صحيفة الغارديان البريطانية: حرب سرية للكيان الصهيوني ضد المحكمة الجنائية الدولية
تاريخ النشر: 29th, May 2024 GMT
كشفت جريدة “الغارديان” البريطانية, في تحقيق حصري, عن كواليس الحرب السرية التي أدارتها وكالات الاستخبارات الصهيونية لنحو عقد من الزمن. مستخدمة في ذلك كل أساليب الضغط من ترهيب وتهديد لعرقلة عمل المحكمة الجنائية الدولية ولجم مسؤوليها من متابعة مرتكبي. جرائم الحرب الصهيونية في الاراضي الفلسطينية المحتلة.
وتحت عنوان “التجسس والقرصنة والترهيب: حرب الكيان الصهيوني المستمرة منذ تسع سنوات على الجنائية الدولية”. استهلت الغارديان التحقيق الذي نشرته على موقعها الالكتروني, أمس الثلاثاء. بالتذكير برسالة التحذير التي أصدرها المدعي العام للجنائية الدولية, كريم خان. خلال سعيه لإصدار أوامر اعتقال ضد قادة صهاينة. قال فيها “أصر على أن جميع المحاولات الرامية إلى إعاقة أو تخويف. أو التأثير بشكل غير لائق على مسؤولي هذه المحكمة يجب أن تتوقف في الحال”.
وعلى الرغم من أن المدعي العام لم يقدم تفاصيل محددة عن محاولات التدخل في إدارة عمل المحكمة. فانه أشار إلى بند في المعاهدة التأسيسية للمحكمة. يجعل أي تدخل من هذا القبيل “جريمة جنائية”, مبرزا أنه إذا استمر هذا السلوك فإن “مكتبه لن يتردد في التحرك”.
تفاصيل صادمة..وأبرز التحقيق الذي أجرته الصحيفة بالتعاون مع مجلات اعلامية كيف وظفت المخابرات الصهيونية. أجهزة المخابرات لديها من أجل مراقبة كبار المسؤولين في المحكمة الجنائية الدولية والضغط عليهم. وتشويه سمعتهم وتهديدهم في محاولة لعرقلة التحقيقات التي تجريها المحكمة.
واستند التحقيق لتصريح مسؤول صهيوني أكد أن إدارة المخابرات الصهيونية. وضعت قائمة بأسماء نحو 60 شخصا يخضعون للمراقبة نصفهم من الفلسطينيين والنصف الاخر من دول أخرى. بما في ذلك مسؤولين بالامم المتحدة وموظفين بالمحكمة الجنائية الدولية.
واعتمد هذا التحقيق على مقابلات مع أكثر من عشرين ضباطا في المخابرات الصهيونية الحاليين. والسابقين ومسؤولين حكوميين وشخصيات بارزة في المحكمة الجنائية الدولية. ودبلوماسيين ومحامين مطلعين على قضية المحكمة الجنائية الدولية وجهود الاحتلال الصهيوني في تقويضها.
وتوصلت الغارديان الى التأكيد بأن أجهزة الاستخبارات الصهيونية تمكنت بالفعل من التجسس. على اتصالات العديد من مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية. بما في ذلك السيد خان وسلفه في منصب المدعي العام, فاتو بنسودا. والتي أشرف عليها كل من مستشار الأمن القومي ووكالة التجسس المحلية “الشاباك”. بالإضافة إلى مديرية المخابرات العسكرية “أمان” وقسم الاستخبارات الإلكترونية “الوحدة 8200”.
واستمرت الأجهزة الصهيونية في مراقبة المسؤولين بما فيهم فاتو بنسودا. التي افتتحت بصفتها المدعي العام تحقيقا لمحكمة الجنائية الدولية في عام 2021. ما مكن المخابرات الصهيونية من الاطلاع المسبق على نوايا المدعي العام لطلب إصدار قرارات اعتقال ضد مسؤولين صهاينة.
واعتمدت الصحيفة على تصريحات لمسؤولين من المحكمة الجنائية. تؤكد أنهم كانوا على علم “بأنشطة جمع المعلومات الاستباقية التي يقوم بها عدد من الوكالات الوطنية المعادية للمحكمة. مبرزين أن المحكمة الجنائية الدولية تنفذ باستمرار إجراءات مضادة ضد مثل هذا النشاط. وإن “أيا من الهجمات الأخيرة ضدها من قبل وكالات الاستخبارات الوطنية. لم تخترق مقتنيات الأدلة الأساسية للمحكمة التي ظلت, حسبهم, “آمنة”.
اختراق الأجهزة الاستخبارات الصهيونية الرسائل الالكترونيةكما تحدث التحقيق بالتفصيل عن اختراق الأجهزة الاستخبارات الصهيونية الرسائل الالكترونية. حيث اعترفت خمس مصادر مطلعة على أنشطة المخابرات الصهيونية. بأنها تجسست بشكل روتيني على المكالمات الهاتفية التي أجرتها بنسودا وموظفوها مع الفلسطينيين.
شبح الملاحقات الجنائية يدفع بالكيان الصهيوني للرفع من حدة التهديد والتشهيرواعتبر تحقيق الغارديان أن قرار الجنائية الدولية بالسعي للحصول على أوامر اعتقال ضد المسؤولين الصهاينة “سابقة” في حد ذاتها. وهو ما دفع ب “المؤسسة العسكرية والسياسية للكيان الصهيوني بأكملها. الى شن حرب أكيدة ضد ما اسمته شبح الملاحقات القضائية.
وتحدثت الجريدة عن محاولة مسؤولين في أجهزة الاستخبارات الصهيونية “الموساد”. على رأسهم مديرها التخطيط لمتابعة وتهديد حياة شخصيات في المحكمة منهم بنسودا. بعد مضيها قدما في التحقيق ضد الجيش الصهيوني, بين أواخر 2019 و2021. وصلت الى حد حملة تشهير دبلوماسية طالت أفرادا من عائلتها.
وتابع التحقيق تفاصيل التجسس الصهيوني على المحكمة الى غاية تولي كريم خان رئاسة مكتب المدعي العام. للمحكمة الجنائية الدولية في جوان 2021, الذي أنشأ فريق عمل للمضي قدما في التحقيق.
كما انتقل الى الأراضي الفلسطينية المحتلة بعد عملية طوفان الاقصى. ليصدر في فيفري 2024. بيانا شديد اللهجة حول محاولة اجتياح مدينة رفح. فسره المستشارون القانونيون للكيان الصهيوني على أنه علامة تبعث على “التشاؤم”.
وتصاعدت المخاوف لدى الكيان الصهيوني, حيث أكد مصدر استخباراتي. بأن “موضوع المحكمة الجنائية الدولية تسلق سلم أولويات المخابرات الصهيونية”.
غير أن كل الضغوط التي يمارسها الكيان الصهيوني والتحذيرات الأمريكية. دفعت بالمحكمة الجنائية الدولية لتعزيز أمنها من خلال عمليات تفتيش منتظمة. لمكاتب المدعي العام وعمليات فحص أمني للأجهزة ومناطق خالية من الهواتف.
واختتم التحقيق بالقول أنه على الرغم من الضغوط, اختار خان, مثل سلفه في مكتب المدعي العام. المضي قدما في القضية, حيث أعلن الأسبوع الماضي سعيه لإصدار أوامر اعتقال بحق مسؤولين صهاينة اثنين. بتهمة المسؤولية عن الإبادة والمجاعة وحرمان إمدادات الإغاثة الإنسانية والاستهداف المتعمد للمدنيين.
المصدر: النهار أونلاين
كلمات دلالية: المحکمة الجنائیة الدولیة الاستخبارات الصهیونیة المدعی العام
إقرأ أيضاً:
الغارديان: لازاريني يتساءل إن كان العالم سيترك الـأونروا تنهار
تساءل مفوض وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطنينيين "أونروا"، فيليب لازرايني، عن موقف العالم من هجوم دولة الاحتلال الإسرائيلي على الوكالة؛ وذلك خلال مقال نشره بصحيفة "الغارديان" البريطانية.
وتابع في المقال الذي ترجمته "عربي21"، وحمل عنوان: "أونروا قد تجبر على التوقف عن إنقاذ الأوراح في غزة، فهل سيسمح العالم بحدوث هذا؟"، مبرزا أنّ: "الوكالة التي يديرها والتي كلّفت بحماية وتقديم الرفاهية للاجئين الفلسطينيين على مدى ثلاثة أرباع القرن، كانت دائما مؤقتة. وكتبت نهايتها منذ ولادتها".
وأوضح: "الخيار أمامنا اليوم هو ما إذا كان علينا التخلص من استثمار استمرّ على عقود من الزمان في التنمية البشرية وحقوق الإنسان، وتفكيك الوكالة بشكل فوضوي بين عشية وضحاها، أو متابعة عملية سياسية منظمة تواصل فيها الأونروا توفير التعليم والرعاية الصحية لملايين اللاجئين الفلسطينيين، إلى أن تتولى المؤسسات الفلسطينية المتمكنة هذه الخدمات".
وتابع: "قد تضطر الوكالة إلى وقف عملها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، الشهر المقبل، إذا تم تنفيذ التشريع الذي أقره البرلمان الإسرائيلي"، مردفا: "هذه القوانين من شأنها أن تعيق الرد الإنساني في غزة وتحرم الملايين من اللاجئين الفلسطينيين من الخدمات الأساسية في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس".
"الأهم من هذا فأي تحرك، من شأنه أن يقضي على شاهد علني على الأهوال والظلم الذي لا يعد ولا يحصى الذي عانى منه الفلسطينيون لعقود من الزمان" أكد لازاريني، مضيفا أنّ: "الجهود الإسرائيلية الوقحة لإحباط إرادة المجتمع الدولي والتي عبرت عنها قرارات الأمم المتحدة المتعددة، وتفكيك وكالة تابعة للأمم المتحدة بمفردها بإدانة عامة وغضب، تلاشى إلى حد كبير وأصبح جمودا سياسيا".
وقال لازاريني، إنّ: "الافتقار إلى الشجاعة السياسية والقيادة المبدئية عندما يكون الأمر ملحا لا يبشر بالخير لنظامنا المتعدد الأطراف".
لكن ماذا عن المحك؟
يجيب لازاريني إنه: "بالنسبة للاجئين الفلسطينيين، فإن الأمر يتعلق بحياتهم ومستقبلهم. وسوف يكون تأثير منع الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية الأخرى مدمرا وممتدا إلى أجيال عديدة".
وتابع: "التواطؤ في هذا المسعى لا يؤدي إلى تآكل إنسانيتنا فحسب، بل وإلى تآكل شرعية نظامنا المتعدد الأطراف أيضا. إن الغياب شبه الكامل للعقوبات السياسية أو الاقتصادية أو القانونية عن الانتهاكات الصارخة لاتفاقيات جنيف، والتجاهل التام لقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة، والتحدي العلني لأحكام محكمة العدل الدولية، يجعل النظام الدولي القائم على القواعد موضع سخرية".
وأضاف أنّ: "الحرب على غزة ترافق معها هجوم على من يتحدثون دفاعا عن حقوق الإنسان والقانون الدولي وضحايا الحرب البربرية، وفجأة يتم تصنيف العاملين في المجال الإنساني الذين خدموا لعقود من الزمن، السكان المتضررين من الحرب، على أنهم إرهابيون أو متعاطفون مع الإرهابيين".
وأوضح: "يتم ترهيب ومضايقة منتقدي سياسات الحكومة الإسرائيلية وأفعالها. والآن يتم نشر الدعاية التحريضية التي ترعاها وزارة الخارجية الإسرائيلية على لوحات إعلانية في مواقع رئيسية في الولايات المتحدة وأوروبا، وتكملها إعلانات غوغل التي تروج لمواقع الويب المليئة بالمعلومات المضللة. هذه جهود مموّلة جيدا لصرف الانتباه عن وحشية الاحتلال غير القانوني والجرائم الدولية التي تُرتكب بإفلات تام من العقاب تحت أبصارنا".
ويقول لازاريني، إنّ: "الحكومة الإسرائيلية والمتواطئين معها يبررون الهجوم ضد أونروا بزعم أن حماس اخترقت الوكالة، على الرغم من أن جميع الادعاءات التي قدمت مع أدلة تم التحقيق فيها بدقة. في الوقت نفسه، تتهم حماس قيادة الأونروا بالتواطؤ مع الاحتلال الإسرائيلي، وتعارض جهود الوكالة لتعزيز حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين".
"بعيدا عن كونها طرفا في الصراع، فإن الأونروا ضحية لهذه الحرب" شدّد لازاريني، مسترسلا أنّ: "الهدف من الجهود الرامية لتشويه سمعة الأونروا وتفكيكها في نهاية المطاف بسيط : القضاء على وضع اللاجئين الفلسطينيين، وتحويل المعايير الراسخة منذ فترة طويلة لحل سياسي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني من طرف واحد".
إلى ذلك، يعلّق بأنّ: "السعي الأعمى لتحقيق هذا الهدف يتجاهل حقيقة مفادها أن وضع اللاجئين الفلسطينيين ليس مرتبطا بالأونروا، وهو مكرّس في قرار للجمعية العامة سبق إنشاء الوكالة".
ويقول لازاريني: "اليوم، يقف المجتمع الدولي على مفترق طرق، وفي اتجاه واحد، هناك عالم تخلّى عن التزاماته لتوفير رد سياسي على المسألة الفلسطينية. إنه عالم بائس، حيث تتحمل إسرائيل، باعتبارها القوة المحتلة، المسؤولية الوحيدة عن السكان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وربما تتعاقد مع جهات خاصة لا تخضع بدرجة كبيرة لمساءلة أمام المجتمع الدولي".
"أما في الإتجاه الثاني، فهناك عالم لا تزال فيه الحمايات ونظام ثابت، يقوم على القوانين والقواعد ويتم عبرها حل القضية الفلسطينية بالوسائل السياسية" بحسب لازاريني.
ومضى بالقول: "هذا هو المسار الذي يسير عليه حاليا التحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين، بقيادة السعودية والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية. يهدف هذا الجهد، الذي يحيي مبادرة السلام العربية، لإرساء مسار لا رجعة فيه نحو حل الدولتين، وبناء قدرات الإدارة الفلسطينية التي ستحكم دولة فلسطين المستقبلية، بما فيها غزة".
ويرى لازاريني أنّ هذا: "هو الطريق الذي أنشئت أونروا لدعمه، وفي انتظار إقامة الدولة الفلسطينية، ستكون الوكالة حاسمة في ضمان عدم الحكم على الأطفال في غزة العيش بين الأنقاض وبدون تعليم وبدون أمل. لا يمكن لأي كيان آخر، باستثناء الدولة العاملة أن يوفر التعليم لمئات الآلاف من الفتيات والفتيان والرعاية الصحية الأولية لملايين الفلسطينيين".
وأشار إلى أنه: "في إطار الحل السياسي، تستطيع أونروا أن تنهي ولايتها تدريجيا، حيث يصبح معلموها وأطباؤها وممرضاتها قوة عاملة في المؤسسات الفلسطينية الراسخة".
وختم لازاريني مقاله بالقول: " لا يزال أمامنا فرصة سانحة لتجنب مستقبل كارثي حيث تعمل القوة الضاربة والدعاية على بناء النظام العالمي. وتحديد متى وأين تنطبق حقوق الإنسان وسيادة القانون، إن كان ذلك ممكنا على الإطلاق".
واستطرد بأن: "الأدوات والمؤسسات اللازمة للدفاع عن نظامنا المتعدد الأطراف والنظام القائم على القواعد موجودة وكافية، وما علينا سوى العثور على الشجاعة السياسية لاستخدامها".