الكنيسة المارونية: "دعوة الله لنا هي الفرح"
تاريخ النشر: 29th, May 2024 GMT
تحتفل الكنيسة المارونية بذكرى مار طوبيّا البار، وكان طوبيا من الجليل من سبط نفتالي، رجلًا بارًا خائفًا الله، وقد سبي مع الاسرائليين إلى نينوى حيث استمر محافظًا على شريعة الله. توفي سنة 680ق.م.
وبهذه المناسبة، ألقت الكنيسة عظة احتفالية قالت خلالها: إن الإنجيل، حيث يشعّ صليب الرّب يسوع الممجّد، يدعو بإصرار إلى الفرح.
وفي نشيدها، تعلن مريم: "تَبتَهِجُ روحي بِاللهِ مُخَلِّصي". عندما بدأ الرّب يسوع بالتبشير، تعجّب يوحنا: " فهُوذا فَرَحي قد تَمَّ". إنّ الرّب يسوع نفسه قد "هَلَّلَ بِدافِعٍ مِنَ الرُّوحِ القُدُس".
دعوته هي نبع فرح: "قُلتُ لَكم هذهِ الأشياءَ لِيَكونَ بِكُم فَرَحي فيَكونَ فَرحُكم تامًّا". ينبع فرحنا المسيحي من نبع قلبه الفيّاض. هو يَعِدُ التلاميذ: "ستَحزَنون ولكِنَّ حُزنكم سيَنقَلِبُ فَرَحًا". ويصرّ: سأَعودُ فأَراكُم فتَفَرحُ قُلوبُكم وما مِن أَحَدٍ يسلُبُكم هذا الفَرَح". بذلك، عندما رأوه قائمًا من بين الأموات "فَرِحَ التَّلاميذُ لِمُشاهَدَتِهمِ الرَّبّ"... لم لا ندخل نحن أيضًا في نهر هذا الفرح؟...
غير أنّه لا بدّ لي من أعترف أن الفرح لا يُعاش بالطريقة نفسها في كلّ المراحل وفي كلّ ظروف حياتنا التي تكون قاسية أحيانًا. هو يتكيّف ويتحوّل، ويبقى دائمًا أقلّه مثل شعاع نور ينمو من الثقة الشخصية بأننا محبوبون إلى أقصى حد، وفوق كلّ شيء. أفهم الناس الذين يصبحون تعساء بسبب المشاكل الصعبة التي عليهم تحمّلها.
لكن شيئًا فشيئًا، يجب السماح لفرح الإيمان أن يبدأ بالاستيقاظ، كالثقة السرّية إنما الحازمة حتى وسط أسوأ الهموم: " أُبعِدَت نَفْسي عنِ السَّلام ونَسيتُ الهَناء!... هذا ما أُرَدِّدُ في قَلْبي فلِذلك أَرْجو: مَراحِمُ الرَّبِّ لم تَنْتَهِ لِأَنَ رَأفَتَه لا تَزول هي جَديدةٌ في كُلِّ صَباح وأَمانَته عَظيمة... خَيرٌ أَن يُنتَظَرَ بِسُكوتٍ خَلاصُ الرَّبّ".
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الكنيسة المارونية ذكرى
إقرأ أيضاً:
أغنيس مريم الصليب.. راهبة الأسد
أغنيس مريم الصليب، والمعروفة أيضا بفادية اللحام وأغنيس مريم دي لاكروا، هي راهبة لبنانية ترأس دير القديس يعقوب الفارسي في بلدة قارة بدمشق التابع لأبرشية حمص في سوريا. تجمع بين العمل الرهباني والنشاط الاجتماعي والسياسي، عرفت بقربها من النظام السوري المخلوع وترويجها لروايته ضد الثورة السورية، مما جعلها محط انتقادات من معارضي نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في سوريا حتى لقبوها بـ"راهبة الأسد".
المولد والنشأةوُلدت ماري فادية اللحام في بيروت عام 1952 لأب فلسطيني نزح من الناصرة عام 1948 أثناء النكبة الفلسطينية، وأم لبنانية.
ولدت اللحام في أسرة ميسورة الحال، وتعلمت في مدارس الراهبات الفرنسيات، وتقول إنها عقب وفاة والدها، وكان عمرها آنذاك 15، سقطت في دائرة من الأسئلة الوجودية، وشعرت بخيبة أمل تجاه الأوضاع الاجتماعية في بلادها.
وأثناء بحثها عن "الحقيقية والرب" كما تصف، مع قناعتها بأن الثقافة الشرقية "عتيقة الطراز" على غرار الثقافات الغربية، قررت التمرد على مجتمعها وانضمت إلى حركة "الهيبيز" في أواخر الستينيات.
ونشأت حركة الهيبيز في بداية ستينيات القرن العشرين في الولايات المتحدة الأميركية، ثم انتشرت حول العالم، وترفض العادات والتقاليد السائدة في المجتمع وتتحدى معاييره وقيمه السياسية، وتدعو إلى "الحرية والسلام والتحرر من التقاليد".
إعلانوبدأ توافد "الهيبيين" إلى بيروت من مختلف أنحاء العالم عام 1967، وانجذبت إليهم اللحام لما جسدوه في نظرها من "رسالة للحرية"، إضافة إلى تميزهم بأسلوبهم الفريد وأزيائهم غير التقليدية.
عقب عام من انضمامها سافرت اللحام مع الحركة حول العالم، وتنقلت بين أوروبا والهند وباكستان وإيران وبلاد أخرى، حاملة معها إنجيلها، وقالت إن تلك التجربة أعادتها في النهاية إلى الحياة الدينية، فعادت إلى بلادها وقررت الالتحاق بدير الكرمل (التابع لمطران الكاثوليك في بيروت) عام 1971.
في عام 1992 بدأت الأم أغنيس في تنفيذ مشروعها الهادف إلى إحياء التراث الروحي للكنيسة الأنطاكية، وتعزيز الوجود المسيحي في بلاد الشام والعراق، وحصلت على موافقة ودعم من رئيسة ديرها والمجتمع الرهباني.
سافرت إلى فرنسا لدراسة التقاليد الرهبانية القديمة، وتعلم اللغتين العبرية والسريانية، كما تواصلت مع الفاتيكان للحصول على دعم مالي ومعنوي لمساعدتها في تحقيق رؤيتها.
التجربة الدينيةكانت أغنيس تخطط لإنشاء دير في شمال لبنان، في منطقة الوادي المقدس، لكنها اكتشفت في الصحراء السورية بقايا دير قديم يعود إلى ما بين القرن الخامس والسادس، ورأت في ذلك "إشارة إلهية" لبدء مشروعها هناك.
بعد الحصول على موافقة الأسقف المحلي، بدأت في عام 1994 أعمال ترميم الدير بهدف "الحفاظ على التراث الروحي والهوية المسيحية في المنطقة"، إضافة إلى "خدمة المجتمع المحلي"، وأسست جماعة رهبانية تضم راهبات ورهبانا من عشر جنسيات.
كرّست الجماعة جهودها للصلاة، والعمل على وحدة المسيحيين، وحماية التراث المسيحي، وإثر اتهامها بالوقوف إلى جانب النظام قال الجماعة إنها قدمت المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب السورية على أسس العدالة والمصالحة، بموجب بيان مصدّق من المطران وليّ الأمر.
وعلى الرغم من هذه الأنشطة الإنسانية التي أنجزتها الجماعة، فقد اتسمت مواقف أغنيس السياسية بالجدل، إذ كانت من أبرز الشخصيات التي عبرت عن دعمها لنظام الأسد، وكانت تدافع عنه في قضايا متعددة، بما في ذلك المجازر التي ارتكبها في حق شعبه مستخدما الأسلحة الكيميائية.
إعلانإضافة إلى ذلك، تترأس أغنيس "جمعية ابن الإنسان"، التي تعمل في لبنان في المجال الإنساني والإغاثي وتتبع لأبرشية "حمص وحماة ويبرود وتوابعها الروم الملكيين الكاثوليك"، التي يترأسها المطران يوحنا عبدو عربش.
ترتبط أغنيس بمنظمة "إنقاذ مسيحيي الشرق"، التي أسسها تشارلز دي ماير وبنيامين بلانشارد ومقرها فرنسا، وكشفت تحقيقات موقع "ميديا بارت" عن دعمها المستمر لميليشيات قاتلت لصالح النظام السوري، وتزايدت التساؤلات حول طبيعة عمل الجمعية، خاصة وأنها تنشط في سوريا عبر شخصيات مرتبطة بالنظام مثل رجلي الأعمال سيمون الوكيل ونابل العبد الله.
علاقتها مع الأسدبرزت الأم أغنيس مناهضة شرسة للثورة السورية، ولفتت الأنظار لأول مرة عقب مجزرة الكيماوي على الغوطة الشرقية في ريف دمشق عام 2013.
وفي لقاءات إعلامية شككت في مقاطع الفيديو التي تداولها ناشطون ومعارضون آنذاك وقالوا إنها توثق ضحايا المجزرة، وهي المقاطع التي استخدمها المجتمع الدولي دليلا رئيسيا لإثبات مسؤولية النظام السوري عن الهجوم.
وأوضحت أنها قدمت النتائج التي توصلت إليها عقب دراسة مقاطع فيديو المجزرة، لدبلوماسيين أجانب ومسؤولين في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وذلك في تقرير من 50 صفحة، وأشارت إلى ما اعتبرته فيديوهات غير متسقة، وتساءلت عن سبب قلة الصور التي تظهر النساء وعمليات الدفن، وهو ما استشهد به وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بعد أيام.
وقالت أغنيس إن تلك المقاطع "ملفقة ومزورة" و"تضخم الخسائر البشرية"، وأضافت أن من تعرض للقصف بالكيماوي هو الجيش السوري، مما زاد من الشكوك بشأن موقفها الداعم للنظام.
وفي مواجهة مزاعم الأم أغنيس، صرّح مدير الطوارئ في منظمة "هيومن رايتس ووتش" بيتر بوكارت بأنه قسيسة و"ليست خبيرة في التسجيلات المصورة"، وأضاف "لم نجد أي دليل على تزييف أي من التسجيلات".
إعلانووفق تقرير صادر عن المنظمة في سبتمبر/أيلول 2013، فإن هجومين منفصلين بالأسلحة الكيميائية استهدفا غوطتي دمشق الشرقية والغربية في 21 أغسطس/آب، وأسفرا عن مقتل مئات المدنيين.
كما أكدت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" أن النظام السوري أطلق ما لا يقل عن 10 صواريخ محملة بغازات سامة، ما أدى إلى وفاة 1144 شخصا، بينهم 99 طفلا.
وفي أواخر عام 2013، تجولت الأم أغنيس في الولايات المتحدة وأوروبا للترويج لرواية النظام السوري حول الحرب، بتنظيم من "حركة التضامن السورية"، وهي منظمة مقرها كاليفورنيا كانت تعمل لدعم النظام السوري.
وفي سبتمبر/أيلول من العام نفسه، كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أن الأم أغنيس زارت إسرائيل واجتمعت مع مسؤولي أجهزتها الأمنية، مطالبة بدعم وحماية الأسد. كما أعربت عن قلقها من احتمال شن الولايات المتحدة هجوما كارثيا على سوريا، مدعية أن البلاد تضم 150 ألف مقاتل جهادي مدربين من 80 دولة، مدعومين من جهات عدة بينها أميركا.
وبسبب مواقفها الداعمة للنظام، أطلق عليها منتقدوها لقب "راهبة الأسد"، إلا أنها أنكرت ذلك لاحقا، قائلة "أنا لست راهبة الأسد، فقد قصفني 3 مرات بالهلكوبتر".
مقتل الصحفي الفرنسيوتُتهم الأم أغنيس بالمسؤولية عن مقتل الصحفي الفرنسي جيل جاكيه أثناء زيارته لتغطية الحرب عام 2012، وقد ساعدته على الحصول على تأشيرة دخول إلى سوريا، نظرا لعلاقتها الوثيقة بعلي مملوك، أحد كبار المسؤولين الأمنيين على عهد الأسد.
ووفقا لشهادات مختلفة، لم يكن جاكيه يرغب في زيارة مناطق النظام، إنما رغب بتغطية مناطق سيطرة المعارضة، لكنه أجبر على مرافقة الأم أغنيس خوفا من إلغاء تأشيرته. وفي النهاية، لقي جاكيه حتفه عندما سقطت قذيفة هاون على المبنى الذي كان فيه.
إعلانواتهمت زوجة جاكيه، التي كانت ترافقه، الأم أغنيس بالتواطؤ مع علي مملوك في تدبير عملية اغتياله، قائلة إن الراهبة كانت قد حذرته من تجاوز المسار المرسوم له من النظام السوري، ورفضت مرافقته إلى مناطق المعارضة بحجة أن المعارضة تريد قتلها.
وقُتل جاكيه أثناء وجوده في منطقة يسيطر عليها النظام، وقالت زوجة الصحفي إن النظام استهدفه لمنعه من الانتقال إلى مناطق المعارضة، بينما ادعى النظام أن المعارضة هي من أطلقت القذيفة.
وعقب سقوط نظام الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024 قالت الأم أغنيس إن سوريا قد تتجه نحو حكم ديني، مشيرة إلى أن الوضع في البلاد ما يزال في حالة ترقب، مدعية أن التصريحات التي تطمئن المواطنين تتناقض مع الأفعال التي تثير الخوف والقلق.
كما انتقدت الأم أغنيس ما حدث في الساحل السوري، ووصفت ما جرى بأنه تمرد أدى إلى مجازر بحق السوريين، متهمة فصائل مسلحة غير سورية بارتكاب هذه المجازر في المناطق السكنية.
وأضافت أن هذه الأحداث جاءت بعد هجمات من عناصر مرتبطين بالنظام السابق على المدنيين وعناصر الأمن العام، ما أسفر عن مقتل العديد من الأشخاص.
وظهرت الأم أغنيس لاحقا في مقطع مصور من داخل قاعدة حميميم التي لجأ إليها علويون من أنصار النظام السوري السابق عقب أحداث الساحل، تدعوهم فيها إلى طلب التدخل الدولي لحمايتهم.
وواجهت الأم أغنيس انتقادات حادة بسبب تصريحاتها التي دعت فيها إلى تقسيم سوريا عبر تدخل روسيا وإسرائيل، وصرحت "قلت لـ(فلاديمير) بوتين و(دونالد) ترامب وإسرائيل: كفى، إذا أردتم تقسيم سوريا فتعالوا افعلوا ذلك، لكن توقفوا عن قتل الأبرياء".
وردا على هذه التصريحات، دعا المحامي السوري ميشال شماس المحامين السوريين إلى رفع دعوى ضدها لمحاسبتها على "تحريضها على تقسيم سوريا ودعوتها إسرائيل للتدخل"، مطالبا بطردها من البلاد، كما طالب راهب سوري رئيس الجمهورية اللبنانية بالتدخل لحل القضية، محذرا من بوادر فتنة بين السوريين بسبب مواقفها.
إعلان الجوائز والأوسمةنالت أغنيس عددا من الجوائز والتكريمات، منها:
ترشحها لجائزة نوبل للسلام مرتين. وسام الاستحقاق الوطني الفرنسي برتبة فارس. جائزة فيميدا للسلام في روسيا. الصليب الذهبي من منظمة فرسان مالطا. دكتوراه فخرية من الاتحاد العالمي لنقابات الأشراف في بريطانيا.