سر ميضأة جامع الطنبغا المارداني.. لماذا نُقلت من مدرسة السلطان حسن؟
تاريخ النشر: 29th, May 2024 GMT
قال العميد مهندس هشام سمير مساعد وزير السياحة والآثار لقطاع المشروعات، إنه جرى استكمال أعمال رفع كفاءة فوارة صحن جامع الطنبغا المارداني المخصصة للوضوء، واشتملت الأعمال على الدهانات وحفظ النص الكتابي الخاص بلجنة حفظ الأثار العربية والتوصيلات لتوفير المياه وأعمال الصرف، بالإضافة إلى ترميم البخاريات الجصية على واجهات الأروقة الداخلية.
جاءت تلك التصريحات على هامش افتتاح جامع الطنبغا المارداني في شارع باب الوزير بمنطقة الدرب الأحمر، وشهد الافتتاح، الدكتور محمد إسماعيل الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، والسفير كريستيان برجر سفير الاتحاد الأوروبي بالقاهرة، والسيد لويس مونريال مدير مؤسسة الأغا خان، واللواء إبراهيم عبدالهادي نائب محافظ القاهرة، والدكتور جمال مصطفى رئيس قطاع الآثار الإسلامية، وشريف عريان المدير التنفيذي لمؤسسة الأغا خان، والدكتور جمال عبد الرحيم أستاذ الاثار الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة وعضو اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية، وعدد من سفراء الدول الأجنبية بالقاهرة وقيادات الوزارة والمجلس ومؤسسة أغا خان، وممثلين من وزارة الأوقاف.
فوارة منقولةوفوارة جامع الطنبغا المارداني هي ليست من أساس الجامع، وإنما تم نقلها بواسطة لجنة حفظ الآثار العربية من مدرسة السلطان حسن الشهيرة، حيث أنها من أساس المدرسة هناك.
وهذه الفوارة كانت لإيوان المدرسة الحنفية في مدرسة السلطان حسن ونقلت إلى مسجد الطنبغا المارداني بواسطة لجنة حفظ الآثار العربية سنة 1317هـ/1899م، والمدرسة الحنفية من أكبر أجزاء مجموعة السلطان حسن، حيث تبلغ مساحة الحنفية 898 متر، وليها إيوان وصحن تتوسطه فسقية، ثم بها عدة أدوار بها غرف سكنى الطلبة.
الفوارة قبل وبعد النقل صهريج مياه لفوارة الطنبغاوأثناء عمليات الترميم تم اكتشاف صهريج مياه كان مخصص لتصريف المياه الزائدة عن الفوارة، فبعد أن تم نقل الفوارة من مدرسة السلطان حسن لجامع الطنبغا، والذي كان الوضوء فيه يتم عند بئر في الطرف الشمالي الغربي، وبطريقة بدائية، تم عمل واصلة مياه سفلية لتزويد الفوارة بمياه الوضوء، ثم صهريج لتصريف المياه الزائدة عن الوضوء.
الطنبغا الماردانيومسجد طنبغا المارداني، هو أثر يرجع إلى العصر المملوكي، وتم إنشاؤه عام 740هـ، أي منذ 700 عام، ويقع في شارع باب الوزير بمنطقة الدرب الأحمر، يقول محمود شاهين مدير منطقة آثار باب الوزير، في تصريحات خاصة للفجر، إن جامع طنبغا المارداني، يحوي عدد كبير من الأعمدة الأثرية التي استخدمت عملية بناء وتأسيس المسجد، يبلغ عددها 70 عمودًا.
وتابع شاهين أن المسجد يعتبر متحفًا مفتوحًا للأعمدة من كل العصور، حيث يوجد به أعمدة من العصر الفرعوني وعلى أحدها كتابات هيلوغليفية، وأعمدة من العصر البطلمي، وأعمدة ذات تيجان كورنثية، وعدد كبير من الأعمدة متنوعة الأشكال من مختلف العصور.
وعن سبب هذا التنوع، يقول محمود شاهين إنه كان من العادة في هذه العصور هو إعادة تدوير الخامات من المباني القديمة، وخصيصًا الخامات النادرة مثل الرخام والجرانيت وغيرها، وظاهرة استجلاب الأعمدة من المباني القديمة أو المخربة أحد سمات العصور القديمة بشكل عام.
المُنشئ وتاريخ البناءقال شاهين إن مسجد المارداني بناه الأمير علاء الدين الطُنبُغا بن عبد الله المارداني الساقي، والمعروف بالطنبغا المارداني، أحد مماليك السلطان الناصر محمد بن قلاوون، ترقى في القصر السلطاني، وعينه السلطان في وظيفة الساقي وهو المسئول عن المائدة السلطانية ويتذوق الطعام قبل أن يتناوله السلطان، وقد كان أميرًا على حلب، ويقال إنه تزوج من إحدى بنات الناصر محمد بن قلاوون، وتم بناء الجامع في عام سنة 740 هـ 1340م، تحت إشراف رئيس المهندسين فى أيام الناصر محمد بن قلاوون، ويدعى ابن السيوفي.
التصميم المعماري والزخارفويصف شاهين المسجد قائلًا إنه بني على نمط المساجد الجامعة، حيث يتوسطه صحن سماوي مفتوح، تحيط به أربعة أروقة وللمسجد قبة بثمانية أعمدة جرانيتية تسبق المحراب، وتتوسط الصحن نافورة "ثمانية الأضلاع" رخامية، وهي منقولة، وأعمق وأكبر الأروقة هو رواق القبلة، وللمسجد ثلاثة أبواب، الرئيسي منها يقع على شارع التبانة، ويطل الباب الثاني على سكة المارداني، والباب الثالث تم إغلاقه بواسطة لجنة حفظ الآثار العربية، وكان يطل على شارع آخر يدعى "زقاق المارداني"، وعلى يسار المدخل مئذنة مكونة من ثلاث دورات، والزخارف على جانبي المحراب تعتبر غاية في الروعة والجمال وهي من الزخارف المتفردة في مساجد مصر المملوكية، وواجهة الرواق الشمالى مغطاة برخام وباقى أجزاء حائط القبلة مغطى بحليات رخامية دقيقة مطعمة بالصدف.
الترميماتأشار محمود شاهين إلى أنه عام 1884 م، أمر الخديوي عباس حلمي الثاني بترميم المسجد إثر الزلزال الذي وقع في هذه الفترة، وقامت لجنة حفظ الآثار العربية بعمل أول ترميم للمسجد بعد تأسيسه، وشملت الترميمات فوارة المسجد والتي تم نقلها من مسجد مسجد السلطان حسن، وهي تقع في منتصف الصحن، كما تم ترميم قبة رواق القبلة، وكذلك الحجاب الخشبي والذي تم تصنيعه بواسطة لجنة حفظ الآثار العربية، وهو حجاب متفرد في زخارفه وكتاباته.
الفوارة الفوارة الفوارة الفوارة الفوارة الفوارةالمصدر: بوابة الفجر
إقرأ أيضاً:
منصور بن زايد: «نور وسلام» يعكس رؤية الإمارات في تعزيز الثقافة والتعايش
أبوظبي-وام
افتتح سموّ الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، متحف «نور وسلام»، في مركز جامع الشيخ زايد الكبير في أبوظبي.
وقام سموّه بجولةٍ في أقسام المتحف، برفقة عدد من كبار المسؤولين، اطلع خلالها على محتوياته وأنشطته وما يقدم من معارف حول الحضارة الإسلامية وما جادت به عبر عصورها من فنون وعلوم، وما تتسم به من تسامح وتعايش، أسهم في رفد حركة التأثير والتأثر بينها وبين غيرها من حضارات العالم، حيث يتضمن المتحف خمسة أقسام تتضمن تجارب تفاعلية، توظف التقنيات والوسائط المتعددة، وتستعرض المقتنيات النادرة والفريدة التي تعبر عن رسالة المتحف وتقدم سرداً حسيّاً شائقاً يتيح لزائري المتحف فرصة التفاعل مع محتواه الثقافي، ويفتح قنوات الحوار الحضاري بين الثقافات.
كما تعرف سموّه إلى تجربة (ضياء) الغامرة، قاعة الوسائط المتعددة، والتي تعزز رسالة الجامع الحضارية، وذلك في «قبة السلام»، التي تضم العديد من المرافق الثقافية إضافة إلى المتحف وتجربة (ضياء).
وأكد سموّ الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، أن افتتاح متحف «نور وسلام» يعكس رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة نحو تعزيز الثقافة والسلام والتعايش، مشيراً إلى أن هذا المشروع يعد خطوة أخرى في ترسيخ مكانة الدولة كمنارة للتسامح والحوار الحضاري بين الثقافات.
وصرّح سموّه قائلاً: «إن هذا المتحف يشكل نافذة تتيح للعالم استكشاف الثراء الثقافي للحضارة الإسلامية، ويمثل إضافة نوعية لجهود دولة الإمارات في إبراز القيم الإنسانية المشتركة التي تربطنا كشعوب مختلفة، وجعل التراث والفن والعلم والأدب منصات للحوار والتقارب. نحن ملتزمون بدعم المبادرات التي تسهم في بناء مستقبل يعزز قيم التفاهم والسلام».
وأضاف سموّه: «إن مركز جامع الشيخ زايد الكبير يواصل دوره ورسالته الحضارية التي تعزز مكانة الإمارات كوجهة ثقافية عالمية تجمع بين عبق الماضي وتطلعات المستقبل، ويؤكد رؤيتنا في تحقيق التنمية الثقافية التي تحترم تعدد الثقافات وتحتفي بالتنوع».
تجربة ثرية وجاذبة
ويجمع المتحف بين الأجواء المميزة وطرق العرض المبتكرة للقطع الأثرية والوسائط المتعددة، ليخلق تجربة سردية ملهمة وغنية تتألف من خمسة أقسام، هي قيم التسامح – فيض النور، والقدسية والعبادة – المساجد الثلاثة، وجمال وإتقان–روح الإبداع، والتسامح والانفتاح – جامع الشيخ زايد الكبير، والوحدة والتعايش، تضاف إليها المساحة المخصصة لتجارب العائلة والأطفال.
محتوى ثقافي قيّم
ويزخر المتحف بمجموعة منتقاة من التحف والمعروضات، التي تعود إلى عصور إسلامية مختلفة، وتتمحور حول مواضيع متنوعة، ومن أهم ما تشمل معروضات المتحف: جزء من حزام الكعبة المشرفة (القرن 20)، ودينار عبد الملك بن مروان (77 هـ)، أول مسكوكة إسلامية ذهبية، وكتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (1296م/695هـ)، ويتناول تخريج أحاديث موطأ الإمام مالك من الحديث الشريف ومدونات الفقه الإسلامي، وصفحات القرآن المخطوطة بالذهب من المصحف الأزرق (القرن 9-10 م)، وكتاب أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار (القرن 14 م)، والأسطرلاب الأندلسي (القرن 14م)، إضافة إلى المجموعة الشخصية للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وغير ذلك من الأعمال الفنية العريقة والمعاصرة، والأطروحات العلمية والطبية، والزخارف والخطوط، والأعمال الفنية المعدنية والخشبية والرخامية، والمنسوجات.
وبهدف نشر رسالته على أوسع نطاق من خلال إطلاع مرتاديه من مختلف الثقافات، على رسالته، قدّم المتحف مضمونه الحضاري، بسبع لغات هي العربية والإنجليزية والصينية والإسبانية والفرنسية والروسية والهندية، من خلال تقنية تمكّن المستخدم من تفعيلها على الشاشات الرقمية المصاحبة للتجارب الثقافية ضمن أقسام المعرض.
«قبة السلام»
تجدر الإشارة إلى أن المتحف يقع في «قبة السلام»، الوجهة الثقافية الجديدة في إمارة أبوظبي، في مركز جامع الشيخ زايد الكبير، التي تضم عدداً من الأنشطة الثقافية، منها مكتبة الجامع المتخصصة في علوم الحضارة الإسلامية وفنونها، والمسرح الذي يحتضن الفعاليات والمناسبات الدينية والوطنية والثقافية والمجتمعية، وتجربة (ضياء) الحسية الغامرة والملهمة التي تُقدم رسالة الجامع الحضارية، بتقنية (360)، والتي تمثل برسالتها وأسلوب عرضها إضافة نوعية للتجارب الثقافية في المركز.
كما تحتضن مساحات «قبة السلام»، المعارض المؤقتة التي يقيمها المركز، والتي تتميز بقيمتها الثقافية، ورسائلها الحضارية، التي تعزز رسالة الجامع ودوره الثقافي، من خلال تقديم محتواها الثقافي والإنساني في إطار معرفي تفاعلي متنوع، ومنها: معرض (الأندلس، تاريخ وحضارة)، ومعرض (النقود الإسلامية، تاريخ يكشف).
من الجدير بالذكر أن مركز جامع الشيخ زايد الكبير سيعلن افتتاح متحف نور وسلام أمام الزوار قريباً، ليتاح لمختلف الثقافات من مرتادي جامع الشيخ زايد الكبير خوض التجربة الثقافية في أرجاء المتحف.