#قواعد_الحرب _ #ماهر_أبوطير
أغلب حروب البشرية خضعت لقواعد مكتوبة أو شفوية او متفق عليها، أو موروثة، ومن ابرز هذه القواعد عدم إيذاء المدنيين الأبرياء، وصون حياة النساء والاطفال وكبار السن، وتأمين حقوق الاسرى.
وقد رأينا على مدى حياتنا، حروبا على ما فيها من دموية لم تتجاوز هذه القواعد، او تجاوزتها جزئيا، بسبب التعمد، او اخطاء الحرب، بما فيها الحروب الحديثة ويمكن هنا العودة إلى كل الحروب في القرن العشرين لنكتشف ان هذه الحروب خضعت لقواعد، وبعضها خرج عن القواعد الاخلاقية، وهذا يعني ان الحرب بحد ذاتها تفتح كل الاحتمالات، دون ان تلغي ادانات الحرب الكلام عن التجاوزات.
ما يراد قوله هنا ان الحرب الاسرائيلية على غزة تعد نموذجاً خطيرا في حياة البشرية من حيث الاجرام، والذين يستغربون قصف مخيم للنازحين قرب مقر لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين “الأنروا” غربي رفح، وقتل المدنيين الابرياء في خيم طلبت اسرائيل منهم النزوح اليها، يتناسون ربما ان اسرائيل قصفت المستشفيات والمدارس والملاجئ والطرقات والمزارع والبيوت والمساجد والكنائس وقوافل الغذاء والادوية ووسائل النقل، وشملت في جرائمها آلاف الاطفال والنساء، فلماذا سيكون قصف مخيم نازحين مؤقت غريبا، امام كل هذه الجرائم، وهي التي تقصف اصلا في مخيمات الضفة الغربية في مدن مختلفة.
مقالات ذات صلةهذا يعني ان القصة ليست قصة مخيم نازحين مؤقت اضطر الناس للذهاب اليه حتى يأمنوا على حياتهم، والقصة تتعلق بالمبدأ، اي استباحة الدم سواء في شقة، او عمارة او مخيم، فلا فرق ابدا ابدا.
ستخرج اسرائيل وتقول ان معلوماتها كانت تشير الى وجود مطلوبين او صواريخ او قيادات او اسماء داخل هذه الخيم، والكذب هنا امر اعتيادي، فلا احد يحاسب او يسأل وهذا يعني ان ما تعرض له الفلسطينيون المدنيون يجب ألا يمر بمجرد تصريحات ادانة، ولا بد من جهد دولي اعلامي وسياسي وقانوني بشكل مختلف تماما عما نراه، لأن الاستمرار في مطالبة العالم بوقف الحرب وظهور اسرائيل بصورة الدولة غير المنصاعة للقانون الدولي، وكأن اسرائيل تقول ان كينونتها اقوى من العالم كاملا.
هل نحن هنا اليوم امام حالة نطالب فيها اسرائيل فقط بضبط قواعد الحرب لديها، او خفض التجاوزات كما سيظن البعض؟ بالطبع لا. والاجابة هنا سهلة، اذ اننا امام حالة لإدانة النموذج وليس مطالبته بالالتزام بقواعد الحرب كليا او جزئيا، وهذا النموذج لا يوجد مثله عبر التاريخ من حيث استباحة الشجر والحجر والبشر في توقيت واحد، في مشهد قبيح جدا تمتد ظلاله السوداء الى اسرائيل الدولة والتجمع البشري والفكرة الدينية وطبيعة النشأة وتوقعات المستقبل التي تتيح كل هذه الافعال دون ادنى ضمير او انسانية.
هذا نموذج تتوجب دراسته سياسا وامنيا واخلاقيا واجتماعيا، وربما السؤال الذي يوجه الى كل اسرائيلي كل يوم يتعلق بقدرته ان يكون مجرد انسان امام كل هذه الجرائم، وهل هذه هي هويته الاجتماعية والدينية والسياسية التي يريد ان تمثله، مثلما ان الاجابة هنا متاحة بكل سهولة، حيث إن كل ما نراه هو تمثيل شرعي لهوية المجتمع الاسرائيلي، وللناخبين، والمستوطنين، بما يقول هذه هي اسرائيل الحقيقية اصلا.
حياة اسرائيل كانت بشعة، وعلى الارجح نهايتها ستكون بشعة، لأن الجزاء من جنس العمل، طال الزمن ام قصر، لأن هذه هي عدالة الله التي تتفوق بقواعدها على كل القواعد ايها السادة في كل مكان.
الغد
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: قواعد الحرب
إقرأ أيضاً:
يجب منح الجهاز صلاحيات جديدة تتناسب مع حالة الحرب وتتلاءم مع طبيعة المهددات الأمنية التي تهدد السودان
بعد سقوط البشير واستقالة صلاح قوش ومن بعده جلال الشيخ، تغولت الاستخبارات العسكرية على ملفات جهاز المخابرات وسيطرت على معظم موارده، وتقاسمته مناصفة مع الدعم السريع، الاستخبارات على المعلومات والتحليل والقرار، والدعم السريع على المقار والموارد الفنية..
تحول جهاز المخابرات إلى جسد بلا روح، يتم ابتزازه سياسياً من قبل قحت بماضيه وانتماءات منسوبيه لنظام الإنقاذ. كثير من عناصره انحنوا للعاصفة، فمنهم من تم إقالته ومنهم من دخل في حالة كمون وانتظار ومنهم من طاوع الحكام الجدد وأدار ظهره لولائه السابق ومنهم من قاوم مشروع الحكم الجديد بممانعة صامتة..
كان الهدف بعد سقوط البشير وبعد حادثة هيئة العمليات أن تكون السيطرة الكاملة لصالح الاستخبارات العسكرية، وكان الرأي الغالب لدى قيادات الجيش أن يدار الجهاز بواسطة ضباط من داخل المؤسسة العسكرية، مثل الفريق جمال عبد المجيد. لم تنجح التوجهات الجديدة لأسباب تتعلق بعدم دراية هؤلاء الضباط بطبيعة الثقافة المؤسسية الطاغية على عمل الجهاز وبطبيعة العمل الأمني في شقه المدني ولغياب الرؤية المشتركة بين الضباط القادمين من الجيش مع الشباب الذين تخرجوا من مؤسسة الجهاز، بالإضافة لتعدد الولاءات داخل الجهاز نفسه بين ولاءات تقليدية وولاءات حديثة مرتبطة بالعناصر المدخلة من قبل مجموعة حميد-تي والنظام الجديد ..
صحيح لم يستطيع حميدتي ابتلاع الجهاز كلياً، لكنه أحدث فيه اختراقات عميقة وخلق حالة من الاهتزاز الداخلي جعله جهاز فاقد للفعالية ومكبل بعزلة سياسية وحالة عداء شعبي مرتبط بديسمبر والخطابات الميدانية الرافضة لعناصره. فحالة الهياج الشعبي الرافض للجهاز ولعناصره وظفها حميدتي لجعل دور الجهاز محصور فقط في جمع المعلومات وتكبيل اي خطوات وقائية يمكن أن يقوم بها وحصرها فقط على الد-عم السريع ..
الأن وبعد قيام الحرب ومع بدء الجهاز في استعادة توازنه وفك قيود التكبيل التي مارسها عليه حميد-تي، يجب على قيادة الدولة أن تسمح بإعادة جهاز الأمن إلى عمله وفق هيكلة جديدة تعيد له صلاحياته الفنية في التحليل والتأمين والتحرك خاصة في الأحياء السكنية وملء الفراغ الاستخباراتي داخل المدن. المطلوب هو فك الارتباط والتداخل بين استخبارات الجيش والجهاز ، خصوصاً على الملفات الأمنية ذات البعد المدني وترك إدارتها للجهاز ، مع زيادة التنسيق بينهم بعيداً عن التعامل مع الجهاز بنظرة ديسمبرية قللت من فعاليته وساهمت في تهميشه. يجب منح الجهاز صلاحيات جديدة تتناسب مع حالة الحرب وتتلاءم مع طبيعة المهددات الأمنية التي تهدد السودان .
حسبو البيلي
#السودان