أسامة الأزهري في حوار لـ "الفجر": السنة حق ديني لا يمكن المساس به.. وهذه خطوات الرد على تكوين
تاريخ النشر: 29th, May 2024 GMT
قال الدكتور أسامة الأزهري مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدينية، إن فكرة صك الأضحية هي فكرة رائدة ومتميزة وتُعظم الاستفادة من شعيرة الأضحية وتجعل الخير الموجود فيها يصل إلى أكبر عدد ممكن من الناس وتجعل الثواب الموجود فيها أضعافًا مضاعفة.
أضاف، في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن التضحية لها تأصيل شرعي طويل، ويقوم أغلب المضحين بتقسيم الأضحية لثلاث أقسام وهم: "قسم يستمتع المضحي به وأهل بيه؛قسم يتم إهدائه للأصدقاء والمعارف والأقارب؛ قسم يكون للفقراء" مشيرًا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم:" مَن ضَحَّى مِنكُم، فلا يُصْبِحَنَّ بَعْدَ ثالِثَةٍ وبَقِيَ في بَيْتِهِ منه شَيءٌ، فَلَمَّا كانَ العامُ المُقْبِلُ، قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، نَفْعَلُ كما فَعَلْنا عامَ الماضِي؟ قالَ: كُلُوا وأَطْعِمُوا وادَّخِرُوا؛ فإنَّ ذلكَ العامَ كانَ بالنَّاسِ جَهْدٌ، فأرَدْتُ أنْ تُعِينُوا فيها".
وفسر الأزهري الحديث وقال: "النبي صلى الله عليه وسلم قال في أحد الأعوام للناس من أصبح منكم مضحيًا فلا يبيتن وفي بيته منه شيء، بمعنى لا تدخروا شيئًا من نصيبك في الأضحية بل اخرجه للفقراء سريعًا، وفي العام التالي سألوا المسلمون النبي هل يدخرون من أضحيتهم أم يُخرجوها كاملة للفقراء مثل العام الماضي، ليرد عليهم بالأصل الشرعي الذي نبني عليه اليوم صك الأضحية وهو أن يأكل المضحي من أضحيته ويدخر لأهل بيته ويهدي أرقاربه ويُخرج لأطعام الفقراء".
وأوضح أن النبي صلى الله عليه وسلم حين طلب من أمته عدم الادخار من الأضحية في ذلك العام كان بسبب أحوال الناس فكانت في جهد وأراد للمضحين أن يعينوا الفقراء ويقدموا أضحيتهم لهم لصعوبة الوضع في هذا العام".
وأكد الأزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك مهد لتعظيم توفيق الأضحية والاستفادة منها بشكل كبير، فإذا كانت أحوال الناس في شدة، ومتأثرين بالغلاء والأزمة الاقتصادية، فإن الأفضل بكثير يتحلى بالكرم ويخرج الأضحية كاملة للفقراء، علشان يعين ويساعد بكل ما يملك في تخفيف حالة الجهد لدى الناس.
وتابع أن صك الأضحية فكرة مميزة تُمكن المسلم الذي اعتاد على أداء شعيرة الأضحية بشكل فردي وتوزيعها في محيطه فقط، أن يُخرج الأضحية كاملة وقت الأزمات التي تمر بالبلاد، ويجود بها للفقراء عبر الاشتراك مع المؤسسات أصحاب السمعة الطيبة والمصداقية المعروف عنها إمكانياتها الخيرية وقدرتها على الوصول لمختلف القرى والنجوع النائية للوصول للفقراء في جميع أنحاء البلاد، مؤكدًا أن صحك الأضحية فكرة بالمقياس الشرعي محققة لمقصود الشريعة وناجحة وتُعظم الاستفادة من الأضحية، مؤكدًا على ضرورة أن يدخل المسلم التي تبرع بأضحيته للفقراء، أن يدخل السرور على أهل بيته أيضًا عن طريق أن يشتري اللحم الكافي له في العيد.
ما حكم عمل العقيقة في الدول الأجنبية؟عند سؤاله عن عمل العقيقة في أحد الدول الإفريقية بسبب رخص ثمن الماشية والخراف والماعز، رد الأزهري، قائلًا:" إذا كان يتم عمل العقيقة خارج مصر في إفريقيا، وثم بعد ذلك يتم إرسال اللحوم إلى أهلة والأقارب وغيرهم يجوز ذلك ولكن إذا لم يقوم بإرسال تلك اللحوم غير مستحب عملها وذلك من باب «الأقربون أولى بالمعروف» خصوصًا أن الناس تعاني من نقص اللحوم خلال تلك الفترة".
ماذا ستفعل مع تكوين؟كشف الأزهري لـ "الفجر"، أنه إصدار بيان واضح وصريح من أجل الرد على "تكوين" وإذا حدث شيء جديد سوف أقوم بالرد عبر صفحتي الرسمية.
ويذكر أن الأزهري رد على تكوين حيث أعرب عن استيائه من بعض الآراء المثارة حول الاكتفاء بالقرآن الكريم وإنكار السنة المشرفة، والتي وصفها بأنها ثابت ديني لا يمكن المساس به.
كما أشار إلى استيائه من المطالبات بالاقتصار على الإنجيل فقط في الشأن المسيحي، مع تجاهل التقليد الكنسي الذي يعتبر جزءًا من عقيدة المسيحية.
أكد الأزهري أن الأزهر الشريف يظل داعمًا لعلوم الإسلام ومتمسكًا بالثوابت الدينية بشجاعة وجسارة، ومستعد لمواجهة كافة أشكال التطرف سواء منها التطرف الديني الذي يروج لخطاب الإرهاب أو التطرف المضاد الذي يشكك في الثوابت الدينية الأساسية. كما أشار إلى أن الأزهر لن يتورط في الجدلات الجديدة إلا بحكم دوره الديني والوطني والعلمي والإنساني تحت إمامته الأكبر شيخ الأزهر.
الأزهري أيضًا دعا إلى مناظرة كبرى تجمع كل أعضاء مركز تكوين في مناقشة القضايا الفكرية المثارة حاليًا، مشيرًا إلى أن هذه المناظرة ستكون فرصة للتفاعل الفكري والنقدي بين أعضاء المركز وبينه كممثل للأزهر.
وأضاف الأزهري أنه يرفض خوض مناظرات فردية مع إسلام البحيري أو إبراهيم عيسى، معتبرًا ذلك خطوة للوراء بدلًا من التقدم، وأنه يفضل مناظرة جماعية تجمع كل أعضاء المركز تحت رعايته الشخصية مختتم بتأكيده على أن النقاش والمناظرات يجب أن تتم بحكمة وتأني، وأنه سيتصدى بنفسه كممثل للأزهر لمواجهة الجدلات الحالية بكل عقلانية وإدراك للعواقب المحتملة، مؤكدًا على استمرارية دور الأزهر الرفيع في الساحة الدينية والفكرية داخل وخارج مصر.
كيف ترى جهود الدولة المصرية في حرب غزة؟رد الأزهري قائلًا: "أن مصر تبذل جهودا كبيرة من أجل دعم الأشقاء الفلسطينيين بكل شيء وهذا ليس غريب على مصر، والمصريين أن تعود بي الذاكرة إلى أيام سيدنا يوسف في 7 سنوات الشداد لم تغلق مصر بابها أمام وجه أحد".
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: صك الأضحية أسامة الأزهري فلسطين تكوين دعم مصر للقضية الفلسطينية غزة النبی صلى الله علیه وسلم
إقرأ أيضاً:
رحل محمد حسن وهبه، وما الذي تبقى من زيت القناديل؟
صديق عبد الهادي
(1)
للشاعر الألماني "برشت" او "بريخت" كما ينطقه آخرون، قصيدة بليغة، محتواً ونصاً، وخاصة عند الإطلاع على تلك النسخة من ترجمتها البديعة التي بذلها صديقنا ومربينا العزيز دكتور محمد سليمان. ولتلك الدرجة التي يحار فيها المرء في أي لغةٍ أصلٍ كتبها "برشت"؟! وقد جاءت القصيدة تحت عنوان "أسئلةُ عاملٍ قارئ".
إنه لمن الصعب الإقتطاف منها، لأن الإقتطاف يهدمها مبناً ومعناً، أو يكاد! ولكن، لابد مما ليس منه بد. إذ يقول/
"منْ بنى طيبة ذات الأبواب السبع
الكتب لا تحوي غير أسماء الملوك
هل حمل الملوك كتل الصخر يا ترى؟!
وبابل التي حُطِمتْ مرات عديدات
منْ أعاد بناءها كل هذه المرات؟!
وفي أي المنازل كان يسكن عمال ليما
الذهبية المشرقة؟!
وفي المساء - حين إكتمل سور الصين العظيم –
أين ذهب البناؤون؟!
روما الجبارة مليئة بأقواس النصر
منْ شيَّدها؟
وعلى منْ إنتصر القياصرة؟!
وهل كانت بيزنطة الجميلة تحوي قصوراً
لكل ساكنيها؟!".
كلما أطلَّتْ هذه القصيدة أمامي ساءلتُ نفسي، ألا تنطبق تلك التساؤلات، الثرة والغارقة في الجدل، على النشاطات الإنسانية والنضالية في حقول الحياة الأخرى؟، وبالطبع، دائماً في البال أولئك "الفعلة" "المجهولين" "تحت الأرض"، الذين كلما تحطمت "بابلنا"، أو كادت، أعادوها لنا في كامل عافيتها وبهائها!
كان الراحل محمد حسن وهبه، وعن جدارة، أحد أولئك الــــــــ"تحت الأرض"، ولشطرٍ كبيرٍ من حياته.
(2)
تعرفت على رفيقنا الراحل في تقاطعات "العمل العام"، بعد عودة الحياة الديمقرطية إثر إنتفاضة مارس/أبريل في العام 1985. فمن الوهلة الأولى لا يعطيك الإنطباع بحبه للعمل العام وحسب وإنما، وفي يسر، بأنه إنسانٌ صُمم لذلك. رجلٌ سهل وودودٌ وذو تجربة صلدة، تتقمصه روحٌ آسرة ومتأصلة لا فكاك للمرء من إيحائها، بأنك تعرفه ومنذ زمن طويل. كان يتوسل المزحة ودونما تكلف في تجاوز المواقف المربكة، وكم هي غاصةٌ بها الحياة ومسروفةٌ بها غضون العمل العام ومطارفه!
عملت في صحبته وصحبة صديقنا المناضل الراحل محمد بابكر. والأثنان كانا يمثلان مورداً ثراً في التصدي لقضايا العمل العام، وخاصةً النقابي. طاقات مدهشه يحفها تواضع جم، أكثر إدهاشٍ هو الآخر. تعرفت على الراحل محمد بابكر في قسم المديرية بسجن كوبر إبان نظام المخلوع نميري ولفترة امتدت لأكثر من عام. وهو الذي قدمني للراحل "محمد حسن وهبه"، ومنذها كانت صداقة ثلاثتنا.
جرتْ انتخابات النقابات الفرعية منها والعامة في العام 1988، وفازت "قوى الإنتفاضة"، التي كانت تضم كل الإتجاهات، ما عدا الإسلاميين الذين كانوا يمثلون او بالأحرى يطلق عليهم "سدنة مايو". فازت "قوى الإنتفاضة" بما مجموعه 48 من عدد 52 نقابة عامة لاجل تكوين الإتحاد العام للموظفين في السودان.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن ما تمّ بعد إنتفاضة مارس/ ابريل 1985 في شأن إستعادة النقابات وفرض شرعيتها من خلال الإنتخاب الحر والديمقراطي هو ما لم تنجح في فعله قوى الثورة عقب ثورة ديسمبر 2018 مما كان له الأثر الكبير في كشف ضعف الثورة وفي وتأكيد غفلتها. فلقد ظلت كل القوانين كما هي وكأن ثورة لم تكن!
كان "محمد حسن وهبه" أحد الذين كانوا من وراء إنجاز قيام الإتحاد العام للموظفين، والذي تمً على إثره إنتخاب الراحل محمد بابكر وبشكل ديمقراطي أميناً عاماً له. كان "محمد حسن وهبه" مسؤولنا الأول عن إدارة تلك الحملة وقيادة ذلك العمل. كان أحد المعنيين بإعادة "بناء بابل"، وقد فعل ذلك على أكمل وجه. والآن جاء يوم شكره المستحق.
(3)
لم يجمع بيننا العمل العام لوحده وإنما جمعت بيننا "البراري" بكل تفردها وزخم "قواها الإشتراكية" التليدة إن كان في ترشيحها لـ"فاطمة" أو في تكريمها لـ"سكينة عالم"، والذي كان وبعقودٍ طويلة قبل تجشم "هيلاري" و"كاميلا" لمصاعب المعاظلة مع عتاة الرأسمال!.
كنت أغشاه كثيراً، وليس لماماً، للتزود من معارفه الحياتية ومن فيض روحه السمح، ومن لطائفه كذلك. كنت أسكن "كوريا" ويقطن هو في "إمتداد ناصر". ذات مساء وجدت في معيته المناضل الراحل "يوسف حسين"، وكما هو معلوم فهو رجل صارم القسمات وللذي يراه لأول مرة لا شك أنه سيظن أن هذا الرجل بينه والإبتسام ما تصنعه القطيعة البائنة!. أنهما صديقان، ولكن للمرء أن يعجب كيف تسنى ذلك، فــ"وهبه" سيلٌ متدفق من "الحكاوي" و"المِلَح" والضحك المجلجل؟!
إن لوهبه قدرة فائقة على صناعة الأصدقاء، إن جاز القول.
وهبه حكاءٌ بإمتياز، لا يدانيه أحد. كان يبدع حين يحكي عن طُرَفِ زميله الراحل الأستاذ "أبو بكر أبو الريش" المحامي، الذي تميز هو الآخر بالحس الفكه والروح اللطيف، والطيب. كانت طرفته الأثيرة لوهبه، وهما طلاب في المدرسة الثانوية في مدينة بورتسودان، حين سأل أحد الأساتذة "ابوبكر" عن إسمه بالكامل فقال له :إسمي أبو بكر أبو الريش. فأردف الأستاذ: هل فعلاً اسم أبيك أبو الريش؟، فرد عليه أبو بكر: "بالمناسبة يا أستاذ أمي ذاتها إسمها أبو الريش!"، فإنفجر الطلاب بالضحك. حينما يحكي وهبة هذه الطرفة يحكيها وكأنها حدثت بالأمس، وحتى حينما يعيد "حكوتها" يعيدها بشكلٍ مختلف، في كل مرة، عن سابقتها. فتلك موهبة لا يتوفر عليها الكثيرون!
إن في مرافقة رواد العمل العام من أمثال وهبه، والذين يجمعون كل تلك المواهب، يصير العمل العام وبكل صعوباته وتعقيداته متعة، فضلاً عن كونه في معيتهم يمثل مدرسة حياتية نوعية ترقى إلى مستوى الرسالة المقدسة، التي يكون المرء على إستعدادٍ كاملٍ للتضحية بحياته من أجلها.
(4)
إن رفيقنا الراحل "محمد حسن وهبه" هو أحد الذين قدموا التضحيات الجسام بدون منٍ او سعيٍ مبغوضٍ للشهرة. عاش بسيطاً بين الناس وكريماً ذا "يدٍ خرقاء" حينما يطلب الناس بيته. إنه أحد أولئك الذين هم "زيت القناديل"، الذين تساكنوا، " تحت الأرض "، وتآلفوا مع الحرمان من طيب العيش والأهل، ولردحٍ طويلٍ من حيواتهم! إنه أحدُ منْ عناهم "برشت" أيضاً، حين قال/
"والعظمة تبرز من داخل أكواخٍ بالية
تتقدم في ثقة
تزحم كل الآماد
والشهرة تسأل حائرة - دون جواب –
عمنْ أقْدَمَ، أفْلَحَ، أنْجَزَ هاتيك الأمجاد!
فلتتقدم للضوء وجوهكم، لحظات
فلتتقدم هاتيك المغمورة مستورة
فلتتقدم كي تتقبل من أيدينا
كل الشكر
وكل الحب" (*)
فلك كل الشكر، رفيقنا "محمد حسن وهبه"، ولك كل الحب.
ولتخلد روحك في عليين.
___________________.
(*) من قصيدة "تقريظ العمل السري".
نقلا من صفحة الاستاذ صديق عبد الهادي على الفيس بوك