلها. والمسألة لا ترتبط فقط بالمستويات التي يجب أن تستقر الفائدة عليها، بل بالعمل السريع لاستعادة زخم الاستثمارات، خصوصاً مع وجود إمكانية بارتفاعها في العام المقبل، بعد انخفاض كبير في السنوات القليلة الماضية، متأثرة بالطبع بالتحولات الاقتصادية العالمية ككل. فصناديق الاتحاد لا تزال قوية، ويمكنها أن تساعد في إعادة تشكيل المشهد الاقتصادي، على أساس ضمان نمو مستقر، باتجاه نمو مرتفع في السنوات المتبقية من العقد الحالي. لكن في النهاية، ينبغي أن تظل الفائدة في المستوى «المغري» للحراك الاقتصادي العام.