جنوب لبنان– في بلدة المروانية بقضاء الزهراني جنوب صيدا، تحول فندق "مونتانا" المهجور منذ سنوات إلى مركز لإيواء النازحين نتيجة التصعيد الإسرائيلي في الجنوب اللبناني.

تمت إعادة تأهيل الفندق بمبادرة من مالكه محمد سميح غدار ومفتي صور وجبل عامل الشيخ حسن عبد الله، لاستقبال العائلات النازحة من المناطق الحدودية في أواخر ديسمبر/كانون الأول 2023.

وهذا الفندق ليس غريبا على وظيفة الإيواء، فقد استخدم سابقا خلال جائحة كورونا (كوفيد-19) كمقر للحجر الصحي بعد انتشار الوباء. واليوم، يتبع الفندق لجنة إدارة الكوارث في اتحاد بلديات ساحل الزهراني، حيث يوفر مكانا آمنا وغرفا مجهزة بالكامل للنازحين.

ومع استمرار المواجهة العسكرية الدائرة في جنوب لبنان منذ أكثر من 7 أشهر، ومع طول أمدها أضافت نمطا جديدا لأماكن النزوح، وتحولت بعض الفنادق إلى ملاذ آمن للنازحين بدلا من المدارس.

فندق مونتانا في المروانية جنوب صيدا فتح أبوابه للنازحين من الجنوب (الجزيرة) خدمات متكاملة

وقال رئيس لجنة إدارة الكوارث في اتحاد بلديات ساحل الزهراني سلام بدر الدين "افتتحنا الفندق كمركز إيواء في ديسمبر/كانون الأول 2023 نتيجة زيادة الطلب على مراكز الإيواء لاستقبال النازحين من القرى الحدودية، فقررنا كلجنة افتتاح فندق "مونتانا" للإيواء بمبادرة من مالكه ومفتي صور وجبل عامل".

وأضاف في حديث للجزيرة نت "حتى اليوم، استقبلنا أكثر من 135 عائلة، ويضم الفندق حاليا 65 عائلة"، واستدرك أن "الفندق كان بحاجة لإعادة تأهيل وتوفير بعض المستلزمات الضرورية لاستقبال النازحين. وسعينا بالتعاون مع الجمعيات والمنظمات المختصة في هذا المجال لإعادة تأهيله وترميمه ليكون صالحا للسكن".

ووفق بدر الدين، يعمل الفندق والجمعيات والمنظمات ذات العلاقة باستمرار لتأمين الاحتياجات الأساسية من غذاء ونظافة وتعليم وبرامج صحية وترفيهية ودعم نفسي.

وعلى عكس مراكز الإيواء الأخرى، يشعر النازحون بالراحة خلال إقامتهم في الفندق. يمارسون حياتهم بشكل شبه عادي كما كانت قبل العدوان، على الرغم من بعدهم عن منازلهم وتعرضها للتضرر.

وتقول النازحة فداء حيدر، وهي من منطقة الخيام للجزيرة نت "نزحت مع عائلتي إلى الفندق منذ 5 أشهر، والوضع مريح هنا. يقدم المركز لنا كافة الخدمات التي تسهل حياتنا، منها الطعام والشراب ومواد التنظيف".

وتضيف "نعيش حياة شبه عادية، نجلس مع الجيران، ونتحدث سواء في الصباح أو في المساء. ونتكيف مع الوضع الحالي".

فندق بلدة المروانية يقدم للنازحين خدمات متكاملة (الجزيرة) حكايات النزوح

في الغرفة المجاورة، تقيم النازحة ميرفت رسلان، من العديسة منذ سبعة أشهر، وتقول للجزيرة نت "هنا متوفر لنا كل شيء، نحن محظوظون بأننا جئنا إلى هنا بدلا من المدارس. أصبح هذا المكان كمنزلنا، ونعيش الآن مع الجيران كأصدقاء".

في ساحة الفندق، يجتمع النازحون ليتبادلوا الحديث ويتشاركوا حكاياتهم وتجاربهم في رحلة النزوح. يأتي كل شخص منهم من بلدة حدودية مختلفة، مثل كفر كلا، العديسة، الخيام، عيترون، عيتا الشعب، الطيبة، وغيرها.

لا يخفي أكرم شامي من كفر كلا حنينه إلى بلدته وعمله، برغم توفر سبل الراحة في الفندق. وخلال حديثه للجزيرة نت، يشارك تفاصيل نزوحه قائلا "نزحت عائلتي في نهاية شهر أكتوبر، وانضممت إليهم في اليوم الأخير من عام 2023. منذ ذلك الحين، زرت منزلي في كفر كلا مرة واحدة فقط لتفقده وجلب الضروريات".

يُثني شامي على الخدمات المقدمة في المركز، مثل الغرف الخاصة والدعم النفسي من الجمعيات. ويصف الحياة فيه بأنها تقتصر على الجلوس والحديث، ويؤكد صعوبة البقاء بدون العمل، ويضيف "الآن، نحن بحاجة إلى العمل والإنتاج لتوفير المال وضمان قدرتنا على العيش".

أما محمود رسلان من العديسة، فقد اتخذ قرار النزوح إلى الفندق نتيجة لتدهور الأوضاع في بلدته الحدودية. خلال حديثه للجزيرة نت، يوضح أن رحلة نزوحهم كانت تدريجية، حيث بدؤوا بالانتقال إلى بيروت، وبعد ذلك انتقلوا بين مدينتي صور والنبطية، حتى عثروا على مأوى في الفندق الذي يقيمون فيه منذ 6 أشهر.

ويضيف رسلان "تتوفر في الفندق جميع مقومات الحياة، مما جعلنا نشعر بالاستقرار والراحة كما لو أننا في منازلنا. وأصبحت متطوعا، وأساعدهم في توزيع الطعام للقادمين إلى الفندق، حيث يشعر كل من يصل بالاستقرار والأمان كما لو لم ينزح من مكانه أبدا".

استقبل فندق مونتانا أكثر من 135 عائلة ويؤوي حاليا 65 عائلة (الجزيرة) ظاهرة تتكرر

في منطقة عين قنيا بحاصبيا، تم تحويل فندق "الصنوبر" أيضا إلى مركز إيواء للنازحين من منطقة العرقوب. ويضم النازحين من بلدات الهبارية، كفر شوبا، كفر حمام، راشيا الفخار، الماري، والفرديس.

ويقول رئيس بلدية حاصبيا لبيب الحمرا للجزيرة نت "البلدية بالتعاون مع أنور الخليل نائب منطقة حاصبيا-مرجعيون حولت فندق "الصنوبر" إلى مركز للحجر الصحي في عام 2020 خلال فترة تفشي وباء كورونا".

منذ ذلك الحين، بقي الفندق مهجورا حتى تعرضت مناطق العرقوب للقصف الإسرائيلي، مما دفع الناس هناك إلى اللجوء إلى حاصبيا.

وفي الوقت الحالي، يضم الفندق حوالي 35 عائلة، حيث الغرف جميعها ممتلئة والإقامة مجانية. ويضيف لبيب الحمرا "البلدية هي المسؤولة عن إدارة المركز وتوفير المياه والكهرباء على مدار الساعة، بالإضافة إلى تقديم المساعدات العينية والطبية من قبل الجهات المانحة. كما تقدم وزارة الصحة الاستشارات الطبية والأدوية".

وفي أحدث المعطيات عن النازحين من مناطق الجنوب اللبناني، أفاد الباحث محمد شمس الدين، من "الشركة الدولية للمعلومات" في بيروت، للجزيرة نت، أنه تم تسجيل نزوح 90 ألفا و500 شخص من المناطق الحدودية، يوجد منهم 1350 شخصا موزعين على 18 مركز إيواء جماعي، والباقي في فنادق أو بيوت مستأجرة أو لجأت أعداد كبيرة منهم للسكن عند الأقارب خارج مناطق الاشتباك.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات للجزیرة نت فی الفندق

إقرأ أيضاً:

قصور الطيور بتركيا.. رحلة عبر الزمن تُغرد بالرحمة على مر العصور

تُشكل" قصور الطيور" تحفة معمارية فريدة، تُزين جدران بعض المساجد والمدارس والمقابر التي ترجع للفترة العثمانية.

ولم تكن هذه الأعشاش، التي تأخذ شكل القصور، مجرد مأوى للطيور، بل كانت رمزا للتعاطف مع الكائنات الحية وانعكاسا لجماليات الفن المعماري العثماني.

"قصور الطيور" تشكل تحفة معمارية فريدة (الأناضول)

وأُنشئت قصور الطيور منذ القرن الـ16 الميلادي بأماكن مُختارة على جوانب المباني الأثرية، حيث تتمتع بِأشعة الشمس الدافئة وتكون محمية من هبوب الرياح، لتوفير مأوى مثالي للطيور مثل العصافير والحمام والزرزور.

ويأخذ المؤرخ التركي محمد ديلباز القارئ في رحلة عبر الزمن لاستكشاف "قصور الطيور" العثمانية، والهدف من بنائها، وكيف أثرت هذه التحف المعمارية على المجتمعات الأخرى.

"قصور الطيور" أُنشئت منذ القرن الـ16 الميلادي بأماكن مُختارة على جوانب المباني الأثرية (الأناضول) استمرارية النفع والخير

يقول ديلباز إن "قصور الطيور ليست مجرد أثر معماري، بل هي تجسيد لقيم الإسلام وثقافته".

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2جامع السليمية بأدرنة التركية.. تحفة هندسية تستحق الزيارةlist 2 of 2مجمع متاحف ديار بكر بتركيا يسعى لجذب مليون زائر بحلول عام 2030end of list

ويوضح أن بناء هذه القصور كان ينبع من مفهوم الصدقة الجارية، حيث قال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم "إذا مات ابنُ آدم انقطع عنه عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له".

فخلال عصر الدولة العثمانية، عندما كان الفن الإسلامي التركي في أوجه، ازداد الوعي، وفق ديلباز، بأهمية استمرارية النفع والخير في المجتمع، وشمل ذلك الاهتمام برعاية الحيوانات، حيث تمّ إنشاء أماكن لتغذية الحيوانات الضالة وإيوائها.

ويلفت المؤرخ التركي إلى صعوبة تحديد تاريخ بناء أول قصر للطيور في إسطنبول، نظرا لما تعرضت له المدينة من كوارث طبيعية مثل الزلازل والحرائق، محت الكثير من هذه القصور.

ويردف "للأسف لم تصمد قصور الطيور الخشبية أمام تقلبات الزمن، لكن من الممكن رؤية قصور الطيور المُشيدة من الطوب أو الحجارة".

ويشير إلى أن قصور الطيور كانت بشكل عام مبنية من الطوب أو الحجر، لكن النماذج الأولى شُيدت من الخشب.

"قصور الطيور" ليست مجرد مأوى للطيور، بل كانت رمزا للتعاطف مع الكائنات الحية (الأناضول) رمز للذوق الجمالي

ويعبر ديلباز عن أسفه على فقدان الكثير من تفاصيل قصور الطيور العثمانية، التي كانت تُشكل متعة جمالية للناظرين.

وأكد أن دافع أجدادنا العثمانيين لبناء هذه القصور لم يقتصر على توفير مأوى للطيور أو مساحة لتضع فيها بيضها، بل كان وراء ذلك فلسفة أعمق.

"قصور الطيور" تبنى في أماكن تتمتع بِأشعة الشمس لتوفر الدفء للطيور (الأناضول)

ويشير إلى أنه لو كان الهدف من قصور الطيور هو توفير مأوى للطيور فقط، لكان بإمكانهم ببساطة بناء 4 جدران دون الحاجة إلى كل هذه التفاصيل المعمارية المُتقنة.

ويعتبر أن قصور الطيور العثمانية تُمثل رمزا للذوق الجمالي المُتميز، الذي اتسمت به تلك الحقبة، حيث تمّ بناؤها بأناقة ودقة فائقة، مع مراعاة العناصر المعمارية المميزة لتلك الفترة.

"قصور الطيور" تكون محمية من هبوب الرياح، لتوفير مأوى مثالي للطيور مثل العصافير والحمام والزرزور (الأناضول) مفهوم الوقف الإسلامي

وتطرق ديلباز كذلك إلى مفهوم الوقف إبان الفترة العثمانية، والذي قاد إلى أعمال خيرية كثيرة، من ضمنها قصور الطيور.

ويشير إلى غياب مفهوم الوقف بِمعناه الإسلامي الشامل في الحضارة الرومانية.

في المقابل، بدأت الدول المعاصرة، وفق المؤرخ التركي، بتبني مفهوم الوقف بعد استلهامها من الوقف العثماني، لكنها لم ترق إلى فهمه بشكل عميق ليشمل أبعاده الحضارية والثقافية.

"قصور الطيور" تنتشر في المعالم التاريخية بإسطنبول كجامع والدة سلطان وجامع أيازما وجامع السلطان أيوب (الأناضول)

ويقدم ديلباز أمثلة ملموسة لمبادرات الوقف العثماني، مشيرا إلى إنشاء أوقاف لإطعام الحيوانات الضالة والعصافير.

ويؤكد أن الحضارة العثمانية لم تقتصر على الماديات، بل تجاوزت ذلك لتخدم الإنسانية وتُخلد إنجازاتها عبر القرون.

ويلفت ديلباز إلى انتشار "قصور الطيور" في مختلف أنحاء إسطنبول، مُقدما أمثلة على وجودها في المعالم التاريخية الشهيرة مثل جامع والدة سلطان وجامع أيازما وجامع السليمية الكبير بمنطقة أسكودار، وجامع السلطان أيوب بمنطقة أيوب.

مقالات مشابهة

  • بعد إحلاله وتجديده.. إعادة افتتاح أول فندق سياحي في محافظة قنا
  • محافظ قنا يفتتح أول فندق سياحي بالمحافظة
  • بعد إحلاله وتجديده.. محافظ قنا يفتتح أول فندق سياحي بالمحافظة| صور
  • منح دور واطئة الكلفة للنازحين العائدين طوعاً إلى جنوب صلاح الدين
  • الليلة تبدأ من 400 جنيه.. 70 صورة ترصد أرخص فندق في شرم الشيخ والغردقة
  • زوارق إسرائيلية تطلق النار على مناطق النازحين بالمواصي جنوب غزة
  • شهادات حية لـعربي21 توثق استهداف الاحتلال للنازحين شمال رفح
  • قصور الطيور بتركيا.. رحلة عبر الزمن تُغرد بالرحمة على مر العصور
  • عائلة دانييلا رحمة في بيروت استعداداً لزفافها من ناصيف زيتون
  • الاحتلال يوسع تقدمه شمال غرب مدينة رفح