في مقابلته التلفزيونية الأخيرة، كرّس رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية ترشيحه لرئاسة الجمهورية كأمر واقع، فوصف نفسه بأنّه "مرشّح وطني وعربي"، نافيًا وجود "فيتو" عليه من جانب الولايات المتحدة أو غيرها، كما أكد أنّ انسحابه من السباق الرئاسي غير وارد في الظروف الحاليّة، مبديًا ثقته بأنّ حلفاءه وفي مقدّمهم "حزب الله" لن يطلبوا منه الانسحاب، وإن ترك الباب مفتوحًا أمام احتمالات التسوية وما يترتّب عنها.


 
لكنّ الأهمّ في كلام فرنجية تمثّل برأي كثيرين في حديثه عن الحوار، الذي أبدى كلّ الانفتاح عليه من منطلق الإيجابية، والثقة بقدرته على الإقناع، فهو اعتبر الحوار "مَخرَجًا"، واتهم من يعارضه بأنه "يعرقل بشكل أو بآخر"، مع التذكير بأنّ أيّ رئيس لم يصل إلى الموقع منذ العام 1976 وحتى اليوم، "من دون شكل من أشكال الحوار"، وهو ما عزّزه بتشديده على أنّ لبنان محكوم بالتفاهمات، وهو ما تؤكده تجربة التاريخ القديم والحديث.
 
تبقى العِبرة في كلام "البيك" أنّ "التوازنات لم تتبدّل بعد، ربما بانتظار التسوية المقبلة في المنطقة"، لكن، هل الأمور فعلاً "على السكّة" كما قال في المقابلة، وماذا يعني مثل هذا الكلام؟ كيف تُقرَأ مواقف فرنجية، في عزّ مناخ المفاوضات القائم في المنطقة؟ هل يمهّد فرنجية للتسوية ولو أتت على حساب ترشيحه، أم أنّه يعقّد الأمور أكثر وأكثر؟ وكيف تتلقّف المعارضة تحديدًا موقف فرنجية، وهي التي "تشترط" انسحابه لمجرّد الجلوس على الطاولة؟
 
"تأكيد المؤكّد"
 
يقول العارفون إنّ ما صدر عن رئيس تيار "المردة" في مقابلته الأخيرة، التي أتت للمناسبة بعد أشهر طويلة من آخر إطلالاته الإعلامية، من دون أن تحمل في طيّاتها أيّ "جديد نوعيّ" إن جاز التعبير، جاء ليؤكّد المؤكّد، إذ إنّ القاصي والداني يدرك أنّ فرنجية ليس في وارد التراجع عن ترشيحه في هذه المرحلة، وهو الذي يعتقد أنّ حظوظه لا تزال الأعلى، بل إنّه يقترب من الرئاسة أكثر فأكثر مع كلّ يوم جديد، بمعزل عن كلّ الضجة "المفتعلة" من هنا أو هناك.
 
من هنا، تُقرَأ مواقف فرنجية على أنّها "تثبيت للترشيح" بعيدًا عن كلّ الفرضيات التي تتحدّث عن خروجه من "البازار الرئاسي"، في ضوء الجهود المبذولة لإنجاز الاستحقاق الرئاسي، وآخرها ما خلص إليه سفراء "الخماسية" من دعوة إلى مشاورات محدودة تهدف إلى "تحديد مرشح متفق عليه على نطاق واسع"، وهو ما رأى البعض أنه قد يعني انسحاب فرنجية لصالح مرشح آخر يمكن أن يكون "جامعًا" بين المعسكرين المتنافسين.
 
ومع أنّ فرنجية كان واضحًا بانفتاحه على الحوار، الذي شدّد على أنّه وحده يمكن أن يكون "المَخرَج" لحلّ أزمة الفراغ الرئاسي، فإنّه حرص على توجيه "رسالة" لكلّ المصطادين بموضوع ترشحه، بأنّه باقٍ عليه، طالما أنّ التوازنات لم تتبدّل، علمًا أنّ نفيه وجود "فيتو" عليه من الولايات المتحدة، وحديثه الإيجابي عن العلاقة مع الفرنسيين، فضلاً عن "الودّ" الذي أبداه تجاه المملكة العربية السعودية، كلّها عوامل تعزّز من موقفه بصورة أو بأخرى.
 
المعارضة "تستغرب"
 
على خطّ المعارضة، لم تبدُ مواقف فرنجية محلّ ترحيب في صفوفها، ولو أنّها لم تكن مفاجئة في العمق، إذ تستغرب أوساطها إصرار فرنجية على المضيّ بترشيحه، وفق معادلة "أنا أو لا أحد"، على الرغم من مضيّ زهاء سنتين على فراغ رئاسي، يتسبّب به مثل هذا الإصرار، الذي يمنع الانتقال للبحث بخيارات أخرى، حتى إنّه بدا كمن يحذّر حلفاءه سلفًا من مغبّة التراجع عن دعمه، بمطالبته بـ"مبرّر" لذلك في حال حصوله، وكأنّ إطالة أمد الفراغ لا تكفي.
 
انطلاقًا من ذلك، تعتبر أوساط المعارضة حديث فرنجية عن الحوار بلا جدوى، طالما أنّه يتصلّب في موقفه، ما يفرغ أي حوار من مضمونه، "فما الفائدة من الحوار إذا ما كان فرنجية وداعموه يريدونه فقط لفرضه على الجميع، وفوق الطاولة؟"، وتشدّد هذه الأوساط على أنّ المطلوب من فرنجية أن يقتنع بأنّ انتخابه رئيسًا متعذّر، طالما انّه لا يحصد الأكثرية اللازمة لذلك من الأصوات، ما يتطلب منه الانسحاب لترك المجال لغيره للوصول إلى بعبدا.
 
هذا المنطق يرفضه المتحمّسون لفرنجية، والمقتنعون بحظوظه في الوصول إلى الرئاسة، بمعزل عن كل التعقيدات الظاهرة، حيث يستغرب هؤلاء كيف أنّ الفريق الذي يدافع عن مبدأ "اللعبة الديمقراطية" لا يكفّ عن مطالبة رئيس تيار "المردة" بالانسحاب، نازعًا عنه بذلك "حقّه الدستوري والمشروع" بالترشح للرئاسة، مشدّدين على أنّ المطلوب من هؤلاء بدل وضع الشروط، الجلوس على طاولة الحوار، ليُبنى على الشيء مقتضاه.
 
باختصار أكّد رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية المؤكّد في مقابلته التلفزيونية الأخيرة. ثبّت ترشيحه، وقال إنه لن يتراجع عنه، ودعا حلفاءه لتقديم مبرّر في حال طلب الانسحاب، الذي استبعد أن يحصل. لكنّه أبعد من ذلك، أكد المؤكّد أيضًا، لجهة أنّ ظروف الرئاسة لم تنضج بعد، ربما بانتظار التسوية المقبلة كما قال الرجل، وسط رهانات تبدو متصاعدة على متغيّرات قد تحملها، وقد تنعكس على الرئاسة اللبنانية وغيرها! المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

سلام يبحث مع أورتاغوس استكمال الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان

لبنان – بحث رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام، امس السبت، مع نائبة المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط مورغان أورتاغوس، تطورات الأوضاع في جنوب البلاد، بما يشمل استكمال الانسحاب الإسرائيلي منه.

انعقد اللقاء في قصر بعبدا الرئاسي شرق العاصمة بيروت، بحسب وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية.

ويأتي ضمن زيارة غير محددة المدة لأورتاغوس، بدأتها الجمعة، وتُجري خلالها سلسلة لقاءات مع عدد من المسؤولين اللبنانيين.

وقالت الوكالة اللبنانية إن الطرفين بحثا “تطورات الوضع في الجنوب، والتدابير التي يقوم بها الجيش اللبناني لتطبيق القرار 1701، واتفاق الترتيبات الأمنية لوقف الأعمال العدائية (اتفاق وقف إطلاق النار)”.

وينص القرار 1701، الذي أصدره مجلس الأمن عام 2006، على وقف العمليات القتالية بين لبنان وإسرائيل آنذاك، وإنشاء منطقة خالية من السلاح بين الخط الأزرق (المحدد لخطوط انسحاب إسرائيل من لبنان عام 2000) ونهر الليطاني جنوب لبنان، مع استثناء الجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة المؤقتة “يونيفيل” من هذا الحظر.

كما بحث سلام مع أورتاغوس، “استكمال الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية”، وفق المصدر ذاته.

وفي 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بدأت إسرائيل عدوانا على لبنان تحول لحرب واسعة في 23 سبتمبر/ أيلول 2024، ما خلّف أكثر من 4 آلاف قتيل ونحو 17 ألف جريح، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، إضافة إلى نزوح نحو مليون و400 ألف شخص.

ورغم سريان اتفاق لوقف النار في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، ارتكبت إسرائيل 1391 خرقا له ما خلّف 120 قتيلا و366 جريحا على الأقل، وفق إحصاء للأناضول استنادا إلى بيانات رسمية.

وتنصلت إسرائيل من استكمال انسحابها من جنوب لبنان بحلول 18 فبراير/ شباط الماضي، خلافا للاتفاق، إذ نفذت انسحابا جزئيا وتواصل احتلال 5 تلال لبنانية رئيسية، ضمن مناطق احتلتها في الحرب الأخيرة.

كما شرعت مؤخرا في إقامة شريط حدودي يمتد لكيلومتر أو اثنين داخل أراضي لبنان.

في سياق آخر، بحث سلام وأورتاغوس، “تطورات الوضع على الحدود اللبنانية السورية مع التأكيد على ضبطها بشكل كامل ومنع حصول أي توترات أو فوضى، بالإضافة إلى منع كل أشكال التهريب”.

ومنذ إسقاط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، تعمل الإدارة السورية الجديدة على ضبط الأوضاع الأمنية في البلاد، وبسط السيطرة على الحدود مع دول الجوار، لا سيما لبنان، بما يشمل ملاحقة مهربي المخدرات وفلول النظام السابق الذين يثيرون قلاقل أمنية.

وتعزز هذا التوجه في ضوء التوتر الأمني الذي شهدته الحدود السورية اللبنانية منتصف مارس/ آذار الماضي، إثر اتهام وزارة الدفاع السورية الفصائل اللبنانية باختطاف وقتل 3 من عناصرها، وهو ما نفته الفصائل.

 

وكالات

مقالات مشابهة

  • رئيس الدولة: الإمارات ماضية في تعزيز نهجها الذي يضع الصحة في قمة الأولويات التنموية
  • رئيس حزب الاتحاد: الحوار الوطني فرصة ذهبية لصياغة رؤية جماعية حول تطورات الأحداث في المنطق
  • سلام يبحث مع أورتاغوس استكمال الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان
  • تقارب مستجدّ بين فرنجية وباسيل
  • رئيس الوزراء: امريكا ستخسر امام شعبنا الذي اذهل العالم
  • رئيس الوزراء يستعرض عددا من الملفات المهمة لمناقشتها بالحوار الوطني
  • رئيس الوزراء يستعرض عددا من الملفات المهمة لمناقشتها عبر آلية الحوار الوطني
  • رئيس الوزراء يستعرض عددًا من الملفات المهمة لمناقشتها عبر الحوار الوطني
  • رئيس الوزراء يستعرض عددًا من الملفات المهمة لمناقشتها عبر آلية "الحوار الوطني"
  • رئيس الوزراء يستعرض عددا من الملفات المهمة لمناقشتها عبر الحوار الوطني