"كَشْف السِّتَار عن حَالة ظفَار" للشيخ عيسى الطائي قاضي قضاة مسقط (5)
تاريخ النشر: 29th, May 2024 GMT
تحقيق: ناصر أبوعون
قال الشيخ القاضي الأجَلُّ عيسى بن صالح بن عامر الطائيّ في مُفتتح مخطوطةِ "كشف السِّتار عن حالة ظَفار": [(بسم الله الرحمن الرحيم، الحَمْدُ للهِ الَّذِي جَعَلَ الأَسْفَار* نُزْهَةً لِذَوِي الأَبْصَار* وجَعَلَ فِيْها عَظِيمَ الذِّكْرَى والاعْتِبَار* وأَمَرَ الإنسانَ بالسَّعِي فِي مَنَاكِبِ هَذِهِ الأَرْضِ وأَنْ يَكْدَحَ لِنَفْسِهِ فِيْهَا كَدْحًا لِيَنَالَ بِمَاضِي عَزْمِهِ مَقْصِدًا ونُجْحًا* لِكَي يَقِفَ عَلَى آثَارِ الأُمَمِ البَائِدَة* وَالْمُلُوكِ السَّائِدَة* قَالَ تَعَالَى: {أَوَلَمْ يَسِيرُواْ فِى ٱلْأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ}* والصَّلاةُ والسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ المَبْعُوثِ مِنْ أَشْرَفِ أَرُومَةٍ وأَزْكَى نِجَار* وعَلَى آلِهِ الأَطْهَار، وصَحَابَتَهِ الأَبْرَار)].
افتتاح تدوين الرحلة بالبسملة
في مطلع المخطوطة افتتح الشيخ القاضي الأجَلّ عيسى الطائيّ تصنيفه "كَشْفِ السِّتار عن حالة ظَفار" بـ(البسملة) الكاملة التامّة فقال: [(بسم الله الرحمن الرحيم)] جهرًا ولفظًا وكتابةً اقتداءً بما عليه (الإباضيّة) و(الشافعيّة)، ومتابعةً لنهج الكثرة الغالبة من الصحابة والتَّابعين، ومن بعدهم معظم الفقهاء والقراء، والعلماء مُسْتَحِثًّا جمهور المؤمنين على الاستفتاح بالبسملة في سائر شؤون حياتهم؛ حيث "الافتتاح بـ(بسم الله الرحمن الرحيم) فيه تعليم للناس بأن يفتتحوا أعمالهم ببسم الله، وهذا يعني أن تكون أفعالهم في حدود شرع الله لا تتجاوزه فتبقى دائرةً في حدود الواجب والمَندوب والمُباح، كما أن في ذلك تعليمًا للناس بأن أعمالهم كلَّها لا زِنَةَ لها في كِفَّةِ الدِّين ما لم يُقْصَد بها وجه الله سبحانه. والعبد عندما يفتتح أيَّ عملٍ بـ(اسم الله) يشعر أن عمله محكوم بشرع الله؛ فليس له أن يتصرَّف كما يُمْلي عليه هواه"([[1]])
التثنية بالحمد بعد البسملة
أمّا قول الشيخ القاضي الأجَلّ عيسى الطائيّ: [(الحَمْدُ للهِ)]؛ فهو تقليدٌ متبعٌ في خُطْبةِ الكُتب والتَّصانيف العربيّة والإسلاميّة منذ انبلاج فجر عصر التدوين بعد نشوء الدولة النبويّة في المدينة. وفي التّثنيةِ بـ(الحَمْدُ) صِيغة قرآنيّة وجملة اسمية ودعاءٌ وإفصاحٌ من الشيخ القاضي عن شكره لله والثناء عليه والإقرار له بالفضل على نعمه، وهي من أعظم التوسلات والقُربات، ودَلَّ عليها قول جَابِر بْن عَبْدِ اللَّهِ – رَضِيَ الله عنه -: "سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: (أَفْضَلُ الذِّكْرِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَفْضَلُ الدُّعَاءِ (الحَمْدُ لِلَّهِ)"([[2]])، وجاء في إعراب القرآن لمحيي الدين درويش؛ أنَّ:"جملة (الحمد لله) خبر؛ لكنها استُعْمِلت لإنشاء (الحمد) والاسميّة فيها تفيد ديمومة الحمد واستمراره وثباته، وفي قوله: (لله) اختصاصٌ للدلالة على أن جميعَ المَحَامدِ مُخْتَصَة به".وتقديم المخصوص بالحمد على الفعل من وجوه الاختصاص المأثورة عند العرب الأقحاح، وشاهده قول: سلمى بنت حريث النّضريّة: "(فاللهَ أَحْمَدُ)؛ إِذْ لَاقَى مَنِيَّتَهُ*أَبُو الْهُزَيْلِ كَرِيْمَ الخِيْمِ والخَبَرِ"([[3]]).
جمع بين السَّفَر والنُّزهة
وفي قول الشيخ القاضي الأجَلّ عيسى الطائيّ: [(الَّذِي جَعَلَ الأَسْفَار* نُزْهَةً لِذَوِي الأَبْصَار)]؛ تِبيانٌ للغرض الجوهريّ من الرحلة إلى ولاية (ظَفار) حيث لم تكن سَعيًا وهجرةً وأخذًا بالأسباب في تحصيل المعايش والأرزاق فحَسْبُ، وإنّما سياحة ونزهة وتكليفٌ بمصاحبة السلطان السيد تيمور بن فيصل بن تركي بن سعيد بن سلطان بن أحمد بن سعيد البوسعيديّ (1886م- 1965م) في إحدى سفراته السّنوية وبمعيّة الخاصة السُلطانيّة، ضمن وَفْدٍ من كِبار رجالات دولة عُمان ومسقط ومستشاريه وخاصته.
و(الأَسفار) جمعٌ واحدُها (سَفَر)، ومقصودها التَّرحُّل والانتقال من مكان إلى آخر، ورصد علم الإحصاء القرآنيّ ثمانية مواضع، وردت فيهم بلفظها ومعناها، ومن شواهدها الشعريّة في ديوان تأبَّط شرًّا:"فقُلْتُ لَهَا: كِلَانَا نِضْوُ أَرْضٍ*أَخُو (سَفَرٍ) فَخَلِّي مَكَانِي"([[4]]) غير أنّ معنى (الأسفار) ورد في موضع آخر من القرآن الكريم مشارًا إليه بكلمة (الضَّرْب) في الأرض والتي مقصودها السَّفر والسَّعي؛ وشاهده قوله تعالى: {وَإِذَا (ضَرَبْتُمْ) فِى ٱلْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ ٱلصَّلَوٰةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ ۚ إِنَّ ٱلْكَٰفِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا}([[5]]).
أمّا قول الشيخ القاضي الأجَلّ عيسى الطائيّ [(نُزْهَةً لذوي الأبصار)] التي جمعها: (نُزَهٌ)، وجذرها:(ن ز هـ)، والاسْمُ مشتق مِنَ (التَّنَزُّهِ)، ومأثور القول فيها: "خَرَجَ إِلَى (النُّزْهَةِ)". وبالبحث عن معناها في مخطوط "كَشْف السِّتار عن حَالَة ظَفَار" وجدنا الشيخ عيسى الطائيّ قد قصد بها الدلالة على معنيين اثنين؛ أمَّا المعنى الأول فمقصوده الخروجُ لِلتَّفَسُّحِ وَالرَّاحَةِ فِي الطَّبِيعَةِ وأماكن الخُضرة والبساتين ونحوها، وفيه إشارة لما تتمتع به ولاية ظَفار من طقس ربيعيّ وجوٍّ معتدل في موسم الخريف؛ وشاهد هذا المعنى ورد في المأثور عن عبد الحميد الكاتب: "ثُمَّ غَدَونَا، يَا أَمِيْرَ المُؤمِنين، إِلَى أَرْضٍ وُصِفَ لَنَا صَيْدُهَا بِالكَثْرَةِ، ورِيَاضُهَا بِـ(النَّزِهَةِ).. فَأَتَيْنَا فَلَمْ نَرَ صَيْدًا وَلا عُشْبًا، وَلا (نُزْهَةً)، ولا حُسْنًا"([[6]])، وأمّا المعنى الآخر الذي قصده الطائيّ فمُرادُه المكان البعيد عن الدور ونحوها، حيث المسافة بينها وبين مسقط تقارب الألف كيلو مترا. والشاهد في هذا المعنى قول سعيد بن العاص الأُمويّ القُرَشِيُّ:"إنَّ مَنْزِلِي هذَا لَيسَ مِنْ العُقَدِ، إِنَّمَا هُوَ مَنْزِلُ (نُزْهَةٍ)، فَبِعْهُ مِنْ مُعُاوِيَةَ"([[7]])
الفرق بين الأبصار والأنظار
وقد لاحظنا انتخاب الشيخ القاضي الأجل عيسى الطائيّ للفظة (الأبصار) بديلا عن مفردة (الأنظار)، وهذا الانتخاب هو دالٌّ على عمق معرفته بفنون اللغة، وشمول رؤيته وعلو هِمّته؛ وقد جاء بها في موضعها من الجملة للإيحاء بالغاية المتحصّلة من رحلته، ودعوة للمطالعين لرحلته بالتمثّل به في أخذ العبرة، وتقليب الفكرة حول كل ما هو مرئيٌّ في (ظَفار) والتَّدبُّر في أحوالها، والتَّأمل في طقسها ومناخها، وإعمال العقل في آثارها ومطالعة تراثها؛ بينما مفردة (الأنظار) ضيّقة في معناها، ومقصورة على الإحساس والمشاهدة والمعاينة والرؤية الفسيولوجية في مبتغاها. أمّا التعبير بـ(الأبصار) فأعمّ وأشمل، وهو مرصود إحصائيًّا في القرآن الكريم في 148 موضعًا على اختلاف وتباين مشتقاته، وقد وظَّفه الشيخ القاضي الأجلّ في مطلع مخطوطه، وانتقل به من الرؤية إلى الفكرة، ومن الإحساس إلى الإدراك، ومن المُعاينة إلى الإحاطة والتدبّر. ومعنى (الأبصار) أجاد في تبيانه وشرح مقصده شيخُ اللغويين فاضل السامرائي بقوله: "معنى (الأبصار) ممتد إلى ما بعد المشاهدة بالعين ليشمل التَّدبّر والتَّفكَّر والتَّأمّل الذي يؤدي إلى الاقتناع بما هو حق".
وبناءً على ما تَقَدّم فإنّ الشيخ القاضي الأجَلّ عيسى الطائيّ انتقى بعناية لفظة (الأبصار)، وأهمل مفردة (الأنظار)؛ ليجمع بين جُنْحَين للمعنى؛ جُنْح الرؤية العَينيّة الذي تَحَقَّقَ بالمشاهدة، وجُنْح الرؤية القلبيّة الذي تَحَصّلَ بالإدراك في إهابٍ واحدٍ جامعٍ شاملٍ مانعٍ؛ فـ"(الإِبْصَارُ) معناه نَفَاذُ العَقْلِ والقَلْبِ فِي إِدْرَاكِ حَقَائِقِ الأُمُورِ" ودَلَّ عليه قولُ ابْنُ السِّكِّيتِ (186هـ -244هـ /802 - 858 م): "(إِبْصَارُكَ) الهُدَى يُقَوِّيْكَ عَلَى طَرِيْقِكَ"([[8]])؛ حتى إذا ما تنقَّل شيخنا الطائيّ ما بين وديان (ظَفار)، وساح في أفيائها، سَجَّلَ بعدسةِ (إبصاره العينيّة) كلَّ أثَرٍ مرئيٍّ باقٍ، وشاهد كلّ طللٍ دارسٍ هناك، وعاين كل مَعْلمٍ ماديّ محسوس. وهذا النوع من (الإبصار) التأملّيّ التوثيقيّ أشار إليه حميد بن ثور الهلاليّ في بيتٍ شعريّ له قال فيه: "لا (أُبْصِرُ) الشَّخْصَ إِلا أَنْ أُقَارِبَه*مُعْشَوشِبًا بَصَرِي مِنْ بَعْدِ (إِبْصَارِي)"([[9]])، ثُمَّ ضمّ شيخنا الطائيّ إلى رؤيته الحسيّة العينيّة إِبصَارَه العقليَّ في تمام يقظته وإدراكه وتدبّره؛ وشاهده الشعريّ نعثر عليه في قول الأعشى الكبير مادحًا:"مَعِي مَنْ كَفَانِي غَلاءَ السِّبا*وسَمْعَ القلوبِ و(إبصارِها)"([[10]]).
معاني ومقاصد (الاعتبار)
قال الشيخ القاضي الأجَلّ عيسى الطائيّ:[(وجَعَلَ فِيْها عَظِيمَ الذِّكْرَى والاعْتِبَار)]. ومعنى "(الاعتبار)؛ في اللغة رَدُّ الشيء إلى نظيره؛ بأنْ يَحْكُمَ عليه بِحُكْمه، ومنه سُميَ الأصلُ الذي تُرَدُّ إليهِ النظائرُ (عِبْرَةً)؛ وهو يشتمل على (الاتِّعَاظِ والقياس العقليّ والشَّرعيّ، وهو على ثلاثة وجوه: (الاعتبار عند المحدثين)، و(الاعتبار عند الأصوليين)، و(الأمر اللاعتيادي)" ([[11]])، وإذا ما طالعنا (معجم الدوحة التَّاريخيّ للغة العربية) رصدنا عِدَّة مَعَانٍ لمفردةِ (الاعتبار)؛ منها: (استخلاص الحكم العام من استقراء أحوال خاصة متشابهة)، و(استنباط المطلوب المجهول من دليل معلوم)، و(إدخال الأمر في الحكم على وجه من الوجوه)، و(اعتبار القول بالقول، أي تنزيله ليقع فهمه عليه)، و(أخذ العبرة والموعظة)، و(النظر في الأمر والتَّأمُّل فيه)، و(الاعتبار بالشيء أي: الاعتداد به)، و(معرفة الحق بالدلالات القاطعة).
وإذا ما عدنا لمُفردةِ (الاعتبار) في مخطوط "كَشْف السِّتَار عن حَالةِ ظَفَار" للشيخ القاضي الأجل عيسى الطائي وجدنا دلالاتها توزّعت على أربعة معانٍ: أمّا المعنى الأول؛ فهو (أخذ العبرة والموعظة من السفر)؛ ومنه قول عمر بن الخطاب – رضي الله عنه -: "وقَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ أَمْرٍ بَابًا، وبَشَّرَ لِكُلِّ بَابٍ مِفْتَاحًا؛ فَبَابُ العَدْلِ (الاعْتِبَارُ)، ومِفْتَاحُه الزُّهْدُ، و(الاعتبارُ) ذِكْرُ المَوتِ بِتَذَكُّرِ الأَمْوَات"([[12]])، وأمّا المعنى الثاني؛ فهو (النظر في الأمر والتأمّل فيه)؛ ومنه قول الأفوه الأوديّ: "إِنْ تَرَي رَأْسِي فِيْهِ قَزْعٌ*وشَوَاتِي خَلَّةٌ فِيْهَا دَوَارُ/أَصْبَحَتْ مِنْ بَعْدِ لَوْنٍ وَاحِدٍ*وهِي لَوْنَانِ وفِي ذَاكَ (اعْتِبَارُ)"([[13]])، أمّا المعنى الثالث في (الاعتبار) عند الطائيّ فمقصوده (التدبُّر والتفكُّر)، وشاهده قول الشاعر:"أَلا فِي الأولِ المَاضي (اعْتِبَارُ)*لِذِي عَقْلٍ أَخِي فَهْمٍ بَصِيْرِ"([[14]])، أمَّا المعنى الأخير الذي وافق مقصود الشيخ الطائيّ من مفردة (الاعتبار)؛ فهو "الاعتبار بالسفر؛ أي: الاعتداد به" والتأكيد عليه في تحصيل المعرفة؛ ومنه قول الشاعر: "فَاسألُوا عَنَّا الرَّدَى ثُمَّ الظُّبَا*يَوْمَ قَحْطَانُ ضِبَاعٌ لا تُجَارُ/ إذْ قَتَلْنَا بِالحِمَى سَادَتِكُم*وأَجَرْنَاكُمْ وفِي ذَاكَ (اعٍتِبَارُ)"([[15]]).
توظيف التَّناص القرآنيّ
قال الشيخ القاضي الأجَلّ عيسى الطائيّ: [(وأَمَرَ الإنسانَ بالسَّعِي فِي مَنَاكِبِ هَذِهِ الأَرْضِ وأَنْ يَكْدَحَ لِنَفْسِهِ فِيْهَا كَدْحًا لِيَنَالَ بِمَاضِي عَزْمِهِ مَقْصِدًا ونُجْحًا)].
هذه الفقرة تتوفّر على مقطعين من التَّناصّ، في إطار ما يُسمى بـ"التَنَاصٌّ الشَكْليٌّ الجُزئيٌّ"؛ فأمّا المقطع الأول ففيه تَنَاصٌّ مع الآية (15) من سورة المُلك، في قول الله – عَزَّ و جَلَّ -: {هُوَ ٱلَّذِى جَعَلَ لَكُمُ ٱلْأَرْضَ ذَلُولًا فَٱمْشُواْ فِى مَنَاكِبِهَا وَكُلُواْ مِن رِّزْقِهِۦ ۖ وَإِلَيْهِ ٱلنُّشُورُ}، وقد فصَّل العلماء القول في تفسير الـ(مناكب)؛" فقال ابن عباس وقتادة: (في جِبَالها)، وقال الضَّحَاك:(في آكَامِها)، وقال مُجاهد:(في طُرُقِها وفِجَاجِها)، وقال الحَسَن:(في سُبُلِها)، وقال الكَلبيّ:(في أَطْرَافِها)، وقال مُقاتل: (في نَوَاحيها)، وقال الفَرَّاءُ:(في جَوانبِها). والأصل في كلمة (الجَانِب)، ومنه (مَنْكَب الرَّجُل) و(الرِّيحُ النَّكباء) و(تَنَكَّبَ فلان) [أي جَانَبَ]([[16]])، "والمَنَاكِبُ منَ الرِّيَاح: مَا يَهِبُّ مُنْحَرِفًا بينَ رِيحين فيشتدُّ ضَررُه"، وشاهدها الشعريّ في قول الطِّرِمّاحُ بنُ عَدِيٍّ الطائيّ يصف رياحًا أثارت حنينَه: "هَاجَتْ نَزَاعَا سَهْوًا(مُنَاكِبَةً)*مِنْ فَجِّ نَجْرَانَ تَغْتَلِي بُرُدُهْ"([[17]])، وأمّا المقطع الثاني من الفقرة فالتناصٌّ فيه مأخوذ من الآية السادسة من سورة الانشقاق في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ}؛ وجاء في (التفسير الوسيط) أنّ أصل (الكدح) في كلام العرب: السعى في سبيل الحصول على الشيء بجد واجتهاد وعناء، وهو مأخوذ من (كدح فلان جلده)، إذا خدشه، وفي معناه قال الشاعر: "وما الدهر إلا تارتان فمنهما*أموت، وأخرى أبتغى العيش (أكدح)" وقول الآخر:"ومضت بشاشة كل عيش صالح*وبقيت (أكدح) للحياة وأنصب" أَيْ: وبقيت أسعى سعيا حثيثا للحياة، وأتعب من أجل الحصول على مطالبي فيها. والضمير في قوله تعالى: (فَمُلاقِيهِ) عائد إلى (الله) - تبارك وتعالى-، ويَصِحُّ أن يعود إلى (الكدح)، بمعنى: ملاق جزاء هذا (الكدح). والمعنى العام: يا أيها الإنسان إنك باذل في حياتك جهدا كبيرا من أجل مطالب نفسك". ومن الملاحظ أنّ هذا التَّناصّ القرآنيّ مَبْنِيٌّ من مجموعة "تراكيب غير مكتملة، ومُقْتَطعة من نصٍّ غائب قائم على اقتباس بعض المفردات"([[18]]).
أمّا قول الشيخ القاضي الأجَلّ عيسى الطائيّ: [لِيَنَالَ بِمَاضِي عَزْمِهِ مَقْصِدًا ونُجْحًا)]؛ فهو نتيجة (الكدح والسعي)، والفعل (ينال) مُتعدٍ ينصب مفعولا واحدًا. ومن معانيه: أدركه وحازه. والنَّيل: (الإصابة). ويقال (ناله). أي أصابه ووصل إليه. ويُقال أيضا بمعنى أحرز، فإن فيه معنى الإصابة([[19]]) ومن شواهده القرآنية برواية حفص عن عاصم: في قَوْلِهِ تعالى: {لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها ولا دِماؤُها ولَكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنكُمْ}([[20]])، أمَّا شاهده الشّعريّ فنقرأه في بيتٍ منسوب إلى عمرو بن عَديّ اللّخميّ الذي قال فيه: "فَمَا شَرِبَ الشَّرَابَ كَمِثْلِ عَمْرٍو*ومَا (نَالَ) المَكَارِمَ فَاصْبِحِيْنَا"([[21]]) وأمّا قول الشيخ الطائيّ[(مَقْصِدًا ونُجْحًا)] فهو تعبيرٌ إشاريٌّ وبديعيّ فيه (إجمالٌ) يتبعُه (تفصيل) مقصود به: الظفر والفوز بالمراد، ومنه قول عَديّ بن يزيد العِباديّ يشكو حَالَه سجينًا: "فَعُدْتُ كَذَا (نُجْحٍ) يُرَجَّى نُصُورُهُ*يَبِينُ فَلَا يَبْعُدْ كَذِيْ الخَلَقِ البَالي"([[22]])
توظيف التوجيه القرآنيّ
قال الشيخ القاضي الأجلّ عيسى الطائيّ: [(لِكَي يَقِفَ عَلَى آثَارِ الأُمَمِ البَائِدَة* وَالْمُلُوكِ السَّائِدَة* قَالَ تَعَالَى: {أَوَلَمْ يَسِيرُواْ فِى ٱلْأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ}]، بدأه بـ(كَيْ) وهو حرفٌ مصدريّ ونصب مبنيٌّ على السكون، وألحق به (اللام الخافضة)؛ وهو حرف تعليل وجر مبني على الكسر؛ فصار (لِكَيْ)، وإثباتها في هذا الموضع جاء تعليلا للإجمال بعد التفصيل وإفادة الاستقبال لما بعده، ومقامها للدلالة على أنّ الغاية الكبرى من السفر في التشريع الإسلاميّ؛ هي التفكّر والاستبصار في أخبار الأمم السابقة وتحصيل العبرة والموعظة، وجمع العلم من الصحائف والصدور، وهدفه الأسمى؛ السعي على الأرزاق والمعايش.
وأما قول الشيخ القاضي الأجَلّ عيسى الطائي: [(يَقِفَ عَلَى آثَارِ الأُمَمِ البَائِدَة، والملوك السائدة)]؛ فهو إجمالٌ بعد تفصيل، ووافق مقصوده بـ(آثار الأمم والملوك) أربعة معانٍ لاغير؛ أمّا الأول: فمعناه: (ما تبقّى من رسومِ الدِّيارِ ونحوها)، وشاهده في ديوان الإيادِيّ"أَمِنْ رَسْمٍ يُعَفَّى، أَوْ رَمَادِ*وَسَفْعٍ كَالْحَمَامَاتِ الفِرَادِ/وَ(آثَارٍ) يَلُحْنَ عَلَى رَكْيٍ*بِنَعْفِ مُلَيْحَةٍ، فَالْمُسْتَرَادِ؟"([[23]])، وأمَّا المعنى الثاني، فهو:(البِناءُ الذي طالَ بقاؤُه)، وشَاهِدُهُ في رواية وهب بن مُنبِّه الصَّنْعانيّ:"ثُمَّ جَازَ إِلى الشَّامِ، وَبَلَغَ المَغْرِبَ، فَأَكْثَرَ (الآثَارَ) فِي المَغْرِبِ حتَّى بَلَغَ البَحْرَ المُحِيْطَ، يَبْنِي المُدَنَ ويَتَخِذُ المَصَانِعَ"([[24]])، وأمّا المعنى الثالث فمقصوده: (الخبر)، وشاهده أيضًا في رواية (وهب بن منبِّه)، الذي يقول فيه: (أَدْرَكْنَا الحُكَمَاءَ وَالمُعَمِّرين، وأَهْلَ (الآثَارِ) بِالْعِلْمِ الأوَّلِ، مِنْ أَهْلِ تِهَامَةَ، يَذْكُرونَ غُرْبَةَ الحَارِثَ بْنُ مُضَاضٍ الجُرْهُمِيّ"([[25]])، وأمَّا المعنى الرابع والأخير فالمرادُ به: (الصِّيتُ والذِّكْرُ الحَسَنُ)؛ ومن شواهده قول عَديّ بن زيدٍ العِباديّ:"غَيْرُ العَنِيْفِ بِمَا أَدَّتْ نَقِيْبَتُه*يَبْنِي لِمَنْ بَعْدَهُ نُعْمَى وَ(آثَارَا)"([[26]]).
ثم عقَّبَ الشيخ القاضي الأجَلّ عيسى الطائيّ بالمقطع الأول من الآية القرآنيّة {أَوَلَمْ يَسِيرُواْ فِى ٱلْأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ}؛ تعليلا لما فصَّل فيه أولا، وتأكيدًا على الحكمة والغاية المرادة من السفر، وقد ورد هذا المقطع بلفظه ونسقه على ترتيب سور المصحف في مواضع ثلاثة من القرآن؛ أولها في سورة الروم (الآية 9)، والموضع الثاني في سورة فاطر(الآية 44)، والموضع الثالث في سورة غافر (الآية21)، بينما نقرأه في موضع رابع استبدل الله فيه قوله:(أَوَلَمْ) بقوله: (أَفَلَمْ) في (الآية 10) من سورة محمد، في قوله تعالى {أَفَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۖ}. والاستفهام في جُلّ الآيات الأربع للتقريع والتوبيخ لعدم تفكّرهم في الآثار وتأمّلهم لمواقع الاعتبار، والفاء في: {فَيَنظُرُواْ} للعطف على {يسيروا} داخل تحت ما تضمنه الاستفهام من التقريع والتوبيخ، والمعنى: أنهم قد ساروا وشاهدوا {كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ}([[27]]).
وختم الشيخ القاضي الأجَلّ عيسى الطائيّ خطبة مخطوط "كَشْف السِّتار عن حالة ظَفَار" بالصلاة على النبي المختار بقوله:[(والصَّلاةُ والسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ المَبْعُوثِ مِنْ أَشْرَفِ أَرْوِمَةٍ وأَزْكَى نجار* وعَلَى آلِهِ الأَطْهَار، وصَحَابَتَهِ الأَبْرَار)]. موظّفًّا (السجع) و(الازدواج) بما يُحْدِثَاه من تأثير بديعيّ في الآذان الواعية، وما يَستحِثاه من طاقة رُوحيّة في النفوس القارئة، وفَصَّلَ القول على ثلاثة وجوه؛ أمّا الوجه الأول فأشار فيه إلى النسب النبويّ الشريف بقوله: [(أَشْرَفِ أَرُومَةٍ وأَزْكَى نِجَار)]؛ و(أرومة الإنسان) أصله، ودلّ عليه قول النبيّ الأكرم عن نسبه: "إنَّ اللَّهَ اصطَفى من ولدِ إبراهيمَ بني إسماعيلَ واصطفى كنانةَ من بني إسماعيلَ واصطفى قُريشًا من كنانةَ واصطفى بني هاشمٍ من قريشٍ واصطفاني من بني هاشمٍ "([[28]])، والشاهد الشعريّ على كلمة (أَرُومَة) نقرأه في بيت للشاعر العُمانيّ ربخة بن حارث الأزديّ:"فنَحْنُ وَأَنْتُمْ مِنْ (أَرُومَةِ) مَالِكٍ*مِنَ النَّبْعِ لا مِنْ جَزْعَةٍ وثُمَامِ"([[29]])، أمّا قول الشيخ الطائيّ:(أزكى نِجَار)؛فقد استعملها لِموافقتها قول النبيّ الأعظم في حديث (الاصطفاء) الإلهيّ معنىً ومبنىً على ثلاث صور؛ أمّا الصورة الأولى من (النِّجار) فدَالةٌ عَلَى (الأصلِ والحَسب) النّبوِيّ الشريف، وشاهِدُها في قول (ابن ماء السَّماء اللّخميّ): "يا عَامُ، وإنّكَ لَتَخَالُ هُضَيْبَات أَجَأَ ذَاتَ الوِبَار، وأَفْنِيَاتِ سَلْمَى ذَاتَ الأَغْفَار، مَانِعَاتُكَ مِنَ المَجْرِ الجَرَّارِ.. وَكُلَّ مَاضِي الغِرَارِ بِيَدِ كُلِّ مِسْعَرٍ كَرِيْمِ (النِّجَارِ)"([[30]])، وأَمَّا الصورة الثانية فدالة على الوصف الجسديّ (الشكل والهيئة) للنبيّ الأكرم، كما ورد في حديث أنس - رضي الله عنه - "كان رَبْعَة من القوم ليس بالطويل ولا بالقصير"؛ وشاهدها من شعر القَتَّال الكِلابيّ: "أَنَا ابْنُ المَضْرَحِيّ أَبِي شُلَيْل*وَهَلْ يَخْفَى عَلَى النَّاسِ النَّهَارُ/عَلَينَا سِبْرُهُ وَلِكُلِّ فَحْلٍ عَلَى أَوْلَادِه مِنْه (نِجَار)"([[31]])، أمّا الصورة الثالثة فدالةٌ على (اللون)، وقد كان لون النبي –صلى الله عليه وسلم-: كما جاء أيضا في حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه- "أَزْهَر اللون ليس بأبيض أَمْهَق ولا آدَم([[32]]) ونقرأ من شواهده الشعريّة قول ابن مقبل العَجْلانِيّ التَّميميّ:"مُقَلَّدٌ قُضُبَ الرَّيْحَانِ، ذُو جُدَدٍ*في جَوْزِهِ مِنْ (نِجَارِ) الأَدْمِ تَوْسِيمُ"([[33]]).
....
المراجع والمصادر:
([[1]]) جواهر التفسير أنوار من بيان التنزيل، سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي، ج1، ط: 1404هـ - 1984م، مكتبة الاستقامة، ص: 159
([[2]]) رواه الترمذي (3383).
([[3]]) كتاب بلاغات النساء وطرائف كلامهن وملح نوادرهن وأخبار ذوات الرأي منهن وأشعارهن في الجاهلية وصدر الإسلام: ابن طيفور البغداديّ (ت، 280هـ)، تحقيق: أحمد الألفي، مطبعة مدرسة والدة عباس الأول، القاهرة (1326هـ - 1908م)، ص: 181
([[4]]) ديوان تأبَّط شرًّا وأخباره، جمع وتحقيق وشرح: علي ذو الفقار شاكر، دار الغرب الإسلاميّ، بيروت، ط1، (1404هـ - 1984م)، ص: 268
([[5]]) سورة النساء، الآية: 101
([[6]]) جمهرة رسائل العرب في عصور العربية الزاهرة(العصر الجاهلي وعصر صدر الإسلام): أحمد زكي صفوت، المكتبة العلميّة، بيروت، ط1، (1356هـ - 1937م)، 2/467
([[7]]) كتاب نسب قريش: المصعب بن عبد الله الزبيريّ (ت، 236 هـ)، اعتنى بتصحيحه والتعليق عليه ونشره لأول مرة: إُ. ليف بروفنسال، دار المعارف، القاهرة، ط 3، 1982م، ص: 177
([[8]]) الكنز اللغوي في اللّسن العربيّ: نشره وعلّق على حواشيه: أوجست هفنر، المطبعة الكاثوليكية، بيروت، 1903م، ص: 23
([[9]]) ديوان حميد بن ثور الهلاليّ: جمع وتحقيق محمد شفيق البيطار، المجلس الوطنيّ للثقافة والفنون والآداب، الكويت، ط1، 2002، ص: 83
([[10]]) ديوان الأعشى الكبير ميمون بن قيس بن جندل: تحقيق محمود إبراهيم محمد الرضوانيّ، وزارة الثقافة والفنون والتراث، الدوحة، ط1، 2010م، ج2، ص: 205
([[11]]) كشَّاف اصطلاحات الفنون، محمد علي التهانوي، (ت. بعد 1158 هـ / بعد 1745 م)
([[12]]) تاريخ الطبريّ، تاريخ الرسل والملوك: الطبريّ (ت: 310هـ)، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف، القاهرة، دار سويدان، بيروت، ط2، [1387هـ - 1976م]، 3/485
([[13]]) ديوان الأفوه الأوديّ: شرح وتحقيق: محمد ألتونجيّ، دار صادر، بيروت، ط1، (1998م)، ص:72
([[14]]) ديوان عَديّ بن زيد العِباديّ، حققه وجمعه: محمد جبار المعيبد، شركة دار الجمهورية، بغداد (1385 هـ - 1965م)، ص: 134
([[15]]) شعر الفِند الزَّمانيّ: حاتم الضامن، مجلة المجمع العلمي العراقيّ، مج 37، ج4 (1407هـ - 1986م)، ص: 13
([[16]]) تفسير الحسين بن مسعود البغوي، المجلد الثامن، ص: 178
([[17]]) ديوان الطِّرِمّاحُ، تحقيق: عِزّة حسن، دار الشرق العربيّ، بيروت – حلب، ط2، 1994م، ص: 143
([[18]]) التناص القرآنيّ في الشعر العراقيّ المعاصر؛ دراسة ونقد: علي سليمي، وعبد الصاحب طهماسيّ، مجلة إضاءات نقدية (فصلية محكمة)، السنة الثانية، العدد السادس، حزيران 2012م
([[19]]) التحرير والتنوير، الطاهر بن عاشور، ج 18، ص: 267
([[20]]) سورة الحج، الآية: 37
([[21]]) الشعراء الجاهليون الأوائل: تحقيق عادل الفريجات، دار المشرق، بيروت؟، ط2/2008، ص: 160
([[22]]) ديوان عديّ بن زيد العِباديّ، مرجع سابق، ص: 162
([[23]]) ديوان أبو داود الإياديّ: جمعه وحققه: أنوار محمد الصالحيّ، وأحمد هاشم السامرائيّ، دار العصماء، دمشق، ط1، (1431هـ - 2010م)، ص: 79
([[24]]) كتاب: التيجان في ملوك حمير: وهب بن منبه الصنعانيّ (ت، 114هـ)، رواية أبي محمد بن عبد الملك بن هشام عن أسد بن موسى عن أبي إدريس بن سنان عن جده لأمّه وهب بن منبِّه: تحقيق ونشر: مركز الدراسات والأبحاث اليمنية، صنعاء، ط1، (1347هـ )، ص: 74
([[25]]) المرجع نفسه، ص: 191
([[26]]) مرجع سابق، ص: 54
([[27]]) فتح القدير للإمام الشوكانيّ، تفسير الآية: 9 من سورة الروم
([[28]])المحدث: ابن تيمية، المصدر: مجموع الفتاوى، الصفحة و الرقم: 27/472، خلاصة حكم المحدث: صحيح
([[29]]) شعراء عُمان في الجاهليّة وصدر الإسلام، جمع وتحقيق: أحمد محمد عبيد، المجمع الثقافيّ في أبوظبي، (1420هـ - 2000م)، ص: 46
([[30]]) كتاب الأمالي، أبوعلي القالي (ت، 356هـ)، تحقيق: محمد عبد الجواد الأصمعيّ، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، (1975)3/197
([[31]]) ديوان القتَّال الكلابيّ، حقّقه وقدّم له: إحسان عباس، دار الثقافة، بيروت، (1409هـ - 1989م)، ص: 51
([[32]]) رواه البخاري (3547) وروى مسلم (2330) أوله
([[33]]) ديوان ابن مقبل العجلانيّ: حققه وقدّم له عزة حسن، دار الشرق العربيّ، بيروت، حلب، (1416هـ - 1995)، ص: 196
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
موعد ليلة القدر ودعاؤها المستجاب.. الشيخ الشعراوي حدد توقيتها في هذه الليلة
موعد ليلة القدر 2025 لعله من أهم المواعيد التي يحرص عليه المسلمون لاعتنام خيرات ليلة القدر 2025 ، التي نزلت فيها سورة قرآنية وهي سورة القدر، التي تؤكد أن العبادة في ليلة القدر خير من عبادة ألف شهر، فعلينا جميعاً أن نحرص على إقامة ليلة القدر 2025 لأن «من قام ليلة القدر إيماناً واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه»، كما ثبت في الحديث النبوي الصحيح، وعلمنا النبي -صلى الله عليه وسلم- دعاء ليلة القدر وهو: «اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني»، فعن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عندما قالت يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أرأيت إن علمت أي ليلةٍ ليلةَ القدر ما أقول فيها؟ قال: قولي: «اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني».
الليالي الوترية التي توافق موعد ليلة القدر 2025
تقع ليلة القدر 2025 في الليالي الوترية في العشر الأواخر من رمضان، وأخفى الله تعالى موعد ليلة القدر ليجتهد المسلمون في الطاعة خلال شهر رمضان المبارك.
توافق الليالي الوترية 2025 هذا العام كما يلي:
ليلة 21 رمضان تبدأ من مغرب الخميس 20 مارس 2025 حتى فجر الجمعة 21 مارس 2025
ليلة 23 رمضان تبدأ من مغرب السبت 22 مارس 2025 حتى فجر الاحد 23 مارس 2025
ليلة 25 رمضان تبدأ من مغرب الاثنين 24 مارس 2025 حتى فجر الثلاثاء 25 مارس 2025
ليلة 27 رمضان تبدأ من مغرب الاربعاء 26 مارس 2025 حتى فجر الخميس 27 مارس 2025
ليلة 29 رمضان تبدأ من مغرب الجمعة 28 مارس حتى فجر السبت 29 مارس 2025.
متى موعد ليلة القدرقال ابن عباس -رضي الله عنهما- أن موعد ليلة القدر توافق ليلة السابع والعشرين من رمضان، مؤكدًا رأيه بالأدلة العددية التي وردت في سورة القدر، التي منها أن قوله تعالى: «سَلَامٌ هِيَ» فالضمير «هِيَ» هو الكلمة السابعة والعشرون من السورة، وكلمات سورة القدر ثلاثون كلمة، والسابعة والعشرون «سَلَامٌ هِيَ».
أين قال ابن عباس هذا الكلام عن ليلة القدر ؟سأل سيدنا عمر بن الخطاب الصحابة -رضي الله عنهم-، والصحابة مختلفون في موعد ليلة القدر متى هي؟، فكل واحد ذكر له شيئًا فسأل ابن عباس وقال له: لماذا لا تتكلم؟ فقال له: إن أذنت لي يا أمير المؤمنين تكلمت، فأمره أن يتكلم، فقال: السبع - بناءً على أي شيء قال ذلك ابن عباس؟ - قال: رأيت الله ذكر سبع سماوات، ومن الأرضين سبعا، وخلق الإنسان من سبع، وبرز نبات الأرض من سبع، فسأله عمر عن بعض تفصيل هذا ووافقه عليه.
آراء العلماء في موعد ليلة القدر
ذكر بعض المفسرين ومنهم ابن حجر العسقلاني، أن الإعجاز العددي لآيات القرآن الكريم، يعد محاولة لاستنتاج قضايا إعجازية من الأرقام، إما على سبيل التوافق وإما بعمليات حسابية أو بما يسمى «حساب الجُمَّل» الذي يذكر في الحروف المقطعة كما سيأتي.
وأضاف المفسرون أنه يتم الاستنتاج من رقم السورة والآية والجزء وعدد الكلمات والحروف والآيات، ومن أرقام صرح القرآن بها، منوهين إلى أن هناك ما يدل على أن العلماء قديمًا استندوا إلى الإعجاز العددي.وأشار المفسرون إلى أن كلام ابن عباس -رضي الله عنهما-، كان محاولة للاستنباط من قِبل ابن عباس - رضي الله عنه - في معرفة ليلة القدر مستأنسا بذكر العدد سبعة في قضايا متعددة في القرآن، ومن أقوى الأقوال في ليلة القدر أنها ليلة السابع والعشرين.
ولفت المفسرون إلى أن الإمام ابن رجب الحنبلي بين في كتابه لطائف المعارف أن طائفة من المتأخرين - ليسوا السلف بل من المتأخرين - استنبطوا من القرآن أنها ليلة سبعة وعشرين من موضعين من القرآن، الأول قالوا: تكرر ذكر ليلة القدر في ثلاثة مواضع في القرآن، وليلة القدر حروفها تسعة، والتسعة إذا ضربت في الثلاثة مواضع التي تكررت فيها فهي سبع وعشرون.
والثاني: أن الله قال فيها: «سَلَامٌ هِيَ»، فيقولون: كلمة «هِيَ» هي الكلمة السابعة والعشرون من السورة، يقولون الكلمات ثلاثون كلمة السابعة والعشرون «سَلَامٌ هِيَ»، ثم نقل ابن رجب عن ابن عطية المفسر صاحب كتاب المحرر الوجيز، أنه قال: هذا من ملح التفسير، لا من متين العلم.
موعد العشر الأواخر من رمضان وليلة القدر 2025 ودعاؤها المستجاب
دعاء ليلة القدر مكتوب.. خير من ألف شهر مُستجاب فيها الدعاء
هل ليلة القدر متغيرة أم ثابتة عند يوم محدد؟.. الإفتاء تجيب
موعد ليلة القدر 2025 وأفضل الأدعية المستحبة
موعد ليلة القدر 2025.. ما هي علاماتها والأعمال المستحبة فيها
موعد ليلة القدر 2025 وعلامات التعرف عليها
سر إخفاء موعد ليلة القدر .. حسام موافي يوضح
كشف الإمام الراحل محمد متولى الشعراوي، في فيديو نادر له توقيت ليلة القدر وهذا الفتح حصل عليه من معرفة أسرار القرآن الكريم في الأرقام،وقال إمام الدعاة متحدثًا عن موعد ليلة القدر: إنه عندما كان يعمل أستاذًا للشريعة في المملكة العربية السعودية وقع نقاش بينه وبين علماء مصريين وسعوديين حول توقيت ليلة القدر كانوا حينها جالسين في فندق إقامتهم كل ليلة، وفي إحدى الليالي أثار الشيخ المصري إبراهيم عطية قضية توقيت ليلة القدر.
وأضاف «الشعراوي» مُكملًا حديثه عن موعد ليلة القدر أن الشيخ عطية قال له إنه حينما كان يقرأ في كتاب القرطبي حول توقيت ليلة القدر، وقرأ حديثًا عن رقم 7، وأن سيدنا عمر بن الخطاب سأل سيدنا ابن عباس عن موعد ليلة القدر فقال له ابن عباس: ظني أن ليلة القدر ليلة 27 من رمضان، وذلك لأن الله خلق السماوات سبعًا وخلق الإنسان في 7 مراحل، وأنزل له مقومات الحياة في 7 دفعات، ويعتقد أنه بناء على الرقم 7 وقول الرسول التمسوها في العشر الأواخر تكون ليلة القدر في ليلة 27.
وأشار إلى أنهم كعلماء اختلط عليهم الأمر، فالرقم 7 لا يعني أن ليلة القدر ليلة 27، فهناك الرقم 20 أيضًا مضافًا إليه، واستمر النقاش دون جدوى، مضيفًا بالقول: «حينها دعانا الشيخ المصري محمد أبو عارف، وكان حاضرًا الجلسة لصلاة ركعتين في الحرم النبوي الشريف، وبرّر ذلك بسابق قول الشعراوي لهم إنه إذا اختلط عليهم أمر فعليهم أداء ركعتين في الحرم الشريف».
هل علم موعد ليلة القدر؟بين الشيخ الشعراوي أنه في تلك الليلة وصل إليهم لزيارتهم في مقر إقامتهم بالفندق الشيخ إسحاق عزوز، شيخ مشايخ المملكة العربية السعودية، وأحد المحققين في العلم، حيث علم أنهم في الحرم، فذهب إليهم وجلس معهم وسألهم عن سبب وجودهم في الحرم للصلاة في تلك الليلة، فعرضوا عليه الحكاية واستمر النقاش بينهم، وخلال نقاشهم فوجئوا بشخص لا يعرفونه، ويبدو أنه كان يتنصت عليهم، وقال لهم: «ألم يقل الرسول عليه الصلاة والسلام: «التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، اتركوا العشرين يومًا واحسبوا بعدها».
وتابع إمام الدعاة حديثه عن موعد ليلة القدر : «فوجئنا بعد ذلك باختفاء الرجل، لكن كلماته جعلتنا نعيد حساباتنا، وبنينا تقديرنا أنها في ليلة 27 طبقًا لحساب الوحدة، ووفقًا لحساب الرقم 7 بعد العشرين، ختمنا بالقول وفوق كل ذي علم عليم».
فضائل ليلة القدر1- في ليلة القدر غفران للذنب لمن قامها محتسبًا الأجر عند الله عز وجل، فعنأبي هُرَيرةَ رضِيَ اللهُ عنهُ عنِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ أنَّه قال: «مَن يَقُمْ ليلةَ القَدْرِ إيمانًا واحتسابًا، غُفِرَ له ما تَقدَّمَ من ذَنبِه» رواه البخاريُّ (35)، ومسلم (760).
2-فضل ليلة القدر أنزل الله تعالى في ليلة القدر القرآن الكريم، قال تعالى: «إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ»
3-فضل ليلة القدر خصّ الله تعالى ليلة القدر بالبركة، قال تعالى: «إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ».
4- تُكتب فيها الأعمار والأرزاق للعام القادم، قال تعالى: «فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ».
5- ميّز الله العبادة فيها دون باقي الليالي، قال تعالى: «لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ»
6- تتنزّل الملائكة في ليلة القدر لتحفّ المسلمين، وتملأ الأرض بالخير والرحمة والمغفرة، قال تعالى: «تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ».
7-ليلة القدر تكون خالية من الشّر، وتكثر فيها الطاعة والخير، فهي سلام من الأذى كلّه، قال تعالى: «سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ».
أولاً: نزول الملائكة أفواجًا في ليلة القدر، وتكون أكثر من الحصى على الأرض، فقد قال الله تعالى: «تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ»، ورُوِي عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: «وإن الملائكةَ تلك الليلةَ أَكْثَرُ في الأرضِ من عَدَدِ الحَصَى».
علامات ليلة القدر الصحيحة ثانيًا: اعتدال الجوّ فيها؛ فلا يُوصف بالحرارة، أو البرودة؛ حيث رُوِي عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما-: «ليلةُ القدْرِ ليلةٌ سمِحَةٌ، طَلِقَةٌ، لا حارَّةٌ ولا بارِدَةٌ، تُصبِحُ الشمسُ صبيحتَها ضَعيفةً حمْراءَ».
ورد في أمارات ليلة القدر الصحيحة ثالثًا: طلوع الشمس دون شعاع في صباح اليوم التالي لها؛ فقد ورد عن أبيّ بن كعب -رضي الله عنه-: «وآيةُ ذلك أنْ تَطلُعَ الشَّمسُ في صَبيحَتِها مِثلَ الطَّسْتِ، لا شُعاعَ لها، حتى تَرتفِعَ»، ثبت في علامات ليلة القدر النقاء والصفاء في ليلتها؛ فقد رُوي في أثرٍ غريبٍ عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه-: «أمارَةَ ليلةِ القدْرِ أنها صافيةٌ بَلِجَةٌ كأن فيها قمرًا ساطعًا ساكنةٌ ساجيةٌ لا بردَ فيها ولا حرَّ ولا يحِلُّ لكوكبٍ يُرمى به فيها حتى تُصبِحَ، وإن أمارتَها أنَّ الشمسَ صبيحتَها تخرُجُ مستويةً ليس لها شُعاعٌ مثلَ القمرِ ليلةَ البدرِ ولا يحِلُّ للشيطانِ أن يخرُجَ معَها يومَئذٍ».
والعلامة الرابعة من علامات ليلة القدرأن يحدث للإنسان سكون في النفس، خامساً:في ليلة القدر يشعر الشخص بإقبال على الله عز وجل في هذه الليلة، وسابعًاأنه لا ينزل في ليلة القدر النيازك والشهب،وثامنًا: أن يُوفق الشخص فيها بدعاء لم يقله من قبل .
علامات ليلة القدر منتشرة بين الناس
يعتقد الناس خطأ أن من علامات ليلة القدر سقوط الأشجار، حتى يراها المارة وكأنها مكسورة، بعد تعرضها لرياح عاتية، ثم تعود مرة أخرى إلى موضعها الأصلى، وكأن شيئًا لم يكن.
ويظن البعض أن من علامات ليلة القدر الماء المالح يتحول إلى ماء عذب يستطيع الناس الشرب منه وقضاء حوائجهم، ويزعمون أن الله تعالى فى ليلة القدر يأمر الكلاب بعدم النباح، أو أن الكلاب تفعل ذلك من تلقاء نفسها، لأنها مخلوقات تسبح خالقها وتعلم حقائقه الكونية، وينتظر الناس في تلك الليلة انتشار الأنوار في كل مكان، حتى من الممكن أن يصل الأمر إلى اتساع النور ما بين السماء والأرض، حتى في الأماكن المظلمة التي لا توجد بها أي إضاءة، وقد يسمع البعض ترديد السلام في كل مكان، ولكن الصوت لا يسمعه إلا من يؤمن بذلك.
ويرى البعض أن من علامات ليلة القدر أنه في تلك الليلة، وفى الثلث الأخير منها يرون صورة المساجد: الحرام والنبوى والأقصى، كأنها مجسدة في السماء، كصورة حقيقية، كما يعتقدون أن السماء تنشق وتسقط الأمطار مع حدوث برق ورعد، وذكر الإمام الطبري أنه لا أصل لهذه العلامات السابقة وهي وغير صحيحة، نقلًا عن الإمام الطبرى.
أعمال ليلة القدرمن الأعمال الصالحة في ليلة القدر الدعاء في ليلة القدر يغتنم المسلم ليلة القدر بالإكثار من الدعاء، والأذكار، والتسبيح، وسؤال الله -تعالى- العِتق من النيران، والتعوُّذ منها؛ فالدعاء فيها مُستجابٌ، والاجتهاد فيه مرغوبٌ، ولذلك يتسابق العباد، ويحرصون على التوبة، والفوز برضا الله -عزّ وجلّ-، وتوفيقه، ونَيْل المنزلة الرفيعة.
الصلاة في ليلة القدر تؤدى صلاة القيام ركعتَين ركعتَين كما ثبت في صحيح مسلم عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما-: «أنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عن صَلاةِ اللَّيْلِ، فقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فإذا خَشِيَ أحَدُكُمُ الصُّبْحَ، صَلَّى رَكْعَةً واحِدَةً تُوتِرُ له ما قدْ صَلَّى».
كيفية قيام ليلة القدر
أنزل الله -تعالى- القرآن الكريم في ليلة القدر، وجعلها من أفضل الليالي، فهي ليلة مباركة، وهي خير من ألف شهر، قال تعالى : «إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ*وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِلَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ» وقيام هذه الليلة يكون بالذكر، والصلاة، وقراءة القرآن الكريم، والدعاء وغير ذلك، وصلاة التسابيح والإكثار من الصلاة والسلام على سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-.