ثلاث نساء غزيات نازحات تجمعن معاً في مخيم لإيواء النازحين بمدينة دير البلح وسط قطاع غزة، ضاقت بهن السبل بسبب الحرب وما خلفته من ويلات وقتل ودمار، فقررن إطلاق مشروع صغير لصنع البيتزا والمعجنات وخبزها على فرن الطابون التقليدي البدائي الذي يعمل من خلال استخدام الحطب وبيعها بسعر قليل مراعاة لأوضاع الناس وأيضًا لسد حاجتهن وحاجة عوائلهن في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، ومساعدة أبناء المخيم النازحين الذين يعانون الفقر المدقع ولا يستطيعون شراء كل ما يلزمهم في ظل غلاء الأسعار الفاحش.

أم محمد احدى القائمات على المشروع قالت "يفتقد النازحين المتكدسين في مخيم دير البلح للكثير من الحاجيات التي تحول دون إمكانية صنع بعض الأطعمة منها البيتزا والمعجنات والحلويات بسبب ضيق الأماكن وعدم توفر غاز الطهي، من هنا جاءتنا الفكرة لصنع البيتزا وبيعها وقد لاقى تنفيذ المشروع إقبال من قبل الكبار والصغار بالإضافة إلى أنه اصبح الطريقة الوحيدة التي نستطيع من خلالها توفير الاحتياجات الخاصة بنا في ظل استمرار الحرب".

تتنقل ام العبد بين بسطات البيع الخاصة بالبقوليات في سوق العودة وسط مدينة رفح، تبحث عن حبوب القهوة بأنواعها والتي رددت أنواعها "برازيلي ، كولمبي وروبستا".

ليس سهلًا ان تجد ما تريد بسبب سعر حبيبات القهوة المرتفع، تشتري الكمية المطلوبة ثم تعود للبيت منهكة ومتعبة فالقصف الإسرائيلي على بعد أمتار بينها وبين السوق المركزي بمدينة رفح تقول "بسبب ارتفاع درجة الحرارة أقوم مبكرًا لاشعل نار الحطب بجوار خيمة النزوح وأجلس لتحميص حبيبات القهوة، يستغرق الأمر وقتًا طويلًا ومعاناة كبيرة ما بين اشعال النار وتحميص القهوة والمحافظة على ان تكون النار هادئة بمقدار معين، بعد الإنتهاء من تحميص الكمية الموجودة ، تبدأ معاناة اخري في الحصول على مطحنة تعمل ليتم طحن القهوة ومن تم توزينها وتوزيعها في اكياس للبيع "يذكر ان سعر أوقية القهوة في غزة قد تجاوز 19 دولار للوقية وهو سعر مرتفع جدًا مقارنة بفترة ما قبل الحرب لكن اغلاق المعابر وقصف الاحتلال للكثير من مطاحن ومصانع القهوة أدى الى ارتفاع سعرها كما ارتفعت اسعار العديد من السلع الأساسية بسبب إغلاق المعابر.

أما سلمى التى ما زالت متواجدة بمنزلها بمدينة رفح فقد استعانت بمجموعة من فتيات مخيم النزوح لمساعدتها بمشروع غسل الملابس، بعد ان قامت بشراء غسالتين نصف اوتوماتيك يتم تشغيلهما من خلال الطاقة الشمسية التى تعمل منذ الساعه التاسعة صباحا حتي الخامسة مساءًا يوميًا .

استطردت قائلة "يأتي النازحين لغسل ملابسهم بشكل يومي، يتم تشغيل الغسالة لمدة نصف ساعه ثم يتم تستلم الملابس لنشرها بجوار خيم النزوح، ما دفع النازحات الاستعانة بها هو قلة المياه المتوفرة بأماكن النزوح" وعن وسيلة توفير المياه لديها قالت إنها تمتلك بئر ماء داخل منزلها يتم اخراج المياه منه عن طريق مضخات تعمل بالطاقة الشمسية لهذا كان سهلًا عليها العمل في ذات المجال.

مها ذات - 15 عامًا - وهي نازحة من حي الشجاعية في غزة إلى مدينة دير البلح وسط القطاع، تسكن مع اسرتها داخل أروقة مستشفى شهداء الأقصى، تعمل مها في غسل الملابس والدروع التى يرتديها الصحفيين الذين لا يبرحون المستشفى منذ بداية الحرب تحدث قائلة "أنا اسعى من خلال عملي هذا الى مساعده عائلتي المكونة من 9 أشخاص بعد أن طالنا الفقر والجوع والعوز في ظل استمرار الحرب وبسبب النزوح المتكرر من مكان الي آخر".

وأشارت "أن يومية عملها لا تزيد عن 2 دولار وأحيانا لا تحصل علي أي مردود مادي" وأكدت الطفلة مها أنها ستكمل عملها إذا انتهت الحرب من أجل أختها مريضة القلب وأختها الاخرى مريضة العيون إلى أن تعود المدارس للعمل لتتمكن من استكمال دراستها.

في بيتها المدمر في بيت لاهيا شمال قطاع غزة وبين الركام تجلس الحاجة مريم التى كانت تمتلك مشغل للخياطه تحاول تعديل ملابس إحدى النازحات تقول "بصعوبة استطعت استخراج احدى الماكينات، استعنت بأحد الأقارب لتشغيلها وإصلاح الضرر الذي اصابها بسبب الردم، ثم قمت بشراء لوح طاقة شمسية وبدأت العمل من أجل توفير لقمة العيش لي ولابناء أخي المعتقل لدى جيش الإحتلال الإسرائيلي منذ شهر ديسمبر الماضي".

اكملت حديثها قائلة "إن مهنة الخياطة تعتبر من بين المهن الأكثر عملًا في غزة الان فالناس يضيّقون ملابسهم بسبب نحول أجسادهم من شدة الجوع الذي اصاب سكان شمال غزة، كلهم في غزة يضيّقون ملابسهم ،كلهم نحلوا وفقدوا وزنهم ".

سقطت دموعها ربما استذكرت مكان عملها السابق وكيف كانت حياتها وأهلها سعيدة في نفس المنزل الذي تجلس على بقايا ركامه ثم انهت حديثها قائلة "نحن نعيش أيام صعبة جدًا ، الماء نحصل عليه بصعوبة ، الطعام غالٍ جدّا وغير متوفر ، لم نشاهد الكثير من أصناف الطعام منذ بداية الحرب حتي الان ، البيوت هُدمت، ونعيش بالعرائش او مراكز الإيواء داخل المدارس ، حتى الخيم أصبحت غالية جدًا وغير قادرين على توفيرها ،أجواء حارة جدًا ،المواصلات متعبة والتنقل صعب من مكان الي آخر، سيولة الأموال معدومة ، الكهرباء منقطعة منذ بداية الحرب ، أساسيات الحياة معدومة ، المستشفيات تم تدميرها ولكن والله عزيمتنا قوية ولن نستسلم".

إن ما يحدث في غزة يعبر عن مستوى جديد من اليأس، يتكشف تحت مراقبة وصمت العالم أجمع، جعل الحياة تنقلب رأسًا علي عقب حتى باتت النساء تشتهي العودة للحياة الطبيعة التى كانت قبل السابع من أكتوبر الماضي.

مع إستمرار الحرب لشهرها الثامن وسكان غزة يعيشون اهوال حرب الإبادة الجماعية التي تسببت في تدمير 80% من منازل ومنشأت القطاع ، واستشهاد قرابة 50 الف شهيد ومفقود وجرح اكثر من 80 الف مواطن 70% من الضحايا اطفال ونساء، وتهجير كل سكان القطاع بشكل قسري ، معظمهم معرض لخطر الموت و الهلاك جراء استمرار المجازر والمجاعة الحادة وانعدام المواد الغذائية وحالة الفقر المدقع التي يعيشها السكان ، وانتشار الأمراض والأوبئة ، وشح المساعدات الإنسانية التي يعتمد عليها سكان غزة، فيما تواصل قوات الاحتلال اغلاق معظم المعابر الحدودية في شمال جنوب القطاع ، وخاصة معبر رفح البري اثر احتلاله بتاريخ 5 مايو 2024، ما يؤكد تحكم وتعمد استخدام التجويع كسلاح حربي بهدف اهلاك سكان غزة ودفع من تبقي منهم للهجرة القسرية خارج الأراضي الفلسطينية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی غزة

إقرأ أيضاً:

ما هي الدروس التي استخلصها الجيش الفرنسي بعد ثلاث سنوات من الحرب في أوكرانيا؟

استفادت القوات المسلحة الفرنسية من نجاحات وأخطاء الجيشين الأوكراني والروسي

اعلان

دفعت ثلاث سنوات من الصراع ومئات الآلاف من القتلى على الجانبين الأوكراني والروسي الجيش الفرنسي إلى إعادة التفكير في استراتيجيته العسكرية.

فالصراع الذي بدأ بعد الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في عام 2022، يشي بما ستكون عليه حروب المستقبل بسبب العديد من الابتكارات التكنولوجية والتكتيكية في هذا المجال.

وقد دفع ذلك النزاع، الجيش الفرنسي إلى إنشاء وحدة ابتكارات دفاعية خاصة به في عام 2023 تُعرف باسم قيادة القتال المستقبلي (CCF).

قال الجنرال رودولف هاردي، الرجل الثاني في قيادة وحدة القتال المستقبلي في الجيش الفرنسي، خلال مؤتمر صحفي عُقد في باريس الخميس: "في النهاية، إن الابتكار والقدرة على التكيف الذي شهدناه خلال هذا الصراع هو الذي يحشد طاقاتنا فيما يتعلق باستعداداتنا الخاصة".

صعود الحرب الإلكترونية

من أهم ما تم التوصل إليه هذا العام: معركةالحرب الإلكترونية الخفية التي تعيد تشكيل الحرب الأوكرانية.

الحرب الإلكترونية هي تكنولوجيا تتداخل فيها الاتصالات اللاسلكية ونظام تحديد المواقع والطائرات بدون طيار.

وأوضح نائب الأميرال إيمانويل سلارز، نائب رئيس العمليات لرئيس أركان البحرية الفرنسية قائلا: "إذا كنت لا تستطيع استخدام هاتفك الخلوي لأنه لا يستطيع الاتصال بمحطة الشبكة، فالأمر معقد بعض الشيء. لذلك في المجال العسكري، سواء كان ذلك في مجال الاتصالات، أو أنظمة التوجيه المعتمدة على نظام تحديد المواقع العالمي GPS، أو أنظمة تبادل الطائرات أو حتى توجيه طائرة بدون طيار بدون طيار، كل هذا يستغل المجال الكهرومغناطيسي".

وقد أجبر هذا الإشكال القادة العسكريين الفرنسيين على إعادة النظر والتكيف مع الثغرات الموجودة في قدراتهم.

عن هذا قال المسؤول العسكري: "نحن بحاجة إلى أن نكون قادرين على التأثير عليه، أي تعطيل استخدامه. وهذا مجال يتحرك بسرعة كبيرة جدًا جدًا. نحن بحاجة إلى أن نكون نشيطين جدًا في هذا المجال لأنه عنصر أساسي".

الجبهة الثانية على البحر الأسود

على الرغم من أن معظم القتال يدور في البر، إلا أن هناك جبهة ثانية حاسمة وهي الجبهة البحرية.

وقد علمت القوات المسلحة الفرنسية أيضًا كيف دافعت أوكرانيا عن أجزاء من البحر الأسود باستخدام طائرات بدون طيار.

يقول نائب الأدميرال سلارز: "رأينا طائرات أوكرانية بدون طيار كانت بدائية للغاية أول الأمر لكنها أصبحت الآن ذات تقنية عالية، بل وقادرة على مواجهة المروحيات".

من حسنات الصراع أنه سمح بالاستفادة من عدة دروس ألهمت القيادة العسكرية الفرنسية لإنشاء مركز جديد للتحليل والتدريب والتعليم المشترك بين الناتو وأوكرانيا في بولندا، والذي تم افتتاحه هذا الأسبوع. والهدف من ذلك هو التكيف مع الحقائق الجديدة في ساحة المعركة.

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية بعد ثلاث سنوات من القتال.. اجتماع أمريكي أوروبي يبحث إنهاء الحرب الأوكرانية الانتخابات الألمانية تقترب: معركة حاسمة بين شولتز وميرتس وهابيك في سباق المستشار كيف تؤثر سياسات المجر على حرب أوكرانيا وعلاقة الاتحاد الأوروبي بالرئيس ترامب؟ الغزو الروسي لأوكرانياالجيش الفرنسيروسياطائرة مسيرة عن بعدالتكنولوجيات الحديثةاعلاناخترنا لكيعرض الآنNextعاجل. ترقب لتسليم 6 رهائن إسرائيليين في غزة مقابل الإفراج عن 602 أسير فلسطيني في الدفعة السابعة من التبادل يعرض الآنNext ترامب يرشح اللواء دان كاين لرئاسة هيئة الأركان المشتركة بعد إقالة الجنرال براون يعرض الآنNext الانتخابات الألمانية تقترب: معركة حاسمة بين شولتز وميرتس وهابيك في سباق المستشار يعرض الآنNext "وحدة الظل".. ماذا نعرف عن القوة المسؤولة عن احتجاز الأسرى الإسرائيليين في غزة؟ يعرض الآنNext ترامب: لن أفرض خطة غزة بالقوة ومشاركة زيلينسكي في المحادثات حول أوكرانيا لا تهمّ اعلانالاكثر قراءة نتنياهو يتوعد حماس بدفع الثمن والحركة تعلّق على الالتباس حول جثة شيري بيباس تفجير 3 حافلات بواسطة عبوات ناسفة قرب تل أبيب وإسرائيل تقول إن مصدر العبوات جاء من الضفة الغربية في تطور مفاجئ: إسرائيل تتحدث عن "جثة مجهولة" ضمن صفقة تبادل مع حماس! "يوروبول" يحذر: تصاعد المجتمعات الإلكترونية العنيفة التي تستهدف الأطفال اكتشاف مذهل: العثور على مقبرة الفرعون تحتمس الثاني بعد قرن من الغموض والبحث! اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومالانتخابات التشريعية الألمانية 2025روسيادونالد ترامبالاتحاد الأوروبيقطاع غزةأوكرانياإسرائيلفولوديمير زيلينسكيفلاديمير بوتينألمانياالصحةالصراع الإسرائيلي الفلسطيني الموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025

مقالات مشابهة

  • ترامب: سأنهي الحرب الروسية الأوكرانية وسنستعيد أموالنا التي دفعناها لأوكرانيا
  • مسلسل عايشة الدور في رمضان.. حكاية مطلقة وأم لطفلين تنقلب حياتها بسبب ابنة شقيقتها
  • ما هي الدروس التي استخلصها الجيش الفرنسي بعد ثلاث سنوات من الحرب في أوكرانيا؟
  • الاقتصاد السوري يحتاج إلى نصف قرن لاستعادة عافيته بعد الحرب التي دمرته
  • اتحديت خالد يوسف.. ورانيا يوسف مش شايفها كدة خالص.. إبرام نشأت يفجّر مفاجآت.. فيديو
  • «ياسمين»: «لم أفقد الأمل» وأتمنى عدم عودة الهجمات على قطاع غزة
  • دراسة: استمرار الهزات الأرضية في البيضاء بسبب النشاط التكتوني
  • تقرير لـ«الجارديان» يرصد رد أهالي غزة على دعوات التهجير: «لن نكرر النكبة مرة أخرى»
  • كواليس الـ48 ساعة التي انقلب فيها ترامب على زيلينسكي
  • ترامب: زيلينسكي نجح في التلاعب بجو بايدن ويبدو أنه يريد استمرار الحرب