تُشتهر تنيدة بأنها الواحة المصرية التي لجأ إليها الثوار الليبيون بعد إعدام زعيمهم عمر المختار، فتوجهوا من الكُفرة في ليبيا إلى الصحراء الغربية المصرية، وهناك شارفوا على الموت، وحوصروا بين الجوع والعطش ورمال صفراء لا تنتهي.

وحين انقطعت بهم السبل، وصارت كل الأحلام سرابا، ظهر المستكشف الإنجليزي باتريك كلايتون، الذي أمضى قرابة 20 عاما من عمره مسّاحا في الهيئة المصرية العامة للمساحة، ليشارك في رسم خرائط مناطق كبيرة من الصحراء المصرية لم يكن تم "تخريطها" من قبل.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مجمع متاحف ديار بكر بتركيا يسعى لجذب مليون زائر بحلول عام 2030مجمع متاحف ديار بكر بتركيا يسعى لجذب ...list 2 of 2متحف "وان" التركي.. رحلة تاريخية في ملتقى حضارات العالممتحف "وان" التركي.. رحلة تاريخية في ...end of list

وفي تنيدة كان القدر في انتظار الفارين من الكفرة في ليبيا ومعهم كلايتون الذي أسس خريطة الواحة المفقودة، وكان مصدر الإلهام لشخصية بيتر مادوكس في فيلم "المريض الإنجليزي" (The English Patient) المأخوذ عن رواية حملت ذات الاسم.

وفي الرواية والفيلم، كان هناك قدر آخر ينتظر تنيدة المصرية، والتي تمتلك من بين ما تمتلك من آثار طبيعية، "كهف السباحين" – كما ظهر في الفيلم البريطاني- أو "كهف تنيدة" كما يطلق عليه فنان النخيل، عادل العمدة، صاحب متحف الواحة وموثق تاريخها.

مخلفات النخيل كانت المواد الأنسب والأرخص والأكثر توفرا أمام الفنان عادل العمدة في قريته (الجزيرة) بيت الواحة.. كهف العمدة في تنيدة

في "بيت الواحة" افتتح عادل العمدة متحفه التراثي للحفاظ على إرث تنيدة وتاريخها من الاندثار وراء المدنية التي حولت جميع مظاهر الحياة القديمة في الواحة التابعة لمركز بلاط بمحافظة الوادي الجديد، جنوبي غرب مصر.

ويتكون بيت الواحة الذي صممه العمدة على طرق البناء القديمة، والمعتمدة على الطوب اللبن، والسقف المجدول من الجريد، كما استعان بأعتاب الأشجار الخشبية في تصاميم أبواب الغرف الخمسة التي يضمها البيت التنيدي.

يقول العمدة للجزيرة نت "هذا البيت هو عمري. ليس مجرد جدران وأبواب وأشكال تراثية تلفت نظر المهتمين بالتراث والسياحة، بل هو المكان الذي أفنيت فيه عمري، وصنعت بداخله حلمي الوحيد الذي لم يكن ليولد لولا أنني ابن لهذه البيئة".

عادل العمدة عمل على تحقيق حلمه من خلال بناء المتحف الذي يعكس بيئة قريته (الجزيرة)

ولم يكن الفنان المصري يفكر في أن كهفه الذي صنعه لحفظ تراث الواحة القديم، سيكون منطلقا تنفتح منه الأبواب لواحة تنيدة، لتعيدها مرة أخرى على الخريطة السياحية المصرية.

ورغم أن يعمل في الزراعة التي لم يتركها حتى بعد افتتاح المتحف، فإنه كان يقضي 5 ساعات يوميا أمام كهفه الفريد ليصنع من الأشجار وجذوع النخيل والجريد على مدى 20 عاما، تلك المنحوتات الفخارية، والجداريات المستوحاة من البيئة، إضافة إلى اللوحات الفنية الفريدة التي جسدت تاريخ الواحة على مر الزمان.

إحدى منحوتات الفنان المصري عادل العمدة التي يسعى من خلالها للحفاظ على الإرث التنيدي (الجزيرة) النخيل.. ارتباط وجداني ووفرة مواد

وبحسب الفنان المصري، فإن أهالي واحة تنيدة ساهموا في استمرار وإنجاح المتحف، "ولولا مساعدتهم وإمدادهم لي بمخلفات جريد النخيل وجذوعها، لإعادة استخدامها في القطع التي أقوم بنحتها، ما كنت أستطيع استكمال مهمتي في الحفاظ على الإرث التنيدي".

كما ساهم اختيار مخلفات النخيل لاستخدامها في النحت بتوفير تكاليف كبيرة، إضافة لكونها أكثر قدرة على التعبير عن البيئة الأصلية للواحة، "فالمادة المستخرجة من المخلفات بعد حرقها، كانت هي الأنسب والأرخص والأكثر توفرا أمام عادل العمدة في قريته".

متحف عادل العمدة البيئي أضحى من أهم الأماكن على الخريطة السياحية للواحات المصرية (الجزيرة)

هذا فضلا عن الارتباط الوجداني بين المصريين والنخلة، خاصة في المناطق الصحراوية التي تشتهر بزراعة النخيل وإرثه الممتد بين الأجيال "والعمل على تهذيب النخل يحدث مرة كل عام، ومنه أحصل على مخلفات النخيل التي احتاجها في عملية النحت، وبعدها أبدأ في تهيئة المخلفات الناتجة عن عملية التهذيب، وجعلها صالحة للاستخدام في الأعمال الفنية المختلفة"، يقول للجزيرة نت.

أما جذوع النخل، فهي متوفرة بكثرة على مدار العام، وتمتاز بأنها خفيفة الوزن وسهلة التشكيل، كما أنها صلبة للغاية، مما يساعد في الحفاظ على المنحوتات لزمن قادم.

يمضي عادل العمدة 5 ساعات يوميا ليصنع من جذوع النخيل منحوتات وجداريات مستوحاة من البيئة (الجزيرة) مجسمات تحاكي العادات القديمة

ويحتوي "بيت الواحة" أو "كهف العمدة" -كما يطلق عليه أبناء تنيدة- مجسمات منحوتة للحرف القديمة بالواحة، ومجسمات لنساء القرية أثناء قيامهن بالمهام اليومية قديما، بالإضافة لنماذج مجسمة للجلسات العرفية بالقرية القديمة، ونماذج من العادات المرتبطة بالأفراح وليلة الحنة.

يشار إلى أن العمدة ومتحفه البيئي حازا شهرة واسعة داخل مصر وخارجها، فأضحى من أهم الأماكن على الخريطة السياحية للواحات المصرية، كما اهتمت بالتسويق له بعض وزارات الحكومة المصرية، وشارك في معارض "ديارنا" المهتمة بالأعمال اليدوية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات عادل العمدة

إقرأ أيضاً:

جدل بين مكسيم خليل وشقيق فنان لبناني حول “مجازر” الساحل

متابعة بتجــرد:  أثار الصحافي اللبناني منجد شريف، شقيق الفنان معين شريف، جدلاً واسعاً بعد مهاجمته الممثل السوري مكسيم خليل، على خلفية موقف الأخير من “المجازر” التي شهدها الساحل السوري مؤخراً، والتي راح ضحيتها 1383 مدنياً، وفق ما أفاد به المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وكتب منجد شريف، في منشور عبر حسابه على فيسبوك: “أهمّ شيء لدي الآن هو أن أعرف شعور الممثل مكسيم خليل ودموعه التي ذرفها يوم أصبحت سوريا حرة. فليخبرنا اليوم عن شعوره بالنتيجة المذهلة التي وصلت إليها البلاد”.

جاءت هذه التصريحات بعد تعليق مكسيم خليل على الأحداث الدامية في الساحل السوري، حيث قال: “يا رب احمِ الشعب السوري. احمِ الأرواح السورية. يا رب هدّئ نفوسهم، ووسّع صدورهم”.

وأضاف في منشور آخر: “الرحمة لأرواح المدنيين العزل الذين يقعون بأيادٍ لا تعرف شيئاً عن الإيمان. الرحمة لأرواح الشباب السوريين الذين يحاولون حماية إخوانهم السوريين، وطالتهم أيادي النظام المجرم”.

لم يرد مكسيم خليل بشكل مباشر على تصريحات منجد شريف، لكن التفاعل الكبير مع تصريحاته يعكس استمرار الانقسام في المواقف السياسية داخل الوسط الفني والإعلامي اللبناني والسوري، وسط تصاعد التوترات في المنطقة.

وفي سياق آخر، يواصل مكسيم خليل حضوره على الساحة الفنية عبر بطولة مسلسل “تحت الأرض”، الذي تدور أحداثه في دمشق مطلع القرن العشرين، ضمن قالب درامي تشويقي يتناول جريمة وصراعاً بين مجموعة من التجار.

main 2025-03-16Bitajarod

مقالات مشابهة

  • جدل بين مكسيم خليل وشقيق فنان لبناني حول “مجازر” الساحل
  • رئيس المجلس القومي للمرأة: إعلان ومنهاج عمل بيجين يمثل خارطة طريق
  • وزارة الزراعة:س” نعمل” على زيادة عدد النخيل الى (30) مليون نخلة
  • إحسان الترك.. رحيل فنان لم تحمِه الهيبة من قسوة الحياة
  • الخميس.. بدء حملة الرش الجوي لحشرة دوباس النخيل
  • العراق يحتل المركز الأول عالميا بعدد النخيل بأكثر من 22 مليون نخلة
  • الاتحاد الآسيوي يضع خارطة طريق توضح المعايير التي ينبغي الالتزام بها
  • مصطفى قمر لـ محسن جابر : أنت فخر لكل فنان مصري وعربي
  • باكثر من 22 مليون نخلة.. العراق الاول عالميا باعداد النخيل
  • تركيب أبراج اتصالات على طريق تنيدة- منفلوط لتعزيز سلامة المواطنين