قاضٍ مصري: تجريد إسرائيل من الداعمين لها يكون بمحاكمة المتواطئين معها
تاريخ النشر: 29th, May 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قدم منذ أيام قليلة معهد جنيف الدولي لأبحاث السلام (GIPRI) طلباً إلى المحكمة الجنائية الدولية ضد رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، للتحقيق معها بتهمة التواطؤ في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي قطاع غزة انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي.
وفى دراسة حديثة للمفكر والمؤرخ القضائى القاضى المصرى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة بعنوان “تجريد إسرائيل من الداعمين لها بمحاكمة المتواطئين معها، واستقلال جريمة التواطؤ فى النظام العقابى الدولى لجرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين”.
وتعرض دراسة الفقيه المصرى فى نقاط مهمة أهمها أن كلا من يقدم العون أو التحريض أو المساعدة بأى شكل فى جرائم الإبادة الجماعية وضد الإنسانية وجرائم الحرب يسأل فردياً أمام الجنائية الدولية
وإشكالية التواطؤ فى الإبادة الجماعية فى فكر النظام الجنائى الدولى، والمتواطئون ليس لديهم خطة الإبادة الجماعية، لكنهم يعلمون أنها النتيجة المتوقعة لأفعالهم . وكيف يتحقق التواطؤ في الحرب العدوانية دون تطلب شرط القيادة؟
ما هو نوع التواطؤ الذى نسبه معهد جنيف الدولي لأبحاث السلام (GIPRI) ضد رئيسة المفوضية الأوروبية بشأن جرائم حرب إسرائيل ضد الفلسطينيين؟
يقول الدكتور محمد خفاجى: "بإمعان النظر فى طلب معهد جنيف الدولي لأبحاث السلام ( GIPRI) المقدم إلى المحكمة الجنائية الدولية ضد رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، للتحقيق معها بتهمة التواطؤ في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي قطاع غزة انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي تمثل فيما يلى:
1- الدعم غير المشروط الذي تقدمه أورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية لإسرائيل فى المجالات العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية والسياسية مما كان من شأنه أن مكّن إسرائيل من ارتكاب جرائم حرب والإبادة الجماعية المستمرة في غزة، وفشلها في اتخاذ إجراءات في الوقت المناسب نيابة عن المفوضية الأوروبية المساعدة في منع الإبادة الجماعية على النحو الذي تقتضيه اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948. خاصة بعد أمر التدابير المؤقتة الذي أصدرته محكمة العدل الدولية فى 26 يناير 2024 ضد إسرائيل.
2- تواطؤها أيضاً في انتهاكات المواد 6 و7 و8 من نظام روما الأساسي من خلال مجموعة من الأفعال الإيجابية بصفتها الرسمية كرئيسة للمفوضية الأوروبية. تشمل الأفعال الإيجابية ما يلي:
بالنسبة للدعم العسكري لإسرائيل: لعبت فون دير لاين، بصفتها الرسمية كرئيسة للمفوضية الأوروبية، دورًا فعالًا في تأمين توفير الوسائل، في شكل دعم عسكري، لجيش الدفاع الإسرائيلي. خلال الفترة من 2019 حتى 2023.
وبالنسبة للدعم الاقتصادي والمالي لإسرائيل: تحقق بشأنها سواء من خلال رفض اتخاذ أي خطوات نحو تعليق اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، أو من خلال الترويج لأدوات التعاون الجديدة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، وسط الهجوم الإسرائيلي الحالي على غزة. أخذاً فى الاعتبار أنه يتوفر لدى النية والوعى بالوضع المستمر في غزة، وعلمها بأنه يشكل انتهاكًا للقانون الدولي. "
كيف يتحقق التواطؤ في الحرب العدوانية دون تطلب شرط القيادة (ممارسة السيطرة الفعالة أو توجيه العمل السياسي أو العسكري للدولة)
يطرح القاضى المصرى تساؤلاً حول كيفية تحقيق التواطؤ في الحرب العدوانية دون تطلب شرط القيادة فيقول " من السائد فى فكر السوابق القضائية للمحكمة الجنائية الدولية أن جريمة العدوان تتطلب ما يسمى بشرط القيادة بأن يكون مرتكب الجريمة في وضع يسمح له بممارسة السيطرة الفعالة أو توجيه العمل السياسي أو العسكري للدولة. وقد ترتب على هذا المفهوم أن الأفراد العاديين مستبعدون من نطاق المسئولية الجنائية بركيزة أنهم يفتقرون إلى السلطة اللازمة على سياسة الدولة. ومع ذلك فالرأى عندى أن جريمة التواطؤ الإجرامي تتحقق في الحرب العدوانية دون تطلب شرط القيادة أى دون ممارسة السيطرة الفعالة أو توجيه العمل السياسي أو العسكري للدولة وذلك طالما تحققت الإعانة بأى أشكال الدعم والتحريض "
ويضيف " إن التواطؤ شكل من أشكال المسئولية الجنائية عن المشاركة في الجريمة , فينخرط مع الفاعلين الرئيسيين، الشركاء بنشاط في العمل المعقد لتحقيق النتيجة الإجرامية. وهؤلاء الشركاء لا ينفذون أعمال الارتكاب الفعلية على مسرح الجريمة ولكنهم يساهمون في الجريمة بطريقة ذات صلة جنائيًا.إذ ينشط المتواطئون ويحرضون أو يساعدون أو يؤثرون على سلوك الجناة بالمساعدة أو التحريض , فجوهر المساعدة أو التحريض هو التأثير وهو النموذج الجوهرى للتواطؤ ."
إشكالية التواطؤ فى الإبادة الجماعية فى فكر النظام الجنائى الدولى
ويذكر " قررت المحكمة الابتدائية للمحكمة الجنائية الدولية لرواندا عام 1998في قضية المدعي العام ضد أكايسو، أن شرط النية الخاصة للإبادة الجماعية لا ينطبق على التواطؤ في ارتكاب الإبادة الجماعية بقولها أن القصد أو العنصر العقلي للتواطؤ يعني ضمنيًا بشكل عام أنه في اللحظة التي تصرف فيها، كان الشريك على علم بالمساعدة التي كان يقدمها في ارتكاب الجريمة الرئيسية.وهو ما يعنى أن يكون الشريك قد تصرف عن علم , وهو معيار موضوعي يكون الشخص فيه قد تصرف عن علم إذا كان يعلم، أو كان ينبغي له أن يعلم العواقب المترتبة على دعمه. "
ويشير "الرأى عندى أن التخفيف فى متطلبات النية للتواطؤ في الإبادة الجماعية يؤدى إلى أن إثبات هذه الاتهامات ستكون ميسرة ويسيرة,وستنطبق على مجموعة أكبر من الأشخاص الدولية المتواطئة ,ولو لم يكن هدفها ارتكاب الإبادة الجماعية. ذلك أنه خلال مدة الثمانية الأشهر الماضية منذ قيام الحرب بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية قامت الدول الغربية بتسريع مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل؛ وازداد الوجود العسكري دعماً لإسرائيل في الشرق الأوسط؛ وتم تهديد الدول التى تنوى التدخل لحماية الفلسطينيين.وتم تدمير غزة وإبادة سكانها جماعياً ويجب أن يحاكم المتواطئون عن تهمة التواطؤ. فالأسباب الأخلاقية والقانونية تقتضى المحاكمة الجنائية بالقصاص العادل لكل من ساعدوا في حمامات الدم لأطفال غزة ونسائها ."
يكفى للتواطؤ فى جريمة الإبادة الجماعية الخبث المستدل عليه بالتهور أو التجاهل، أو النية المحددة دون الدافع المحدد
ويوضح " من المعلوم أن المشرع الدولى يتطلب فى جريمة الإبادة الجماعية القصد الجنائي المشدد لمرتكب الإبادة الجماعية، بحيث يتحقق القصد المحدد والدافع المحدد
وللتفرقة بينهما أهمية كبيرة , لأنه بصدد ارتكاب جريمة التواطؤ في الإبادة الجماعية لا يحتاج الأمر إلى تشديد نية المتواطئ , فلا يلزم تحقق القصد المحدد والدافع المحدد معاً , بل يكون القصد الجنائي أقل من ذلك ومثاله الخبث الذي يستدل عليه بالتهور أو التجاهل، أو النية محددة دون الدافع المحدد، فيكفى المساعدة أوالتحريض على الجريمة متى كان هدف الإبادة الجماعية هو تسهيل ارتكابها , بمعنى أنه ربما لم تكن الإبادة الجماعية هي هدف المتواطئ ولكن تحدث إبادة جماعية كمجرد نتيجة متوقعة لأفعاله."
المتواطئون ليس لديهم خطة الإبادة الجماعية، لكنهم يعلمون أنها النتيجة المتوقعة لأفعالهم
ويؤكد " المتواطئون ليس لديهم خطة الإبادة الجماعية ويفتقرون إليها ،لكنهم يعلمون أنها النتيجة المتوقعة لأفعالهم , وهذه هذه الثغرة توفر ملاذاً اَمناً لهؤلاء المجرمين , وتنال من القوة الرادعة لاتفاقية منع الإبادة الجماعية, لذا يجب علينا إمعان النظر فى اتفاقية منع الإبادة الجماعية , فجريمة الإبادة الجماعية
وجريمة التواطؤ في الإبادة الجماعية جريمتان منفصلتان بموجب التعمق فى أغراض اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها , وهى التى تقع وقت السلم أو وقت الحرب، وتتمثل صور المساهمة الجنائية الدولية فيها فى التآمر على ارتكاب الإبادة الجماعية والتحريض المباشر والعلني على ارتكاب الإبادة الجماعية."
ويوضح " أن الشخص المتواطئ في الإبادة الجماعية قد شارك في أعمال من الممكن لنتائجها المتوقعة قد ساهمت في الإبادة الجماعية، ولكن دون وجود نية شخصية لارتكاب الإبادة الجماعية. لكن يتطلب القضاء إثبات أن الأشخاص الذين تثبت إدانتهم بالمساعدة والتحريض على الإبادة الجماعية كانت لديهم نية أن تساهم أفعالهم في الإبادة الجماعية. وهنا يجب وضع خط فاصل بين الدوافع المحددة والنية المحددة. بينما لا يحتاج الشخص المذنب بالتواطؤ في الإبادة الجماعية إلى هذا الترابط المادى والمعنوى بين الفعل والقصد من الفعل؛ بمعنى يكون لديه القصد المحدد دون الدافع المحدد وهو ما يكفي للإدانة بالتواطؤ. وهذا ما نادى به بعض فقهاء الغرب , وهو الخلط الذى وقعت فيه المحكمتان الجنائيتان الدوليتان ليوغوسلافيا ورواندا ,ويجب الاعتراف بالتواطؤ في الإبادة الجماعية باعتباره جريمة قائمة بذاتها. "
أربع جرائم تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية
ويذكر "وفقا للمادة (5) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية يقتصر اختصاص المحكمة على أشد الجرائم خطورة موضع اهتمام المجتمع الدولي بأسره, وللمحكمة بموجب هذا النظام الأساسي اختصاص النظر في الجرائم التالية أى أن الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة هى :(1) جريمة الإبادة الجماعية.
(2) الجرائم ضد الإنسانية.
(3) جرائم الحرب.
(4) جريمة العدوان."
كل من يقدم العون أو التحريض أو المساعدة بأى شكل تتحقق مسئوليته الجنائية الفردية أمام المحكمة الجنائية الدولية
ويختتم "المبدأ المعمول به فى نظام روما الأساسى هو مبدأ المسئولية الجنائية الفردية , فوفقاً للمادة (25) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية يكون للمحكمة اختصاص على الأشخاص الطبيعيين
حيث الشخص الذي يرتكب جريمة تدخل في اختصاص المحكمة يكون مسئولاً عنها بصفته الفردية وعرضة للعقاب وفقاً لهذا النظام الأساسي. فيسأل الشخص جنائياً ويكون عرضة للعقاب عن أية جريمة تدخل في اختصاص المحكمة في حال قيام هذا الشخص بما يلي :-
(1) ارتكاب هذه الجريمة سواء بصفته الفردية أو بالاشتراك مع آخر أو عن طريق شخص آخر , بغض النظر عما إذا كان ذلك الآخر مسئولاً جنائياً.
(2) الأمر أو الإغراء بارتكاب , أو الحث على ارتكاب جريمة وقعت بالفعل أو شرع فيها.
(3) تقديم العون أو التحريض أو المساعدة بأي شكل آخر لغرض تيسير ارتكاب هذه الجريمة أو الشروع في ارتكابها , بما في ذلك توفير وسائل ارتكابها.
(4) المساهمة بأية طريقة أخرى في قيام جماعة من الأشخاص , يعملون بقصد مشترك , بارتكاب هذه الجريمة أو الشروع في ارتكابها , على أن تكون هذه المساهمة متعمدة وأن تقدم: إما بهدف تعزيز النشاط الإجرامي أو الغرض الإجرامي للجماعة إذا كان هذا النشاط أو الغرض منطوياً على ارتكاب جريمة تدخل في اختصاص المحكمة .أو مع العلم بنية ارتكاب الجريمة لدى هذه الجماعة.
(5) فيما يتعلق بجريمة الإبادة الجماعية التحريض المباشر والعلني على ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية.
(6) الشروع في ارتكاب الجريمة عن طريق اتخاذ إجراء يبدأ به تنفيذ الجريمة بخطوة ملموسة ولكن لم تقع الجريمة لظروف غير ذات صلة بنوايا الشخص , ومع ذلك , فالشخص الذي يكف عن بذل أي جهد لارتكاب الجريمة أو يحول بوسيلة أخرى دون إتمام الجريمة لا يكون عرضة للعقاب بموجب هذا النظام الأساسي على الشروع في ارتكاب الجريمة إذا هو تخلى تماماً وبمحض إرادته عن الغرض الإجرامي، ولا يؤثر أي حكم في هذا النظام الأساسي يتعلق بالمسئولية الجنائية الفردية في مسئولية الدول بموجب القانون الدولي".
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: ارتكاب جرائم حرب الأراضي الفلسطينية المحكمة الجنائية الدولية للمحکمة الجنائیة الدولیة المحکمة الجنائیة الدولیة رئیسة المفوضیة الأوروبیة ارتکاب الإبادة الجماعیة جریمة الإبادة الجماعیة هذا النظام الأساسی ارتکاب الجریمة ارتکاب جریمة ضد الإنسانیة فون دیر لاین جرائم الحرب على ارتکاب نظام روما
إقرأ أيضاً:
فلسطيني يقرر مقاضاة مايكروسوفت لتورطها في الإبادة الجماعية بغزة
#سواليف
أعلن #صيدلاني_فلسطيني، عزمه رفع قضية ضد شركة #مايكروسوفت لدورها المساند للاحتلال الإسرائيلي في #حرب_الإبادة_الجماعية في قطاع #غزة.
وقال ذوالفقار سويرجوو، وهو كاتب سياسي، ومالك لصيدلية شمال قطاع #غزة، عبر صفحته على فيسبوك: نظرا لما رشح من دور لشركة ميكروسوفت في #حرب_الإبادة الجماعية والتدمير الممنهج لمقدرات اهالي قطاع غزة، أنا شخصيا سأرفع قضية ضد الشركة لمقاضاتها بسبب تدمير صيدليتي ومختبرها التاريخي ومخزن الأدوية وتحميلها كامل المسؤولية عن كل الخسائر التي أصابتني وتسببت في تدمير حياتي وحياة عائلتي.
كما أشار إلى مسؤوليتها عن قتل عشرات الآلاف من أبناء شعبنا وجرح عشرات الآلاف و #تدمير مدينة غزة بأكملها.
مقالات ذات صلة الأورومتوسطي .. جريمة الشجاعية إصرار إسرائيلي معلن على محو الوجود الفلسطيني في غزة 2025/04/10وشدد على أن هذه مهمة الجهات الرسمية الفلسطينية وعليها أن تتحمل مسؤولياتها تجاه ذلك.
وفي السياق، طالبت منظمة سكاي لاين الدولية لحقوق الإنسان محاسبة مايكروسوفت على تورطها في الإبادة الجماعية والانتهاكات ضد #الفلسطينيين.
وقالت المنظمة في بيان لها، مساء الأربعاء: على مدار الثمانية عشر شهرًا الماضية، تعرضت غزة لقصف متواصل وهجمات وحشية ودمار هائل وحصار خانق من قوات الاحتلال الإسرائيلية. وقد أسفرت هذه الاعتداءات عن استشهاد أكثر من 50,600 فلسطيني، بينهم أكثر من 18,000 طفل، بحسب وزارة الصحة في غزة.
وأضافت: وفي ظل هذا الإبادة الجماعية المستمرة، رسخت شركة مايكروسوفت موقعها، بشكل عميق ومُربح، كلاعب أساسي في جهود #حرب #إسرائيل على غزة.
ووفقًا لتقارير متعددة، ذهبت مايكروسوفت إلى ما هو أبعد من مجرد توفير بنيتها التحتية السحابية. فقد أصبحت شريكاً رئيسياً لجيش الاحتلال الإسرائيلي، حيث توفر خدمات “Azure” السحابية وتقنيات الذكاء الاصطناعي التي تمكّن قوات الاحتلال من مواصلة عملياتها العسكرية، واستهداف المدنيين، وتنفيذ مراقبة جماعية بحق الفلسطينيين. فمنذ بدء الحرب في أكتوبر 2023، قدّمت مايكروسوفت ما لا يقل عن 10 ملايين دولار من الدعم الهندسي والفني لجيش الاحتلال الإسرائيلي، مع توقع تدفق ملايين أخرى إلى هذه العقود الدموية طوال عام 2024.
وتُستخدم تقنيات مايكروسوفت في اتخاذ القرارات العسكرية، مما يمكّن من استهداف المدنيين بشكل فوري، وتسريع تنفيذ الاستهدافات الجوية، وتسهيل عمليات المراقبة الجماعية.
وقد تم ربط نظام “لافندر”، نظام الاستهداف الإسرائيلي المدعوم بالذكاء الاصطناعي، بشكل مباشر في قتل واستهداف المدنيين في غزة، معتمدًا على بيانات تتم معالجتها وإدارتها عبر بنية مايكروسوفت السحابية. كما يتم استخدام قدرات مايكروسوفت في الذكاء الاصطناعي وأدوات المراقبة البيومترية لمراقبة الفلسطينيين وتعقب تحركاتهم وتغذية آلة القمع المستمرة للاحتلال.
ومع ذلك، وبينما يشاهد العالم الإبادة الجماعية في غزة، ضاعفت مايكروسوفت من تورطها، وفق المنظمة الحقوقية، التي أشارت إلى أن الشركة تواصل عقودها مع الجيش الإسرائيلي، وتطابق تبرعات موظفيها مع منظمات تمول آلة الحرب الإسرائيلية والمستوطنات غير القانونية، وتقمع أي معارضة داخلية من خلال طرد الموظفين الذين يجرؤون على التعبير عن رفضهم لسياسات الشركة. تكشف تصرفات مايكروسوفت — بلا أي تردد أو وخز ضمير — عن اتجاه مقلق في عالم شركات التكنولوجيا الكبرى: الاستعداد لتحقيق الأرباح من الفظائع ودعم انتهاكات حقوق الإنسان تحت شعار “الذكاء الاصطناعي الأخلاقي” والتقدم التكنولوجي.
وقالت: حتى مع مطالبة الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان والمحاكم الدولية بوقف فوري لإطلاق النار، تواصل مايكروسوفت دعمها. ففي يناير 2024، قضت محكمة العدل الدولية بأن أفعال إسرائيل يُحتمل أن تشكل إبادة جماعية، ومع ذلك تواصل مايكروسوفت تزويد إسرائيل بالأدوات التي تغذي قتل الفلسطينيين في غزة، مما يقوض القانون الدولي بشكل مباشر ويساهم في ارتكاب جرائم حرب.
وأكدت أن هذه الحالة تعكس مثالًا مروعًا على تواطؤ شركات التكنولوجيا الكبرى في الإبادة الجماعية والقمع الممنهج ضد الفلسطينيين. تعد مايكروسوفت جزءًا من نمط أوسع من الشركات التقنية العملاقة — التي تحركها الأرباح وليس المبادئ — في تسليح التكنولوجيا وتمكين انتهاكات حقوق الإنسان. وعلى الرغم من وعودها الفضفاضة بـ”المسؤولية المؤسسية تجاه حقوق الإنسان”، تواصل مايكروسوفت تأجيج نيران الإبادة الجماعية من خلال شراكتها مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، مسهّلة ارتكاب الفظائع بدلاً من حماية الكرامة الإنسانية.
وقالت: إن تواطؤ مايكروسوفت يمثل انتهاكًا صارخًا للمبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان (UNGPs)، التي تلزم الشركات بحماية حقوق الإنسان، وتجنب التسبب أو المساهمة في انتهاكات الحقوق من خلال عملياتها، والعمل على معالجة أي آثار سلبية تشارك فيها. وتجاهلت مايكروسوفت هذه المبادئ بشكل صارخ من خلال استمرار تعاونها مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، مما يقوّض أسس معايير حقوق الإنسان العالمية.
وأدانت منظمة سكاي لاين الدولية لحقوق الإنسان شركة مايكروسوفت لدورها المستمر في تورطها في الإبادة الجماعية والفصل العنصري من خلال شراكتها التكنولوجية مع جيش الاحتلال الإسرائيلي. ويجب على مايكروسوفت أن تنهي فورًا جميع عقودها مع قوات الاحتلال، وأن توقف كل أشكال الدعم للعمليات التي تنتهك معايير حقوق الإنسان الدولية، وأن تكشف بشفافية عن جميع علاقاتها بالمنظومة العسكرية الإسرائيلية.
وشددت على أن هذا ليس مجرد شأن تجاري — بل هو مسألة حياة أو موت. فمع كل يوم تختار فيه مايكروسوفت الأرباح على حساب الإنسانية، تتعمق مشاركتها في دعم الفصل العنصري والإبادة الجماعية ومحو شعب بأكمله.
وختمت بقولها: لم يعد من الكافي المطالبة بالتغيير بينما يتم تسليح التكنولوجيا للقتل الجماعي. يجب محاسبة مايكروسوفت على دورها في تمكين الإبادة الجماعية وجرائم الحرب ضد الفلسطينيين — وعلى موظفيها وعملائها ومساهميها أن يطالبوا بالعدالة وإنهاء تواطؤها.