لم يكن نتنياهو وسائر قادة الكيان الصهيوني، يتوقعون أن تصدر محكمة الجنايات الدولية اتهاما ضد نتنياهو ووزير الدفاع غالانت، ولم يتوقعوا أيضا إصدار محكمة العدل الدولية قرارا بوقف الهجوم على رفح (كان يفترض بالقرار أن يأمر بوقف إطلاق النار). وفسّر البعض حصر "وقف إطلاق النار" برفح تجنبا للفيتو الأمريكي، وذلك إذا ما رُفِع القرار إلى مجلس الأمن لينفذه.
وصدر موقف أمريكي رسمي في منتهى الوقاحة، معتبرا أن محكمة الجنايات أنشئت لأفريقيا وبعض الدول، وليست شاملة كل الدول. وطبعا كان التوقع، صهيونيا أساسا، بأن دولة الكيان وقادتها وجنودها فوق كل قانون دولي، ولا يمكن أن يحاسبوا، أو حتى أن يحقق معهم.
وبالفعل، طُبق هذا الامتياز (الدلال الفائق) منذ العام 1950، أي عمليا منذ حرب 1948 وقيام "دولة الكيان" والتغاضي عنها، ما شكل تغاضيا سافرا، ومخالفة للقانون الدولي، وتغطية لارتكابها جرائم جماعية، وجرائم احتلال لأرض الغير، وجرائم الهجرة والاستيطان في فلسطين، وجريمة إقامة الكيان باسم "دولة إسرائيل".
فهذه كلها أفعال كان يمكن أن تبطلها محكمة العدل العليا، لو رفعت قضايا ضدها. وقد حاول كثيرون، بلا جدوى، إثارة الموضوع ضدّ أيّ منها.
قرار التقسيم رقم 181 لعام 1947، صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقد أُعلنت "دولة إسرائيل" بموجبه خلافا للقانون الدولي، وميثاق هيئة الأمم المتحدة؛ لأن فلسطين كانت من بين المستعمرات، وقد احتلت عام 1917. وكان القانون الدولي، ولم يزل، يعتبر أن تقرير مصيرها بعد رحيل الاستعمار هو حق حصري للشعب الذي كان يسكنها 1917، أي ورثته؛ الشعب الفلسطيني الراهن.
وكان يمكن أن تُرفع قضايا ضد الهجرة اليهودية التي تمت تحت رعاية الاستعمار البريطاني، فيما القانون الدولي يمنعه من أي حق بإحداث تغيير سكاني وجغرافي في أثناء استعماره للبلد المعني بين 1917 و1947.
ثم هنالك قضايا كان يمكن أن تُرفع أيضا، لولا هذا الامتياز، ضد الحروب التي شنها الكيان الصهيوني خارج فلسطين.
تجاوز المحكمتين الدوليتين لهذا الامتياز، ما كان ليحدث لولا ما أصاب سيطرة أمريكا من ضعف على المستوى العالمي، أما السبب المباشر والأهم قطعا فهو المقاومة وقيادتها، والشعب في قطاع غزة، مما أفشل الهجوم العسكري الذي لم يستطع أن ينتصر أو يحقق أي جزء من أهدافه، ما أفسح للرأي العام العالمي متابعة الإبادة الإنسانية ومشاهدتها في أبشع صورة، الأمر الذي أدّى بدوره إلى اندلاع ثورة عالمية ضد "إسرائيل"
من كان وراء هذا الامتياز للكيان الصهيوني، باعتباره فوق القانون، هم أمريكا وبريطانيا وفرنسا وحلفاؤها من الدول الحليفة أو التابعة، يعني القوّة الغاشمة السافرة المتحكمة بكل منظمات هيئة الأمم، كمحكمة العدل الدولية مثلا.
إن تجاوز المحكمتين الدوليتين لهذا الامتياز، ما كان ليحدث لولا ما أصاب سيطرة أمريكا من ضعف على المستوى العالمي، أما السبب المباشر والأهم قطعا فهو المقاومة وقيادتها، والشعب في قطاع غزة، مما أفشل الهجوم العسكري الذي لم يستطع أن ينتصر أو يحقق أي جزء من أهدافه، ما أفسح للرأي العام العالمي متابعة الإبادة الإنسانية ومشاهدتها في أبشع صورة، الأمر الذي أدّى بدوره إلى اندلاع ثورة عالمية ضد "إسرائيل".
وأخيرا، على نتنياهو ومجلس الحرب أن يدركا خطورة ما فعلاه، من تدمير وعزلة للكيان الصهيوني وسمعته، مما أوصل إلى هذين القرارين اللذين يعكسان ما حدث من ثورة في العالم، كشفت حقيقة المشروع الصهيوني على أوسع مستوى من البشاعة، وبصورة غير قابلة للترميم. وقد أخذ معه الآن كل ما استدّره من عطف عالمي، بحجّة ضحايا المحرقة؛ وبكلمة فقدوا أيضا أهم سلاح معنوي كان بيدهم.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه نتنياهو العدل الدولية إسرائيل غزة إسرائيل غزة نتنياهو الجنائية الدولية العزلة مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة یمکن أن
إقرأ أيضاً:
نتنياهو يقود الكيان الصهيوني نحو نهايته: غروره ووحشيته يثمران قوة المقاومة
يمانيون – متابعات
كلما ارتفعت وتيرة الإجرام الصهيوني في قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان، زادت مهارة مقاتلي المقاومة وأداءهم العالي في التصدي لجيش الاحتلال. عملياتهم أصبحت أكثر دقة ونجاحًا، حيث لا تخطئ قواعد الجيش الصهيوني وآلياته، بل تستهدف تجمعات جنوده بكل حرفية، ما يجعل الكيان الصهيوني غير قادر على إخفاء نتائج هذه العمليات، حتى وإن حاولت التلاعب بالأرقام وتزييف الحقائق حول القتلى والمصابين والخسائر. في المقابل، أصبح العالم على دراية كاملة بأساليب التعتيم والتحفظ التي يمارسها جيش الاحتلال، وأصبحت القاعدة أن أي رقم يتم الإعلان عنه يعكس جزءاً صغيراً من الواقع الفعلي.
منذ بداية التصعيد، يلاحظ المراقبون أن كل جريمة صهيونية ترتكب بحق الفلسطينيين أو اللبنانيين، تُعتبر خطوة أخرى نحو تدمير الكيان الصهيوني، خصوصًا مع تصاعد الوحشية الصهيونية على يد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي يغرق في مستنقع غروره الشخصي، ما يخرجه عن كل منطق سليم. هذا الغرور بات يقود الكيان الصهيوني نحو نهايته الحتمية، وفقًا للعديد من التحليلات.
وفي مقال نشره موقع “ذا أيسلندر” تحت عنوان “الكابوس الذي تفرضه إسرائيل على نفسها: غرور نتنياهو والانهيار الوشيك”، تناول الكاتب الأمريكي جيري نولان تأثيرات سياسات نتنياهو على أمن الكيان الصهيوني، مشيرًا إلى أن تنامي المقاومة في الضفة الغربية لا يعكس فقط صمود الفلسطينيين، بل يعكس أيضًا بداية تفكك الكيان الصهيوني داخليًا. نولان أضاف أن السياسات القمعية التي يتبعها نتنياهو تقود إلى انهيار بطيء للكيان الصهيوني، نتيجة للغرور والقسوة التي يمارسها ضد الفلسطينيين، وهو ما يثير الاستياء ليس فقط لدى سكان غزة بل أيضًا داخل المجتمع الصهيوني نفسه.
من وجهة نظر نولان، فإن نهج نتنياهو لم يعد يتعلق بأمن الكيان الصهيوني، بل هو مجرد خدعة يائسة تهدف إلى التغطية على فضائح الفساد التي تحيط به. وتابع قائلاً: “كل قنبلة تسقط على غزة وكل مساحة تمحى من الوجود هي خطوة أخرى نحو تدمير الكيان الصهيوني من الداخل.” كما أضاف أن هذه الوحشية تمثل قنبلة موقوتة تهدد كل صهيوني، مشيرًا إلى أن رئيس حكومة الاحتلال ضحى بقدرة الكيان الصهيوني على البقاء على المدى الطويل من أجل “بقاءه الشخصي”.
وأشار نولان إلى أن سياسة نتنياهو قد جعلت الكيان الصهيوني منبوذًا عالميًا، حيث أظهرت التهديدات التي يتعرض لها الكيان الصهيوني أنها لم تعد تهديدات خارجية، بل أصبحت تهديدات داخلية بفعل سياسات الزعيم الحالي. وأكد أن غرور نتنياهو أدى إلى تفتيت الكيان الصهيوني، وجعل جهازه العسكري غير قادر على مواجهة التحديات الداخلية المتزايدة، في وقت يزداد فيه الرأي العام العالمي قوة في دعمه للمقاومة الفلسطينية.
وفي ختام مقاله، وصف نولان ما يفعله نتنياهو بأنه “مفارقة وحشية”، حيث يبدو أن زعيم الاحتلال راهن على تأمين بقاءه الشخصي على حساب أمن الكيان الصهيوني، إلا أن النتيجة كانت العكس تمامًا. وقال: “ربما كان نتنياهو يعتقد أنه يسعى وراء غفرانه الشخصي، لكنه في الحقيقة دعا إلى اللعنة الوجودية للكيان الصهيوني”.
————————–
إبراهيم القانص