انعقاد اجتماع اللجنة التوجيهية لمشروع E-NABLE الممول من الاتحاد الأوروبي
تاريخ النشر: 29th, May 2024 GMT
أقيم أمس الثلاثاء، الاجتماع الثاني للجنة التوجيهية لمشروع E-NABLE اليوم الثلاثاء بمشاركة وزراء الاقتصاد، والسياحة، وسفير بعثة الاتحاد الأوروبي في ليبيا نيكولا اورلاندو، ووكلاء وزارة الاقتصاد والتجارة ومديرو إدارات الاستثمار وتنمية القطاع الخاص والدراسات والاصلاحات الاقتصادية، ومكتب تمكين المرأة بالوزارة ومدير إدارة التعاون الدولي بوزارة الخارجية.
وتم خلال الاجتماع عرض المراحل المنجزة من المشروع، ABLE الذي يمول من الاتحاد الأوروبي، وتنفذه مؤسسة خبراء فرنسا لدعم الوزارات والهيئات الاقتصادية والمالية بدولة ليبيا في تعزيز دور القطاع الخاص، لتنمية وتنويع الاقتصاد الوطني وتطوير القطاعات ذات العلاقة، إضافة الى تشجيع قطاع الاستثمار وتفعيل الائتمان والأدوات المالية المصرفية وغير المصرفية.
وأشار وزير الاقتصاد والتجارة محمد الحويج، إلى التعاون بين الإدارات المختصة بالوزارات والهيئات الحكومية وبعثة الاتحاد الأوروبي، لدعم الاقتصاد الوطني وتحسين بيئة الاعمال بالقطاع الخاص، لافتا إلى أن استراتيجية التنويع الاقتصادي تقوم على تنشيط الحركة الاستثمارية بقطاعات الصناعة والزراعة لزيادة الناتج المحلي وخلق فرص عمل كبيرة للكفاءات الوطنية.
وأكد الوزير حرص الوزارة على تقديم كافة التسهيلات الممكنة لنجاح المشروع والمساهمة في تحقيق التنمية المستدامة، كما دعا اللجنة التوجيهية الى مزيد من التعاون مع المؤسسات والمنظمات الدولية الرائدة بما يُسهم في انجاز المشروع .
وتحدث سفير بعثة الاتحاد الأوروبي عن أهمية توفير البنية التحتية والبيئة التمكينية اللازمة لتطوير القطاعات الاقتصادية الجديدة، بما في ذلك البنية الرقمية والتكنولوجية، مؤكداً على دعم الاتحاد الأوروبي لتحسين البيئة التجارية في ليبيا من خلال تقديم المشورة الفنية والقانونية لتحسين الأطر القانونية والتجارية مما يساهم في الاستقرار والتنمية.
وشهد الاجتماع عرضا مرئيا لمشروع الاطار العام لاستراتيجية التنوع الاقتصادي في ليبيا 2024، تضمن منهجية إعداد وتنفيذ المشروع، وتشخيص واقع الاقتصاد الليبي في ظل المؤشرات الاقتصادية الدولية المتداولة 2015 _ 2023، وكذلك حجم التجارة الخارجية وتطور الصادرات الليبية الى افريقيا، ومتطلبات الدخول للاقتصاد الاخضر والازرق، وكذلك التحديات الكبرى التي تواجه الاقتصاد الليبي
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبی
إقرأ أيضاً:
الأنظمة الاقتصادية والاقتصاديون الميكافيليُّون
د. محمد بن خلفان العاصمي
وضع نيكولا ميكافيلي في كتابه "الأمير" مبدأً فلسفيًا، أصبح فيما بعد منهجًا سياسيًا واقتصاديًا سارت عليه كثير من الأنظمة وهو أن "الغاية تُبرِّر الوسيلة"؛ حيث يرى ميكافيلي من خلاله أن الناجح هو الذي يُبعد العواطف والمُثُل والقيم عن مساراته، وأن منطلق التفكير يجب أن يبدأ من المصلحة الذاتية الخاصة والمكاسب، مهما كانت الوسيلة، حتى لو كانت على حساب حياة الآخرين، دون النظر للمصلحة العامة! وهذا المبدأ كان الأساس لنشأة حقبة تاريخية شهدت حروبًا وصراعات طاحنة في جميع أنحاء أوروبا بالخصوص والعالم بالعموم، وهذا المبدأ الذي وضعه أصبح علامة للانتهازية الرأسمالية الامبريالية.
ولا بُد لنا هُنا من التطرق إلى تعريف الأنظمة الاقتصادية، حتى نصل لمفهوم شامل وربط متكامل بين أفكار المقال، وسوف أقتصرُ على ذكر 3 أنظمة اقتصادية؛ وهي: النظام الاقتصادي الحُر، والنظام الاقتصادي المُوَجَّه، والنظام الاقتصادي المُختلَط. ويُعرف الاقتصاد الحُر أو اقتصاد السوق بأنه "نظام يقوم بشكل أساسي على العرض والطلب في تحديد أسعار السلع والخدمات بشكل حُر من قِبَل البائع والمشتري؛ حيث لا يكون للحكومة أي تدخل في الشؤون الاقتصادية أو قد يكون لها دور ثانوي نمطي". أما الاقتصاد المُوَجَّه أو الاقتصاد المركزي فهو "نظام تتحكم فيه الحكومة بالسوق بشكل كامل؛ حيث تحدد أسعار السلع والخدمات وقنوات التوزيع وكمية الإنتاج، كما تُحدِّد المُنتجِين في بعض القطاعات". أما النظام الاقتصادي المختلط؛ فهو يجمع النوعين السابقين.
ولكل نظام من هذه الأنظمة سلبيات وايجابيات، وربما يُؤخذ على النظام الاقتصادي الحُر تأثيره على أخلاقيات العمل؛ حيث يؤدي إلى منافسة غير عادلة؛ مما يُضعف أخلاقيات العمل، وينتج عن ذلك زيادة في البطالة وعدم المساواة. وذلك على عكس الاقتصاد المُوَجَّه، الذي يَفرض قيودًا أخلاقية وأنظمة تَحِد من سيطرة الشركات والمؤسسات على الاقتصاد، وفرض نظامها على سوق العمل؛ الأمر الذي يُؤدِّي في النهاية إلى زيادة الفجوة بين الأغنياء والفقراء؛ وهو ما يُؤثِّر بشكل كبير على البناء الاجتماعي والوضع الأمني والسياسي، ويخلق مشكلات مُتعددة في بنية الاقتصاد بشكل خاص والدولة بشكل عام. والنظام المُوَجَّه يزيد من القيود التي تفرضها الدولة على التجار وأصحاب الأعمال؛ وهو ما يخلق حالة من الصراع المستمر بين الطرفين.
لقد قامت الأنظمة السياسية في العالم كنتيجة وأداة للأنظمة الاقتصادية واستخدمتها لتنفيذ سياساتها للسيطرة المالية على دول العالم، وفي فترة الحرب الباردة برزت الأنظمة الاقتصادية كأهم عوامل الاستقطاب السياسي، وأُسست المنظمات الدولية التي تُشرعن هذه الأنظمة، وتَشكَّلت التحالفات ووُضِعَت الاتفاقيات والمعاهدات الدولية والتشريعات الخاصة بهذه المنظمات على غرار الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وغيرها من المنظمات العالمية، وما تلاها بعد ذلك من تحالفات ومجموعات اقتصادية، والهدف منها جميعًا خدمة الأنظمة الاقتصاديّة التي تتبنى أفكارها ومبادئها.
وبكل تأكيد، وبعد العرض السابق، يتضح ما هو النظام الأفضل والنموذج المناسب الذي يستطيع الموازنة بين الأمور المختلفة، دون إفراط أو تفريط؛ فالتنظيم الذي تَفرِضه الدول على الاقتصاد يمثل الأساس لتحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة والنمو الاقتصادي والاجتماعي المنشود، وهو أمر يحفظ الحقوق للجميع ويُوجِد علاقة متوازنة بين المُنتِج والمُستهلِك، وبين أطراف الإنتاج وبين سلاسل التوريد والإمداد، وبين جميع مُكوِّنات القطاع، وكل ذلك يعود بالنفع على الجميع ويسهم في بقاء السوق في وضع حيوي ومُستدام؛ بعيدًا عن المخاطر التي تنتج عندما تتمكن فئة من الأخرى.
في المقابل، إنَّ إعطاء السوق مساحة من الحرية الاقتصادية أمر بالغ الأهمية؛ بما يضمن تطوير بيئة الأعمال وخلق التنافسية الاقتصادية التي تسهم في رفع معدلات الإنتاج المحلي وزيادة الدخل القومي وتحقيق التنمية الاقتصادية والنمو في القطاع الخاص، والذي يُسهم في تحريك عجلة الاقتصاد، وضمان تدفق رؤوس الأموال والاستثمارات الأجنبية، والقدرة على جذب المستثمرين والشركات العالمية؛ وذلك من خلال المساحة المناسبة للاستثمار والتسهيلات والمميزات التي تقدمها الدولة لذلك. هذه الحرية التي يجب أن تتوافر في هذا القطاع هي في الأساس ضمان لسوق عمل متوافق مع الأنظمة والقوانين الدولية في هذا القطاع والتي تتمثل في انضمام الدول للمنظمات والاتفاقيات الدولية والتزامها بتحقيق معايير وشروط الانضمام إليها.
إنَّ استمرار التجاذب بين أطراف المعادلة في هذه الأنظمة لا يُساعد على خلق البيئة المناسبة للعمل والنمو، ورغبة الاقتصاديين في التحكم بشكل مباشر في تحديد شكل العلاقة ورغبتهم في إيجاد نظم وقوانين تتوافق مع توجهاتهم وتخدم مصالحهم دون النظر لبقية الأطراف، أمر بالغ الخطورة. وقد سقطت عديد الدول ضحيةً لهذا النوع من الأنظمة، وتمكَّنت كبرى الشركات ومجموعات الضغط من امتلاك القرار السياسي وتحكمت في مفاصل الدولة، وهو ما سَبَّبَ -ولا يزال- الكثير من المشكلات لها على مستوى الداخل والخارج، وظهرت الكثير من المشاكل التي تنعكس بشكل مباشر على المجتمع والمواطن كونه الحلقة الأضعف في هذه المعادلة.
وهؤلاء الميكافيليُّون لا يهتمون سوى بزيادة أرصدتهم وتضخم ثرواتهم، واستمرار مصالحهم الخاصة، غير مُبالين بما يدور حولهم من مشكلات اجتماعية ناتجة عن الوضع الاقتصادي، وفي كثير من الأحيان يُمارسون الضغوط على الحكومات، خاصةً عندما يتعلق الأمر بالضرائب والرسوم والقوانين التي تُفرض عليهم والتي تَمس هامش الربح المالي العالي المتحقق لهم، ويستخدمون في هذا الجانب الكثير من الوسائل المتاحة لديهم لتسويق العديد من الأفكار المغلوطة في سبيل بقاء هذه السيطرة المطلقة. وفي الغالب تستجيب الحكومات لهذه الضغوط خاصة تلك التي لا تتمتع برؤية واضحة أو التي يُشكِّل التُجَّار وأصحاب الأموال جزءًا كبيرًا من أعضائها.