الإمارات والصين.. شراكة استراتيجية تستند إلى التقارب في الرؤى
تاريخ النشر: 29th, May 2024 GMT
تمثل زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله"، غدا الخميس، إلى جمهورية الصين الشعبية، إضافة نوعية لمسار العلاقات التاريخية بين البلدين الصديقين التي وصلت إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الراسخة على مختلف الصعد وفي المجالات كافة.
وتعد الزيارة محطة بارزة في مسار تعزيز التنمية والازدهار المستدام لكلا البلدين الصديقين والارتقاء بمستوى العلاقات الثنائية ومسارات التعاون والعمل المشترك بينهما في المجالات الاقتصادية، والتنموية، والثقافية، وغيرها.
وترتبط الدولتان بعلاقات وثيقة على مختلف الأصعدة يجسدها الحوار القائم بين الجانبين بشكل دائم، واللقاءات على أعلى المستويات بين البلدين، والاجتماعات الوزارية والحكومية المستمرة بصورة تبرهن مدى الاهتمام الكبير الذي يوليانه لتطوير العلاقات الثنائية فيما بينهما.
وتتميز العلاقات الإماراتية الصينية بأنها تاريخية ومتجذرة، إذ تعد زيارة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه" إلى الصين في مايو 1990 الأولى من نوعها التي يقوم بها رئيس دولة خليجية إلى الصين، التي جاءت بعد زيارة الرئيس الصيني الراحل يانغ شانغكون إلى دولة الإمارات في ديسمبر 1989.
وتسهم الزيارات الرسمية المتبادلة بين قادة البلدين، في ترسيخ العلاقات الثنائية بينهما ودفعها نحو مزيد من التطور، ومنها زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى الإمارات في عام 2018، فيما أسست الزيارة التي قام صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى جمهورية الصين الشعبية في يوليو 2019 لمرحلة فارقة وجديدة من الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
وبدأت العلاقات الدبلوماسية الثنائية بين البلدين في 1 نوفمبر 1984، وتم افتتاح سفارة الصين في أبوظبي في أبريل 1985، فيما تم افتتاح سفارة الدولة في بكين في 19 مارس 1987، وفي دلالة على الأهمية القصوى التي توليها الإمارات لتعزيز علاقتها بالصين تم افتتاح قنصليات متعددة للدولة في كل من هونغ كونغ في أبريل 2000، وشنغهاي في يوليو 2009، و كوانغ جو في يونيو 2016، وفي المقابل جرى افتتاح قنصلية الصين في دبي في نوفمبر 1988.
واتسمت العلاقات بين دولة الإمارات والصين بالتعاون والتنسيق المشترك على الصعد كافة وهو ما تجلى في توقيع أكثر من 148 اتفاقية ثنائية ومذكرة تفاهم في شتى المجالات.التعاون الاقتصادي والاستثماري.
يواصل البلدان جهودهما في تطوير الشراكة الاقتصادية المتميزة بينهما نحو مستويات أكثر تنافسية، وتوسيع مجالات التعاون في القطاعات ذات الاهتمام المتبادل لا سيما الاقتصاد الجديد وريادة الأعمال والسياحة والطيران والنقل اللوجستي، وتعزيز التواصل بين مجتمعي الأعمال الإماراتي والصيني، ودعم آليات نمو المشروعات الصغيرة والمتوسطة في أسواق البلدين.وتضطلع اللجنة الاقتصادية والتجارية والفنية المشتركة بين البلدين بأدوار مهمة في استكشاف الفرص الاستثمارية الواعدة في أسواق البلدين بما يخدم رؤاهما وتوجهاتهما الاقتصادية في الحاضر والمستقبل.
وبلغ حجم التجارة الخارجية غير النفطية لدولة الإمارات مع الصين خلال العام الماضي 296 مليار درهم، أي ما يعادل (81 مليار دولار) بنسبة نمو 4.2 % مقارنة بعام 2022، وبذلك حافظت الصين على موقع الشريك التجاري الأول لدولة الإمارات في تجارتها غير النفطية في عام 2023 إذ استحوذت على ما نسبته 12 % من تلك التجارة.وتتربع الصين على المركز الأول من حيث واردات دولة الإمارات بنسبة 18%، كما تحتل الصين المرتبة الــ 11 في صادرات دولة الإمارات غير النفطية بنسبة مساهمة 2.4 % والمرتبة الـ 8 في إعادة التصدير بنسبة مساهمة 4 %، وفي حال استثناء النفط الخام من تجارة الصين مع الدول العربية خلال 2023 تكون الإمارات الشريك التجاري العربي الأول بنسبة مساهمة 30 %.وبلغ إجمالي التدفقات الاستثمارية الإماراتية إلى الصين نحو 11.9 مليار دولار أمريكي بين عامي 2003 و2023، شملت قطاعات عدة أبرزها الاتصالات، والطاقة المتجددة، والنقل والتخزين، والفنادق والسياحة، والمطاط، في حين بلغت التدفقات الاستثمارية الصينية إلى الإمارات 7.7 مليار دولار أميركي خلال المدّة ذاتها.
"الحزام والطريق"
تعد دولة الإمارات بإمكاناتها التنموية وموقعها الاستراتيجي ودورها الاقتصادي الريادي في المنطقة مشاركاً فاعلاً في مبادرة الحزام والطريق التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ في عام 2013، لا سيما وأن المبادرة تركز على دور الإمارات المحوري في التجارة الدولية وتتماشى مع توجهات مئوية الإمارات التنموية، فضلا عن دور المبادرة في دعم حركة إعادة التصدير التي تشكل ركنا أساسيا من تجارة الإمارات غير النفطية مع دول العالم.
أخبار ذات صلة رئيس الدولة يلتقي طلبة الإمارات خلال زيارة دولة يقوم بها إلى كوريا خلال زيارة رئيس الدولة لكوريا.. وزارة الخارجية تطلق أول بعثة ذكية في الخارجالسياحة
يعد قطاع السياحة من أهم القطاعات الرئيسية في العلاقات الاقتصادية المشتركة بين البلدين، حيث وصل إجمالي عدد السياح الصينيين أكثر من مليون زائر في العشرة أشهر الأولى من عام 2023، كما وصل عدد الصينيين المتواجدين في دولة الإمارات نحو 350 ألفا.ووصل عدد رحلات الطيران بين البلدين شهريا إلى أكثر من 210 رحلات عبر شركات الطيران الوطنية الإماراتية.وأكد البلدان خلال اجتماع الدورة الثامنة للجنة الاقتصادية والتجارية والفنية المشتركة التي عقدت في فبراير الماضي في أبوظبي، أهمية إقامة معارض وفعاليات سياحية مشتركة من شأنها الترويج لأبرز المعالم السياحية والتاريخية في البلدين، ودعم الاستفادة من إمكانات ومقومات التنوع السياحي فيهما لجذب المزيد من الوفود السياحية من جميع أنحاء العالم.الثقافة والتعليم.تستحوذ الثقافة على حيز مهم في العلاقات الإماراتية الصينية، إذ ينظر كلا البلدين للثقافة كقوة ناعمة تؤدي دوراً مهماً في مد جسور التعاون والتقارب بين الدول والشعوب حول العالم.
وتشهد العلاقات الثقافية بين البلدين تطورا متناميا وملحوظا، يتمثل في تبادل الزيارات الطلابية ووفود المسؤولين الثقافيين والإعلاميين والباحثين بينهما.ومنذ عام 1989، الذي قام فيه الرئيس الصيني آنذاك، يانغ شانغ كون، بزيارة دولة الإمارات، تم توقيع العديد من الاتفاقيات الثقافية بين البلدين، فقد وقعت الإمارات والصين في ذلك العام، الاتفاقية الإماراتية الصينية للتعاون الثقافي، وفي عام 2001، وقع البلدان اتفاقية التعاون الثقافي والإعلامي.
وساهم مركز الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لدراسة اللغة العربية والدراسات الإسلامية، الذي تأسس عام 1990، بجامعة الدراسات الإسلامية في بكين، في نشر الثقافة العربية في الصين، وتعزيز اللغة العربية، كما ساهمت الأسابيع الثقافية والمهرجانات الموسيقية والفعاليات التي يتم تنظيمها بين البلدين، ومعارض الكتب، في تعزيز العلاقات الثقافية بينهما والدفع بها إلى الأمام عاما بعد عام.
ويمثل التعليم ركنا أساسيا في العلاقات الثقافية الإماراتية الصينية، فهناك زيادة كبيرة من ناحية التبادل الطلابي والتعاون بين الجامعات والهيئات التعليمية بجميع أشكالها لتبادل الخبرات بين البلدين في هذا المجال.وفي عام 2015، وقع البلدان على مذكرة تفاهم للتعاون في مجال التعليم العالي لتشجيع التعاون في مجالات العلوم وضمان جودة التعليم بين مؤسسات التعليم العالي ومراكز البحث العلمي في كلا البلدين، وتبادل المنح الدراسية الجامعية.
وشهد العام 2019 إطلاق "مشروع تدريس اللغة الصينية في مائتي مدرسة"، في دولة الإمارات، الذي استقطب حتى اليوم أكثر من 71 ألف طالب وطالبة في 171 مدرسة بمختلف إمارات الدولة، ما يجسد الاهتمام الكبير من قبل الطلاب الإماراتيين بتعلم اللغة الصينية كجسر للتواصل الحضاري والإنساني بين البلدين.
المصدر: وام
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: بكين الصين الإمارات الإماراتیة الصینیة الرئیس الصینی دولة الإمارات بین البلدین غیر النفطیة آل نهیان الصین فی أکثر من فی عام
إقرأ أيضاً:
"جلف داتا هب" و"كيه كيه آر" تطلقان شراكة استراتيجية
أعلنت شركة "جلف داتا هب" في دبي، إحدى أكبر منصات مراكز البيانات المستقلة في الشرق الأوسط، وشركة "كيه كيه آر" العاملة في مجال الاستثمار بالبنية التحتية الرقمية، بحضور الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير دولة للتجارة الخارجية، وعمر سلطان العلماء، وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي، عن توقيع شراكة استراتيجية تقوم بموجبها صناديق تابعة لـ"كيه كيه آر" بالاستحواذ على حصة في "جلف داتا هب".
وتندرج هذه الصفقة في إطار استراتيجية "كيه كيه آر" للبنى التحتية العالمية، وتخضع للموافقات التنظيمية اللازمة.
وبموجب الشراكة، التي تمثل واحدة من أكبر الاستثمارات الدولية في شركة مقرها دولة الإمارات، تلتزم الشركتان بتخصيص استثمارات إجمالية تتجاوز 5 مليارات دولار لتعزيز المكانة الرائدة لشركة "جلف داتا هب" في السوق، وتوسيع نطاق أعمالها وتطوير منصتها، والاستفادة من خبرتها كأول منصة في المنطقة، وإنشاء وتشغيل مراكز بيانات متطورة تلبي أعلى معايير الأداء والأمان، وتقديم حلول مبتكرة تسهم في تحقيق النمو المستدام في مختلف الأسواق الإقليمية والعالمية.
وتعزز الشراكة مكانة دولة الإمارات مركزاً عالمياً للابتكار الرقمي، وتعكس ما تتمتع به من بنية تحتية رقمية رائدة، تدعم استراتيجيات التنمية المستقبلية وتعزز التعاون الدولي في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
من جانبه، أكد عمر سلطان العلماء أن المبادرات الرائدة والاستثمارات الاستراتيجية التي تنطلق من دولة الإمارات إلى العالم، تجسد مكانتها الريادية العالمية في تسريع التحول الرقمي واعتماد حلول الذكاء الاصطناعي، وتترجم طموحها بأن تكون مركزاً عالمياً لتشكيل مستقبل التكنولوجيا.
وقال العلماء إن إطلاق هذه الشراكة والاستثمار في مجال البنية التحتية الرقمية، يعكس رؤية حكومة الإمارات في توسيع الابتكار ودعم الاقتصاد الرقمي والاستثمار في مجالات الرقمنة والذكاء الاصطناعي والوصول بها إلى آفاق جديدة، ويترجم ثقة الشركات العالمية بالبيئة والبنية الرقمية المتقدمة في الإمارات، والجاهزية التي تتميز بها، والبيئة الاستثمارية المرنة والداعمة والقادرة على إحداث نقلات نوعية االمية في مجال التحول الرقمي.
الشراكة علامة فارقة
من جهته، قال طارق الأشرم، مؤسس ورئيس شركة "جلف داتا هب": "تمثل الشراكة علامة فارقة في رحلة نمونا حيث نرحب بشركة " كيه كيه آر"، الشركة العالمية الرائدة في الاستثمار في البنية التحتية الرقمية، كشريك استراتيجي في أعمالنا حيث ستمكننا هذه الشراكة الاستراتيجية من الاستفادة من خبرتهم العميقة لتحقيق طموحاتنا الإقليمية الشاملة وتنفيذ مهمتنا المتمثلة في أن نكون أفضل الشركاء مشيراً إلى نمو شركة "جلف داتا هب" على مدار السنوات الـ 12 الماضية لتصبح واحدة من أنجح منصات مراكز البيانات في المنطقة لدعم متطلبات مجال السحابة والمجالات الرقمية.
الشرق الأوسط منطقة سريعة النمو في مجال مراكز البيانات المتطورة
وقالت تارا ديفيز، الرئيسة المشاركة لشركة "كيه كيه آر" في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا والرئيسة المشاركة للبنية التحتية الأوروبية: "إن الشرق الأوسط منطقة سريعة النمو على صعيد مراكز البيانات الرقمية فائقة الحجم. ومع مصادر الطاقة المتاحة بأسعار تنافسية، والقدرة التي لا مثيل لها على العمل كمركز بوابة لآسيا وأفريقيا، والالتزام الحكومي المستدام بدعم نمو القطاع الرقمي، أصبحت المنطقة أحد أكثر الوجهات الاستثمارية الجاذبة لرأس المال الطويل الأجل. ويتماشى استثمارنا في "جلف داتا هب" مع رؤيتنا في مجال البنية التحتية الرقمية وتمكننا من الاستفادة من الشراكات العالمية لتسريع نمو الأعمال الرائدة في المنطقة".
وقال فالدمار شليزاك، رئيس البنية التحتية الرقمية العالمية في شركة "كيه كيه آر": "تشكل الأصول الرقمية اليوم العمود الفقري لمجتمعنا القائم على البيانات ومع استعداد العالم لتوليد بيانات رقمية أكثر بـ 1.5 مرة مما كان عليه قبل عامين فقط، فإن الطلب على سعة مراكز البيانات يتزايد بشكل كبير، كما أن انتشار الذكاء الاصطناعي ليس مجرد توجه مؤقت فحسب؛ بل إنه يعيد تشكيل مشهد البنية التحتية الرقمية ومع تطور متطلبات الأعمال، فإن الاستثمارات الاستراتيجية مثل الشراكة مع "جلف داتا هب" ستسخر الإمكانات الكاملة لمستقبلنا الرقمي. ونتطلع إلى العمل مع "جلف داتا هب" لتعزيز النجاح والتقدم معاً".
يذكر أن "جلف داتا هب" تأسست عام 2012 واتخذت من دبي مقرها الرئيسي، وتتميز بسبعة مراكز بيانات حديثة ومبنية خصيصًا في دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية، وتخطط إلى بناء مرافق إضافية في الكويت وقطر والبحرين وعمان، كما تتميز بقدرة تشغيلية كبيرة وتركز على توفير البنية التحتية المطلوبة لتلبية الطلب الكبير في كافة أنحاء المنطقة، لدعم زيادة استهلاك البيانات في المجالات الرقمية والذكاء الاصطناعي.
وتتميز شركة "كيه كيه آر" بعملها في الشرق الأوسط منذ 15 عامًا، حيث لديها مكاتب في دبي والرياض، وحظيت باستثمارات كبيرة سابقا في المنطقة مع شركة أدنوك لإنشاء خطوط أنابيب أدنوك النفطية، والتي كانت أول شراكة للبنية التحتية المتوسطة بين مستثمر عالمي وشركة نفط وطنية في الشرق الأوسط، وأطلقت الشركة استراتيجيتها العالمية للبنية التحتية لأول مرة عام 2008 لتصبح أحد أكثر المستثمرين نشاطًا في البنية التحتية في جميع أنحاء العالم بقيمة أصول بنية تحتية بقيمة 77 مليار دولار قيد الإدارة. كما تضم محفظة الشركة العالمية 4 منصات فائقة الحجم تتضمن سعات تخزينية بعدة غيغا واط موزعة ضمن أكثر من 100 منشأة.