أعلن رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى عن اتجاه إلى تحويل الدعم المقدم للمواطنين من دعم عينى إلى نقدى، وطبيعة الحال أن القرار هو الأخطر فى تاريخ الحكومة المصرية ولكن تتضح الأمور بشكل جيد لا بد من توضيح المميزات والعيوب والتأثيرات التى تترتب عليه سواءً على الدولة بشكل عام أو على المواطن الذى يحصل على هذا الدعم.
القضية تحمل شقين مهمين أولهما أن الدعم يقدم فى صورتين الأولى السلع ورغيف الخبز فى البطاقات التموينية.. وهؤلاء موجود بهم حصر كامل لدى وزارة التموين.. أما الشق الثانى من الدعم فيقدم لجميع المواطنين فى المحروقات من بنزين وسولار وكهرباء تحويل الدعم العينى فى مصر إلى دعم نقدى قد يكون له بعض المزايا والعيوب. هناك جدل حول ما إذا كان الدعم النقدى أم العينى أكثر فائدة للمستفيدين.
بعض المزايا للدعم النقدى انه يمنح المستفيدين المزيد من الحرية والاختيار فى كيفية انفاق هذه المبالغ وقد يكون أكثر كفاءة فى الوصول إلى المستفيدين الحقيقيين- ويمكن أن يحفز النشاط الاقتصادى.
أما العيوب فتتمثل فى أنه قد يتم إنفاق الأموال على بنود أخرى بدلًا من السلع الأساسية ومن الصعب بل والمستحيل ضمان أن المبالغ النقدية سوف تصل إلى المجموعات المستهدفة بالكامل.. بالإضافة إلى عدم قدرة الحكومة على توصيل دعم نقدى لأصحاب الشق الثانى الخاص بالمحروقات والكهرباء وهؤلاء سوف يكون التأثير الاقتصادى عليهم كبير ومعظمهم لا يحملون بطاقات تموين وبالتأكيد سوف يتحملون فاتورة ارتفاع البنزين والكهرباء دون الحصول على مقابل نقدى بجانب ذلك قد يؤدى الغاء الدعم النقدى إلى زيادة التضخم إذا لم يكن هناك عرض كافٍ للسلع.
كان يجب على الحكومة قبل الشروع فى التخطيط لإلغاء الدعم العينى دراسة التجارب الدولية والتأثير المحتمل على الاقتصاد المصرى قبل اتخاذ قرار بشأن أى نوع من الدعم. ويمكن أن يكون هناك طرق للدمج بين الدعم العينى والنقدى لتحقيق أفضل النتائج، على العموم لم يصلنا حتى اللحظة تفاصيل ورؤية الحكومة التى تقف خلق هذا القرار كعادة الحكومة فى مفاجأة المواطنين بقرارات مصيرية دون خضوعها لحوار مجتمعى قبل التنفيذ
الموضوع أخطر من مجرد رمى تصريح من رئيس الوزراء لقياس مدى تقبل الشعب للقرار ام لا.. الدعم هو العقبة الكبرى أمام الحكومات المصرية منذ تصريح الرئيس الراحل أنور السادات بأن مصر لن تتقدم إلا إذا اشترى المواطن السلعة بثمنها وخرجت الدولة من الدعم بالكامل، لم يستطع السادات تحقيق مقولته، رغم مقولته الأخرى بعدم شراء اللحوم ومقاطعتها بعد ارتفاع ثمنها فى عهده.
واتخذ الرئيس الراحل مبارك منهجًا متشددًا فى الابقاء على الدعم بشكل كامل، وعدم المساس به، وتأثرت قطاعات أخرى مثل التعليم والصحة وشهدت انهيارًا كبيرًا فى عهده بعد قلة الإنفاق على هذه القطاعات لصالح الحفاظ على الدعم.
القضية شائكة وتحتاج إلى مناقشات مستفيضة وحوار موسع مع اقتصاديين وقيادات نقابية وشعبية للوصول إلى حل مناسب يخفف الضغط الكبير على الدولة، وبنفس الوقت ضمان عدم تأثر قطاعات كبيرة بهذا القرار.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي الحكومة المصرية
إقرأ أيضاً:
كيف يكون النداء على الناس يوم القيامة بأبائهم أم أمهاتهم؟.. الإفتاء تكشف
قالت دار الإفتاء المصرية إن عموم الأحاديث والآثار الصحيحة يفيد أن النداء على الناس يوم القيامة يكون من جهة الآباء لا من جهة الأمهات، ولا يقوى في معارضتها ما ورد من أن النداء يكون من جهة الأمهات؛ فإنها إما أن تكون أحاديث ضعيفة، أو مؤولة حملها العلماء على استحباب نسبة الميت من جهة أمه عند التلقين.
النداء على الناس يوم القيامة يكون بأسماء آبائهم أو أمهاتهمورد في السنَّة النبوية المُشرَّفة وأقوال جمهرة علماء الأمة رضوان الله عليهم ما يُفيد أن الناس يُدْعَون يوم القيامة بآبائهم؛ ومن ذلك: ما أخرجه الشيخان واللفظ للبخاري عن ابن عمر رَضيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الْغَادِرَ يُرْفَعُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يُقَالُ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ»، وقد بوَّب له الإمام البخاري في "صحيحه": باب ما يُدعى الناس بآبائهم، وساق تحته الحديث.
وما رواه أبو داود وابن حبان عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَسْمَائِكُمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ فَحَسِّنُوا أَسْمَاءَكُمْ».
قال الشيخ ابن القيم في "تهذيب سنن أبي داود" (13/ 198، ط. دار الكتب العلمية): [وفي هذا الحديث رد على من قال: إن الناس يوم القيامة إنما يدعون بأمهاتهم لا آبائهم. وقد ترجم البخاري في صحيحه لذلك فقال: باب ما يدعى الناس بآبائهم. وذكر فيه حديث نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «الغادِرُ يُرْفَعُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ القِيَامَةِ، يُقالُ: هذِهِ غَدْرَةُ فُلَانِ بنِ فُلَانٍ»] اهـ.
وقال الإمام بدر الدين العيني الحنفي في "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" (22/ 201، ط. دار إحياء التراث): [قَوْله: ((هَذِه غدرة فلَان)) يَعْنِي: باسمه الْمَخْصُوص وباسم أَبِيه، كَذَلِك قَالَ ابْن بطال: الدُّعَاء بالآباء أَشد فِي التَّعْرِيف وأبلغ فِي التَّمْيِيز.. وَفِي حَدِيث الْبَاب رد لقَوْل من يزْعم أَنه لَا يدعى النَّاس يَوْم الْقِيَامَة إلَّا بأمهاتهم؛ لِأَن فِي ذَلِك سترًا على آبَائِهِم] اهـ.
وأوضحت الإفتاء أن الدعاء بالآباء أشد في التعريف وأبلغ في التمييز؛ قال الإمام ابن الملقن الشافعي في "التوضيح لشرح الجامع الصحيح" (28/ 594، ط. دار النوادر): [والدعاء بالآباء أشد في التعريف وأبلغ في التمييز، وبذلك نطق الكتاب والسنة.. ودل عموم هذا الحديث على أنه إنما يدعى الناس بالآباء، ولا يلزم داعيهم البحث عن حقيقة أمورهم والتنقيب عنهم] اهـ.
قال العلامة ابن عجيبة في تفسيره المسمى "البحر المديد" (3/ 219، بتصرف): [قال محمد بن كعب القرظي: بأسماء أمهاتهم، فيكون جمع "أم"، كخف وخفاف.. ولعل ما قاله القرظي مخصوص بأولاد الزنا.. وقال أبو الحسن الصغير: قيل لأبي عمران: هل يدعى الناس بأمهاتهم يوم القيامة أو بآبائهم؟ قال: قد جاء في ذلك شيء أنهم يدعون بأمهاتهم فلا يفتضحوا] اهـ.
وقال الإمام البيضاوي في تفسيره المسمى "أنوار التنزيل وأسرار التأويل" (3/ 262، ط. دار إحياء التراث العربي): [وقيل: "بأمهاتهم" جمع أم كخف وخفاف، والحكمة في ذلك: إجلال عيسى عليه السلام، وإظهار شرف الحسن والحسين رضي الله عنهما، وأن لا يفتضح أولاد الزنا] اهـ.
وقال الإمام الزمخشري في "الكشاف" (2/ 682، ط. دار الكتاب العربي) تعليقًا على هذا القول: [ومن بدع التفاسير: أن الإمام جمع أمٍّ، وأن الناس يدعون يوم القيامة بأمهاتهم، وأن الحكمة في الدعاء بالأمهات دون الآباء رعاية حق عيسى عليه السلام، وإظهار شرف الحسن والحسين، وأن لا يفتضح أولاد الزنا. وليت شعري أيهما أبدع؟ أصحة لفظه أم بهاء حكمته؟] اهـ.
واستحب فقهاء المالكيَّة والشافعيَّة والحنابلة أن يَنْسُبَ الملقِّنُ الميتَ إلى جهة أمه عند التلقين في القبر؛ قال العلامة ميارة المالكي في "الدر الثمين" (ص: 318، ط. دار الحديث، القاهرة): [وأحوج ما يكون العبد إلى التذكير بالله عند سؤال الملائكة، فيجلس إنسان عند رأس الميت عقب دفنه، فيقول: يا فلان ابن فلانة، أو يا عبد الله، أو يا أمة الله] اهـ.