الذكاء المصري.. صبر القابض على الزناد
تاريخ النشر: 29th, May 2024 GMT
يوما تلو الآخر تثبت الدولة المصرية أن قوة الصبر هي قمة الحكمة في التعامل مع الأزمات المحيطة، وبلغت قمة تلك القوة في إعلاء لغة العقل والحوار، رغم الإمساك بذناد المدفع في وضع الاستعداد.
القيادة المصرية تعلي دائما لغة الحوار والعقلانية ورشد التصرف، وخاصة فيما يدور من حرب الإبادة الجماعية التي شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، قبل أن تنفلت الأمور، وتطير فوهة البركان الذي سيحرق الأخضر واليابس في طريقة، ووقتها سيقول الجميع «ولات ساعة مندم».
إن كرة اللهب التي يدحرجها العدو الصهيوني يوما بعد يوم تجاه مصر، معتقدا أنه من الذكاء والحصافة أن يواصل دفعها نحو القاهرة؛ لتحقيق ما يحفظ ماء وجهه بعد الخيبات التي مني بها في السابع من أكتوبر، تواجهها مصر بعراقيل لإطفائها وإبطال مفعول لهيبها، في الوقت الذي تستطيع فيه تحويل مسارها إلى المكان الذي انطلقت منه، وقلب الطاولة على أخبث من ابتليت بهم منطقتنا العربية، وأحقر من قدر لنا أن نكون جيرانا لهم.
ولكنه قدر مصر، فمكانتها التاريخية التي اكتسبتها من قوة حكمتها وصبر قيادتها النابع من قوتها العسكرية، يفرض عليها أن تكون دائما داعية السلام، ساعية له رغم صلف العدو وعنجهيته الفارغة، حتى إذا استنفدت كل الحلول السلمية ويأست من الغباء الذي يسيطر على ذلك العدو، كان الذناد الحل الأخير الذي لا مفر منه، وفوهة المدفع هو المتحدث الرسمي باسمها، وبسالة المقاتل المصري عنوانها، تزلزل الأرض تحت قدم أعدائها، فالتاريخ شاهد على ذلك: الهكسوس والتتار والإنجليز والفرنسيين وحرب أكتوبر، كلها عبر وعظات لمن يريد العبرة، فإذا أرادت مصر فسيستجيب القدر لا محالة.
تابعنا جميعا -بقلوب يعتصرها الألم، وبحلق تسده غصة- استشهاد بطل من أبطال القوات المسلحة، المكلفين بتأمين معبر رفح، نتيجة تعامله ببسالة مع استفزاز قوة صهيونية على الجهة المقابلة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأعلم جيدا أن دمه لن يضيع هدرا، ولكنها مسألة وقت من حكيم قابض على الزناد يعرف جيدا تبعات التهور، وكيف ومتى يأخذ حقه، فأخذ الحق حرفة يتقنها المصري دائما.
ولا يساورني الشك في أن القيادة السياسية والعسكرية المصرية تضع في الحسبان حجم الغضب الشعبي الوطني على استشهاد البطل بنيران العدو الصهيوني، وتقدر ذلك الغضب، وتفرق بذكاء بين الغضب المشروع من أفراد الشعب المطالب بالرد على تلك الجريمة، وبين الغضب المزيف الذي تحاول جهات مشبوهة تصديره لحاجة في نفس يعقوب، بدفع مصر دفعا نحو الحرب، وهو الهدف ذاته الذي يسعى إليه رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
الموقف المصري في أزمة غزة، أثبت يوما بعد يوم نجاعته في زيادة العزلة الدولية على الكيان، فمصر تعلم جيدا أن الاحتلال بقيادته المجرمة يسعى لفتح جبهات عدة للحرب، يستمد منها قوة داخلية أمام شعبه، ويحاول منها تحقيق مكسب للملمة الصورة التي تحطمت على يد المقاومة في السابع من أكتوبر، ويحاول إطالة أمد الحرب للحفاظ على منصبه أطول فترة ممكنة، ويحاول صرف النظر عن الجرائم التي ارتكبها ويرتكبها يوميا في قطاع غزة.
ولولا الذكاء المصري في إعلاء الصبر الاستراتيجي النابع من القوة العسكرية، لأفلت الاحتلال من تحمل مسؤولية جرائمه بحق الأبرياء في قطاع غزة، فمصر لن تكون أبدا قبلة الحياة للكيان.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: قطاع غزة العدو الصهيوني القيادة المصرية الإبادة الجماعية الاحتلال الاسرائيلي معبر رفح قوات الاحتلال القوات المسلحة قوات الاحتلال الإسرائيلي كرة اللهب مقاومة لغة الحوار الهكسوس إبادة الجماعية حرب الإبادة الجماعية
إقرأ أيضاً:
"مهينة".. تهديد ترامب لموسكو بشأن أوكرانيا يثير الغضب
أثارت تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الرامية لإرغام موسكو على إنهاء حربها في أوكرانيا استياء بعض الساسة والقوميين في روسيا.
واعتبروا أن تكتيكات ترامب تنذر بالسوء فيما يتعلق بالتوصل إلى اتفاق ووصفوها بأنها "لا تنم عن احترام" و"مهينة" و"غير قائمة على معلومات سليمة".
والأربعاء، قال ترامب إنه سيفرض على الأرجح عقوبات وضرائب ورسوما جمركية جديدة على روسيا التي قال إن اقتصادها ينهار، وإنه سيفرض عقوبات أيضا على حلفاء موسكو، ما لم يتوصل الرئيس فلاديمير بوتين إلى اتفاق معه "قريبا" لإنهاء الصراع.
وحسب وكالة "رويترز" وفي محاولة فيما يبدو لموازنة تهديده بالمجاملة، قال ترامب إنه يتعين عدم نسيان أن روسيا ساعدت الولايات المتحدة في الفوز بالحرب العالمية الثانية، وأخطأ قائلا إن الاتحاد السوفييتي خسر 60 مليون شخص في ذلك الصراع مناقضا تقديرات السلطات الروسية التي قالت إن العدد بلغ 26.6 مليون شخص.
ولم يتحدث بوتين وترامب هاتفيا منذ تنصيب الرئيس الأميركي.
تعليق الكرملين
وهون الكرملين من شأن تهديد ترامب، قائلا إنه "لم يرى أي جديد بشكل خاص بهذا الصدد".
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحفيين "نحن نرصد بعناية كل الفروق الدقيقة. ما زلنا مستعدين للحوار، وتحدث الرئيس بوتين كثيرا عن هذا.. عن حوار على قدم المساواة.. عن حوار يقوم على الاحترام المتبادل".
لكن بيسكوف رد على تصريح ترامب عن الحرب العالمية الثانية، قائلا إن الاتحاد السوفييتي قدم أكبر مساهمة في الانتصار على ألمانيا النازية.
وأشار أيضا إلى خطأ ترامب في عدد قتلى الحرب.
غضب في روسيا
وتحدث آخرون في بغضب، قائلين إن ما وصفوه بموقف ترامب المتشدد تجاه روسيا جعل التوصل إلى اتفاق سلام أقل احتمالا.
وأشار نائب رئيس مجلس الاتحاد الروسي قسطنطين كوساتشيف إلى أن ترامب لم يطالب أوكرانيا بأي شيء في نفس المنشور على موقع "تروث سوشيال".
وقال كوساتشيف في بيان "هذا يؤكد أن مستوى فهمه لأسباب الأزمة الأوكرانية والحالة الراهنة وآفاق حلها يكاد يكون على نفس مستوى فهمه لمسار الحرب العالمية الثانية ونتائجها... وهذا أمر لا يدعو سوى للأسف والقلق".
كما عبر مدونو الحرب المؤثرون الذين يقرأ ملايين الروس مدوناتهم، ويعملون بترخيص من السلطات، عن غضبهم. وقال أحدهم، وهو فوينكور كوتونوك، إن تصريح ترامب "مهين وينم عن التكبر".
وتكهن مراسل الحرب ألكسندر كوتس بأن وقف إطلاق النار في الشرق الأوسط أعطى ترامب شعورا زائفا بالقوة المطلقة.
ومن جانبه عبر المستشار السابق للكرملين، سيرجي ماركوف، عن غضبه وقال إن تصرفات ترامب حتى الآن تشير إلى أنه لن يستطيع إحلال السلام في أوكرانيا.
وقال فلاديمير سولوفيوف، مقدم البرامج الحوارية البارز في وسائل الإعلام الحكومية، إن "تهديدات ترامب تثبت أنه عدو".
وأضاف سولوفيوف بغضب لمستمعيه "هل هذه هي الطريقة الملائمة للتحدث مع روسيا العظيمة؟".