ماكرون: مستعدون للاعتراف بدولة فلسطين فقط حين سيكون الاعتراف "مفيدا"
تاريخ النشر: 29th, May 2024 GMT
صرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم الثلاثاء، بأن باريس مستعدة للاعتراف بدولة فلسطين لكن فقط في اللحظة التي "سيكون فيها ذلك مفيدا".
وقال ماكرون في مؤتمر صحافي مع المستشار الألماني أولاف شولتس: "أنا على استعداد تام للاعتراف بدولة فلسطين، لكنني أعتقد أن هذا الاعتراف يجب أن يأتي في الوقت الذي سيكون فيه هذا مفيدا ولن أعترف بها على أساس العواطف".
وبحسب ماكرون، فإن الأولوية الآن هي لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، كما أكد على ضرورة قيام إسرائيل بإنهاء أعمالها العسكرية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة.
وحتى 23 مايو الجاري، اعترفت تسع دول في الاتحاد الأوروبي بدولة فلسطين. واتخذت ثماني دول هي بلغاريا وقبرص وجمهورية التشيك وهنغاريا ومالطا وبولندا ورومانيا وسلوفاكيا ــ هذه الخطوة في عام 1988 قبل الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، والسويد في عام 2014، وأعلنت النرويج وإسبانيا وإيرلندا يوم الثلاثاء الماضي اعترافها بالدولة الفلسطينية.
العملية الإسرائيلية في مدينة رفح
هذا وتشن الطائرات الحربية الإسرائيلية وسلاح المدفعية غارات بعشرات القذائف على مناطق متفرقة في مدينة رفح متسببة بمقتل ما يزيد عن 70 مواطنا من النازحين.
وليل الأحد الماضي ومساء اليوم الثلاثاء، استهدفت الطائرات منطقة مكتظة بمئات الآلاف من النازحين، وكان قد أعلن الجيش أنها منطقة آمنة، ما أسفر عن مقتل وإصابة عشرات المواطنين معظمهم من النساء والأطفال، وذلك في تحد وتجاهل تام لقرار محكمة العدل الدولية التي طالبته بوقف أعماله العسكرية في رفح.
ووصف المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة الهجوم بأنه "مذبحة متعمدة تتجاوز كل الحدود"، ومن جانبه فتح مكتب المدعي العام العسكري في الجيش الإسرائيلي تحقيقا في الغارة الجوية على رفح، ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الحادث بأنه "حادث مأساوي".
وقد أصدرت محكمة العدل الدولية أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة يوم الجمعة الماضي، أمرا يدعو إسرائيل إلى الوقف الفوري لهجومها العسكري وأي عمل آخر في رفح، في حكم تاريخي من المرجح أن يزيد الضغوط الدولية على تل أبيب بعد أكثر من سبعة أشهر من الحرب في غزة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: إيمانويل ماكرون إعلان دولة فلسطينية فلسطين باريس أحداث دولة فلسطين بدولة فلسطین
إقرأ أيضاً:
ماكرون دون مظلة؟!
كثيراً ما كان يطمح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، منذ استلامه الحكم منتصف العام 2017، أن يضع بلاده على خارطة الدول المؤثرة في المشهد العالمي، على شاكلة الولايات المتحدة الأميركية وروسيا والصين، غير أن الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن.
صحيح أن فرنسا تعتبر من اللاعبين الدوليين الكبار وهي عضو دائم في مجلس الأمن الدولي، لكن تأثيرها السياسي والعسكري يأتي في مرتبة متأخرة لا تمكنها من صناعة السلام العالمي أو حتى قيادة أوروبا وحلف «الناتو» بديلاً عن غياب أو تراجع أميركي في لعب هذا الدور.
منذ ولايته الرئاسية الأولى، حاول ماكرون جاهداً قيادة القاطرة الأوروبية ولعب دور سياسي وعسكري أكبر من الذي تلعبه ألمانيا القوة الاقتصادية الأولى في أوروبا، وملء الفراغ الذي أحدثه انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في حزيران 2016.
في أيلول 2018 وخلال خطاب ألقاه في باريس، دعا ماكرون إلى إنشاء جيش أوروبي موحد، رداً على تصريحات نظيره الأميركي ترامب، التي قال فيها: إن بلاده لا يمكنها حماية أوروبا مجاناً وإن على الأخيرة حماية نفسها بأموالها وليس بالمال الأميركي.
منذ ذلك التاريخ وحتى هذه اللحظة، لم تتمكن فرنسا من إنشاء جيش أوروبي موحد، والسبب أن الأولى غير قادرة على ممارسة دور القيادة في ظل إمكانيات سياسية واقتصادية صعبة، إذ إن توفر هذا الدور يتطلب أولاً إرادة سياسية فرنسية موحدة وهذا لم يحصل، وثانياً إنفاق الكثير من المليارات على تطوير الأسلحة والقدرات العسكرية الفرنسية والأوروبية وهذا أيضاً متطلب غير ناضج بعد.
ثم إن الحرب الروسية على أوكرانيا منذ ثلاثة أعوام، كشفت هشاشة الاتحاد الأوروبي على المستويَين السياسي والعسكري، إذ لم تتمكن الدول الأوروبية من إرسال العتاد العسكري الكافي لأوكرانيا حتى تقيها شر الحرب، ولولا الدعم الأميركي لكانت كييف محتلة من جانب روسيا.
حرب أوكرانيا أثبتت أن أوروبا غير قادرة الاعتماد على نفسها في مواجهة أي مخاطر وتهديدات كبرى، وأنها بحاجة فعلاً إلى المظلة الأمنية الأميركية التي ظلت تدعمها منذ الحرب العالمية الثانية وحتى هذه اللحظة، لكن ثمة تغيرات كبرى تحدث في هذا المربع من العالم.
حرب أوكرانيا أثبتت أن أوروبا غير قادرة الاعتماد على نفسها في مواجهة أي مخاطر وتهديدات كبرى
ترامب خلال فترة رئاسته الأولى، ظل «يتحركش» بأوروبا ويهددها حتى يقبض ثمن الحماية التي يؤمنها لها، وماكرون اكتفى بالكلام والتوعد ولم يحدث أن وضعت فرنسا خطة متكاملة لقيادة أوروبا، سواء عبر بناء جيش موحد أو حتى توحيد الجهود لتمكين التحالف العسكري بين دول «الناتو».
لم تكن تصريحات ماكرون الأخيرة بشأن استخدام المظلة النووية الفرنسية لحماية أوروبا جديدة، إذ سبق له أن تحدث في هذا الموضوع مرات كثيرة، وحديثه الأخير يبدو أنه موجه للاستهلاك الإعلامي والغرض منه تلميع صورته أمام الرأي العام الفرنسي، وخارجياً القول: إن هناك رجلاً قوياً يمكنه الوقوف أمام روسيا وحضورها في أوروبا وعقيدتها النووية.
من الصعب على باريس؛ إذا غابت واشنطن عسكرياً عن أوروبا، أن تقوم بدور «سوبرمان» والتلويح بالسلاح النووي ضد روسيا، والسبب أنها أولاً: تمتلك حوالى 290 رأساً نووياً مقارنة بترسانة روسيّة تفوقها عدداً بعشرات المرات، حوالى 6375 رأساً نووياً.
ثانياً: يمكن القول، إن فرنسا تركز على الردع النووي وحماية حلفائها في العمق الجغرافي الأوروبي، بينما تستخدم روسيا سلاحها النووي جزءاً من إستراتيجيتها العسكرية لحماية مصالحها والتلويح بالسلاح للتأثير في المشهد العالمي.
ثالثاً: هناك فرق كبير بين القوتين الروسية والفرنسية لصالح الأولى، وعلى الرغم من تأثيرات الحرب على الاقتصاد الروسي، إلا أن روسيا ماضية بقوة في تحديث وبناء أسلحتها، ونلحظ أنها تُنوّع من إدخال طائرات جديدة وأخرى مُسيّرة وصواريخ باليستية قصيرة وطويلة المدى إلى ترسانتها العسكرية حتى تلبي احتياجاتها الإستراتيجية والأمنية.
النتيجة أن أوروبا دون أمريكا لن تكون قادرة على حماية مصالحها الإستراتيجية بالطريقة المطلوبة
النتيجة أن أوروبا دون أمريكا لن تكون قادرة على حماية مصالحها الإستراتيجية بالطريقة المطلوبة، وإن حاول الرئيس الفرنسي دفع نظرائه الأوروبيين إلى الاعتماد على أنفسهم، فإن ما ينقص أوروبا هو الإرادة السياسية للمضي في وحدة حال حقيقية تؤدي في النهاية إلى إحداث فرق جوهري في القوة العسكرية.
ماكرون يُذكّر الاتحاد الأوروبي كثيراً أن عليه الاعتماد على نفسه، ويُذكّر نفسه هو الآخر أن عليه التقدم خطوات للأمام حتى يحقق الأمن والسلام لأوروبا، وفي نفس الوقت يبقي الباب مفتوحاً للترحيب بالحليف الإستراتيجي الأميركي حتى يظل حامي أوروبا.
أخيراً مهما تحدثت أوروبا وماكرون عن بداية عهد جديد للتعاون الأوروبي، تظل أوروبا بحاجة إلى الولايات المتحدة حتى تدعمها في مواجهة التحديات والمخاطر الأمنية في الفضاء الأوروبي والعالمي، وتدرك أن عليها مغازلة ترامب ودفع الكثير حتى يصل الجميع إلى نقطة التلاقي.
(نقلا عن صحيفة الأيام الفلسطينية)